أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أمين أحمد ثابت - النخب العربية واوهام تحرير العقل ( 3 )















المزيد.....


النخب العربية واوهام تحرير العقل ( 3 )


أمين أحمد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 8254 - 2025 / 2 / 15 - 14:31
المحور: قضايا ثقافية
    


سبق أن بينا أن الحديث عن العقل يلزمه إدراك معرفي معمق شامل حول النظامية العصبية العامة والدماغية الخاصة ، وإدراك معرفي خاص بالجملة العصبية الدماغية وعمل الدماغ ، دون ذلك فإن كل التصورات والاعتقادات والاحكام المقدمة حول العقل عامة وأزمة العقل خاصة . . لا تمثل سوى افتراضات منها تخمينية وأخرى قياسية منطقية – مجردة – لا يمكن اثباتها سوى بتعليل نظري لا أكثر – وهي السمة الواضحة في القصور المعرفي في كل ما كتب ويكتب عربيا عن العقل وغالبا تلك الكتابات الأجنبية المترجمة الواصلة الى أيدينا تتخذ نفس النهج المعرفي .

ولذا نحتاج الى التمييز بين الدماغ السوي الطبيعي – في بنيته ومستوى نشاطه الحيوي العضوي – وبين الدماغ المعاق مرضيا ، وهذا الأخير إما بإعاقة بيولوجية – حيوية أو بإعاقة سيكولوجية نفسية - أما ثانيا الادراك المعرفي في طبيعة الدماغ وهو ما يجر ذاته على العقل من حيث قابليته للانخداع – والذي ينتج عن قصور في طبيعة ضعف عمل الحواس ما ينتج إدراكا حسيا ظاهراتي قاصر يبنى عليه قيام فهم مخدوع غير حقيقي ( كألعاب الخفة والسحر في خداع العقل ) ، وبين أن يكون مطبوعا تعودا على الانخداع في طبيعته ومقاومته للإدراكات المنطقية للحقائق حتى البسيطة – أما ثالثا معرفة علاقة التماهي الى التقابل والتضاد لبنيتي عمل الدماغ الغريزي الفطري والمنطقي التحليلي ( الغائي عند نوع الانسان ) وذات الامر في بنيتي عمل الدماغ ( العقلي ) المنطقي والعاطفي .
إن بحث أي من الابعاد أو الاتجاهات في أي من الثلاث سابقة الذكر على الصعيد العقلي مباشرة – دون الدماغي قبلا - لن ينتج إلا تصورات ليست اكثر من كونها استنطاقات ذهنية مجردة يغلب عليها الافتراض التخميني او القياسي الموسوم بعجز الرؤية علميا وكونها مشوبة بالأخطاء – الواضحة والمخفية – الى جانب تجليها كانطباعات ظاهرية سطحية الاستقراء – فيما هو مدروس حول العقل – والمغالطة بأن الطرح المقدم هو تحليلي علمي – الذي هو بحقيقته ليس إلا اتخاذ ظاهر أدوات الأسلوب العلمي لا أكثر لاستنطاق مدروس مسألة العقل في تلك الطروحات .

وعلى ما سبق ، فإن حقيقة عقل الانسان – العام الاجتماعي او الخاص النخبوي أو الفردي الشخصي – يتحدد ب ( طبيعة العقل ) منذ النشأة الادراكية التعلمية في الطفولة المبكرة ، والتي مفترض أن يكون التعلم ذاتي براجماتي حينها إلى جانب وجود موجهات تعليمية غير جبرية او تحريمية او تكفيرية – وهذا ما سيحافظ على طبيعة الدماغ على الحفاظ على اصله الطبيعي بكونه حرا مستقلا في إدراكاته وليس تابعا حين يكون الدماغ مطبوعا على التقييد في عمله وإدائه النشاطي ، وعندما يكون هذا الدماغ ( الأخير ) موسوما ب ( التحكم الموجه لنشاطه المجرد التفكيري خاصة ) فإن ذلك ينتج طابع عقلي يعرف ب ( العقل المستلب أو استلاب العقل كآلية متحكم بها من خارج الذات أو من خلال الذاكرة الذاتية القمعية المعروفة بالمعتقدات الايمانية أو المورثات الفكرية مجتمعيا والمعروفة بالموانع والمحرمات والرفض المتداولة بمسمى ( الموروث الاجتماعي والتقاليد ) – وهنا يتحقق هذا التشوه المسخي العقلي للمجتمع عند انسانه الفرد في بيئته الاسرية والاجتماعية من طفولته المبكرة بتطبيع عقله على ( التلقن المعرفي والنقلي ، وتشكل القناعات الذاتية " المتوهمة بالتحرر الذاتي " على إملاءات ذلك المحمول الموجه خلال التلقين المعرفي ، حتى تصبح آليات عمل الدماغ – العقلي اتباع آلية الانقياد الذاتي عند التفكير ، أكان بموجه خارجي مباشر او عبر التطبع الآلي للذات فيما اعتادت عليه كآلية انقيادية في التفكير والاستنتاج وبناء التصورات الاعتقادية والاحكام – التعميمية والخاصة .
وذات الامر يسري على طبيعة مستقرأ مستوى النشاط الذهني للعقل عند الافراد والجماعات والمجتمع – فرد او شعب او جنس بشري اكثر ذكاء او اقل ذكاء او بذكاء متوسط مثلا – فتطبيع الفرد اسريا ومجتمعيا منذ النشأة المبكرة لبدء التعلم واستخدام الدماغ كعقل غائي منطقي اولي طفولي الادراك وتشكل القناعات الطفولية المعتقدية الأولى المبكرة خلال عملية التعلم قبل وخلال الحضانة والمدرسة ، ثم يصبح بعدها عمل الدماغ العقلي للأفراد بعد فترة النشأة الأولى تلك – أي من فترات المراهقة والنضج لاحقا حتى الكهولة قبل إصابة المخ والدماغ بحالة الشيخوخة والهرم – يصبح عمل ونشاط الدماغ أن يسلكا وفق ما تطبع عليه الدماغ قبلا – منذ بداية العمر للمرء – أن يكون متوهجا او ضعيف التوهج في نشاطه او خامل ، متحررا او انقياديا . . . إلخ .
كما وأن طابع العقل – سويا او مريضا – ونشاطه طبيعيا سويا أو مرضيا فإن ذلك منتج عن الحقيقة الادراكية المعرفية العلمية لطابع الدماغ من حيث كونه سويا غير مصاب بأي مرض أو إعاقة خلقية او مكتسبة مرضية – فسيولوجية او بيئية وبائية او تلوثيه أو نفسية اجتماعيا – وهنا فإن سوية او مرضية الدماغ تعكس ذاتها على مفهوم العقل كمكون بنية ومنتج فكري وآلية نشاط ذهني مجرد ( معاق أو حر سوي ) ، ويحدد ذلك حقيقة طبيعة وأصل العقل مجتمعيا – وطبعا هنا المشترك الجمعي اجتماعيا لمفهوم العقل المجتمعي حين يصير العقل العاطفي متحكم بالعقل المنطقي ويطبعه بخصائصه ، ويكون هذا العقل العاطفي منقادا ( سيكولوجيا ) إما عبر متوارث قمعي لإنسان المجتمع – بغية تدجينه – أو عبر انقياد طوعي يكون البعد الإرادي لعمل المخ وناتجه العقلي مستلبا عن طبيعة استقلاليته الاصلية لتكون تلك الإرادة تابعة طوعا لموجهات القناعات المعتقدية او الايمانية الملقنة للمرء مبكرا وتحولت لتصبح قناعات محركة للاعتقاد والتفكير تجاه أي شيء او امر او مسألة .
ونخلص في الامر تنبيها ، أن الدماغ والعقل ليسا امرا واحدا في ذاته ، وإن كانا مقترنان عضويا في الانسان ، بحيث يظهر أي منهما مرآة للآخر ، ولكن عند مبحث مسألة العقل – عند الفرد او المجموعات او الجماعات او المجتمع – بمعزل عن المعرفة الادراكية العلمية القبلية حول مسألة الدماغ ،وبعيدا عند تحليل الظاهرة بمعزل عن مقترنية الوجود والتجلي للعقل بمتصله الدماغي الطابع ، فإن مستنطق العقل او أية حكمية عليه بمعزل عن حقيقته الدماغية لن تكون سوى افتراضات تخمينية في الغالب ، والذي عليه فإن كل محاولات النخب العربية – فكرا او نشاطا اجتماعيا او تعليميا – لتحرير العقل المجتمعي او تقييم درجة تحرره او الحكم عليه لن يأتي بشيء لتغيير حقيقة واقع وجود العقل العربي المستلب والمقموع والخامل لطبيعة الانسان الاستهلاكية غير المنتجة بشكل مطلق حكما ، والتي تجتمع أخيرا لتكون اشبه بالشعارات المسوقة – اجتماعيا وفكريا وسياسيا وايديولوجيا – لا أكثر . وعليه لنتجنب الإطالة المتوهة للقارئ الهمام ، يمكن أن نقول بأن دراسة أية مسألة تتعلق بالعقل او التفكير او المعتقدات في تناولها من زاوية اجتماعية في مورثها الفكري والمعتقدي والتوجيهي الجبري لنظامية واقع متحكم فيه قانونيا او عبر مجموعة تسلط في معتقداتها وممارساتها الواقعية وذلك بمعزل عن دراسة الدماغ المنتج لذلك العقل المدروس ، لن تكون سوى أوهام نخبوية متكررة حول تحرر او تحرير العقل لا اكثر ، ولا تزيد عن كونها منتج وعي متوهم نخبوي لصناعة وعيا اجتماعيا زائفا معمما – بإدراك او بدون إدراك – وليجرب كل فرد مأسور للتفلسف او التفكير العلمي أن يستقرئ أي امر او زاوية من مسألة العقل ويقيم تحليله واستنتاجاته على أساس ما تقدم سابقا ، ليكتشف هل ما وصلنا إليه من شبه حكمية بأن تحرير العقل المجتمعي عند جهود النخب العربية ليس سوى أوهام لا أكثر ، وبمعنى مستلبيه العقل الاجتماعي وتطبعه بالانقياد والخمول غير قابل للتغير وفق النهج الذي تنطلق وتعتمد عليه النخب العربية الحديثة والمعاصرة . . بكونها ذاتها مستلبة العقل بالانقياد النقلي والانتهازي عند مجموعات من تلك النخب .



#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النخب العربية وأوهام تحرير العقل ( 2 )
- وطن متلون بالجنون
- متوازنة قوانين الوجود والحياة بين مفهومي العبثية والضرورة ( ...
- رؤية شخصية حول عبثية الوجود والحياة ( 2 )
- الوجود . . إشكالية لم تحل بعد
- النخب العربية وأوهام تحرير العقل ( 1 )
- حب وخوف . . عليك
- للمدينة - مثلي - سؤال
- لك وطن . . اخترعتهفيك
- من وهم العلمية في الفهم - من واحدية تماثل الموقف بين النخبة ...
- استنهاض من الصمت . . مجددا
- توهمات فكرية ( ذاتية ) سابقة / نحو أدبيات ثورة فبراير 2011م. ...
- 2 - العبقرية – المعجزة ، ظاهرة استثنائية منفردة ، أم هي ظاهر ...
- بعد ارتحالي . . من يحملك بعدي
- من ديوان مزق الوقت الآسن / المزقة 4
- 6 / من نظرية التغير الكلية - 2 ) تحليل محتوى نتائج المعرفة ا ...
- 4 / من نظرية التغير الكلية - مبررات الطبيعة النظرية لمبحث ظا ...
- 5 / من نظرية التغير الكلية - تحليل محتوى نتائج المعرفة النظر ...
- مزق الوقت الآسن / مقطعات ليال مجهدة - من قصيدة المزقة الثالث ...
- مزق الوقت الآسن . . لليال مجهدة


المزيد.....




- مصر تُعلن اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة في الأقصر ...
- ترامب يزعم كذبًا أن أوكرانيا بدأت الحرب مع روسيا.. شاهد ما ق ...
- الاتحاد الأوروبي يقرّ حزمة العقوبات الـ16ضد روسيا
- هل نبدأ في فقدان شبابنا بعد الخامسة والثلاثين؟
- حذر وترقب لما قد يحدث.. سكان الشمال في إسرائيل خائفون من الع ...
- البرازيل: الرئيس السابق بولسونارو متهم بمحاولة اغتيال لولا و ...
- ترامب يحمل أوكرانيا مسؤولية بدء الحرب ويشكك في شرعية رئيسها ...
- السعودية كعبة السياسة: انتظار مرتقب للقمة الأمريكية الروسية ...
- -حماس- تعلن عزمها الإفراج عن 6 رهائن إسرائيليين و4 جثامين غد ...
- مسؤول أوروبي: أوروبا عاجزة عسكريا بمعزل عن الولايات المتحدة ...


المزيد.....

- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أمين أحمد ثابت - النخب العربية واوهام تحرير العقل ( 3 )