سعاد عزيز
کاتبة مختصة بالشأن الايراني
(Suaad Aziz)
الحوار المتمدن-العدد: 8253 - 2025 / 2 / 14 - 12:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من خلال التغطية الاعلامية الواسعة للتظاهرة الضخمة للآلاف من الايرانيين القادمين من دول مختلفة الى قلب العاصمة الفرنسية باريس، والتي أشادت بدقة وبراعة تنظيم التظاهرة التي إستمرت بنظام ملفت للنظر في شوارع المدينة، فقد إستحقت وبجدارة وصفها من قبل الخبراء المختصين بالشأن الايراني بأنها کانت واحدة من أقوى مظاهرات المعارضة الإيرانية خلال الخمسين عاما الماضية، ليس فقط في باريس، بل في عموم أوروبا.
توقيت هذه التظاهرة في حد ذاتها کان ملفتا للنظر، لأنه قد حدث في وقت يشهد فيه العالم کله ضعف وتراجع النظام وخوفه وقلقه البالغين من المستقبل المجهول الذي ينتظره، فإن هذه التظاهرة قد کانت وبحق إستعراضا للقوة ولإرادة الشعب الايراني التي تقوم المقاومة الايرانية في ضوئها بمواجهة أبشع وأسوأ دکتاتورية دموية في العصر الحديث.
مشارکة أکثر من 20 ألف إيراني قادمين من بلدان مختلفة ومن مختلف الاجيال والخلفيات بما فيهم أولئك الذين شهدوا ثورة عام 1979، بما يجسد ويعکس تواصل وإمتداد النضال الوطني خلال العقود المنصرمة ، فإن ذلك قد أکد بأن هذه التظاهرة التي قامت بتنظيمها المقاومة الايرانية، ليست مجرد رد فعل إنفعالي وإنما يعبر عن إرادة جمعية للشعب الايراني وهو الامر الذي تسعى وتناضل من أجله المقاومة الايرانية.
والذي لفت نظري وأنا أقوم بمتابعة هذه التظاهرة عبر شبکة الانترنت، هو إن المتظاهرون قد رفعوا شعارات ثورية عديدة ومن بينها شعار"لا للشاه، لا لدکتاتورية الملالي" وکانوا يهتفون بها بکل حماس بما يدفع للإقتناع بتأکيدهم على إن البديل عن نظام الملالي ليس العودة لنظام الشاه البائد، بل إقامة جمهورية ديمقراطية قائمة على سيادة الشعب والاختيار الحر، وإنه ليس من المنطق أبدا إستبدال دکتاتورية دموية بنظير لها، ولاسيما وإن التظاهرة قد شددت على أن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية هو البديل الديمقراطي الوحيد للنظام القائم، بقيادة مريم رجوي، وبرنامجها السياسي المستند إلى الحرية وحقوق الإنسان، وهنا من المفيد الإشارة الى أن التظاهرة کما أسلفنا حظيت بتغطية إعلامية دولية بارزة، حيث نشرت وكالة "رويترز" أكثر من 166 صورة من الحدث، وأبرزت العديد من وسائل الإعلام العالمية قوة وتأثير المقاومة الإيرانية، مما يؤكد أن العالم ينظر إلى المعارضة الإيرانية كبديل جاد وفاعل.
هذا بالاضافة الى أنه وبالتزامن مع هذه التظاهرة، نفذت "الوحدات الانتفاضة" في الداخل أكثر من 162 عملية ضد رموز القمع خلال الأسابيع الأخيرة، مما يظهر تنامي التنسيق بين الداخل والخارج في معركة إسقاط النظام.
وخلاصة القول إن تظاهرة 8 فبراير 2025 كانت أكثر من مجرد احتجاج، بل مثّلت مرحلة جديدة في مسيرة المقاومة الإيرانية. في الوقت الذي يعاني فيه النظام من تفكك داخلي متزايد، يتقدم البديل الديمقراطي بخطى ثابتة. هذه التظاهرة أعادت التأكيد على أن التغيير في إيران ليس مجرد احتمال، بل ضرورة تاريخية باتت قريبة المنال.
#سعاد_عزيز (هاشتاغ)
Suaad_Aziz#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟