أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سالم المرزوقي - الهجرات أصل والأوطان استثناء















المزيد.....


الهجرات أصل والأوطان استثناء


سالم المرزوقي

الحوار المتمدن-العدد: 8252 - 2025 / 2 / 13 - 02:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الهجرات أصل والأوطان استثناء:

عندما تشاهد قطعانا من حيوانات السافانا الافريقيه تقتحم نهرا جارفا وتغامر وسط التماسيح الجائعه والضواري المتربصه في الضفة الأخرى فيغرق بعضه ويؤكل بعضه لكنه يصر على الهجرة،عندها ستسأل لماذا هذا الإصرار والتحدي والتضحيه؟
هي ليست غريزة طائشه كما يعتقد بعض روافض نظرية التطور بل هي هجرة الضروره،هجرة طوعيه بحثا عن المراعي لاستمرار الحياة وضمان تواصل هذا الجنس من الكائنات الحيه.
الحاله نفسها تتكرر في هجرة بعض الطيور من جنوب الكرة الأرضيه الى شمالها او العكس، فثمة أنواع تدرك أن بيضها لن يكتب له التفقيس والحياة إذا ظل في مناخ قاسي البرودة وثمة طيور لا تسطتيع أجسادها تحمل وميض الحر فتغادر الى مناطق بارده ورطبه صيفا وتعود من جديد الى مناطقها عند اشتداد البرد شتاءا لأن ساعتها البيولوجيه الساكنه في جيناتها تنذرها بدقة عن كيفية البقاء والتأقلم مع متغيرات البيئة.
الهجرة هنا جزء من قانون البقاء والتواصل للكائنات الحيه.
ثمة حيوانات كبعض القوارض مثل الفئران والنمل تختار الاستيطان في جحور ثابته تحت الأرض للوقاية من الكوارث البيئية كالبرد والحرارة وهروبا من الافتراس وتخزن طعامها وتحتمي بجوف الأرض ولا تخرج في حالات الخطر وهو استيطان واستقرار دفاعي توارثته في جيناتها عبر صيرورة التطور من أجل البقاء لكن هذا النوع الحيواني يتعرض لأخطار تجبره كذلك على الهجرة كالسيول التي تغرق مستوطنته فيغادر ليحفر مستوطنة جديده فهي هجره قسريه بفعل عامل خارجي.

الانسان العاقل(الهوموسابيان) كذلك لا يشذ عن هذه القاعده في الهجرات الطوعيه منها والقسريه كذلك ولولا الهجرة لانقرض وفي أحسن الحالات ربما ظل بعضه كائنا هامشيا كما قرود الغابات في أدغال افريقيا.
عندما نقرأ تاريخ الانسان بهكذا قراءه علميه ومحايده يتحول الوطن والاستيطان والدول والحدود مجرد عابر استثنائي في التاريخ التطوري الطويل(طويل نسبيا طبعا لأن تاريخ وجود الانسان مجهري في الطبيعة والكون).
أما الهجرات فهي أصل ثابت زامن تاريخ الانسان مذ تطور وانفصل عن أشقاءه وبني عمومته من الثدييات.

نأتي الآن لمعضلة الهجرة من منظور سياسي حيني بعد أن أشرنا بإيجاز لأصولها في البيولوجيا والتاريخ الطبيعي العام، ونسأل لماذا يهاجر سكان جنوب الكرة الأرضيه الى شمالها وليس العكس وهل في الأمر ساعه بيولوجيه دفعت الناس لهجرة طوعيه كالطيور أو عامل بيئي قاهر دفعهم لهجره قسريه كالفئران أم ثمة فاعل سياسي مفتعل حوّل نمط حياتهم وجعلها غير آمنه وغير مستقره؟

الجواب بداهة ليس عامل بيولوجي أو بيئي وإلا كنا شهدنا تنوع في الأصناف المهاجره والوجهات وسنتتبع تاريخ الهجرة بحياد حتى لا نقع في الانتقائيه
عندما بدأ الانسان العاقل يمشي منتصبا وينوّع غذاءه كانت كل السافانا المفتوحه وطنه يجوبها حسب حاجاته الغذائيه والأمنيه بهجرات وتنقلات في شكل انتشار شبه عشوائي غير منضبط لحدود جغرافيه أو زمنيه بمعنى أنها هجرات طوعيه للبحث عن الغذاء وقسريه عندما يشتد عليه وقع الافتراس في مكان مّا من ضواري لا يستطيع مجابهتها أو بيئية قاسيه كانفجار براكين أو سيول جارفه وغير هذا من الكوارث الطبيعيه.
مع اكتشاف الزراعه في الألفية الثانية عشرة قبل الميلاد بدأ الاستقرار المنظم حول المزارع المحدثه والتي فرضت تجمعات في شكل قرى وبيوت يسكنها الناس ويخزنون فيها غذاءهم ما استوجب منظومه اجتماعيه كانت اللبنه الأولى للدوله والملكيه بدل المشاعيه البدائيه.

انتهت حقبة من تاريخ الانسان العاقل وبدأت حقبة جديده نحن فيها الى اليوم،لتقحمنا في عالم الفكره-السياسه والحدود المفتعله بين بني البشر كالدول والأوطان المحدثه كمخيال فكري،لكنها وجدت تجسيدها المادي في الواقع وفعّلت أدواتها كالحروب وأهوالها وسباق التسلح والدمار البيئي والاستعمار واحتكار الثروات والسيطره على المياه والبحار وحتى الأجواء.
هذه الفكرة-السياسه أوجدت لها ثقافات في عقل الانسان الحديث كالصراعات بين الأديان والأعراق والقوميات والطبقات والتي بدورها أعادت تدوير الفكرة لتجسيدها كواقع مادي مرة أخرى مثل السيطره وبسط النفوذ وحالات قصوى كالسطو والقتل والتشريد واستعباد الانسان لأخيه الانسان.

فكرة التهجير القسري لازمت الحروب منذ الاستيطان الأول والاستقرار عبر أسر المهزوم واستعباده واقتلاع أبناءه ونساءه من مواطنهم وأخذهم سبايا لخدمة المنتصرين.ثم جاءت ثقافة الاسترقاق بدافع اقتصادي لاصطياد السود الأفارقه من مواطنهم والتجارة بهم كأدوات للعمل وبعد حلول الآلة والمكننه مكان الأيدي العامله التي لم تعد هناك حاجة لها أعيد بعض العبيد الأفارقه في تهجير قسري مرة أخرى(حالة ليبيريا مثال).
بعد الحربين الاولى والثانيه قامت الدول الأوروبيه بتشجيع هجرة اليد العامله من المستعمرات لتعمير اوروبا المدمره.
اليوم بعد حقبة الاستعمار المباشر لم يترك الغربي الأبيض في بلدان الجنوب دولا ومنظومات وطنيه تثبّت السكان وتوفر لهم الأمن المعيشي بعد استنزاف واحتكار كل ثرواتهم ومنعتهم من تطوير نمط حياتهم ما دفعهم للهجرة نحو الشمال وقد شهد حوض البحر المتوسط هجرات من شمال افريقيا ودول الساحل والصحراء.
الوضع على حدود أمريكا الشماليه مع دول أمريكا اللاتينيه مشابه لما يحدث حول الحوض المتوسطي.

في آسيا لا يختلف الأمر كثيرا فحروب أفغانستان والعراق وسوريا ولبنان واليمن أوجدت موجات من الهجرة والتهجير.
الفقر وانعدام الشغل دفع بملايين من سكان جنوب شرق آسيا الى دول الخليج بعد الطفرة النفطيه.
أزمة تهجير الفلسطينيين من وطنهم لصالح توسع الكيان الاسرائيلي المهاجر كذلك،ما مثل حالة غير مسبوقه من استقطاب سياسي عسكري في المنطقه لا ندري نهايته الى حين.

بصعود الرئيس ترامب المتطرف ورسكلة الفاشيه في أوروبا الغربيه تتدرج معضلة الهجره القسريه لكابوس ربما يتطور الى حروب داخليه أهليه وخارجيه بين الدول المعنيه كما الحاله بين المكسيك وأمريكا وفرنسا مع دول الساحل والصحراء وغيرها كثير من صواعق التفجير.

ختاما يمكننا القول أن الهجرة تحولت على مر تاريخ الانسان العاقل من طوعيه ضمن صيروره تطوريه ثوريه أسست لانتشاره وحضارته الحديثه الى هجرات قسريه أوجدت نمطا من البؤس والفقر والظلم والاضطهاد وربما تتحول الى حروب مدمره بين الشمال المدجج بالأسلحه الفتاكه والجنوب الثائر الذي يطمح للتحرر وكسر كل الحدود في نظام دولي جديد ومفتوح يكون محوره حقوق الانسان والحفاظ على البيئه.



#سالم_المرزوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع شمال-جنوب واجهته الهجره
- المقاومه الفلسطينيه من العسكره الى الأخونه
- عبير موسي تقود ثورة هادئه
- لولا داسيلفا،قصة رجل قلبه ينبض يسارا
- القضيه الفلسطينيه من خارج القوس-الثوري-
- تونس ثورة أم ردة وإعادة انتشار للاستعمار؟
- ثورات الفوضى الخلاقه والحلم التوراتي
- لماذا صدرت في حقك بطاقة تفتيش يساريه؟
- تصحيحا للتاريخ وإنصافا لليسار التونسي وبورقيبه
- تونس نحو التأسيس لجبهة وطنيه تقدميه
- قصة الثوره في المنطقه العربيه
- لا يا سيادة الأمين العام
- اليسار وعبير موسي وبورقيبه
- المنحى الفاشي في ثقافة اليسار التونسي
- حالة استرخاء زمن الكورونا
- رساله الى رموز اليسار المفلسه
- مقاومة التطبيع معركة تحرير فلسطين
- الراقصه والطبال في حضرة برلمان تونس
- اليسار قبل كورونا وبعدها
- تونس: ثوره أم مؤامره أم شيئ آخر


المزيد.....




- ميونخ.. إصابة 15 شخصًا بحادث دهس بسيارة
- بالفيديو.. شاهد لحظة انفجار غاز مميت بمركز تجاري بتايوان
- مي كساب بمسلسل -المداح 5- في رمضان وتأجيل -نون النسوة-
- بيدرسون: الانتقال السياسي الشامل هو السبيل الوحيد لمعالجة ال ...
- القنصل الروسي في إسطنبول: مباحثات بوتين وترامب فرصة لاستئناف ...
- روسيا.. اكتشاف مادة في الطحالب البحرية تحمي خلايا الكبد من ا ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك
- الجيش الإسرائيلي: إطلاق النار على فلسطيني عند مدخل قاعدة بال ...
- الرئيس الإيراني: واشنطن تدعم القتل وتتهمنا بالإرهاب
- فرنسا.. إصابة 10 أشخاص بانفجار قنبلة يدوية في حانة (فيديو)


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سالم المرزوقي - الهجرات أصل والأوطان استثناء