أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بركات - المختار من كتاب (القصص القرآني ومتوازياته التوراتية) للسيد فراس السواح















المزيد.....


المختار من كتاب (القصص القرآني ومتوازياته التوراتية) للسيد فراس السواح


محمد بركات

الحوار المتمدن-العدد: 8250 - 2025 / 2 / 11 - 22:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هاروت وماروت

(٢١) الرواية القرآنية
وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٢ البقرة: ١٠١–١٠٢).

وقد عرضنا لتفسير هذه الآيات في معرض تقديمنا لسيرة الملك سليمان سابقًا، وأوردنا ما قاله المفسرون من أن هاروت وماروت هما ملاكان أرسلهما الله لامتحان البشر، فنزلا في أرض بابل وعاشا بين الناس مدةً من الزمن كانا أثناءها يُعلمان الناس السحر بعد أن يبيِّنا لكل واحدٍ أن ما يصفونه له هو ابتلاء واختبار من الله تعالى.

(٢٢) الرواية التوراتية
لا يوجد في التوراة العبرانية قصةٌ عن نزول ملائكة إلى الأرض واختلاطهم بالبشر إلا القصة الواردة في سِفْر التكوين عن دخول أبناء الله، أي الملائكة، على بنات الناس بعد أن رأوا من حسنهنَّ وجمالهنَّ، فولدن لهم أولادًا عمالقةً كان بهم ابتداء الشر على الأرض (التكوين ٦: ١–٥). ولكن الأسفار غير القانونية قد توسَّعت في هذا الموضوع وأسهبت، معتبرة أن هؤلاء الملائكة الساقطين هم الذين تحوَّلوا إلى شياطين، وتحوَّل كبيرهم إلى إبليس.

ولكننا نعثر في الفولكلور اليهودي على قصة هبوط ملاكَين إلى الأرض أحدهما يُدْعَى عزازيل والآخر شمهازي، وذلك ليثبتا للخالق تفوُّق الملائكة على الإنسان في الأخلاق وفي طاعة الله، وأن الإنسان غير جديرٍ بالدور الذي رسمه الله له، ولكن شمهازي ما لبث أن وقع في حبِّ امرأةٍ تُدْعَى الزُّهرة وطلب وصالها، ولكنها تمنَّعت واشترطت عليه أن يُطلعها على اسم الله الأعظم الخفي، ففعل ذلك. وما إن حازت على الاسم حتى استخدمت قوته في الصعود إلى السماء قبل أن تفيَ بوعدها لشمهازي، ولكن الله أوقفها بين أفلاك الأجرام السماوية السيَّارة، وحوَّلها إلى الجرم المعروف بكوكب الزُّهرة أو كوكب فينوس.١٥
هذه القصة اليهودية وتنويعاتها الأخرى، كانت وراء العديد من القصص التي أوردها المفسرون القدماء لإلقاء الضوء على هاروت وماروت في القصة القرآنية، ومنها هذه القصة المرفوعة لابن عباس، والتي أوردها ابن كثيرٍ في تفسيره:

«قال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبي، أخبرنا مسلم، أخبرنا القاسم بن الفضل الحذائي، أخبرنا يزيد عن ابن عباس، أن أهل السماء الدنيا أشرفوا على أهل الأرض فرأوهم يعملون بالمعاصي، فقال الله: أنتم معي وهم في غيبٍ عنِّي. فقيل لهم: اختاروا منكم ثلاثةً يهبطون إلى الأرض ليحكموا بين أهل الأرض، وجُعِل فيهم شهوة الآدميين، فأُمِرُوا ألَّا يشربوا خمرًا، ولا يقتلوا نفسًا، ولا يزنوا، ولا يسجدوا لِوَثنٍ. فاستقال منهم واحد فأُقِيل. فأُهْبِط اثنان إلى الأرض هما هاروت وماروت، فأتتهما امرأة من أحسن الناس، فهوياها معًا ثم أتيا منزلها فأراداها، فقالت لهما: لا، حتى تشربا خمري وتقتلا ابن جاري وتسجدا لوثني. فقالا: لا نسجد. ثم شربا من الخمر، ثم قتلا ثم سجدا، فأشرف أهل السماء عليهما، وقالت لهما: أخبراني بالكلمة التي إذا قلتماها طرتما. فأخبراها فطارت، فمُسِخَت جمرة وهي هذه الزهرة. وأما هما فأُرْسِلَ إليهما سليمان بن داود فخيَّرَهما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا، فهما مناطان بين السماء والأرض.»

وابن كثير في تفسيره يُورد هذه القصة وتنويعات عديدة عليها، ثم يعلق قائلًا:

«وقد رُوِيَ في هاروت وماروت عن جماعةٍ من التابعين كمجاهد والسدي والحسن البصري وقتادة، وغيرهم، وقصَّها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين، وحاصلُها راجع إلى أخبار بني إسرائيل، إذ ليس فيها حديثٌ مرفوعٌ صحيحٌ متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى. وظاهر سياق القرآن إجمال من غير بسطٍ ولا إطناب. ونحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى. والله أعلم بحقيقة الحال.»

هذه التصوُّرات المتأخرة عن أصل كوكب الزهرة، إنما تقوم على أرضية ميثولوجية مغرقة في القدم. فقد رأت الشعوب السامية القديمة في كوكب الزهرة تجسيدًا لإلهة الحب الشهواني، التي دُعِيَت إنانا لدى السومريين، وعشتار لدى البابليين، واستارت عند الكنعانيين. وقد نقل الفينيقيون عبادة استارت إلى جزيرة قبرص، ومنها انتقلت إلى بلاد اليونان تحت اسم إفروديت، التي يقصُّ هزيود في كتابه «أصول الآلهة» عن ولادتها من زبد البحر على شاطئ جزيرة قبرص. أما الرومان فقد دعوها فينوس، وهو الاسم الفلكي الشائع اليوم لكوكب الزهرة. كما دعاها الفُرْس أناهيتا، وفي فنونهم المصوَّرة تبدو على هيئة حسناء تعزف على العود.

وعند عرب الجزيرة قبل الإسلام حمل كوكب الزهرة معاني البياض والحسن والبهجة،١٦ ورأوا فيه تجسيدًا لإلهتهم العُزى على ما ترويه المصادر الخارجية،١٧ وقد عُرِفَت الزهرة بأكثر من اسم، وذلك حسب ظهورها بعد غروب الشمس أو قبل شروقها، فكانوا يدعون نجمة المساء عتر (= استارت = عترتا)، أما نجمة الصبح فيدعونها العزَّى ويلقِّبونها بكوكب الحسن.١٨ ولهذه الإلهة ضحَّى الرسول الكريم بشاةٍ عفراء عندما كان على دين قومه، على ما يرويه ابن الكلبي في «كتاب الأصنام».١٩ ولكنه بعد البعثة صار يتطير من ظهورها ويقول: لا مرحبًا ولا أهلًا. فقد رُوِيَ عن نافع قال: سافرت مع ابن عمر، فلما كان آخر الليل قال: يا نافع، هل طلعت الحمراء (أي الزهرة)؟ وأعادها مرتَين أو ثلاثًا. ثم قلت: قد طلعت. فقال: لا مرحبًا ولا أهلًا. قلت: سبحان الله، نجمٌ مسخرٌ سميعٌ مطيعٌ، قال: ما قلت لك إلا ما سمعته من رسول الله.٢٠
كما روى البعض عن عبد الله بن عمر أنه كلما رأى الزهرة لعنها وقال: هذه التي فتنت هاروت وماروت.٢١



#محمد_بركات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المختار من كتاب (مغامرة العقل الأولى) للسيد فراس السواح (6)
- المختار من كتاب (مغامرة العقل الأولى) للسيد فراس السواح (5)
- المختار من كتاب (مغامرة العقل الأولى) للسيد فراس السواح (4)
- المختار من كتاب (مغامرة العقل الأولى) للسيد فراس السواح (3)
- المختار من كتاب (مغامرة العقل الأولى) للسيد فراس السواح (2)
- المختار من كتاب (مغامرة العقل الأولى) للسيد فراس السواح (1)
- محادثات مع الله - الجزء الثالث (52) نيل دونالد والش
- الفلسفة أنواعها ومشكلاتها (5)
- الفلسفة أنواعها ومشكلاتها (4)
- الفلسفة أنواعها ومشكلاتها (3)
- الفلسفة أنواعها ومشكلاتها (2)
- الفلسفة أنواعها ومشكلاتها (1)


المزيد.....




- مصر.. مصدر أمني يرد على مزاعم الإخوان بشأن نزلاء مراكز الإصل ...
- حماس:مخطط الترحيل فاشل وسيواجه موقفا فلسطينيا وعربيا واسلامي ...
- الامارات تهنئ الرئيس الايراني بذكرى انتصار الثورة الاسلامية ...
- أرمينيا تهنئ إيران بذكرى انتصار الثورة الإسلامية
- الاحتفال بالذكرى الـ46 لانتصار الثورة الإسلامية في جنيف
- السيد الحوثي: نتوجه بالتهاني لايران بذكرى انتصار الثورة الاس ...
- السيد الحوثي: ايران جعلت من ثورتها الاسلامية اكبر مساند للقض ...
- السيد الحوثي: توجهات الجمهورية الاسلامية الايرانية تمثل مكسب ...
- السيد الحوثي:الثورة الاسلامية في ايران انتصرت لان الشعب حمل ...
- رئيسة مجلس شيوخ روسيا تهنئ بذكرى انتصار الثورة الاسلامية في ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بركات - المختار من كتاب (القصص القرآني ومتوازياته التوراتية) للسيد فراس السواح