أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نداء يونس - الحب، الحرب، الحياة، سوء تفاهم، سيرة ناقصة تمامًا














المزيد.....


الحب، الحرب، الحياة، سوء تفاهم، سيرة ناقصة تمامًا


نداء يونس

الحوار المتمدن-العدد: 8253 - 2025 / 2 / 14 - 00:18
المحور: الادب والفن
    


كل شيء في أعماله يعود إلى كردستان: الأرض المنخفضة في هولندا تبدو كظهر كبش كردي، وسوريا تتراءى له وهو مستلقٍ على رمال نوردفايك، تمامًا كما كانت الجبال في انتظار الأكراد الذين هاجروا من ديار بكر إلى دمشق، تاركين خلفهم كل شيء، إلا رائحة العابرين مصادفة، تلك التي لا تزال حبيسة الصور القديمة في كردستان. القلعة التي تسكن القلب، قبلات العشاق، الصليب الذهبي الذي ورثه عن جدته، الكنائس الحجرية التي تتعقب خطى الآشوريين، أسماء المدن، أسماء الشخوص، المكتبات… وعتبة البيت الطيني في كرصور، حيث يقف مروان علي على رؤوس أصابعه ليرى العالم.
الحب شاق دائمًا!
كل شيء يدور حول كردستان، حول الذكريات التي لا تبرحها، حول المغادرين الذين يتركون خلفهم أثرًا صغيرًا كي يعرفوا طريق العودة، كما تفعل أحصنة الجدات التي لا تخطئ دروبها، كما تفعل الأحلام التي لا تهدأ. كردستان التي لا تزال تنتظر مقاتلًا آشوريًا، قوسه مشدود في عربة حجرية تحلق نحو أحلام شاهقة.
حياة الشاعر تشبه شاحنة تعطلت في منتصف الطريق، وقصيدته التي تحررت تمامًا من ثقل البلاغة ليست سوى صور قليلة وحنين كبير للمكان الضائع. إنها حياة تمضي في طريق معبّد، لكن إلى الوراء، إلى كرصور، حيث تلمع أشياء محترقة تحت الشمس، حيث العلاقة مع الحياة ضربات غير مرئية تحت حزام الذكريات.
الكثير من الأسماء، الكثير من الأماكن، أسماء كردية تمامًا، كأن الشاعر يكتبها خشية أن ينساها، أو لأنه امتلأ بها حتى فاضت منه. هذا الشعر كتاب جغرافيا وأسماء، هل قول الأشياء نوع من استحضار مقاتل آشوري يحمل درعًا، أم محاولة لاستعادة الانتماء من خلال الإعادة؟
الحب شاق حقًا!
المرأة التي يحتاج الشاعر إلى سنوات ليعبر شارعًا صغيرًا نحو نافذتها، التي يتذكرها دائمًا بلا سبب، التي لم يحسب الأعراض الجانبية لقول وداعًا لها، مكافئةٌ لكرصور التي أخذها شخص آخر. يده الثقيلة باتت مصدر قلق، وجهله بالشامة أسفل بطنها صار مصدر فرح.
إنه يبني تقابلات بين المرأة والوطن، ليست الفكرة جديدة، لكنه يتناولها بطريقة مختلفة، يخلق توازيًا بين سردين، حيث الحب هو الكلمة السرية التي تفتح النافذة على كل هذا الشقاء الجميل، على قبور الأصدقاء، على الأسئلة التي تحاصرنا: كيف وصلنا إلى هنا ونحن لا نحفظ إلا طريق البيت؟
الحب شاق لأننا لا نستطيع الهروب من كلمة الحرب.
الحب الذي يبني يجعلنا جبناء. بإعلان واضح لانحيازه للحياة، يرفض الشاعر الحرب، الحرب التي تجعلنا غرباء، لا نستدل على الطرق إلا من شواهد القبور، الحرب التي يتساوى فيها الرصاص القاتل مع الشوق القاتل.
الحرب تنتهي دائمًا برأس القاتل مسندًا إلى شاهدة قبر القتيل، هذه التراجيديا البيضاء ليست أعظم من سخرية الحياة ذاتها، والحب ذاته، والحرب نفسها التي لا ينتصر فيها أحد سوى الجثث، الحرب التي لا تترك لنا شيئًا سوى وطن نبحث عنه في المرايا، وقبر تحت شجرة، كأبسط أمنية مستحيلة.
هذه البساطة المدهشة، الأسماء الكردية الكثيرة، ثم الحب الهائل للوطن الذي يذكرني برسول حمزاتوف، كلها عناصر تخلق من هذه الخدوش، ومن هذا الخوف والحنين، ومن الغربة والدمار، سردية مشابهة لما يحدث في فلسطين.
يقول مروان علي: عندما تتحرر كرصور، سأشتري بيتًا في حلب، وأنا أقول: سأشتري بيتًا في حلب، عندما تتحرر فلسطين.



#نداء_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثابت والمتحوّل في الخطاب الفلسطيني قراءة في رواية-أخبار نص ...
- لي جسدان
- مغامرة
- الزمن الإعلامي الجديد
- أنت الكمال كله
- كي نعيد كتابة الهوامش
- الحقيقة
- سؤال في النقد
- الحديث من الخارج وصف ومن الداخل تجربة.
- -كمثل السحب، لا أعرف أين أقف-... جديد الشاعرة نداء يونس
- فيليب تانسلان لنداء يونس: العملية الإبداعية في شعرك نقد جذري ...
- -درويش أو الدخول إلى معبد الخراب المقدس-
- فكرة اليوم الاحتفالي مرعبة
- شيء لهذا الغبار
- لا أعرف أين أقف-قصيدة
- لكنّه الحب
- نداء يونس في جرش وسيت، وشعرها إلى الفرنسية
- سيميائية الترجمة: النص الدرويشي بين اخفاقات اللعبي وآخرين
- حدث أسطوري في القدس.
- علّمني الشعر


المزيد.....




- جولييت بينوش.. نجمة رفضت الشهرة السهلة وتربعت على عرش السينم ...
- ثقف الاولاد ومتعهم.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجديد 202 ...
- فصول لم تكتب.. مسيرة كتاب من الإنجليزية إلى العربية عن حماس ...
- اختيار بغداد عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي للعام 2026
- مهرجان برلين السينمائي 2025 .. مئات الأفلام ومن بينها عربية ...
- من قصر الكرملين.. بوراك أوزجيفيت يقدم عرضا فنيا ويكشف انطباع ...
- اختتام الدورة العاشرة لمهرجان نواكشوط للشعر العربي في موريتا ...
- الحب والأفلام.. وصفة سحرية لعلاقة رومانسية قوية مع الشريك؟
- ابن بشار الأسد يقدم رواية جديدة لليلة الفرار من سوريا
- بالصور والموسيقى والجلسات التفاعلية .. ابوظبي تحتفي بقامات ع ...


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نداء يونس - الحب، الحرب، الحياة، سوء تفاهم، سيرة ناقصة تمامًا