|
التواجد الأزلي للخالق والمادة: من منظور رياضيات المالانهاية
أحمد الجوهري
مهندس مدني *مهندس تصميم انشائي* ماركسي-تشومسكي|اشتراكي تحرري
(Ahmed El Gohary)
الحوار المتمدن-العدد: 8250 - 2025 / 2 / 11 - 09:21
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في البدء قبل ان نشرع في الحديث عن بحثنا اليوم دعوني اذكركم بمقالي السابق حيث ان هذا المقال الجديد الذي هو بين ايديكم هو الشرح المفصل له.
ها هو المقال السابق " الحقيقة الرياضية للواقع: النظام المتناغم للمادة والإرادة الحرة أعتقد أن كل شيء في الوجود يعمل كدالة للمادة، تحكمها مبادئ رياضية. يمكن فهم الواقع بكامله على أنه نظام شاسع ومنظم، حيث تنشأ جميع الظواهر بما في ذلك الوعي من التفاعلات المادية.
ضمن هذا الإطار، توجد الإرادة الحرة للإنسان، ولكن ليس بالمعنى الصوفي أو الميتافيزيقي. بل تنشأ كخاصية نابعة من التعقيد الكامن في العمليات المادية، شبيهة بنظام معقد للغاية ولكنه حتمي، وربما يمكن مقارنته بنظرية الفوضى.
أنا لا أؤمن بفكرة التدخل الإلهي أو بوجود إله نشط يتدخل. بدلاً من ذلك، أتصور الخالق والمادة ككيانين أزليين يتواجدان جنبًا إلى جنب. ومع ذلك، ينتمي الخالق إلى مجموعة رياضية لا نهائية تفوق مجموعة المادة، مما يمنحه السيادة عليها.
ما إذا كان لهذا الخالق هدف أم أنه موجود فقط كجانب أساسي من الواقع يبقى غير معروف وربما لا يُعرف. وما هو واضح بالنسبة لي هو أن هذا الكيان لا يتفاعل مع العالم المادي بأي طريقة ملحوظة؛ فلا إرادة إلهية تشكل الأحداث.
في هذا الرأي، يمكن في النهاية اختزال كل شيء إلى الظروف المادية والقوانين الرياضية التي تحكمها. فالكون ليس نتيجة خطة موجهة، بل هو تجلٍ للمبادئ الطبيعية التي تعمل على نطاق لا نهائي.
تسمح هذه النظرة بفهم مادي كامل للعالم، مع الاعتراف بوجود خالق لا يتدخل في استقلالية الواقع. تبقى الإرادة الحرة، كما ندركها، وظيفةً من التعقيد المادي بدلاً من كونها هبة خارقة للطبيعة.
في الجوهر، أعتقد أن الواقع هو نظام قائم بذاته، تحكمه الرياضيات، حيث تعمل الفعلية البشرية، رغم تقيدها بالظروف المادية، ضمن إطار من التعقيد الناشئ. لا خطة إلهية، لا تدخل، فقط الرقصة المعقدة للوجود بذاتها. " دعوني انتقل بكم من المقال القديم الي المقال الجديد والذي يعد كما ذكرت سابقا انه شرح له
يُثار سؤال شائع في الميتافيزيقا وفلسفة العلم حول ما إذا كان وجود الخالق ضروريًا لوجود المادة وسلوكها. يجادل المنظور الديني التقليدي بأن هناك إلهًا واعيًا وإراديًا خلق الكون ويحكمه. ومع ذلك، يمكن اقتراح إطار أكثر تجريدًا، يكون فيه الخالق بمثابة الأساس لجميع القوانين الحاكمة، بينما تظل المادة أزلية ومستقلة.
1. المادة ككيان أزلي أحد الجوانب الأساسية لهذا النموذج هو التأكيد على أن المادة أزلية—لم تُخلق أبدًا ولن تُدمَّر مطلقًا بالمعنى المطلق. هذا يتماشى مع القانون الأول للديناميكا الحرارية، الذي ينص على أن الطاقة (وهي خاصية جوهرية للمادة) لا تُخلق ولا تُفنى، بل تتحول فقط. إذا كانت المادة أزلية، فهذا يعني أنها لا تحتاج إلى خالق ليأتي بها إلى الوجود.
ولكن هذا يثير سؤالًا مهمًا: إذا كانت المادة موجودة دائمًا، فلماذا تتبع قوانين محددة بدلًا من التصرف بطريقة عشوائية؟
2. الخالق كمصدر للقوانين الحاكمة بدلًا من كونه قوة خارجية تتحكم في الواقع بشكل مباشر، يعمل الخالق في هذا الإطار على أنه المصدر الأساسي للقوانين الحاكمة للمادة. هذه القوانين ليست مفروضة بشكل خارجي، بل تنبثق كنتائج منطقية من طبيعة الخالق ذاته. يتوافق هذا المفهوم مع الأفلاطونية الرياضية، حيث لا يتم اختراع الحقائق الرياضية، بل يتم اكتشافها كجزء من واقع أعمق.
كيف يضع الخالق القوانين دون تدخل؟ 1-الخالق كأساس للبُنى الرياضية
لا يتخذ الخالق قرارات واعية، بل يُشكِّل المصدر الأساسي للمبادئ الجوهرية التي تحدد الواقع.
هذه المبادئ متأصلة في الوجود، تمامًا كما تُعرِّف البديهيات الرياضية العمليات الممكنة داخل أي نظام.
2-الحتمية الرياضية: القوانين كنتائج منطقية القوانين التي تحكم المادة ليست عشوائية، بل تنبثق كنتائج ضرورية تتبع من بنية الخالق.
بهذا المعنى، فإن السببية، وقوانين الحفظ، وحتى ميكانيكا الكم ليست "مختارة"، بل هي نتائج ضرورية لطبيعة الخالق الأساسية
3-التمييز عن الخلق الإلهي التقليدي على عكس اللاهوت التقليدي، لا يفترض هذا النموذج وجود خالق شخصي يتدخل في الكون.
بدلًا من ذلك، يشبه الخالق المبادئ الأساسية للمنطق والرياضيات—لا "يحكم" الواقع، بل يحدد الحالات الممكنة التي يمكن أن يوجد بها
3. التفوق الرياضي للخالق لإثبات تفوق الخالق على المادة مع الحفاظ على أزليتهما المشتركة، نقدم مقارنة تعتمد على مجموعات لانهائية:
لنفرض أن M تمثل المجموعة اللانهائية لجميع الكيانات المادية.
ولنفرض أن C تمثل المجموعة اللانهائية لجميع البُنى الرياضية والمنطقية التي تحكم المادة.
إذا كانت C لانهائية أكبر من M (بالمعنى الرياضي، مثلما تكون مجموعة الأعداد الحقيقية لانهائية أكبر من مجموعة الأعداد الطبيعية)، فإن الخالق يكون متفوقًا وجوديًا على المادة، ليس بالقوة، بل بالضرورة يمكن التعبير عن ذلك رياضيًا كالتالي:
|C| > |M|
حيث تمثل |C| و |M| القيم الكاردينالية لمجموعتيهما اللانهائيتين. وهذا يعني أن جميع التكوينات المادية الممكنة (M) مقيدة ضمن البنية المنطقية والرياضية (C) التي يحددها الخالق.
وهكذا، في حين أن المادة موجودة أزليًا، لا يمكنها أن توجد إلا ضمن الإطار المنطقي لـ C، مما يجعل الخالق أسمى باعتباره الأساس الضروري لجميع الحالات المادية الممكنة.
4. تبعات هذا النموذج 1-المادة لا تزال أزلية، لكن سلوكها ليس عشوائيًا—بل يتبع قوانين مشتقة منطقيًا من طبيعة الخالق. 2-الخالق ليس كيانًا واعيًا بالمعنى التقليدي، بل هو أساس الضرورة الرياضية، مثلما تحدد بديهيات نظرية المجموعات جميع الحقائق الرياضية الممكنة. 3-القوانين الحاكمة للفيزياء ليست عشوائية ولا مشروطة—بل تنبثق كنتائج ضرورية تتبع من البنية المجردة للخالق. 4-الخالق متفوق، ليس بالإرادة أو السيطرة، بل بكونه الأساس لجميع الإمكانيات المنطقية—المادة لا يمكن أن توجد إلا داخل الحدود التي تسمح بها هذه القوانين.
5. الخلاصة: إطار موحَّد أزلي الخالق موجود أزليًا كأساس لجميع البُنى الرياضية. المادة أيضًا أزلية، لكن قوانينها ليست مستقلة ذاتيًا—بل تنبثق من طبيعة الخالق. الكون لا يُحكم من خلال تدخل مباشر، بل عبر الضرورة المتأصلة—ما نعتبره "قوانين الفيزياء" هو ببساطة البنية المنطقية للوجود ذاته، المتجذرة في الخالق. هذا النموذج يحافظ على تفوق الخالق مع ضمان أن المادة تظل نظامًا مستقلاً محددًا ذاتيًا لا يتطلب تدخلاً إلهيًا مباشرًا.
#أحمد_الجوهري (هاشتاغ)
Ahmed_El_Gohary#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحقيقة الرياضية للواقع: النظام المتناغم للمادة والإرادة الح
...
-
مسارات مختلفة نحو الاشتراكية: حوار بين الأجيال
-
أهمية دراسة كارل ماركس في وقتنا المعاصرز
-
الاعجاز العلمي افيون المتدين الشائع
-
حول النظرة الحنبلية-العبرانية الرعوية للمرأة
المزيد.....
-
ترامب: سنتوصل إلى اتفاق مع مصر.. والملك عبدالله: هناك رد عرب
...
-
العاهل الأردني لترامب بشأن خطته: علي أن أعمل ما فيه مصلحة بل
...
-
بعد -جحيم- ترامب - نتنياهو يهدد ومخاوف من انهيار اتفاق غزة
-
وصول 190 مهاجرا إلى فنزويلا بعد ترحيلهم من الولايات المتحدة
...
-
نائب هولندي يكشف شرط إنهاء الصراع في أوكرانيا
-
مصر بوجه ترامب.. زمن الدبلوماسية الخشنة
-
عبد الله الثاني يبلغ ترامب بموقف الأردن من خطة تهجير أهالي ق
...
-
سوريا: عودة سكان تدمر إلى مدينتهم التاريخة وسط الدمار والإهم
...
-
في لقاء بالبيت الأبيض... العاهل الأردني يؤكد أن -العرب سيأتو
...
-
3 ملايين إسرائيلي يعانون من اضطرابات نفسية بعد هجوم 7 أكتوبر
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|