أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - محاولة في نسيج كرة مجنونة














المزيد.....

محاولة في نسيج كرة مجنونة


نبال شمس

الحوار المتمدن-العدد: 1794 - 2007 / 1 / 13 - 10:30
المحور: الادب والفن
    


انتابني الخوف عندما شعرت أن تلك الليلة تثمل رويدا رويدا, صوت مواء القطط يكاد يخدش وجهي وروحي وعيوني. لماذا تزعجني الأصوات لهذا الحد؟ صوت المطر, صوت الريح وصوت القطط التي لا تسكت, وألم العيون الذي يلازمني طيلة السنة.
ماريان الرضيعة تمشي تحت المطر الغزير, كيف أراها تمشي وهي ولدت أمس وماتت اليوم. تمشي عارية تماما, وحبل الصرة لم يسقط بعد. يا الهي إنها تقتحم نافذتي وحجرتي وأوراقي المبعثرة, محاولة نعف كراتي الملونة التي جمعتها على مر سنين حياتي. ماريان لا تعرف مدى أهمية كراتي الملونة والمكررة فقد أرادت أن تحسها وتلعب بها.
لماذا عدت يا ماريان؟
لماذا عدت يا صغيرتي؟
أتريدين سماع قصة؟ اليوم يا ماريان نسيت كل قصص الأطفال.
أتريدين سماع الموسيقى؟ اليوم يا ماريان ليس لدي سوى صوت العاصفة وصوت القطط المشتتة.
انتابتني الرعب, فلا أريد أن تختنق ماريان بأحد كراتي, وبالوقت ذاته لا استطيع إعادة ماريان إلى قبرها أو إعادتها إلى الحياة.
ماريان الشقية, لماذا اسميك ماريان, أمك قالت إنها لم تسمك بعد. لكنك ماريان التي ولدت وقضت هذا الفجر قبل أن تنهي نسيج كرتها الثانية. قالوا: مرضت . قالوا:اختنقت, لكنها ماتت وتركت كراتها الأسفنجية هديتي لها قبل ولادتها, تحت شرا شفها البيضاء.
ما الذي جعلني أكتب عن الكرات وماريان تركت كرات العالم كله؟
أحاول النسيج ألان بثماني عيون وأربعين إصبع.
أحاول الكتابة بأربعة أقلام وثمانية ألوان, فلا أرى سوى الكرات وسوى ماريان مستمرة في تحسس كراتي.
العالم من حولي دوائر ملومة بكل الألوان. على شباكي أصيص واحد مكسور وفيه ثلاث زهرات, ترابه أصبح كرات عديمة الحياة.
غدا سأنهض في الخامسة لأبدأ بنسيج كرة واحدة جديدة ومتكورة. بعد غد سأنام في العاشرة لأقذف بكرة ثقيلة مملة وحقيرة. أما الأنا ما زال ينسج كرة مجنونة غير مكررة وغير متكررة.
ماريان غفت على كراتي.
ريتا ما زالت ترسم الدوائر على حيطان مدرستها.
الثمانية عيون يركضون نحوي تحت المطر, يرون الصاد دائرة ونصف, والسين ثلاث دوائر ناقصة والباء دائرة مقروصة, والألف دائرة مضغوطة. أمس طلبت منهم أن يرسموا لي على اللوح قوس قزح فرسموا لي دائرة. طلبت منهم أن يرسموا زهرة فرسموا دائرة أخرى.. حاولت فهم ماهية دوائرهم فخرجت أنا المتخلفة وهم العلماء في عالمهم وغموضهم.
صوت أتاني من ارض بعيدة, اسمها الأرض المسروقة, سألني السؤال المكرر: ماذا تفعلين؟ قلت له اعد كراتي, اعد خرزاتي وأحاول تكسير حلقاتي, ثم أعود لانتظر ماريان لتصحو كي تعود إلى تحت المطر.
يعاود السؤال, ومن تكون ماريان؟ قلت له: هي الروح هي الذاكرة وهي الظل العاري من كل كرة. ماريان هي الهاجس الذي مات فجر هذا اليوم. ماريان هي العري الطاهر ونور الجسد قبل دخوله الحلقات الملونة.
الزهرات تتحرك. الأصيص ينكسر. التراب يسقط في ارض الغرفة. صوت القطط يعلو في أذني. تدخل العيون الثمانية إلى غرفتي, ومعهم أقلامهم وألوانهم ودفاترهم وغصتهم, يبعثرون كتبي , يمزقون أوراقي ويرمون بكراتي في داخون الحطب. يقهقهون, يتهامسون ويهربون ومعهم ماريان الرضيعة . بحثت عنهم في الغرفة, في الدار وفي الفناء وفي مكان القطط, فلم أجد أثرهم الذي محاه المطر الغزير, فعدت إلى مكاني أحاول نسيج كرة مجنونة غير متكررة وغير مكررة.



#نبال_شمس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طلابي وتجاوز رشاش الدم
- كفوا عن قتل الاطفال..صرخة بعيدة من انسانة قريبة
- كفوا عن قتل الأطفال - صرخة بعيدة من إنسانة قريبة
- أحذية ومقامات
- العودة من ارض النور
- كيف سأعاقب أمي؟
- برؤية مغايرة -Remorse-
- وجوهي التسعة
- رسائل إلى شخص ليس هو , الى برجر سلاين
- تقمص كائن شتوي
- ريتا
- فراشه مجنونة
- بانتظار الصياد
- طيف ريمورا
- نجيب محفوظ : كفرنا بك مرتين
- صعود اخر
- حلقات الضوء
- لغز اليد الممدودة
- نساء من نبيذ ونار
- مزامير ثقافية


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - محاولة في نسيج كرة مجنونة