أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - في حرية التعبير!














المزيد.....


في حرية التعبير!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8252 - 2025 / 2 / 13 - 13:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا تُعلن الحكومات أوْ أصحاب السلطة بشكل صريح في دساتيرها أوْ قوانينها أوْ بياناتها الرسمية عداءها لحرية التعبير، بلْ تُظهر حرصاً على تنظيمها قانونياَ . إلَّا أنَّ هذا التنظيم غالباً ما يتحول إلى قيود متزايدة تُفرَض على هذه الحرية، مما يؤدي إلى إلغائها عملياً، حتى لو كانت مُعترفاً بها نظرياً. فإذا التزم الفرد بكل الشروط القانونية المتراكمة، فلن يتمكن من التعبير بحرية إلَّا في قضايا تافهة أوْ غير مؤثرة مثل لون الماء. وهذا يعني أنَّ الأنظمة الدكتاتورية لا تُعرَّف اليوم بأنَّها أنظمة ترفض حرية التعبير دستورياً، بلْ هي أنظمة تُقيدها بشكل عملي حتى تُفقدها معناها الحقيقي.

حرية التعبير ليست مجرد حق يُمارسه الفرد، بلْ هي أيضاً واجب على الدولة أنْ تضمنه وتحميه. فالدول لا تمنح هذا الحق، بلْ تُقرّه وتكفله دستورياً وقانونياً. ومع ذلك، فإنَّ حرية التعبير تفقد قيمتها إذا لمْ تشمل جميع القضايا والمواضيع دون استثناء ، حتى لو خالفت توجهات الدولة كما نرى اليوم من ترحيل طلاب يناهضون الحرب على الفلسطينيين في الولايات المتحدة . فالأصل في هذه الحرية هو الإباحة والسماح، وليس التقييد.

هناك علاقة عكسية بين حرية التعبير والخوف من ممارستها. فكلما زاد الخوف من العقاب، قلّت حرية التعبير، والعكس صحيح. وهذا الخوف يتجلى في أشكال متعددة، مثل الخوف من القتل أوْ التعذيب أوْ الفصل من العمل أوْ الإيذاء الجسدي. إنَّ تعريض الفرد لهذه المخاطر بسبب ممارسته لحرية التعبير يُعتبر جريمة يجب أنْ تُعاقب بقوة، لأنَّها تُلغي هذه الحرية عملياً.

حرية التعبير تبدأ من الفكر، وهو أمر لا يحتاج إلى تشريعات أوْ قوانين ليكون موجوداً. فالفكر ينشأ ويتطور من خلال التفاعل مع المعلومات والمعطيات المتاحة، حتى لو حاولت الدول التحكم في هذه المعلومات. ومع ذلك، فإن التحدي الحقيقي يكمن في قدرة الفرد على التعبير عن أفكاره بحرية دون خوف.

لقياس مدى حرية التعبير في مجتمع ما، يجب النظر إلى النتائج العملية ، فكم من الأفكار يتم التعبير عنها بحرية؟ وهل يتم التعبير عنها بصدق وموضوعية؟ وكم من الناس يصلهم هذا التعبير؟ وكيف يتفاعلون معه؟ الخوف من التعبير يؤدي إلى تقليص حجم الأفكار المعبّر عنها، واستخدام أساليب غير مباشرة مثل التورية والرمزية، أوْ حتى التعبير عن آراء مخالفة للحقيقة لمجرد المجاملة أوْ الخوف من العقاب.

حرية التعبير الحقيقية تُعزز الشفافية في المجتمع وتُقلل من "الباطنية الفكرية" ، أي الفجوة بين ما يُعلنه الفرد وما يُخفيه. كما أنَّ هذه الحرية تفقد معناها إذا لمْ تكن متساوية للجميع. فحقك في التعبير عن رأيك يجب أنْ يكون مساوياً لحق الآخرين في التعبير عن آرائهم المخالفة. محاولة إكراه الآخرين على تبني رأيك أوْ شراء ولائهم يُضعف مبدأ الحرية نفسه.

النقاش والحوار مهمان، لكنهما ليسا شرطاً دائماً لممارسة حرية التعبير. في كثير من الأحيان، يكفي أنْ يُعبّر الفرد عن رأيه بصراحة ثم يترك الأمر للآخرين ليقرروا. فالقول: هذا هو رأيي، والسلام عليكم ، قد يكون أسلوباً مثالياً في كثير من الحالات لمن لا يهمه رأي الآخرين.

الحوار والنقاش والجدل تُعَدُّ من الأمور بالغة الأهمية؛ إذ تُعتبر بمثابة المنبع الرئيسي للأفكار عندما تُراعى فيها الأسس والقواعد المناسبة. ومع ذلك، فإن ممارستك لحقك في التعبير بحرية لا تعني ولا ينبغي أنْ تعني أنكَ ملزم بأنْ تحاول باستمرار إقناع الآخرين بوجهة نظرك أوْ رأيك من خلال النقاش أوْ الحوار معهم.

الفكر لا يتطور إلَّا من خلال الصراع مع الأفكار المضادة. فتاريخ الأفكار يُظهر أنَّ كلَّ فكرة تنشأ وتتطور من خلال مواجهتها لنقائضها. وهذا الصراع لا يعني القضاء على الأفكار المخالفة، بلْ يعني التفاعل معها والحفاظ عليها كجزء من عملية التطور الفكري. فمنع الأفكار المخالفة يُؤدي إلى موت الفكر نفسه.

حرية التعبير ليست كافية بذاتها، بلْ يجب أنْ تقترن بحرية التغيير. فما الفائدة من تفسير العالم إذا لم نتمكن من تغييره ليكون أفضل وأجمل؟ حرية التعبير يجب أنْ تكون أداة لتحقيق التغيير الإيجابي، وليس مجرد حق نظري يُمارس في الفراغ.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزمن!
- البراءة والخطيئة!
- يجب الارتقاء بصناعة الإنسان في مجتمعاتنا!
- أوهام البقاء!
- سوء فهم أفكار ماركس!
- الحرب والأخلاق!
- القمر والنار!
- حرب البترودولار!
- مشكلة الفهم والتفسير في السياسة!
- خُمرُ المَعابِد!
- هل نستحق الديموقراطية؟
- قرصة برغوث!
- في المنظمات اللاحكومية!
- هطل الثلج!
- بعض من فلسفة التاريخ !
- انهيار النجم على نفسه!
- حرب القضاء على الوجود العربي!
- الصين وما أدراك ما الصين!
- تعالي!
- على خاصرة الريح!


المزيد.....




- روسيا تشارك بمعرض الخليج العالمي للغذاء
- بوشكوف: المحادثات السرية بين بوتين وترامب -كابوس أوروبا-
- ماسك: الجنود الأوكرانيون يُزجون في المعركة من أجل أكبر مخطط ...
- وزير الدفاع الإيراني: نصدر المعدات العسكرية إلى 30 دولة في ا ...
- استطلاع رأي: 27% من الكنديين يعتبرون الولايات المتحدة عدوا ب ...
- السودان يستدعي سفيره من كينيا ويوجه انتقادات حادة للرئيس ولي ...
- المغرب.. سلطات مدينة العيون ترفض دخول برلمانيين أوروبيين
- -نيويورك تايمز-: ترامب قد لا ينسحب من -الناتو- لكنه يعمل بال ...
- الجيش الإسرائيلي: إحدى الجثث الأربع المستلمة لا تخص أسرانا
- تفجير 3 حافلات بواسطة عبوات ناسفة قرب تل أبيب وإسرائيل تقول ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - في حرية التعبير!