|
أدب الرحلات المعاصرة: سفر في الجغرافيا والذات دراسة ذرائعية مستقطعة على كتاب (نيويورك في عيون زائرة عربية) للكاتبة اللبنانية هناء غمراوي بقلم الناقدة السورية د. عبير خالد يحيي
عبير خالد يحيي
الحوار المتمدن-العدد: 8254 - 2025 / 2 / 15 - 07:53
المحور:
الادب والفن
حين يحمل الكاتب قلمه كما يحمل الرحّالة عصاه، تتّسع الجغرافيا في سطور، وتتشكّل الخرائط من حبر ودهشة. أدب الرحلات المعاصرة ليس مجرد سردٍ للأمكنة، بل هو فنّ التقاط نبضها، تأمّل تفاصيلها، وتحليل تجلّياتها الثقافية والتاريخية والاجتماعية. إنه تفاعل بين ذاتٍ ترحل وعالمٍ يستقبلها، حيث يذوب الحدّ الفاصل بين المدوِّن والمدوَّن، فيتّخذ السرد طابعًا حسّيًا ينقل القارئ عبر العيون والذاكرة والوجدان. إن كان الرحّالة في العصور القديمة يطوف بالأرض بحثًا عن المعرفة أو المغامرة، فإن رحّالة العصر الحديث لا يكتفي بالوصف، بل يتجاوز الحكاية إلى التأويل، يمزج بين الذاتي والموضوعي، يقرأ في معالم المدن أحلامَ ساكنيها، وفي طبيعتها فلسفة الحياة، وفي ثقافتها شيفرة هويتها. من نيويورك إلى شنغهاي، من صحراء إفريقيا إلى جبال الألب، يظلّ أدب الرحلات مرآة تعكس التفاعل الإنساني مع المكان، وتوثّق التغيرات الحضارية والاجتماعية، فيغدو السفر وسيلة لاكتشاف العالم كما لاكتشاف الذات. هو الأدب الذي يبرهن أنّ الحدود وهم، وأنّ الرحلة الحقيقية هي التي تأخذنا إلى عمق الحياة بقدر ما تأخذنا إلى أفقٍ جديد. في ظلّ الذرائعية النقدية، يصبح أدب الرحلات خطابًا متعدّد المستويات، حيث تبرز فيه الاستراتيجيات النصيّة، وتتداخل البنية السردية مع البعد الوظيفي للنص، فنجد الوصف ممزوجًا بالرؤية، والحكاية مشبعة بالدلالة، والمكان متحوّلًا إلى بطل حقيقي يختزل تجارب الرحّالة وعواطفه. السيرة الأدبية للكاتبة : هناء غمراوي : كاتبة لبنانية من مواليد طرابلس- لبنان، ناشطة في المجتمع المدني، تكتب الشعر والمقالة، والقصة القصيرة. نشر لها العديد من النصوص في الجرائد والمواقع الالكترونية التي تهتم بالأدب والثقافة. عملت في ملاك وزارة التربية والتعليم كمدرّسة للغة الفرنسية، ثمّ كناظرة ومديرة. حاصلة على ماجستير في اللغة العربية وآدابها من الجامعة اللبنانية. غادرت لبنان إلى نيويورك مطلع عام 2020 تزامنًا مع حلول جائحة كورونا. التجنيس الأدبي للكتاب: مقالات أدبية في أدب الرحلات يمكن تصنيف كتاب "نيويورك في عيون زائرة عربية" لهناء غمراوي ضمن أدب الرحلات، لكنه يتقاطع مع المقالات الأدبية، ممّا يجعله نصًّا هجينًا يجمع بين التوثيق والتأمّل الأدبي. يضمّ الكتاب مجموعة من المقالات التي توثّق تجربة الكاتبة خلال إقامتها في نيويورك، حيث تتناول المدينة من زوايا متعدّدة، تجمع بين الملاحظة الشخصية، والرؤية النقدية، والتفاعل العاطفي مع المكان. يتّضح ذلك في أسلوبها الذي لا يقتصر على الوصف الجغرافي أو السرد الوقائعي، بل يغوص في تحليل الثقافات، والعادات، والقيم الاجتماعية، ما يجعل النصوص تتجاوز الطابع الرحلي التقليدي إلى مستوى المقالة الأدبية ذات البعد الفلسفي والتأمّلي. ملامح المقالة الأدبية في الكتاب: 1. الأسلوب الذاتي: الكتاب يعكس رؤية الكاتبة الخاصة وانطباعاتها الذاتية، ممّا يضفي طابعًا وجدانيًا قويًا على السرد. 2. اللغة الإبداعية: هناك توظيف للاستعارات والصور الفنية، ما يجعل النصوص أقرب إلى المقالة الأدبية منها إلى التقرير الصحفي أو السرد التوثيقي البحت. 3. التركيز على الفكرة والرؤية: المقالات ليست مجرد وصف للأماكن، بل تحلّل قضايا ثقافية واجتماعية مستوحاة من تجربة السفر، وهو عنصر أساسي في المقالة الأدبية. 4. البنية المفتوحة: المقالات لا تلتزم بتسلسل زمني صارم كما في اليوميات، بل تعتمد على التقطيع الموضوعي، حيث تتناول كل مقالة جانبًا معينًا من الرحلة بأسلوب مستقل. فالكتاب أقرب ما يكون مجموعة مقالات أدبية في أدب الرحلات، إذ يمزج بين السرد الشخصي والتأمّل الثقافي والاجتماعي، مع بعد نقدي واضح. هذا التصنيف يجعله أكثر انفتاحًا على التحليل الأدبي، خاصة من منظور النقد الذرائعي، حيث يمكن دراسة المستويات النصّية المختلفة التي يتفاعل فيها السرد مع البنية الفكرية والوظيفية للنص. • البؤرة الفكرية والرسالة الأخلاقية : الرسالة التي ترسلها الكاتبة هناء غمراوي من خلال كتابها "نيويورك في عيون زائرة عربية" تتمحور حول عدة أبعاد، ثقافية، اجتماعية، وإنسانية، تشكّل بمجملها البؤرة الأيديولوجية الثابتة التي سأنطلق منها باتجاه باقي المستويات الذرائعية، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية: 1. إعادة تقديم صورة نيويورك: تسعى الكاتبة إلى إزالة الصورة النمطية عن نيويورك كمدينة صاخبة وباردة، وتُظهر وجهها الآخر كمدينة تحتضن التنوع الثقافي، والانفتاح، والطبيعة الخلابة، خاصة من خلال وصفها للخريف ومناطق الطبيعة في المدينة. 2. أهمية الحوار الحضاري: تسلّط الضوء على تجربة العيش في مجتمع متعدّد الثقافات، حيث يتعايش الناس من مختلف الخلفيات في إطار من القانون والمساواة، مؤكّدةً أن التقدم لا يُقاس بالبنية التحتية فحسب، بل بثقافة الاحترام والتعايش. 3. نقد الواقع العربي بالمقارنة مع الغرب: تقدم مقارنات بين نمط الحياة في نيويورك وبعض البلدان العربية، مشيرةً إلى الفجوة الحضارية والاجتماعية، خاصة في مجالات التعليم، حرية المرأة، وتقدير الفن والثقافة. 4. التمسك باللغة والهوية: تؤكّد على أهمية الحفاظ على اللغة العربية في ظل العولمة، وتنتقد استخدام العربية المهجنة في وسائل التواصل الاجتماعي. 5. أهمية الفن والثقافة في المجتمع: تناقش كيف أن نيويورك تُعلي من شأن الفنون، مستعرضةً معارض ولوحات فنية عالمية، وداعيةً إلى تعزيز الثقافة الفنية في المجتمعات العربية. 6. الإيمان بالتغيير الشخصي والمجتمعي: من خلال رحلتها، توضح أن التجربة الشخصية قد تكون وسيلة لإعادة اكتشاف الذات، وتشير إلى أن تغيير المجتمعات يبدأ من تغيير الأفراد. الكتاب، إذن، ليس مجرد سرد لرحلة، بل هو تأمل عميق في الاختلافات الحضارية، ومحاولة لنقل تجربة شخصية تحاكي هموم الإنسان العربي في عصر العولمة.
• المستوى البصري يعدّ المستوى البصري أحد الجوانب المهمة في التحليل الذرائعي للنصوص، حيث يُعنى بالكيفية التي يستحضر بها النص الصور الذهنية، سواء من خلال اللغة الوصفية أو التشكيل البصري داخل الكتاب نفسه. في كتاب هناء غمراوي، يمكن تحليل هذا المستوى من زاويتين رئيسيتين: 1. التشكيل البصري داخل النص توزيع النصوص: الكتاب يتكوّن من مقالات مستقلة، ولكل مقالة عنوان واضح، ما يساعد القارئ على التنقّل بين الأفكار بسهولة، وهذا يخلق تجربة بصرية منظّمة عند التصفح. العناوين والتقسيمات: تأتي المقالات بعناوين محدّدة مثل "مدينــة للجميــع"، "لونغ أيلانــد ســيتي"، "الخريف"، "شــلالات نياغــرا"، وهذا الأسلوب يمنح الكتاب طابعًا بصريًا جذابًا، حيث يمكن للقارئ توقّع محتوى المقالة من العنوان وحده. الرسومات والصور: ذكرت الكاتبة أنها أدرجت لوحات فنية عالمية كمقدمات لبعض المقالات، ما يضيف عنصرًا بصريًا مباشرًا داخل الكتاب، إذ يتفاعل القارئ مع الفن البصري إلى جانب النص المكتوب. 2. التصوير الذهني من خلال اللغة الوصف السينمائي للمكان: تتّسم لغة الكاتبة بأسلوب سينمائي يُبرز جماليات المكان عبر الصور الحسّية، مما يمنح القارئ تجربة بصرية متكاملة. مثال ذلك وصفها للخريف في نيويورك: "تتبدّل ألوانه (ألوان الشجر)، مــن الأصفــر الباهــت إلــى الأصفــر المشــوب بحُمــرة خفيفــة، قبــل أن تشــتعل الأوراق فــي أوائــل تشــرين الثانــي(نوفمبر) بلــون نــاريٌ، يُماثــل لــون قــرص الشــمسفي توهّجه ســاعة المغيب!" ص 37 هذا الوصف يخلق صورة ذهنية متكاملة تعكس جمال الطبيعة وتحوّلاتها. تفاعل الشخصية مع البيئة: تصف الكاتبة مشاهد من الحياة اليومية، مثل الفنانين الذين يعزفون في الشوارع، أو الأسواق المليئة بالألوان، وهذا يعزّز التصوير البصري من خلال رصد الحركة والتفاعل الاجتماعي. "هنا في نيويورك رأيت الحضارة تمشي على قدمٍ وساق. لمحتها في عيون الفنّانين، لمحتها في عيون الفنانين، الذين يفترشون أرض منهاتن، ويرسمون المارة مقابل مبالغ زهيدة من المال لا تسمن ولا تغني" ص23 التضاد البصري: تستفيد الكاتبة من تباين الألوان والإضاءة في وصفها، مثل وصفها لمشهد نيويورك الليلية، حيث تقارن بين أنوار المدينة الساطعة والعتمة التي تلف بعض الأحياء، ما يخلق تباينًا بصريًا مؤثّرًا يعزّز من جمالية المشهد.
المستوى البصري في الكتاب يتجلّى من خلال العناصر التصميمية داخل النص (التقسيمات، العناوين، إدراج الصور)، وأيضًا عبر اللغة التصويرية التي تستحضر المشاهد بتفاصيل دقيقة. هذا يجعل القراءة تجربة غنية بصريًا، حيث يشعر القارئ كأنه يسافر مع الكاتبة عبر الكلمات، يرى الألوان، يلاحظ التفاصيل، ويتأمل المشاهد وكأنه يعيشها بنفسه.
• المستوى اللغوي، الأسلوبي، والبلاغي الجمالي: يتميّز كتاب هناء غمراوي بمزيج فريد من اللغة الأدبية الراقية والأسلوب السردي الوصفي، ممّا يجعله نصًّا يجمع بين أدب الرحلات والمقالة الأدبية بروح إبداعية. ومن خلال التحليل الذرائعي، يمكن تفكيك المستوى اللغوي والأسلوبي والبلاغي الجمالي عبر المحاور التالية: 1. المستوى اللغوي: أ) لغة واضحة ومباشرة لكن مشبعة بالعاطفة: تعتمد الكاتبة على لغة عربية فصيحة وسلسة، تجنّب التعقيد اللغوي دون أن تفرّط في جماليات التعبير. تحافظ على توازن بين البساطة والجمال، بحيث يكون النص سهل القراءة لكنه غني بالمشاعر. مثال: "هنا رأيت الحضارة تمشي على قدمٍ وساق... لمحتها أيضًا في عيون عامّة الناس، الذين توافدوا إلى هذه المدينة من كل حدب وصوب، تجمعهم طبيعتهم البشرية ... لمحتها في نظراتهم التي تعبر عن احترامهم لثقافة التعايش التي تظهر في تقبّلهم للآخر، واحترام اختلافه..." ص 23 → جملة بسيطة لكنها تنقل إحساسًا قويًا بالحضارة والعدالة الاجتماعية. ب) التنوع في الأساليب اللغوية تمزج الكاتبة بين الجمل القصيرة المتتابعة بإيقاع سريع، والجمل الطويلة التي تمنح إحساسًا تأمّليًا. "لماذا نسمي اللغة الأولى التي يبدأ الإنسان من خلالها بالتعبير عن نفسه، وحاجاته، باللغة الأم؟ هل هو ارتباط نفسيّ؟ جسديّ؟ عائليّ؟ ... " ص 28 أحيانًا تستخدم السرد التقريري المباشر عند الحديث عن تفاصيل المكان، وأحيانًا السرد العاطفي عند التعبير عن انطباعاتها الشخصية. 2. المستوى الأسلوبي أ) الأسلوب السردي الوصفي تعتمد الكاتبة على وصف تفصيلي يجعل القارئ يشعر كأنه يعيش التجربة بنفسه. تستخدم الصور البصرية والموسيقية لرسم المشاهد بدقة. مثال: "نحن في فصل الخريف، وهو ملك الفصول بلا منازع هنا. تتزيّن الطبيعة خلاله بأجمل حلّة من الألوان، فتبدو مناظر الغابات التي تحيط بالطريق على الجانبين لوحاتٍ متحرّكة، أبدعتها يد الخالق بكل جمال وإتقان! ألوان أوراق الأشجار تتماوج بين الأخضر الزاهي المقاوم لكل تقلّبات المناخ القاسي، إلى الأصفر الخجول الذي تتدرّج ألوانه حتى تبلغ ذروة الاشتعال" ص 42 → هنا مزجت بين الاستعارة والتشخيص، حيث أعطت الأشجار صفة الاحتفال، والأوراق صفة الراقصة المتماوجة بجمال وخجل، مما أضفى بعدًا جماليًا على الوصف. ب) الأسلوب التأمّلي الفلسفي لا تكتفي الكاتبة بوصف المكان، بل تتأمّل في معاني الحضارة، العدل، الاندماج الثقافي، والهوية. مثال: " شكرًا نيويورك أنكِ أتحتِ لي فرصة مشاهدة أعمال فان غوغ الخالدة بتلك التقنيات الرائعة. غادرت المكان مع سؤال بقي يلازمني؛ هل قدرُ العظماء أن يموتوا فقراء.!" ص27 → هنا سؤال خطابي تأمّلي، يعكس نقدًا اجتماعيًا عميقًا دون أن يكون مباشرًا أو تقريريًا. ج) الأسلوب الحواري الضمني في بعض الفقرات، يشعر القارئ وكأنّ الكاتبة تحاوره مباشرة، فتستخدم أسلوب الإجابات عن تساؤلات ضمنية والتأمّل الشخصي. مثال: "نعم، الحضارة ليست أبنية شاهقة، ولا أجهزة إلكترونية معقّدة. ووهي ليست وسائل نقل مميّزة، ولا وسائط اتصالات حديثة فقط؛ بل هي مدنيّة تضم كل هذه المظاهر مجتمعة، في ظلّ تقارب بشريّ يفسح المجال للفرد لكي يعبّر عن ذاته دون المساس بحرية الآخر، وبالمبادئ الإنسانية الراسخة" ص23 → هذا الأسلوب يجعل القارئ مشاركًا في التفكير وليس مجرد متلقٍ للنص. 3. المستوى البلاغي والجمالي أ) الاستعارات والتشبيهات الحسية تعتمد الكاتبة على استعارات مشحونة بالإحساس والتجسيد، ما يمنح النص طابعًا شعريًا. مثال: "هنا في هذه المدينة التي تفتح قلبها وذراعيها لكل قادم، ومن أيّ بقعة من بقاع الأرض." ص22 → هنا تشخيص المدينة وجعلها كائنًا حيًّا له قلب وذراعين يمنحها بعدًا جماليًا حميميًّا. ب) التضاد والتناقض اللغوي توظّف الكاتبة التضاد لإبراز المفارقات الثقافية والاجتماعية. مثال: " فالموسيقى بالإضافة إلى أنها قادرة على تصوير حالة البشر... فهي أيضًا تستطيع أن تنقلهم في لحظات من أجواء الحزن إلى أجواء الفرح، ومن أجواء التوتر إلى أجواء السكينة والهدوء ." ص84-85 → هذا التناقض بين الضجيج والهدوء يخلق إيقاعًا لغويًا مميزًا. ج) التكرار الإيقاعي تستخدم التكرار لإضفاء إيقاع موسيقي على الجمل، مما يجعل النص أكثر جاذبية. مثال: "ها هو الخريف الثاني من العام الثاني للجائحة يطلّ..." ص 37 → تكرار "الثاني" يمنح الجملة إيقاعًا متناغمًا وقوة في التأثير. 4. المستوى الثقافي الأدبي : تمتلك الكاتبة هناء غمراوي خلفية أدبية قوية تظهر في إشاراتها المتعددة إلى الشعر العربي القديم والحديث، بالإضافة إلى تضمينها اقتباسات من كبار الشعراء في كتابها. ومن أبرز الجوانب التي تعكس ثقافتها الأدبية: - اقتباسات من شعراء كبار: تستشهد الكاتبة بعدد من الشعراء الكلاسيكيين في وصفها لمواسم الطبيعة والتأملات الفلسفية. ومن الأمثلة: أحمد شوقي: في حديثها عن فصل الربيع، تستحضر أمير الشعراء أحمد شوقي: "آذار أقبل قم بنا يا صاحِ / حيّ الربيع حديقة الأرواحِ". ص 38 البحتري: "أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكًا / من الحسن حتى كاد أن يتكلما". ص 38 هذا الاقتباس يعكس ارتباط الكاتبة بالموروث الأدبي العربي وجماليات الطبيعة في الشعر العربي. ابن الرومي: "ضحك الربيع إلى بكا الدّيم / وغدا يسوّي النبت بالقمم". يُظهر هذا الاقتباس التفاعل بين الطبيعة والشعور الإنساني، وهو ما تحاول الكاتبة التعبير عنه في كتابها. - التفاعل مع الشعر الحديث: نزار قباني ومحمود درويش وخليل حاوي: هناء غمراوي تشير في كتابها إلى هؤلاء الشعراء الثلاثة في سياقات مختلفة، وتبرز أهمية الشعر المغنّى في نشر القصائد وتعزيز تأثيرها الثقافي. تؤكّد الكاتبة أن تلحين وغناء بعض القصائد ساهم في زيادة انتشارها، وخاصة قصائد نزار قباني، مشيرةً إلى أن ذلك لم يكن مقتصرًا عليه فقط، بل شمل أيضًا محمود درويش وخليل حاوي. "هل نستطيع أن نتجاهل أن قصائد نزار قباني المغناة أمنت له انتشارًا كبيرًا في الوطن العربي مضافًا إلى شهرته كشاعر مهم ومرموق؟ وهذا ينسحب على غيره من الشعراء الذين لا يقلّون شهرة وأهمية، أمثال محمود درويش وخليل حاوي وغيرهم، الذين لحن وغني لهم مرسيل خليفة أجمل القصائد." ص 87. - استخدام الشعر في الأنشطة الثقافية يبرز الكتاب تقدير الكاتبة هناء غمراوي للشعر العربي وتأثيره الثقافي، خاصة عندما يُغنّى أو يُستخدم في أنشطة ثقافية. إشارتها إلى نزار قباني، محمود درويش، وخليل حاوي تؤكد أهمية هؤلاء الشعراء في تشكيل الوعي الأدبي العربي ونشره عبر الأجيال المختلفة.
في أحد الأنشطة الثقافية التي نظمتها الكاتبة، استعانت ببيت من قصيدة "الجسر" للشاعر خليل حاوي، وذلك في سياق مناظرة شعرية حيث كان على المشاركين إكمال الأبيات على قافية معينة. "يعبرون الجسر في الصبح خفافًا / أذرعي امتدت لهم جسرًا وطيد" ص 86 تذكر الكاتبة موقفًا طريفًا حدث معها، حيث ظن أحد الشباب أن قصيدة "الجسر" تعود لمحمود درويش بدلًا من خليل حاوي. هذا الموقف يعكس مدى انتشار شعر درويش بين الأجيال الجديدة، حتى أن بعضهم يخلط بين أعماله وأعمال غيره من الشعراء. - الموسيقى والشعر تؤكد الكاتبة على العلاقة بين الموسيقى والشعر، مشيرة إلى أن الموسيقى تساعد في حفظ الشعر وانتشاره. تستشهد بأقوال جبران خليل جبران حول الموسيقى" نعم الموسيقى هي سر الخلود وسر الوجود" ص 85، وترى أن التلحين كان سببًا في انتشار قصائد شعراء كبار مثل نزار قباني ومحمود درويش وخليل حاوي. تحدّثت عن قصائد لحّنها محمد عبد الوهاب منها " يا جارة الوادي" ، واستفاضت بالحديث عن قصيدة "مضناك جفاه مرقده" والقصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي، تلحين وغناء محمد عبد الوهاب. في الصفحة 83 : مضناك جفاه مرقده وجفاه ورحَّم عوّده حيران القلب معذّبه مقروح الجفن مسهّده تعكس إشارات هناء غمراوي إلى الشعر عمق ثقافتها الأدبية واتصالها بالتقاليد الشعرية العربية. فهي لا تكتفي بالاستشهاد بالأبيات، بل تُدخلها في سياقات حوارية وأنشطة ثقافية، مما يجعل الكتاب زاخرًا بالإحالات الشعرية التي تثري تجربة القارئ. تطرّقت الكاتبة هناء غمراوي إلى الروايات في عدّة مواضع من كتابها، سواء من خلال تجربتها الشخصية في القراءة أو مناقشتها للأدب الروائي العالمي والعربي. - علاقتها بالقراءة والروايات تتحدّث الكاتبة عن شغفها الكبير بالقراءة، وتحديدًا الروايات، وتصفها بأنها "المتعة الأولى والمفضلة لفترة طويلة". كما توضّح أنها اعتادت على تخصيص وقت طويل للقراءة أثناء رحلات الطيران. تشير الكاتبة إلى تأثرها بالروايات العالمية المترجمة، حيث قرأت العديد منها منذ صغرها. وتوضح أنها تابعت بشغف أعمال الأدب المترجم إلى العربية مثل "أرنست همنغواي، ومارغريت ميتشل وغيرهم" ص 106 تذكر الكاتبة رواية "ساق البامبو" للكاتب سعود السنعوسي، الفائزة بجائزة البوكر العالمية عام 2013، مشيرة إلى أنها أنجزت دراسة أكاديمية حول الرواية بعنوان "صورة الآسيوي في الرواية العربية". ص 111 تذكر الكاتبة رواية "الأسود يليق بك" للكاتبة أحلام مستغانمي، مشيرة إلى أنها قرأتها منذ فترة طويلة. ص 108 تتحدث الكاتبة عن متابعتها لنادي "قاف" الأدبي، حيث ناقشت العديد من الروايات، ومن ضمنها أعمال أمير تاج السر ص 111 تشير الكاتبة إلى تأثرها بجملة قرأتها في الصفحة الأخيرة من إحدى الروايات، والتي دفعتها للتأمل في موضوع الهوية والجذور فظهرت الرواية كمصدر لإثارة الأسئلة الفلسفية – صفحة 109 في سياق آخر، تتحدّث الكاتبة عن أهمية الرواية في تحليل القضايا الاجتماعية والثقافية، خاصة فيما يتعلق بالهوية والانتماء. يظهر اهتمام هناء غمراوي العميق بالأدب الروائي، حيث تعتبر الرواية أكثر من مجرد وسيلة ترفيهية، بل أداة فكرية ونقدية تساعد على استكشاف قضايا اجتماعية وثقافية مختلفة.
5. المستوى الثقافي الفنّي: تُظهر الكاتبة هناء غمراوي في كتابها اهتمامًا ملحوظًا بالفن، خاصة الرسم والموسيقى، حيث تناقش زياراتها للمتاحف العالمية، وتأملها في الأعمال الفنية الكبرى، وتأثير الموسيقى في المجتمعات عبر العصور. اهتمامها بالرسم والفنون التشكيلية وتطوّر نظرتها إلى الفن: تعترف الكاتبة بأنها لم تكن تهتم بفن الرسم في صغرها " إلّا فن الرسم فقد بقيت أتعامل معه كأنه أحد الطلاسم " ص 23، لكنها تغيّرت بعد زياراتها للمتاحف العالمية واكتشافها الجمال الكامن في الأعمال الفنية. تأثّرت ب "لوحات غوستاف كليمت وبخاصة لوحته المشهورة " القبلة" الموجودة في متحف بلفيدير ( Belvedere) في فيينا " ص24 هذا يظهر إعجابها بالفن الأوروبي الحديث وتأثّرها بالتعبير الرمزي في اللوحات. تتحدّث عن تجربة حضورها للعرض الحي "الغوص في عالم فان غوغ" ص25 في مانهاتن، حيث تم عرض لوحاته باستخدام أحدث تقنيات المرئيات الحديثة. تلاحظ الكاتبة كيف اصطحب الأهل أطفالهم إلى المعرض وقدّموا لهم دفاتر رسم لتقليد أعمال فان غوغ، معتبرة ذلك جزءًا من التربية الفنية. اهتمامها بالموسيقى: تتحدّث الكاتبة عن دور الموسيقى في حياة الشعوب القديمة، وكيف استخدمت في جميع المناسبات، من الفرح إلى الحزن، وحتى في أماكن العبادة. "لقد رافقت الموسيقى الشعوب القديمة في كافة طقوسها الحياتية؛ في الحزن والفرح، في الراحة والعمل، الموت والولادة... حتى أماكن العبادة لم تخلُ منها" ص 84 تأثير الموسيقى على النفس : "الموسيقى قادرة على تصوير حالة البشر والتعبير عن مشاعرهم، كما تستطيع أن تنقلهم في لحظات من أجواء الحزن إلى أجواء الفرح، ومن أجواء التوتر إلى أجواء السكينة والهدوء."ص 85 هذا يعكس نظرتها العميقة للموسيقى كوسيلة علاجية وروحية. تستخدم الكاتبة صورًا شاعرية لربط الموسيقى بأصوات الطبيعة، حيث تصف كيف تكسر الأمواج على الشاطئ وكأنها مقطوعة موسيقية. " في صوت حفيف أوراق الشجر موسيقى، وفي زقزقة العصافير موسيقى. تكسّر الأمواج عندما تلتقي برمال الشاطئ موسيقى" ص 84 تتحدّث عن القصائد التي تتغنى بجمال الخريف، مثل "القصيدة التي غناها فرانك سينترا، منذ العام 1958 تحت عنوان ( الخريف في نيويورك)، Autumn in New York مازال يرددها العديد من الأمريكيين والعالميين حتى اليوم، منهم ... بيلي هوليداي، إيللا فيتزجيرالد، ولويس أرمسترونغ وغيرهم.." ص 39 يُظهر الكتاب اهتمام هناء غمراوي العميق بالفن والموسيقى، حيث تعكس تجربتها الشخصية في استكشاف الفنون التشكيلية والموسيقى دورهما في تشكيل الهوية الثقافية والوعي الإنساني. 6. الثقافة الدينية : في كتاب "نيويورك في عيون زائرة عربية"، تطرقت الكاتبة هناء غمراوي إلى الثقافة الدينية في عدة مواضع، حيث رصدت بعض المظاهر الدينية في المجتمع الأميركي، وقارنتها بالسلوكيات والممارسات في العالم العربي. التسامح والتعايش الديني
رصدت الكاتبة مشهد "الرجال الذين يقفلون محالهم التجارية، ويهرعون إلى المسجد، ظهر يوم الجمعة لأداء صلاة الجمعة ، دون أن يعترض طريقهم أحد." ص 22 كما لاحظت أن سكان نيويورك يظهرون احترامًا كبيرًا لثقافة التعايش الديني، حيث يتقبلون الاختلافات الدينية والعرقية، مستشهدة بالآية القرآنية: "وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا". ص 23 قيم الإسلام المنعكسة في المجتمعات الغربية تساءلت الكاتبة: "أليس غريبًا أن نلحظ شيئًا من حضارتنا وتعاليم ديننا عند شعوب كانت تعيش الجهل والتفكك؟" ص 81، مشيرةً إلى التنظيم الإداري والاجتماعي في الغرب، والذي يعكس الذي يعكس بعض القيم الإسلامية كالتعاون والعدالة. النقد الذاتي للواقع العربي سلطت الضوء على الحاجة إلى التخلص من "قشور الدين" والتعمق في روح الدين وجوهره، مشددةً على أهمية القانون والتعليم كأداتين لمحاربة الجهل وتحقيق النهضة: " لن تنهض بلداننا العربية وتسير في ركب الأمم إلا إذا سادها القانون، وعمّت فيها الثقافة والعلوم الكفيلة بالقضاء على جذور الجهل الداعية إلى التمسك بقشور الدين فقط، ودون التعمق في روحه وكنهه" ص 81 اللغة والهوية الثقافية تهاجم استخدام اللغة الهجينة التي تجمع بين الحروف اللاتينية والكلمات العربية، معتبرةً أن هذا التهاون في اللغة يعكس ضعفًا في الهوية الثقافية. " لغة هجينة لا هي عربية ولا أجنبية. لغة تعتمد حروفًا أجنبية لكلمات تنطق بالعربية" ص31 وتؤكد أن هناك رابطًا بين اللغة العربية والقرآن الكريم، مما يجعل الحفاظ على الفصحى ضرورة ثقافية ودينية. " لماذا نتنكّر نحن العرب للغتنا العربية الجميلة، لغة القرآن الكريم ونحن في عقر دارنا" ص 31 إذًا، تجمع لغة هناء غمراوي بين الوضوح والثراء، وبين البساطة والعمق، ما يجعل كتابها نصًا أدبيًا ممتعًا يجمع بين الوصف الواقعي والتأمل الفلسفي. تتميز بأسلوبها السردي الغني بالصور البلاغية، مع استخدام فني للاستعارات والتشبيهات، مما يجعل القارئ يعيش تجربة السفر كأنها مشهد سينمائي أو لوحة فنية متحركة. هذا التميز الأسلوبي هو ما يمنح الكتاب قيمة جمالية تجعله يتجاوز كونه مجرد رحلة، ليصبح تجربة أدبية ذات أبعاد إنسانية وثقافية بسويات متعددة.
• المستوى الديناميكي : المستوى الديناميكي في التحليل الذرائعي يركّز على الحركة الداخلية للنص، أي كيف تتطور الأفكار والمفاهيم والمواضيع عبر السرد، وكيفية تفاعل الشخصيات (أو الراوي) مع بيئتهم. في هذا الكتاب، يتجلّى المستوى الديناميكي من خلال: 1. تطور الوعي السردي: تبدأ الكاتبة رحلتها كزائرة لنيويورك، ثم تتحوّل تدريجيًا إلى مراقِبة ناقدة، قبل أن تصبح جزءًا من نسيج المدينة، فتتغير رؤيتها للأشياء، مما يضفي على النص ديناميكية فكرية وشعورية. مثال: في البداية، تصف نيويورك منبهرة بتنوعها، لكنها لاحقًا تتأمل في معاني الحضارة والعدالة الاجتماعية. 2. الحركة بين الوصف والتأمل: لا يقتصر النص على السرد الوقائعي، بل ينتقل بسلاسة بين وصف المكان، وتحليل المجتمع، والانتقال إلى تأملات فلسفية حول الهوية والاندماج. هذا التناوب بين الأنواع السردية المختلفة يمنح النص حيوية وحركة داخلية مستمرة. 3. التفاعل مع الأحداث الخارجية: ترتبط بعض المقالات بالأحداث العالمية، مثل جائحة كورونا وتأثيرها على حياة المدينة، ما يعزّز من ديناميكية النص بجعل الواقع الخارجي حاضرًا في السرد. المواضيع المطروحة في الكتاب: تعتمد الكاتبة على تحليل نقدي اجتماعي يتناول قضايا التمييز، التعايش، الحضارة، والاختلاف الثقافي بين الشرق والغرب. ويتجلى ذلك في عدة مواضع: 1. الهوية والتعددية الثقافية "مدينة للجميع" → عن التنوع الثقافي والاندماج في نيويورك. "نحن واللغة" → عن تأثير اللغة في تشكيل الهوية والانتماء. "ميراث الوالدين" → عن انتقال القيم بين الأجيال في الغربة. 2. العدالة الاجتماعية والمساواة "السلام عليكم" → مقارنة بين العدالة في نيويورك ومجتمعاتنا العربية. "شلالات نياغرا" → تأمل في السفر كحق وليس كترف، ودوره في توسيع الأفق. 3. الفن كقوة حضارية "مدينة الفن الذي لا يموت" → عن الفن في نيويورك، ومعرض فان غوغ. "الشعر والموسيقى" → عن دور الفن في تعزيز الهوية الثقافية. 4. الطبيعة مقابل الحداثة "الخريف في كيبك" → وصف الطبيعة الساحرة وتأمل في التغيرات الموسمية. "لونغ آيلاند سيتي" → مقارنة بين الجمال الطبيعي والحداثة العمرانية. 5. العلاقة بين الدين والمجتمع "السلام عليكم" → عن تجربة المسلمين في نيويورك والتسامح الديني. "عيد الميلاد" → مقارنة بين الاحتفال بعيد الميلاد في نيويورك والشرق. "عيد الأم" → عن مكانة الأم والأسرة في المجتمعات المختلفة. 6. اللغة والانتماء "القراءة (1)" و "القراءة (2)" → عن أهمية القراءة في بناء الهوية الثقافية. "نحن واللغة" → انتقاد استخدام اللغة الهجينة في وسائل التواصل الاجتماعي. 7. الحنين إلى الوطن والتأمل في الغربة "توقٌ للمألوف" → عن الحنين إلى الجذور رغم التأقلم مع الحياة في نيويورك. "رحلة نهاية الأسبوع" → بين الغربة والبحث عن دفء الذكريات. 8. السفر كوسيلة لاكتشاف الذات والعالم "في رحاب برلين" → مقارنة بين التجربة الألمانية والتجربة الأميركية. 9. القضايا التربوية : تعكس الكاتبة هناء غمراوي رؤيتها التربوية من خلال قضايا تتعلق باللغة، الثقافة، والهوية، إضافة إلى ممارسات التعليم في الغرب ومقارنتها مع العالم العربي. أهمية اللغة الأم في التربية: تناقش الكاتبة خطورة تعليم الأطفال اللغات الأجنبية قبل تمكينهم من لغتهم الأم، حيث يؤدي ذلك إلى حالة من التردّد والاضطراب في التعبير لدى الطفل. "وقد يرافقه هذا التردد إلى مراحل متقدّمة من عمره ويمكن أن يؤثّر على تحصيله العلمي في المستقبل" ص 29 تستشهد بممارسات بعض الأمهات العربيات اللواتي يعتقدن أن تعليم الأطفال لغة أجنبية منذ سن مبكرة يساعدهم على إتقانها، بينما تؤكد الكاتبة أن تعلم اللغة الأم أولًا هو الأساس في بناء الهوية اللغوية. أثر القراءة في التربية الثقافية: تتحدث الكاتبة عن تجربتها الشخصية مع القراءة منذ الطفولة، حيث بدأت بقراءة الروايات التاريخية لجرجي زيدان ومجلات مثل "العربي"، مما ساهم في تعزيز معرفتها الثقافية والتاريخية. تعتبر أن التربية على القراءة تلعب دورًا كبيرًا في بناء وعي الأطفال وتوسيع آفاقهم الفكرية. نظام التعليم في الغرب وتأثيره التربوي: أثناء إقامتها في نيويورك، لاحظت الكاتبة انتشار المكتبات الصغيرة في الشوارع، حيث يمكن لأي شخص أخذ كتاب مجانًا، مما يعكس اهتمام المجتمع الأميركي بتشجيع الأطفال والكبار على القراءة. تقارن ذلك مع الوضع في بعض البلدان العربية، حيث لا يُعطى التعليم والثقافة الأولوية الكافية في السياسات العامة. أهمية التربية على المسؤولية والاستقلالية: تروي الكاتبة تجربتها الشخصية في تعلم القيادة في نيويورك، بعد إصرار ابنتها على ضرورة اندماجها في المجتمع الأميركي، مما يعكس أهمية التربية على الاستقلالية وتحمل المسؤولية. تبرز هذه التجربة التربوية دور الإلحاح الإيجابي من الأبناء في تحفيز الوالدين على التطور والتكيف مع البيئات الجديدة. تم تناول هذه المواضيع في الصفحات 29، 31، 32، 103، 133 من الكتاب بالنتيجة: يتميّز الكتاب بطرح مواضيع متعددة ومتشعبة تتجاوز مجرد وصف الأماكن، ليتناول الهوية، الفن، الطبيعة، العدالة الاجتماعية، الدين، واللغة من خلال مقالات مستقلة، مما يمنحه بعدًا فكريًا وتأمليًا واسعًا.
• المستوى النفسي يُعنى المستوى النفسي في التحليل الذرائعي بتتبع المشاعر والانفعالات التي تعبر عنها الكاتبة، بالإضافة إلى الطريقة التي تعكس بها التغيرات الداخلية التي مرّت بها خلال الرحلة. في هذا الكتاب، يظهر التأثير النفسي من خلال التأرجح بين الانبهار، التأمل، النقد، والحنين. 1. الانبهار والاكتشاف في بداية النصوص، هناك شعور بالدهشة والانبهار الحضاري أمام مدينة مثل نيويورك، التي تمثل نموذجًا عالميًا للتعددية والتعايش. مثال من مقال "مدينة للجميع": "هنا رأيت الحضارة تمشي على قدمٍ وساق. في ظلّ تقارب بشري يفسح المجال للفرد لكي يعبّر عن ذاته دون المساس بحرية الآخر." ص 23 → هذا يعكس انطباعًا نفسيًا إيجابيًا عن المدينة، حيث تبرز مشاعر الدهشة والإعجاب. 2. التأمل والنقد الاجتماعي بعد تجاوز مرحلة الانبهار، تبدأ الكاتبة في التأمل العميق في القيم والمفاهيم، وتطرح أسئلة نقدية حول العدالة، الهوية، والانتماء. مثال من مقال "السلام عليكم": "هل نطبّق في حياتنا ما تعلمناه من هذا القول: ( لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبّ لنفسه؟)" ص 80 → هنا يظهر التحول النفسي من الانبهار إلى التفكير النقدي، حيث تقارن بين تجربتها الجديدة وواقعها الأصلي. 3. الحنين والاغتراب العاطفي رغم الإعجاب بالحياة في نيويورك، يظهر في بعض النصوص الشعور بالغربة والحنين إلى الجذور. مقال "توقٌ للمألوف" يعكس هذه الحالة النفسية، بعد أن تعرضت الكاتبة لمعاملة غير لائقة حينما سافرت بجوازها اللبناني حيث تقول: "إذا كنت أمريكية لماذا تسافرين بجواز سفر لبناني؟ أجبته على الفور أحببت أن أزور أهلي وقومي بجواز سفري الأصلي، واعتقدت أنه بذلك ستكون حظوتي عندهم أكبر لو فعلت.." ص 120 → هنا نجد صراعًا داخليًا بين التأقلم مع العالم الجديد والتمسّك بالهوية الأصلية. - المدخل السلوكي: كيف تعكس الكاتبة استجاباتها للمواقف؟ يعتمد المدخل السلوكي على دراسة كيفية تفاعل الشخصية مع الأحداث والمواقف المحيطة، وهو ما يتجلّى في: 1. التفاعل مع الاختلاف الثقافي: في البداية، تتقبّل الكاتبة الاختلاف بحماس، لكنها لاحقًا تبدأ في التساؤل عن تأثير هذا الاختلاف على هويتها. في مقال "نحن واللغة": "هل يمكن أن ترتقي علاقة الإنسان بلغته إلى مستوى علاقته بأمّه؟" ص 29 هذا يعكس تفاعلًا نفسيًا وسلوكيًا مع التغيرات الثقافية، حيث يظهر نوع من القلق بشأن فقدان الهوية 2. التكيف مع الواقع الجديد بمرور الوقت، تتغيّر نظرة الكاتبة من مجرد زائرة إلى مراقِبة ناقدة ومتفاعلة مع الحياة اليومية. في مقال "الخريف في نيويورك": "لم يعد الخريف يعني النهايات بعدما عايشت خريف نيويورك لعامين متتاليين... نعم، يستطيع الخريف أن يكون أيضًا فصلًا لتجدّد الحياة وليس نهايتها" ص 40 هنا نرى تحولًا سلوكيًا من النظرة التقليدية إلى التأقلم مع ثقافة جديدة ترى في التغيّر شيئًا إيجابيًا. التساؤلات في الكتاب: أداة لفهم الذات والعالم تعتمد الكاتبة على طرح التساؤلات كأسلوب تفكير وتأمل، وبأسلوب غير مباشر، كما أنها لا تقدم إجابات مباشرة، بل تدعو القارئ إلى مشاركتها البحث عن المعنى. 1. تساؤلات حول الهوية والانتماء "هل نحن من نصنع المكان أم هو الذي يصنعنا؟" (من مقال توقٌ للمألوف) "لماذا نشعر بالغربة حتى عندما نكون بين أهلنا؟" 2. تساؤلات حول العدالة والمجتمع "هل الحضارة تقاس بالمباني أم بطريقة معاملة الإنسان لأخيه الإنسان؟" "كيف يمكن لمجتمع متعدد الأعراق أن يتعايش بسلام بينما نعاني من النزاعات حتى داخل العائلة الواحدة؟" 3. تساؤلات فلسفية عن الحياة والتغيير "هل السفر يغيرنا حقًا أم أنه يكشف لنا فقط ما كنا نجهله عن أنفسنا؟" "هل يمكن أن يكون الوطن فكرة أكثر منه مكانًا؟" يتميّز الكتاب بمستوى نفسي متطوّر وديناميكي، حيث تمر الكاتبة بعدة مراحل نفسية تبدأ بالدهشة والانبهار، ثم تنتقل إلى التأمل النقدي، ثم الشعور بالغربة، وأخيرًا إلى التكيف والتصالح مع التجربة. أما المدخل السلوكي، فيظهر من خلال تفاعلها مع الواقع الجديد، بينما تعكس التساؤلات الفلسفية عمق التجربة الداخلية التي تعيشها الكاتبة، ما يجعل القارئ مشاركًا في رحلتها الفكرية والعاطفية. - المدخل التوليدي : مدخل التناص التناص هو العلاقة بين النصوص، حيث يتفاعل أي نص مع نصوص أخرى سابقة أو معاصرة، سواء بشكل مباشر (اقتباس، استشهاد) أو غير مباشر (تأثّر بالأسلوب أو الأفكار). في "نيويورك في عيون زائرة عربية"، يتجلّى التناص في عدة مستويات: 1. التناص مع أدب الرحلات الكلاسيكي أ) التشابه مع الرحالة العرب الكلاسيكيين (ابن بطوطة، ابن جبير) مثل هؤلاء الرحالة، تسجّل هناء غمراوي يومياتها في مدينة أجنبية، وتصف ثقافتها وتفاعلها مع أهلها. التشابه يكمن في تدوين المشاهدات والتجارب الشخصية وتحليلها. لكنها تختلف عنهم في أنها لا تركّز فقط على المكان كحيز جغرافي، بل تضيف بعدًا نفسيًا وتأمّليًا حول الغربة والهوية. ب) مقارنة مع الطهطاوي ("تخليص الإبريز في تلخيص باريز") كلاهما يقدّم نظرة عربية على مدينة غربية حديثة، حيث يقارن الطهطاوي باريس بمجتمعه المصري، بينما تقارن غمراوي نيويورك بمدينتها طرابلس . الاختلاف: الطهطاوي ركّز على مظاهر التقدم العلمي والاجتماعي في باريس، بينما غمراوي تركز على الجانب الإنساني والفني، وتسائل أثر الحضارة على الهوية الفردية. 2. التناص مع الأدب الغربي عن المدن أ) التشابه مع كتاب "نيويورك: المدينة التي لا تنام" لجورج أبيض كلا النصين يستكشف نيويورك من خلال نظرة زائر عربي. يتشابهان في وصف تنوّع المدينة وطبيعة سكانها وسرعة إيقاع الحياة فيها. لكن غمراوي تضيف بعدًا وجدانيًا وتأمّليًا أعمق، حيث تتحدث عن الغربة والهوية، وليس فقط المظاهر الخارجية للمدينة. ب) مقارنة مع كتابات بول أوستر عن نيويورك بول أوستر في رواياته مثل "ثلاثية نيويورك" يعكس صورة مدينة مليئة بالغرابة والغموض، حيث تتقاطع الأقدار والقصص. غمراوي تقدم نيويورك كمدينة نابضة بالحياة، لكنها تحمل في طيّاتها مشاعر الوحدة والاغتراب. 3. التناص مع النصوص الدينية والفكرية أ) استلهام القيم الدينية في تحليل المجتمع في مقالات مثل "السلام عليكم"، تستشهد الكاتبة بقيم التسامح الديني في الإسلام وتناقش كيف يتم تطبيقها في بيئة متعددة الأديان مثل نيويورك. التشابه: كما فعل المفكّرون النهضويون مثل مالك بن نبي، فهي تحلّل العلاقة بين الدين والمجتمع والحضارة. الاختلاف: مقاربتها ليست فلسفية مجرّدة، بل مبنية على تجربة معاشة في مدينة عالمية. 4. التناص مع الشعر واللغة العربية أ) التفاعل مع التراث الشعري العربي في وصف الطبيعة، تستلهم الكاتبة صورًا شعرية قريبة من الوصف الرومانسي في الشعر العربي. مثال من مقال "الخريف في نيويورك": "يكتمل توهّج واشتعال أوراق الأشجار"ص 40 وكأنها تشعل سمفونية نارية أخيرة قبل أن تستسلم للشتاء. → هذه الصورة تذكرنا بوصف الخريف في شعر المتنبي وغيره من الشعراء الكلاسيكيين. ب) التناص مع اللغة في وسائل التواصل الحديثة في مقال "نحن واللغة"، تنتقد ظاهرة "الفرانكو آراب" (الكتابة العربية بحروف لاتينية). تتفاعل هنا غمراوي مع النقاشات المعاصرة حول حماية اللغة العربية وتأثير العولمة عليها، مثل ما طرحه أدونيس ونجيب محفوظ في مقالاتهم الفكرية. كتاب "نيويورك في عيون زائرة عربية" هو نص متفاعل مع أدب الرحلات العربي الكلاسيكي، والأدب الغربي، والفكر الديني، والتراث الشعري. يتميز بأنه يجمع بين التجربة الشخصية والرؤية النقدية، ويخلق نصًّا أدبيًا متداخلًا مع أنماط متعددة من الكتابة، ما يجعله نصًا غنيًا بالتناص ومفتوحًا على تأويلات مختلفة. - المدخل التقمصي الوعظي: مظاهر المدخل التقمصي الوعظي في الكتاب يعتمد هذا المدخل على إيصال القيم والأفكار من خلال تجربة ذاتية أو قصص شخصية، بحيث يتقمص الكاتب موقف الناصح أو الواعظ، وهو ما يمكن ملاحظته في عدة مقاطع من الكتاب: 1. نقد القيم الاجتماعية من منظور شخصي تساءلت الكاتبة عن سبب انتشار الأخلاق الحميدة والتعامل الإنساني في الغرب، في حين أنها قيم أصيلة في الثقافة الإسلامية لكنها لم تعد تُمارس بشكل واضح في المجتمعات العربية. تنتقد التناقض بين الادعاء بالتمسك بالقيم الدينية وبين عدم تطبيقها في الحياة اليومية، داعيةً إلى العودة إلى الجوهر الأخلاقي للدين بدلاً من التمسك بالشعارات فقط. 2. الدعوة إلى الاهتمام باللغة العربية تهاجم الكاتبة بشدة اللغة الهجينة في وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرة أنها إساءة إلى الهوية الثقافية، وتخوض في نبرة وعظية مباشرة ضد من يستبدلون الحروف العربية بحروف أجنبية. تشير إلى أن اللغة الأم لها تأثير نفسي عميق، تمامًا مثل ارتباط الطفل بأمه، وتستخدم أسلوبًا عاطفيًا لإقناع القارئ بأهمية الحفاظ على العربية 3. مواقف تعليمية تحمل طابعًا وعظيًا تحكي الكاتبة تجربتها في تعلم القيادة في نيويورك، ولكنها تستغلها لتوجيه نصيحة عامة حول أهمية التعلم المستمر وتحقيق الاستقلالية، مما يعطي القصة بعدًا تعليميًا ووعظيًا. في حديثها عن القراءة، تلجأ إلى أسلوب تحفيزي يدعو القارئ إلى اتخاذ القراءة عادة يومية، مستخدمة قصصًا شخصية لتوضيح أثرها على وعي الإنسان. النتيجة يمكن القول إن الكاتبة تمزج بين الأسلوب التقريري التحليلي وبين الأسلوب الوعظي التقمصي، حيث تسعى إلى نقل القيم والتجارب بطريقة شخصية وحميمية، تجعل القارئ يشعر وكأنه يتلقى نصيحة من شخص خبير أو مجرّب، وليس مجرد عرض نظري للأفكار. . التجربة الإبداعية : تتميّز التجربة الإبداعية للكاتبة هناء غمراوي: في كتاب "نيويورك في عيون زائرة عربية" بما يلي: 1. المزج بين أدب الرحلات والسيرة الذاتية: تقدّم الكتابة تجربة تجمع بين أدب الرحلات والمذكرات الشخصية، حيث تنقل الكاتبة يومياتها في نيويورك بأسلوب سردي يوثّق تفاصيل الحياة اليومية، مع مزجها بمواقف وتأمّلات شخصية. 2. الكتابة الواقعية بأسلوب وجداني: اعتمدت الكاتبة أسلوبًا سرديًا واقعيًا بعيدًا عن الخيال، حيث وثّقت تفاصيل الأماكن، العادات، والثقافات التي صادفتها، لكنها في الوقت نفسه أضفت لمسات وجدانية جعلت النصوص نابضة بالحياة. 3. تصوير المكان والزمان بأسلوب شاعري: تجلّت موهبة الكاتبة في وصف الطبيعة والمواسم، وخاصة فصل الخريف الذي وصفته بطريقة تعكس حساسية عالية تجاه الألوان والمشاهد، ما يجعل القارئ يشاركها إحساسها بالمكان. 4. النقد الاجتماعي والتأمّل الفلسفي: لم تكتفِ الكاتبة بوصف الأماكن، بل استخدمت تجربتها لمقارنة المجتمع الأميركي بالمجتمعات العربية، وسلطت الضوء على قضايا مثل حرية التعبير، التعددية الثقافية، ودور القانون في تحقيق العدالة. 5. البعد الفني في الكتاب: الكاتبة لم تهمل الجانب الجمالي في الكتاب، ما أضفى على النصوص بعدًا بصريًا وثقافيًا، كما أنها خصصت مقالات للفن، مثل تناولها لمعرض "فان غوغ". 6. توظيف الحوار والمواقف الشخصية: اعتمدت الكاتبة على أسلوب السرد المتقطع الذي يُشبه اليوميات، مما جعل السرد أقرب إلى القارئ، حيث استخدمت الحوارات الواقعية التي خاضتها في نيويورك لتوضيح أفكارها وملاحظاتها. هناء غمراوي تقدّم تجربة إبداعية متكاملة، تمزج بين التوثيق الأدبي والملاحظة النقدية، مستخدمةً أسلوبًا سلسًا يمزج بين اللغة الشاعرية والتوصيف الدقيق، مما يجعل كتابها إضافة مميزة لأدب الرحلات العربي. رغم أن الكتاب يمثّل تجربة إبداعية مميزة في أدب الرحلات، إلا أن هناك بعض الملاحظات التي يمكن اعتبارها تحدّيات قد تؤثّر على تجربة القارئ بالتلقّي السردي تحديدًا، ومنها: 1. الإغراق في التفاصيل أحيانًا. في بعض الفصول، تميل الكاتبة إلى تقديم تفاصيل زائدة عن الحد، ممّا قد يُشعر القارئ بنوع من الإطالة غير الضرورية، ويُضعف الإيقاع السردي، خاصة عند وصف بعض المواقف اليومية أو الأماكن. 2. التكرار في بعض الموضوعات بما أن الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات كُتبت على مدى عامين، فإن بعض الأفكار تتكرّر، مثل الحديث عن الطبيعة في نيويورك أو الاختلافات بين الغرب والشرق. هذا قد يُشعر القارئ بأن بعض الفصول متشابهة أو تعيد أفكارًا سبق تناولها. 3. التفاوت في الأسلوب بين المقالات بما أن النصوص كُتبت على فترات زمنية مختلفة، فإن هناك تفاوتًا في الأسلوب بين بعض المقالات، حيث يبدو بعضها أكثر نضجًا وسلاسة من غيرها، ما قد يخلق تفاوتًا في مستوى المتعة الأدبية بين الفصول. على الرغم من هذه الملاحظات، يبقى الكتاب إضافة قيّمة لأدب الرحلات، وهو يعكس تجربة شخصية غنية بأسلوب أدبي مميز. كان يمكن للكاتبة تحسين بعض الجوانب، مثل تقليل التفاصيل الزائدة، وجعل السرد أكثر حيوية، لكن هذه النقاط لا تقلّل من أهمية العمل كوثيقة أدبية تجمع بين السرد، النقد، والتأملات الفلسفية.
بالختام: بعد استعراض كتاب "نيويورك في عيون زائرة عربية" للكاتبة هناء غمراوي وتحليله من جوانب متعددة، يتضح أن هذا العمل الأدبي ليس مجرد توثيق لتجربة شخصية، بل هو رؤية نقدية اجتماعية وثقافية تسلط الضوء على الفوارق الحضارية بين الشرق والغرب. تناولت الكاتبة موضوعات التعددية الثقافية، والعدالة الاجتماعية، والتعليم، واللغة، والهوية، حيث قدمت مقارنة بين المجتمع الأميركي الذي احتضنها لفترة، والمجتمع العربي الذي تنتمي إليه. وقد تجلى ذلك في تحليلها لمظاهر التعايش في نيويورك، وانتقادها لبعض الممارسات الاجتماعية في العالم العربي، لا سيما فيما يتعلق بمكانة المرأة، وأهمية التعليم، والتعامل مع اللغة العربية.محذرة من مخاطر اللهجات الهجينة وتأثير اللغات الأجنبية على الأجيال الجديدة. كما أظهرت اهتمامًا بالتربية والتعليم كعامل رئيسي في تقدم المجتمعات، مشيرة إلى ضرورة غرس حب القراءة والمعرفة منذ الطفولة. وفي النهاية، يمكن اعتبار هذا الكتاب شهادة أدبية وسوسيولوجية تسلط الضوء على التغيرات التي شهدها العالم في ظل العولمة والتنوع الثقافي، وتفتح باب النقاش حول كيفية استلهام النماذج الإيجابية من المجتمعات الأخرى دون التفريط في الهوية الوطنية والثقافية. #دعبيرخالديحيي الإسكندرية – مصر 6 فبراير 2025
#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اغتيال الحريري: الرصاصة التي فجّرت لبنان
-
(ألفيّة القس جوزيف إيليا) بين هندسة الشكل وجمالية القيَم في
...
-
مجزرة حماة 1982: إبادة جماعية بأوامر الأسد وجرح لم يندمل
-
الروح الضائعة في اللحن المكسور : بين الشغف والتضحية دراسة ذر
...
-
مأساة الأطفال المختطفين من أبناء المعتقلين في سوريا: جريمة إ
...
-
النقد وأدب الذكاء الاصطناعي
-
الميتاقص- أساليبها وتمظهراتها في قصة / رسول الشيطان/ للقاص ا
...
-
ديستوبيا الماسونية الجديدة في رواية (العوالم السبع) للأديب ا
...
-
أدب الرسائل عند الأديبة حياة الرايس (رسائل أخطأت عناوينها) د
...
-
قراءة في رواية / جبل الزمرد/ للروائية المصرية منصورة عز الدي
...
-
تجلّيات المكان في أدب الحرب رواية / زند الحجر/ أنموذجًا للكا
...
-
اقرئي.. ابحثي.. واكتبي
-
فن الواو.. فن الإيحاء والتجريد بمفهوم ذرائعي الناقدة الدكتور
...
-
جماليات القبح وتجليات أدب الديستوبيا في رواية /العالقون/ للأ
...
-
تجلّيات الأدب التأمّلي في قصيدة الومضة دراسة تقنية ذرائعية م
...
-
تجليات أدب الخيال العلمي في المجموعة القصصية / تشابك سرّي/ ل
...
-
إشهار كتاب /عوالم حياة الرّايس السّردية/ للناقدة السورية د.
...
-
النبوءة والتجليات الملحمية في رواية الأجيال رواية / تاج شمس/
...
-
الروائح عتبة واقعية مثيرة لتيار الوعي في رواية (رائحة الزنجب
...
-
أدب المرايا من الكلاسيكية إلى المعاصرة في رواية / نساء المحم
...
المزيد.....
-
الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي
...
-
-نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه
...
-
رحيل أنتونين ماييه.. الروائية الكندية التي رفعت صوت الأكادية
...
-
حفل توقيع الترجمة العربية لكتاب - سجلات الليدر شيت-
-
فنان سعودي شهير يتعرض لظرف صحي طارئ يتسبب بإلغاء التزاماته ا
...
-
هذا ما قالته وزيرة الثقافة الفرنسية في ختام زيارتها إلى الصح
...
-
زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية إلى الصحراء الغربية: علامَ الغض
...
-
قطر تختتم النسخة الأولى من مسابقة -الرقيم- الدولية للخط العر
...
-
اليونان تفتتح العام المقبل متحفا للآثار البحرية قرب أثينا
-
رشيدة داتي .. وزيرة الثقافة الفرنسية أول مسؤولة تزور الصحراء
...
المزيد.....
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
المزيد.....
|