|
بعض كينونات المعرفة
المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)
الحوار المتمدن-العدد: 8250 - 2025 / 2 / 11 - 00:18
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
هذه تسعة ملامح عن طبيعة تاريخ تكون وحركة العلم والمعرفة وبعض تطوراتها وإسهام بعض المجتمعات ثم الثقافة العربية اللغة في ازدهار حضورها
1■ منطقاًٍ تربط كلمة "العلم بانها حاوية خلاصات مرتبة لمؤشرات ونتائج معرفة منظومة لعناصر أو علاقات أو بنى مادية أو اجتماعية محددة.
هدف هذه البداية تبيان ان "العلم" ليس خيالات أو ابتكارات أفراد بل نتيجة لعملية دراسة وخلاصة تجميع منظوم لمعلومات دراسية عن عناصر أو علاقات أو بنى أو طبيعة حركة وترتيب وتثقيف لهذه المعلومات مع اوضاح بعض فوائدها وبعض أضرار عدم الأخذ بها، ثم بأثر تقييمات شتى لطبيعة المعلومات المنظومة ونتائجها وإضافة معلومات جديدة لما سبق تثور فروق وصراعات داخل و بين معالم هذه الخلاصات تموت فيها المعلومات الضعيفة لكن من تمازج المعلومات القوية الباقية والمعلومات الحديثة تولد الدراسة معرفة جديدة قد تدعمها أو قد تطفئها بعض الظروف لكنها إلى ان تتغير هذه الظروف تبقى هذه المعرفة الجديدة مؤشراً على طبيعة أو على جزء من طبيعة الموضوع المبحوث، وفي تعبير أدق تصبح المعلومة الجديدة عن الشيء محل الدرس مؤشراً على طبيعة أو على جزء من طبيعة فهم الدارسين له أو فهم بعض المتعرفين على طبيعة تصور الدارسين لهذه المعرفة.
2■ خطأ بعض الذين يعقدون اوجود وتطور لعلم بعباقرة اليونان ويجعلون اثينا المصدر الأول لتطور التفكير العلمي والفلسفي انهم لسبب معين يغفلون حقيقة ان حضارات أودية أنهار النيل والفرات والسند و اليانغستي إلخ لم توجد في أوروبا أو لم تأتي منها بل ان أكثر فلاسفة اليونان تعلموا في مناطق خيمت Khemit وهي المناطق التي تضم في الزمان الحاضر الجزء الشمالي من السودان والجزء الجنوبي من مصر .
3■ الذين يعتقدون ان ثقافة اللغة العربية ليس لها أكثر من فضل ترجمة معارف اليونان مخطئون فالترجمة والدراسة العربية اللغة للأفكار الفلسفية التي استخلصها اليونان من ثقافات افريقيا وآسيا لم تنبع من فراغ وليست نبت تفكير فردي بل تأسست على خبرات ومعارف منظومة في عوالم الحياة والثقافة العربية أدت بذاتها و بصراعات أفكارها إلى اهتمام مثقفي وعلماء وفلاسفة ذلك العالم العربي اللغة بدراسة وتنقيح المعارف المنسوبة إلى اليونان وبيان معالمها ونقاط القوة والضعف في كل جزء منها ثم بفضل تطور معرفتهم العربية الجديدة وزيادة حاجات آراءهم وصراعاتهم إلى معلومات اكثر وتحليلات افيد تفوقوا على خلاصات المعرفة اليونانية وبعد ان قتلوا بحثاً اجزاء كثيرة منها اثبتت بحوثهم ودراساتهم انها اجزاء تالفة تالفة التأسيس أو البناء أو الوضع أو الاستعمال.
في ذلك الزمان نتيجة الدراسة والتنقيح وإعادة بناء كثرة من المعارف تفوقت ثقافة المجتمعات العربية اللغة في دراسة وتجديد الرياضيات والهندسة والفيزياء والكيمياء والأحياء والطب الخ لكن مستوى التطور المعيشي أبقى كثرة من معارفهم كنظريات ومقدمات أعمال ولم يحولها إلى حرف تجارية لإنتاج الات لم يكن الناس آنذاك يحتاجونها.
لكن دراسات علماء و فلاسفة العالم العربي اللغة أثرت الفلسفة ونظم التفكير والدراسة بالأسلوب الموضوعي التخصصي ذو المنطق السببي المتكون بتزامن النتائج والأسباب و وضوح ارتباط مقدمة كل موضوع نظر ودرس بمتنه وخواتمه وضرورة حل تناقضات الشيء المبحوث وتناقضات كيفية دراسته وطبيعة فهمه ولزوم إجابة الدراسة الجديدة على مختلف الأسئلة التبينية بداية بفرز الأسس التي اعتمدها النظر أو الدرس الجديد وتحديد واتساق النتائج التي تأسست على المقدمة الجديدة، أي ان الثقافة العربية اللغة نقلت المعرفة من حالة التخمين والتصورات الفردية المسبقة إلى حال راق عنوانه الجمع المنظوم للمعلومات السابقة وتنقيحها وحصحصتها واضافة معلومة او رؤية جديدة اليها تحسن استعمالها وتزيد العلم معرفة والمعرفة علماً بالتبيان الدقيق لطبيعة وجود أو تغير الشيء أو الموضوع محل الدرس ومن ثم زيادة موضوعية دراسة واثبات طبيعة وجود وحركة الأشياء وتحسين فهم الدارسين لها وفهم من يدرسون معرفتهم.
4■ الأوروبيون لم يخترعوا جديداً من فراغ أو لمجرد حضوره وخطور فكرة عنه في ذهن بعض العلماء والفلاسفة المشهورين منهم بل كانت حاجات المعيشة والحرف وتنظيم الحياة تطلب منهم الاطلاع والمعرفة والتمحيص والنقاش فأخذوا ما أمكنهم من الهند والصين وقبل ذلك تعلموا الكثير والكثير من من المعارف التي تجمعت في مدينة ومنطقة جنوا جوار الاندلس ومن المعارف التي تجمعت في فينسيا جوار الازدهار العثماني، كما نهلوا من المعارف التي تجمعت في صقلية وقبرص وصور.
بعد فترة التعلم التي مئات الأعوام بدأ الخواجات في تبين خطوط المعرفة والتفكير التي سبقتهم وعمرت مكتبات العرب ومكتبات الهند ومكتبات الصين بعشرات آلاف العناوين/الموضوعات وجعلت مباني الشرق قمة في الهندسة والزخرفة عندما كان المستنير في أوروبا هو من يعرف القراءة والكتابة وكانت معيشة الأوروبيين اكواخ وحروب واوبئة وسحرة آنذاك كانت الات القياس والبناء والعمل والملاحة في الشرق قمة في الدقة والنفع ومن ذلك أو مع ذلك كله وصل انتاجهم الفكري مرحلة شجرة فروع منها امتازت بالفرز والتخصص وفروع أخرى اهتم أهلها بتجميع المعلومات والمعارف في سياق معين تنوعن مبانيه قواميس وموسوعات وتواريخ متخصصة كما امتدت من الشجرة الطيبة فروع في شكل شروح وأخرى في شكل مختصرات للمعارف والمعلومات في مجال معين من المجالات وكما الأضواء في الافق اشتغلت بعض اعمالهم المعرفية العالية في شؤون فك و ربط الفيزيكس والميتافيزكس ودخلوا سابقين بنظريات العالم القديم وذرياته في أمور الهيولي والأكسير .
5■ بفعل جمعيات و مدارس الحرفيين والأعمال التعليمية جماعات التصوف المتمثلة في ا اخوة فرانسيس واخوة دومنيك ثم الجزويت بدأ انتظام وتنظيم المجتمعات والمعارف وتحسين التعلم. وبتطور حاجات الحرفيين وتفكيرهم واسئلتهم ظهر إتجاه ”التفكير الحر” و “التعليم الحر” أي غير الغارق في الأشكال والتفاصيل الدينية بل متجه مباشرة إلى فرز موضوعاته فتخصص بعضه بفرز مساقات معينة في التاريخ و مساقات في العلوم وأخرى في الآداب الخ كما حدث في الثقافة العربية التي سبقتهم وكذلك تفرعت شجرة المعرفة في أوروبا بعد فترة النهضة بتأثير الصراع الحاد داخل كل مجتمع وكل مجال معرفة وبينه وبين المجتمعات والمعارف الأخرى السابقة له أو لمجاورة المنافسة له .
6■ أسهم التمحيص أو تأثر بتقوية أفكار الإثبات والبرهان والتأسيس المنطقي و تعداد وتبيان العناصر ووصف علاقات وهيئة وجود الأشياء وحساباتها في ثقافات العالم قبل أوروبا بعشرات القرون. وان اختلف عرض في الزمان الحاضر بمحاولة تصوير التقدم المعرفي كانتاج أوروبي خالص إبتكره عباقرة يونان وعباقرة أوروبيين بمجرد قدح أذهانهم! مركزية أوروبية.
7■ قيل ان واحد من فلاسفة الهندسة في اليونان القديمة نجح في قياس طول الهرم بحساب ظله وقد اعت منشورات المركزية الأوروبية هذا القياس كأقصى مستوى إبداع هندسي يوناني فما بالك بالذي وضع هندسة الهرم وحافظ عليها خلال بناءه؟
ان هندسة قباب ومآذن وزخارف المساجد فلم تزل تدهش الأوروبيين بدقتها وتناسقها، كذلك عمارات اليمن القديم ذات السبعة طوابق أو السدود وقنوات الري أو حدائق بابل أو أساليب وترتيبات الحكم والقانون عندما كان الإغريق يرتدون الجلود ويتحاربون قرية ضد قرية ناهيك عن ثقافات حسابات اللغة وما اليها من تقعيد وابحار في تنظيم اللغة والكلام والإشارات وفي تقفية وعروض القصائد ونأهيك عن تاكتيكات البلاغة والحروب وعن صفر الخوارزمي البديع.
8■ في التاريخ والواقع واشج تنوع المعرفة صراعات وأمور أمور التطور كل منها مواشج لتطور قريب له فتطور المعرفة مواشج لتطور الثقافة وتطور الحضارة وهذا بدوره مع تطور النفع والاكتفاء والتطلع مواشج لتطور الذوق الجمالي وتطور الحيوية في سياقات المجتمع والإقتصاد وأفكار التنظيم والسياسة وكلها كأمور رقي تحتاج إلى جمع وتجميع خبرات واسعة و إلى دقة في التعبير والفهم تفرز معالم كل منها حسب نظم وعيارات معينة لتستعملها في سياق تطوير معين.
9■ الخلاصة ان تطور المعرفة المنظومة مواشج لتجميع واع للمعارف ثم تنميتها وهي تنمية أخد وعطاء وليست اطلاق احكام بالفوز أو الخسران. لذا فإن الكلام الذي يحصر فضل تطور المعرفة في اليونان والأوروبيين كلام ضعيف التاريخ وضعيف القياس وضعيف المنطق وضعيف الاثبات. هش في أوله وهش في قوامه وهش في نتيجته وهش جداً ذلك التفكير الذي يعتمده. .
#المنصور_جعفر (هاشتاغ)
Al-mansour_Jaafar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثورات الصين الكمومية الضوئية وعواملها الآيديولوجية
-
النخب واصطلاح الوطنية
-
خطأ إستراتيجي روسي تتجنبه الصين
-
التغيير في سوريا
-
محمد المرتضى مصطفى
-
معالم نهاية المرحلة الإمبريالية
-
حسابات الحرب وباب السلام
-
إصطلاحان
-
تأثيل بعض الفيديوهات
-
لا للتلتيق لا للتلفيق
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
-
نهاية الليبرالية
-
تأثيل السلام
-
تأثيل إصطلاح الطبقة العاملة
-
عبدالله القطي
-
تأثيل خطابات الكادحين
-
جعفر بخيت، ديالكتيك الادارة العامة والحكومات المحلية والحكم
...
-
جعفر بخيت، ديالكتيك الإدارة العامة والحكومات المحلية والحكم
...
-
بعض نهايات الليبرالية
-
تأثيل خفيف لتأريخ علي شريعتي
المزيد.....
-
من الجو.. شاهد اللحظات الأولى لانهمار شلال في سلطنة عُمان
-
حمد بن جاسم يعلق على خطة ترامب بشأن غزة ودعوة نتنياهو لـ-إقا
...
-
صحيفة: رئيس وزراء اليابان يشدد لهجته حول جزر الكوريل
-
بلغاريا: شموع على جرار العسل وصلوات تكرم القديس هارالامبوس
...
-
اختبار جديد يتنبأ بمرض ألزهايمر قبل ظهور الأعراض
-
مواصفات هاتف Oppo Find N5 المنتظر
-
كيف نتخلص من إدمان قطرات الأنف؟
-
روبيو يشيد بالجهود المصرية بشأن غزة ويؤكد استحالة بقاء -حماس
...
-
هل تؤثر زيادة الوزن على القدرات المعرفية؟
-
رصد تشابه بين أغاني الحيتان الحدباء واللغات البشرية
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|