|
غزة… US Reviera ..؟؟…1
اكرم هواس
الحوار المتمدن-العدد: 8251 - 2025 / 2 / 12 - 22:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل الرئيس ترامب جاد في تحويل غزة من نواة لدولة فلسطينية إلى مرج للأغنياء و عشاق الشمس و البحر .. ام ان كلامه المتكرر مجرد احلام رجل مهوس بالاستعراضات كما تتصوره تحليلات الاعلام العربي ..؟؟..
في هذه المقالة الاولى سنناقش البنية التنموبة و تأثيرها في مسار تطور ازمة غزة المستديمة … هنا مبدأياً يمكننا ان ننطلق من ملاحظتين مهمتين .. اولاهما ..هي ان الرئيس ترامب هو ابن مهاجر اوروبي و ان امريكا هي كلها دولة بناها المهاجرون .. و الهجرة دينيا و انثروبولوجيا لا تشكل اية عائقة في انتقال البشر و بناء وطن جديد حيث تتوفر الامكانيات ..
ثانيا.. رغم ذلك و بما اننا ما زلنا نعيش زمن الدولة القومية او الوطنين لذلك اعتقد انه بغض النظر عن الإمكانية الفعلية لخلق النقلة النوعية التي يتحدث الرئيس ترامب عن غزة و ربما الضفة الغربية فان الموضوع ليس مجرد " جس نبض" او او استفزاز او ما شابه .. بل هو " إعلان ".. ربما متاخر ..عن مشروع قائم بالفعل … بدأ منذ سنوات و الان تصل مراحله إلى حدود فلسطين و سوريا ليتم ربطها بجنوب تركيا و هكذا …
و عليه فان الاشكالية الرئيسية عند الرئيس ترامب و رفاقه لا تكمن في موضوع الغاء دولة ذي سيادة .. و انما هي نقل مجموعة بشرية تعاني من الحروب المستمرة الى منطقة اكثر اماناً .. و تحويل المناطق المدمرة الى ريفيرا جميلة يمكن ان يعيش فيها اي شخص قادر على تحمل الكلفة الاقتصادية بغض النظر عن مفهوم الجنسية و السيادة ..
في هذه الحالة لا تشكل عائدية هذه الحدائق الغنّاء السياسية في اي اية اشكالية لانها تشبه كل المناطق الاخرى التي استحوذت عليها القوى الرأسمالية و ما زالت في شمال افريقيا و الشرق الاوسط .. حيث استولت الشركات الكبرى على المناطق الساحلية و طردوا سكانها الاصليين بعيداً لكي تحولها الى مطاعم و فنادق و كافيهات و ميادين جميلة للرقص و الغناء و البذخ المترف الذي لا يستطيع ان يدخلها الا ذو حظ عظيم …نخبة صغيرة من اغنى الاغنياء و الفنانين و بعض السائحين فقط… اما السكان الاصليون الذين تم رميهم خارج الاسوار فعليهم تحمل التلوث البيئي و الحرمان من الخدمات و من حلم "حياة افضل"…
لكي نفهم المعادلة بشكل افضل يمكننا ان ندرس طبيعة المشاريع السياحية التي تمتد من سواحل المغرب الشمالية مرورا بتونس ( هناك محاولات حثيثة في الحزائر و ليبيا) ثم الانتقال إلى شمال مصر و سواحل الأردن و ربط ذلك كله بالمشروع "اللغز" اي مشروع نيوم Neom في شمال غرب المملكة السعودية… الكلام عن هذا المشروع يحتاج دراسات خاصة و قد حاولت بالفعل مراجعة الكثير من الدراسات بلغات مختلفة لكن الأمر يطول جدا … ملخص ما توصلت اليه هو مجموعة متراكبة ليس فقط من تقاطعات مصالح أطراف دولية مختلفة و انما ايضا من التصورات و الاهداف و الرؤى التي يلفها الغموض عن نمط جديد من الحياة لمجموعة بشرية غير محددة الأوصاف و المكانات وووو… ( طبعا لابد ان أبدي احترامي الشديد لكل السلطات في المملكة السعودية.. السياسية و الاقتصادية و الفنية .. الخ و نقدر اعتزازهم باعتبار نيوم Neom مشروع وطني و سيادي… لكن للأسف نحن نعرف ان العولمة قد تخطت كل الحدود و العالم اصبح قرية كما يقال … سأرجع إلى هذه الإشكالية لاحقا )..
لابد ايضا ان نتذكر ان المدن الخليجية تحولت عبر العقود الأخيرة ليس فقط إلى منتجعات سياحية بل إلى ملاذات آمنة للأغنياء في العالم … للسكن و ادارة الأعمال و ربما ادارة التعالم ايضا…
مشروع نيوم Neom … رسمياً … هو مشروع مشترك بين المملكة السعودية و الأردن .. بالإضافة إلى مصر مرشحة ( نتذكر موضوع جزر تيران و صنافير .. و طبعا السؤال المهم : هل يمكن ان نتصور ان تكون إسرائيل خارج حسابات هذا المشروع العظيم ..؟؟..
احدى أهم النتائج المترتبة على هذه نمو و تطور هذه المشاريع هي الانفصام الاجتماعي - الثقافي - السياسي - الاقتصادي الذي يتوسع كل يوم بين السكان الجدد في هذه المناطق و المستفيدين منها و بين الغالبية من المجتمع التقليدي التاريخي في هذه الدول ..
بالمناسبة هذه الظاهرة ليست عربية و لا هي نتيجة تواطئ بين النخب الحاكمة و المؤسسات الدولية كما يتصور البعض بل هي ظاهرة تشهدها اغلب دول العالم و خاصة الدول التي تسعى للخروج من ازماتها المحلية … دعنا نتصور التحولات البيئية الخطيرة في أفريقيا و امريكا اللاتينية … آخرها ما يحصل في غابات الأمازون التي تعتبرها الامم المتحدة رئة الارض …. التلوث البيئي الهائل في معظم المدن في جنوب و شرق اسيا … ترى من الذي أعطى الحق للقوى الرأسمالية في تدمير حياة المليارات من شعوب الارض و تهميشهم Marginalization في قوقعة الفقر المدقع و الدمار و انتفاء ديمومة الحياة ..؟؟. هل أظهرت القوى الرأسمالية في التغييرات الجذرية التي احدثتها هناك اي اعتبار للقيم الاخلاقية و الجذور التاريخبة و الوطن و الموطن او .. او..؟؟؟..
اهل غزة و فلسطين عموما يقفون الان امام رجل (دولة) لا يعرف غير حقيقة واحدة و هي "الحق المكتسب بالقوة"… و يقفون امام ماكنة راسمالية هائلة تستحوذ على كل بقعة جميلة من أراضي سواحل البحر المتوسط … فلماذا و كيف يمكن استثناء غزة من هذا الغزو التنموي الانتقائي..خاصة ان هناك كلام عن مشروع بناء قناة بديل لقناة السويس تخدم إسرائيل و تخدم الصراع الأمريكي في مواجهة المد الصيني و مشاريع طريق الحرير و غيرها..؟؟..ثم ان الرجل يمتلك هذه القوة العابرة لحدود العالم و يظن انه يحقق الرخاء و ان كان ذلك فقط لاولئك الذين يحبونه و يوالونه دون سؤال…!!!..
و السؤال الذي يدور في رأس الرئيس ترامب و يطرحه بطريقة غير مباشرة على العرب هو…اذا كنتم تحبون الفلسطينيين لماذا اذن لا تجدون حلولاً لمعاناتهم و لمآسيهم المستمرة منذ عقود ..؟؟..
هذه هي عقلية الرجل الراسمالي الذي يؤمن بالحلول العملية و القيمة الاخلاقية عنده تتمحور حول ايجاد حلول و ليس التضحية بالناس في سبيل حلم طوباوي Utopia عن "وطن" لا يجد فيه "المواطن" فسحة لاستنشاق هواء نقي..!!.. … بالمناسبة… بعض الخطاب السياسي الاوروبي يصف احلام الرئيس ترامب بالفوضى الشريرة Dystopia لان "القيم الفاضلة" عنده مقرونة "بالجحيم" و مصادرة بلاد الآخرين …!!.. لكن ما هي المفاهيم التي يمكن يواجه بها العرب طروحات الرئيس ترامب… هل ما زال هو "صانع السلام"..؟؟… سنناقش ذلك في المقالات اللاحقة .. حيث ننتقل إلى مناقشة البنى السياسية للأزمة المتجددة ..
قبل ان اختم هذه المقالة الاولى اود ان اذكر نقطة هامة مرت مرور الكرام في خضم المناوشات الكلامية .. و هي دعوة اسرائيل لخلق وطن للفلسطينين في السعوودية .. هذه الدعوة ليست زلة لسان و لا محالة للهروب للامام من قبل رئيس الوزراء نتانياهو… بل هي تهديد مباشر و جاد و حقيقي جدا .. ساشرحها لماذا و كيف في المقالة التالية كما نتحدث عن علاقة الانقلاب الميكانيكي في سوريا بالمشاريع التي تهدف الى اخلاء غزة من سكانها .. نتابع… حبي للجميع
#اكرم_هواس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كوميديا سوداء … تتمدد..!!..
-
حكاية غزة.. حرب الاستراتيجيات ..1
-
اعادة -عرقنة- العراق…؟؟..
-
-أفرقة- تونس و مصر و..؟؟!!..2
-
-أفرقة- تونس و مصر…و..؟؟!!..
-
على جبل يشكر… قراءة انثرو-سوسيولوجية
-
مصر… مؤتمر المناخ .. و الصحراء..!!..
-
مركز الرافدين .. و العراق لا يتغير ..؟؟..!!..
-
Gorbachev و حوار التاريخ…
-
العراق و تركيا… و البحث عن -عدو-..؟؟..
-
عالم ما بعد الازمة الاوكرانية..!!..1
-
Desmond Tutu.. وداعا للتعايش مع الألم..؟؟..
-
انتهاك -قيمة- الانسان: اشكالية الدولة و الدين..؟؟!!.
-
مركز الرافدين للحوار…دافوس الشرق الاوسط..؟؟..
-
غزة.. للمرة ال...؟؟..
-
نوال السعداوي... مأزق الخروج من الذاتية..!!..
-
الكورد و حوار الذات ...3
-
مابعد -ترامب... مابعد -كورونا..؟؟!!..
-
الكورد و حوار الذات..2
-
الكورد و حوار الذات..1
المزيد.....
-
تبون يصادق على اتفاقية تسليم المطلوبين بين الجزائر وتونس
-
ليبيا: إصابة وزير شؤون مجلس الوزراء في حكومة الوحدة في إطلاق
...
-
ماكرون يوجه الدعوة للعاهل المغربي لحضور المعرض الزراعي المقب
...
-
مؤشر الشفافية الدولية: لماذا ترزح الدول المغاربية تحت وطأة ا
...
-
ترامب قد يلتقي بوتين في السعودية: كيف سينهي حرب أوكرانيا؟
-
تقرير: سنة 2024 هي الأكثر دموية بالنسبة إلى الصحافيين في الت
...
-
فرنسا تشكل لجنة مشتركة لسحب قواتها من السنغال
-
كاتس يتوعد بحرب -مختلفة- وحماس تصف تصريحاته بالغبية
-
تايمز: دبابات تشالينغر البريطانية أعطت أوكرانيا ميزة كبيرة
-
كاتب: أخطر أخطاء ترامب تطهير وكالات الاستخبارات
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|