أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض ممدوح جمال - مسرحية القطار والعربة















المزيد.....


مسرحية القطار والعربة


رياض ممدوح جمال

الحوار المتمدن-العدد: 8253 - 2025 / 2 / 14 - 10:01
المحور: الادب والفن
    


تأليف : رياض ممدوح جمال

القطار : (يطلق صفير بوقه العالي عدة مرات).
العربة : (يَجذب الصفير انتباهها وشيئاً من الخوف).
القطار : (هازئاً من خوف العربة من صفيره) لماذا تخشين صوتي الجهوري ايّتها العربة الصغيرة ؟
العربة : انا لا اخشى صوتُك ولكنه فأجاني. كما يفاجئني صِياح الديكِ فجراً.
القطار : وهل هذه هي المرة الاولى التي تسمعين فيها صوتي العالي ؟
العربة : سبق لي ان سمعته آلاف المرات، ولكنه كانفجار يُفاجئني في كلِ مرة.
القطار : صوتي العالي يُناسب حجمي الكبير الحاوي على العديد من المقطورات، وكل مقطورة منها هي اكبر من حجمُك عدة مرات.
العربة : ولكن جميع تلك المقطورات لا يوجد مُحرك ميكانيكي واحد خاص بها.
القطار : جميعهُن ليسوا بحاجة الى محرك خاص بهن. فهنالك محرك واحد ضخم في المقدمة يقودهن جميعاً، من دون ان يبذلن أي مجهود طوال سيرها.
العربة : اذن لماذا تفتخر بضخامتها مادامت فارغة بلا محرك، وتستخف بي انا وتعيب علي ضالة حجمي وانا وحدي مستقل بمحرك خاص بي .
القطار : اذن انت ورقة في مهب الريح، تُسيّرها حيثما شاءت.
العربة : ان المحرك الخاص بي يحركني في الطريق الذي اريده انا، لا المحرك الضخم الذي في المقدمة.
القطار : فانت ستدورين وتدورين، وسترجعين يوماً يا عربة مهزومة مكسورة الوجدان. هنيئاً للذي يهتدي الى الطريق المستقيم بيسر.
العربة : هنيئاً لمن يكون في كل خطوة من خطوات طريقة اكتشاف وتحدي جديد.
القطار : ما احلى ضمان الوصول لخط النهاية !
العربة : الرحلة أهم من الوصول.
القطار : الرحلة بلا سكة ضياع وتخبط.
العربة : السكة قيد، وخلق للغباء ونقل من اسلوب تفكير الغير من دون تفحصه والتمعن فيه.
القطار : ايصال الالاف الى هدفهم، هي اسمى غاية.
العربة : انه ايصال قطيع اغنام مطاطات الرؤوس الى هدف مرسوم لهم مسبقاً. وخيراً من القطيع هذا، هو حصان جامح مندفع رافعاً رأسه للأعلى، لا ينوي على شيء سوى الانطلاق بحرية نحو البحث بلا هدف محدد مسبقاً.
القطار : الخطوات الواثقة اسلم شيء. وكل قاطرة تقول لأختها: نحن خير خلف لخير سلف. وليس بالإمكان ابدع مما كان.
العربة : قفزات الخشف، اروع من خطوات الفيل المتهادية.
القطار : عدد الواصلين عندي لخط النهاية بسلام يفوق غيرهم.
العربة : النوع وليس الكم هو المهم. هناك الالاف من خريجي الجامعات بمختلف اختصاصاتها، لا تخلق ام كلثوم ثانية او بتهوفن اخر. البالغون متعبون بالتخطيط، والباحثون لهم متعة الاطفال.
القطار : ان ما احققه انا في مسيرتي الطويلة، بالتأكيد يفوق مسيرتك.
العربة : لكنها مسيرة طويلة من دون ان تضيف شيئاً من المفاجآت والخبرات. انها مسيرة مملة ولا حياة فيها ولا حيوية.
القطار : طوال مسيرتي على السكة الحديدية اكون مخدر الاعصاب متأملاً الطريق، وحتى احياناً مغمض العينين متأملاً.
العربة : أما انا فأكون متحفزة ومفتوحة العينين والعقل لكل شبر ومنعطف في طريقي.
القطار : لو اني اسير في طريقك لتملكني الرعب.
العربة : لو اني اسير في طريقك، لما انطلقت منذ البداية ما دمت اعرف المحطات الروتينية والنهاية المحتومة.
القطار : الخطر عامل من عوامل الاغراء للقيام بأي عمل. والبحر الهادئ لا يصنع أبداً بحاراً ناجحاً. ففي الامواج والاعاصير تظهر القدرات الكامنة فينا. كل ما هو رائع مخيف، الأمان يلازم الدونية، المخاطر تكمن في القمم دوماً. والتكرار يعلم الشطار.
العربة : بل يقال العكس ان التكرار يعلم .... وليس الشطار.
القطار : ان نظام الكون مبني على أساس التنظيم وليس العشوائية.
العربة : الكون لا ارادة خاصة له، أما من له ارادة خاصة عليه استثمارها. شتان بين خيول العربات وخيول البرية، شتان بين بلابل الاقفاص وبلابل الرياض، شتان بين اسماك الاحواض الزجاجية واسماك البحار، شتان بين طائر الصقر وطائر الدجاج، وحتى شتان بين عبيد المنازل وعبيد الحقول.
القطار : انت بطيء والحياة فراشة قصير عمرها.
العربة : الحياة بعرضها لا بطولها. ليس المهم ان نعيش بل المهم هو انه كيف نعيش.
القطار : الحياة يوم يتكرر حتى النهاية، يوم يستنسخ الاف المرات، وكل الطرق تؤدي الى روما، اه.. عفواً الى الموت. هناك أيام تحمل في احشائها عشرات السنين.
العربة : كل نفس ذائقة الموت، ولكن ليس كل نفس ذائقة الحياة. في كل مفترق طرق هناك حياة قائمة بذاتها، حياة خاصة وعالم كامل يختلف عن غيره. في كل شارع وطريق فيه مالا تجده في غيره من الشوارع والطرق والتشعبات.
القطار : كل الحقول والاشجار والعصافير والطيور وحتى المدن متشابهة، ولا جديد تحت الشمس.
العربة : لكل عصفور شكله وريشه وزقزقاته التي لن تجدها في غيره. ولكل شجرة شكل وحجم وافرع واغصان واوراق تختلف عن غيرها. والادهى من ذلك انه لا توجد مدينة تشبه اختها من المدن. المهم ان نفتح بصيرتنا، لا ابصارنا فقط.
القطار : الحياة دائماً في مكان اخر. دائماً كل شيء هناك، واللاشيء هو هنا.
العربة : الحياة دائماً هنا والان. يعتقدون انهم سيكونون سعداء اذا ذهبوا للعيش في مكان اخر. لكن ذلك خطأ، لأنك اينما ذهبت فستصطحب نفسك معك، وتقول ان الحياة حيث لا اكون. لا يوجد من هو أكثر استعباداً بلا امل، من اولئك الذين يتصورون انهم احرار.
القطار : دائماً في طريقك الحفر والمطبات وأشياء كثيراً ما لا تتوقعها. بينما طريقي سكة حديد لامعة لا مفاجئات عليها.
العربة : انا اتحسس الارض بملامستها بمختلف اشكالها وحالاتها وبكل ما في دواخلي، بينما انت بعيداً عن امنا الارض ولا تتحسسها وان قضبان فولاذية باردة جداً او ساخنة جداً تلهب عجلاتك وتبعدك عن ملامسة الارض مباشرة.
القطار : السكة هي حياة الاستقرار والثبات واليقين، كما يمكنني السير نائماً.
العربة : النوم خسارة كبيرة وتفقد شيئاً جديداً لا تعرفه. الحياة الحقيقية هي مثل حياة الطيور والاسماك، لا مكان محدد خاص به وكل الاماكن هي مكانه وان العالم كله له. لم نعرف بتقسيمات للبحار والانهار كأوطان تتخذها قبيلة من الاسماك وطناً خاصاً لها. ولم نعرف بتقسيمات للسماء كأوطان تتخذها فصيلة من الطيور وطناً خاصاً لها .
القطار : انك ستتأسفين كثيراً في الاخر على افعال فعلتها خاطئة، فأخطاءك ستكون حينها كثيرة .
العربة : نحن لا نأسف الا على ما لم نستطع فعله وليس على ما فعلناه. حافظ على الجزء التافه من اعماقك، الجزء الذي يجعلك تضحك بلا سبب، وترقص بلا سبب، وتبكي بلا سبب، وتصرخ بلا سبب، وتحب بلا سبب، وتكره بلا سبب، ولا تسالني ما السبب. السعادة الكاذبة أمر مذاقاً في الافواه من الشقاء الصادق.
القطار : ان عقلي بارد وهادئ وراضي به، اما انت فرأسك قدر فيه الدماغ يغلي من البحث والشك والقلق. وتفكير الاولين اسمى واقدس، وهل ترك الاولين للأخرين شيئاً ؟ فما حاجتنا لوجع الرأس هذا ؟
العربة : وبسببهم تعتبر ان السكة التي تسير عليها هي الوسيلة الوحيدة الاسلم للوصول، ولا تتقبل غيرها من سبل الوصول على الاطلاق. وكم سحقت عجلاتك منا الكثير ! وتتجاهل الكثير من المحطات والمدن التي لا تصلها سكتك فتنكرها.
القطار : للقطارات شكل مريح واحد، أما أنتم فهنالك عدد لا يحصى من الأشكال والأنواع المختلفة.
العربة : نحن ننظر للعالم بعيني طفل يندهش لكل اكتشافاته، ونظراتكم للعالم كنظرات متعبه لشيخ ملّ الحياة.
القطار : هذا اعتراف منك بأننا نحن الشيوخ المثقلين بالحكمة، وأنتم الفتيان او الاطفال الطائشون. كأنكم ايتام منذ الطفولة حرموا رضاعة حكمة الحياة من آبائهم.
العربة : الأفكار عندكم هي مجموعة كلمات، أما عندنا هي شيء حي.
القطار : نحن من الصعب أن نفقد هدفنا، لأن عجلاتنا الكثيرة مثبتة بالأرض بفضل ثقل هيكلنا الكبير، يوجد بعض المتوحشين الأفريقيين يقدسون الثعابين التي تشبهنا لأنها ترتكز بكامل جسدها على الأرض، لهذا فهي تعرف جميع اسرار هذه الأرض، تعرفها ببطنها وذيلها وبرأسها، أنها على اتصال دائم بالأرض، فنحن لسنا مثلكم تلامسون الارض بإطارات عجلاتكم فقط، التي تجعلكم استعلائيتين عنجهيين مغرورين متكبرين.
العربة : هاااااااه، لقد اضحكتني. ما هذه المرآة المقلوبة التي ترى نفسك فيها وترى الاخرين ! انت تعيش في ظلال شرائع وتقاليد ابتدعها الاولون، اما نحن فنحيا بحسب الناموس الكلي المطلق الذي يسير الارض حول الشمس. طاعتك العمياء لسكتك تخلق منك عبداً.
القطار : مهما تحدثت وقلت، لن يغير ذلك من قناعاتي شيئاً. وادعوا الى ابادتكم وابقائنا نحن الوسيلة الوحيدة للوصول.
العربة : وانا مقتنع بكل كلمة قلتها. ولكني لا ادعوا الى فنائك، رغم انه سبق لك ان صدمت بعجلاتك الكثير منا حيثما تتقاطع طرقنا.
القطار : جسمي حديد وفولاذ صلب فلا يقف احد منكم في طريقي، والا سحقته.
العربة : لماذا لا نعقد اتفاقاً بيننا، ان لا نقطع طريقك ولا تسحق احد منا.
القطار : لا يمكنني ذلك، فسكتي لا تسمح لأي احد بالتقاطع معها ولا معاكستها ولا التشارك بها مع احد. وافعلوا ما يحلوا لكم.
العربة : (تتحدث مع نفسها) ان الغشاء الكثيف الذي حاكته الاجيال الطويلة على ابصارهم لا تمزقه حتى اقوى الحوارات. وطينة الغباوة التي تحجرت وتكلست لا تزيلها ملامسة الاصابع الناعمة.
القطار : بماذا تهذين أيتها العربة التائهة الضالة الطريق، ما المشكلة ؟
العربة : اه.. لا شيء، لا شيء يذكر. اقول انه خير حل لأية مشكلة هي ان يتقبل أحدنا الاخر.
القطار : هذا الحل يليق بك ولا يليق بي.
العربة : تقبل الشيء لا يعني ان تحبه، بل يعني ان تتوقف عن معاداته وتجد وسيلة للتعامل معه.
القطار : اذن المشكلة تخصك وحدك.
العربة : ان سبب معظم المشاكل ليس الطرف الذي لا يتغير فقط، بل الطرف الذي لا يتقبل الوضع كما هو.
القطار : (يطلق صافرته ويهم بالانطلاق).
العربة : (تضحك) على الأقل، قل الى اللقاء.
القطار : الوداع، الوداع.



#رياض_ممدوح_جمال (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية حوار الشمعة والالعاب النارية
- مسرحية عندما تتكلم الأيام
- مسرحية المحاكمة
- مسرحية الضحية والجلاد
- مسرحية اعترافات
- مسرحية الجدار
- مسرحية الكل هباء
- مسرحية العقم
- مسرحية (يوم خاص)
- مسرحية -النافذة-
- مسرحية (ريح السموم)
- مسرحية العامل
- مسرحية الدائن والمدين
- الرعب قصة قصيرة
- مسرحية زواج مُرتّب
- مسرحية -لا مثيل له-
- مسرحية سِرُّ ذو القوى الخارقة
- مسرحية -التكملة-
- مسرحية - زهور في الصحراء -
- مسرحية -السيدة آوى-


المزيد.....




- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...
- رحيل أنتونين ماييه.. الروائية الكندية التي رفعت صوت الأكادية ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض ممدوح جمال - مسرحية القطار والعربة