أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مراد سحلي - صدام حسين: إعدام أمريكي على الطريقة الأموية















المزيد.....


صدام حسين: إعدام أمريكي على الطريقة الأموية


مراد سحلي

الحوار المتمدن-العدد: 1794 - 2007 / 1 / 13 - 10:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صدم المسلمون ومعهم العالم أجمع، بالطريقة اللاأخلاقية التي أعدم بها الرئيس العراقي السابق صدام حسين صبيحة يوم عيد الأضحى المبارك، والتي توجت المهزلة التي سميت بالمحاكمة، حيث أعدم صدام قبل أن تنتهي آخر فصولها. وبغض النظر عما إذا كان هذا الحكم عادلا أم لا في حق الرئيس المخلوع بالقوة الأمريكية، فإن طريقة إعدامه وتوقيتها الموافق لعيد الأضحى، لها رمزيتها التاريخية والسياسية، وهي بمثابة رسالة توجهها (خلافة هذا العصر) إلى العالم الإسلامي، مفادها أن أمريكا هي التي تتحكم في التاريخ الإسلامي المعاصر، وأن حكام العرب وزعماءهم مجرد ولاة في إمبراطورية العم سام، تستحيي منهم من ساير توجهاتها ونفد تعليماتها، وتُذَبّح منهم من عارض سياستها الصهيونية السافرة.
إذا عدنا بالتاريخ إلى الوراء في عهد بني أمية قبل 1300 سنة من التاريخ الهجري الحالي، وبالضبط في 10 ذي الحجة من عام 134هـ، والذي وافق 15 أكتوبر من عام 742 للميلاد. سنجد لهذا الحدث مثيلا في طريقة إعدام "الجعد بن درهم" بواسط (وليست الكوفة)، حينها خطب والي بني أمية على العراق، خالد بن عبد الله القسري بالناس يوم الأضحى بالكوفة، فقال: "أيها الناس! ضحوا تقبل الله ضحاياكم، فإني مضح بـالجعد بن درهم إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً، ثم نزل فذبحه في أصل المنبر".
وقد كانت التهمة التي برر بها قتله غبية ولا يتقبلها العقل، فبعدما كان الجعد بن درهم رجل البلاط الأموي، ومؤدب الخليفة الأموي مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية (مروان الحمار)، أصبح بين عشية وضحاها ملحدا وزنديقا. بينما الحقيقة التي لايمكن تجاهلها، هي أن الجعد بن درهم أعدم لأسباب سياسية ترتبط بمعارضته للنظام الأموي الحاكم، فالأمر يتعلق بتصفية سياسية لاعلاقة لها بخلفياته الفكرية ولا العقدية، وإنما لفقت له هذه التهمة لتبرير قتله والتخلص منه بهذه الطريقة البشعة. وهذا ماذهب إليه كثير من الباحثين الذين تناولوا موضوع إعدام الجعد بن درهم بجرأة وعمق تفكير بعيدا عن القراءات الوثوقية والسطحية، أمثال جمال الدين القاسمي في كتاب "تاريخ الجهمية والمعتزلة" و علي سامي النجار في" نشأة التفكير الفلسفي في الإسلام" والكاتب العراقي خالد العلي في كتابه "الجهم بن صفوان ومكانته في الفكر الفلسفي".
لعل الرأي العام آنذاك كان يتقبل مثل هذا النوع من التقتيل في تلك الفترة التاريخية، خصوصا إذا مااقترنت بتهمة لها وزنها الثقيل ووقعها الحساس على عواطف الناس في ذلك الوقت، وهي تهمة نسمي مثيلاتها اليوم:" الطعن في عقيد ة المسلمين".
لكننا ونحن اليوم في عصر حقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة والتسامح...وكل تلك الشعارات الرنانة التي لا زال العالم الإسلامي لم يذق طعمها بعد في بلاده، فهل مازلنا نتقبل فكرة تقديم القرابين البشرية، حتى لو كانت من أجل افتداء البشرية من الديكتاتوريات؟ أم مازالت السياسة في عصرنا الحالي متخلفة عن الركب الحضاري النبيل للإنسانية؟
إن عقيدة القربان البشري عقيدة قديمة وموغلة في التاريخ البشري، افتدى الله الإنسان منها بذبح عظيم، وهذا ماترمز إليه القصة القرآنية، حينما افتدى الله اسماعيل ابن ابراهيم الخليل عليه السلام، ونجاه من الذبح، واستمرت العملية بعد ذلك سنة تذكر الإنسان بفضل الله على الإنسانية وتكريمه لها، يجسدها عيد الأضحى المبارك. لكن التحالف الصهيوني ـ الشيعي الذي قام بهذه الجريمة قفز على كل هذه المقاصد النبيلة لهذا العيد، ولم يحترم قدسية هذا اليوم ودلالته التاريخية، ونفد جريمته النكراء، ليس في حق المسلمين سنة كانوا أم شيعة وإنما في حق الإنسانية جمعاء، على اعتبار أن هذا العيد تراث إنساني لايجب انتهاك حرمته، ولسان حال القتلة يقول:" أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم، فإني مضح بصدام حسين". ليعيد المجتمع الإنساني إلى القرون الوسطى، وليعيد الهمجية وقانون الغاب.
لقد عوض السيف بالمشنقة، كما عوض الجعد بصدام، وواسط ببغداد التي لم تكن قد أسست بعد، وعوض خالد القسري بمقتضى الصدر، والأمويون بالأمريكان، لكن دلالات الحدث ضلت نفسها، ترمز إلى نفس العقلية القروسطية التي تستخدم الدين مطية لإرهاب الخصوم، وحملهم على الطاعة بقوة السيف. فالرسالة التي أراد قتلة صدام توجيهها عبر الصورة التي إلتقطت لأعدام صدام كانت لأتباعه ومناصريه بالدرجة الأولى، ثم للمسلمين السنة بعد ذلك.
لكن هل علم منفدوا هذا الإعدام المشبوه في شرعيته، والطائفي في خلفيته، ماالذي تهدف إليه أمريكا ومن وراءها إسرائيل من هذا التوقيت الذي نفد فيه إعدام صدام؟ إنه تعميق الطائفية الدينية والسياسية في العالم الإسلامي بين الشيعة والسنة، خصوصا بعدما لمس الحلف الصهيوني (الأمريكي الإسرائيلي) حصول نوع من الإنفراج في العلاقات الشعبية السنية ـ الشيعية بعد الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله في لبنان، فقد أقلق التعاطف الشعبي الذي حظي به حزب الله الشيعي من طرف الجماهير السنية هذا التحالف الذي يستمد جزءاً من قوته من ضعف الإلتحام الحاصل بين جميع مكونات المنظومة الفكرية والعقدية للعالم العربي والإسلامي.
ومن جهة أخرى، هل استفاد قتلة صدام من الدرس التاريخي لمقتل الجعد ابن درهم؟ وهل علم القتلة مصير الحكم الأموي بعد المذابح التي تفننوا في تنفيدها لتخلص من خصومهم السياسيين؟
فلأن الدم لايولد إلا الدم، ولأن سياسة التقتيل والتنكيل بالخصوم السياسيين لاتنتج إلا مثيلاتها، فقد انقلب السحر على الساحر. وبعد سنتين من تاريخ ذبح الجعد سيلقى قاتله خالد بن عبد الله القسري نفس المصير من أسياده الأمويين سنة 126هـ وعلى يد خلفه في ولاية بلاد الرافدين، ثم سيُباد الأمويون عن بكرة أبيهم بعد ذلك بثمان سنوات، من طرف خصومهم العباسيين اللذين استولوا على إمبراطوريتهم واحتلوا مكانهم في خلافة العالكم الإسلامي.
فهل استوعب شيعة العراق الدرس التاريخي إلى نهايته؟ وهل سيغيرون سياسة الحديد والنار التي يديرون بها القضية العراقية؟ وهل سيسعون إلى مصالحة حقيقية مع جميع طوائف العراق؟ وهل سيكون للعالم العربي والإسلامي دور بناء في إنقاد العراق من حمام الدم الذي يغرق فيه اليوم؟ وهل سيأتي اليوم الذي يستطيعون فيه حمل أمريكا بالعدول عن سياستها الصهيونية في الشرق الأوسط؟ وهل سيكون للمجتمع الدولي في يوم من الأيام القدرة على تحقيق السلم والعدالة في جميع أنحاء العالم؟ وهل سيكون له صوت مسموع لردع طغاة أمريكا وحلفاءهم؟








#مراد_سحلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- السعودية.. الداخلية تعلن القبض على 4 مواطنين و3 من إثيوبيا و ...
- سوريا وسقوط الدومينو.. نحو إسرائيل الكبرى؟
- بعد وساطة تركية مع مصر.. عبد العاطي يعتزم زيارة دمشق ولقاء ا ...
- فيتسو: وقف الغاز الروسي عن أوروبا سيكلفها 120 مليار يورو
- القوات الروسية تتقدم غرب دونيتسك
- الحكومة الأذرية تقول إن -تدخلاً خارجياً- وراء تحطم طائرتها، ...
- محافظ دمشق: هناك أناس يريدون التعايش والسلام ومشكلتنا ليست م ...
- هآرتس: حماس تستعيد قوتها بسرعة وعمليات الجيش الإسرائيلي في غ ...
- الآلاف في بودابست يحصلون على وجبات العيد من محبي هاري كريشنا ...
- فيفا: منتخب مصر بقيادة -العميد- على أعتاب إنجاز تاريخي


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مراد سحلي - صدام حسين: إعدام أمريكي على الطريقة الأموية