الرأسمالية لا تُفسر بمنطق -رأس المال- فحسب (5 - 7)/ الغزالي الجبوري - ت: من الإنكليزية: أكد الجبوري.

أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8250 - 2025 / 2 / 11 - 09:53
المحور: الادب والفن
    

…. تابع
5- استراتيجية العولمة: رأس المال المالي في التفكير الاستراتيجي القيادي؛
وحتى لو بدأت النظرة الاجتماعية تصبح أكثر انتقادا، دعونا نستمر في فحص الكلمات بحذر. دعونا نبتعد أكثر من أي وقت مضى عن صورة "المدينة الكوكبية". خلف التعبير المحايد عن "عولمة الاقتصاد" ونتيجتها الطبيعية الأكثر وضوحًا المتمثلة في "انتصار السوق"، يختبئ نمط محدد من العمل والهيمنة السياسية والاجتماعية للرأسمالية. إن مصطلح "السوق" هو الكلمة التي تُستخدم اليوم للإشارة بشكل متواضع إلى الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج؛ وحيازة الأصول الموروثة التي تتطلب الاستيلاء على نطاق واسع من الثروة التي خلقها الآخرون؛ اقتصاد موجه بشكل واضح نحو الأهداف الفريدة للربحية والقدرة التنافسية والذي يتم فيه الاعتراف فقط بالمتطلبات النقدية القابلة للسداد. فقد أدت عمليات الاندماج والاستحواذ التي شهدتها الأعوام الأخيرة إلى دفع عملية التركيز إلى مستويات كانت تبدو مستحيلة حتى قبل عشرين عاماً. خلف التعبير الملطف لكلمة "السوق"، هناك أشكال مركزة بشكل متزايد من رأس المال الصناعي والمالي التي تتمتع بقوة اقتصادية متزايدة، والتي تشمل قدرة قوية للغاية على "وضع السوق تحت السيطرة"، و"قصر الدائرة" وتطويق آليات السوق. التبادل "العادي". وينتج ثلث التجارة العالمية من الصادرات والواردات التي تقوم بها شركات تنتمي إلى مجموعات صناعية تتمتع بوضع الشركات عبر الوطنية، في حين يأخذ الثلث الآخر شكل التبادلات التي تسمى "المجموعات الداخلية"، بين فروع الشركات عبر الوطنية. نفس الشركة الموجودة في بلدان مختلفة أو بين الفروع و المقر الرئيسي. هذه التبادلات ليست "مجانية"، ولكنها مخططة بدقة. وهي لا تتم في "السوق"، بل في الفضاء الداخلي الخاص للمجموعات، ويتم إصدار فواتير لها "بأسعار تحويل" داخلية، ثابتة قبل كل شيء لتجنب الضرائب قدر الإمكان.

إن أشكال رأس المال الأكثر تركزا - رأس المال المالي الصناعي أو رأس المال الاستثماري المالي "الخالص" - تستفيد إذن من مجال العمليات ومساحة الهيمنة التي تمتد على جزء كبير من الكوكب، أو حتى كله إذا قدرنا أن اندماج الصين في الرأسمالية العالمية يقترب من الحدوث. بالنسبة لكل ما ينتمي إلى المجال المرئي للسلع، فإن "المجموعات الصناعية العابرة للحدود الوطنية" هي القادرة على تأسيس الهيمنة السياسية والاجتماعية للرأسمالية. ومع ذلك، فهم ليسوا هم الذين يتحكمون في حركة التراكم ككل اليوم. وفي نهاية عشرين عاما من التطور، فإن المؤسسات التي تشكل رأس المال المالي ذو الخصائص الربحية القوية هي التي تحدد، من خلال العمليات التي تتم في الأسواق المالية، توزيع الإيرادات ووتيرة الاستثمار أو مستوى وأشكال الاستثمار. العمالة بأجر. تشمل المؤسسات المعنية البنوك، ولكن قبل كل شيء المنظمات المعينة تحت اسم المستثمرين المؤسسيين: شركات التأمين، وصناديق التقاعد الرأسمالية (صناديق التقاعد)، والشركات المالية الاستثمارية الجماعية، ومديري الأصول شديدة التركيز لحسابات العملاء المتفرقة (صناديق الاستثمار المشتركة)، والتي تكون دائمًا تقريبًا الفروع الائتمانية للبنوك الدولية الكبرى أو شركات التأمين. لقد أصبح المستثمرون المؤسسيون، من خلال الأسواق المالية، أصحاب المجموعات: مساهمون مالكون بطريقة معينة لديهم استراتيجيات غير معروفة لمتطلبات الإنتاج الصناعي وعدوانية للغاية فيما يتعلق بالتوظيف والأجور. إنهم المستفيدون الرئيسيون من الشكل الجديد للرأسمالية.

ويعلن "الاقتصاد" الذي يهيمن عليه البحث عن الربح، والذي اختزل في حد ذاته إلى "قيمة المساهمين"، ادعاءه بأنه يمثل النشاط الأكثر أهمية في المجتمع المعاصر، النشاط الذي تسمح له شرعيته الخاصة بفرض قانونه على الآخرين جميعاً. ومن المؤكد أن هذه الغطرسة تنبع من الأهمية التي توليها الأسواق المالية، وهي أدوات اجتماعية من نوع معين، تساعد التمويل بشكل كبير على وضع نفسه كقوة "مستقلة" في مواجهة المجتمع. في عالم يهيمن عليه التمويل، تميل الحياة الاجتماعية في كافة جوانبها تقريباً إلى التأثر بما يسميه ماركس الشكل الأكثر تهوراً من الشهوة الجنسية. بالنسبة للتمويل، لدينا "نقود تنتج المال، قيمة تقدر نفسها، دون أن تكون أي عملية (إنتاج) بمثابة وسيط بين الطرفين". وبما أن "رأس المال يبدو المصدر الغامض (...) لنموه"، فإن أصحاب الأوراق المالية، المستفيدين من الفوائد وأرباح الأسهم، يعتبرون أن "رأس مالهم" سيوفر لهم دخلا "بنفس الانتظام الذي يحصلون عليه". شجرة الكمثرى تحمل كمثرى "5 ثمار” دفعة واحدة. لذا هذه هي الرسالة التي يرسلها لنا يوميًا.

تسبب انتصار الشهوة المالية في حدوث قفزة في الشهوة الرغائبية المتأصلة في البضائع. كما أن التوسع والحرية شبه الكاملة التي اكتسبها رأس المال في إطار العولمة ساهمت بشكل كبير في ذلك. إضافة المساحة التي يمكن لرأس المال أن يتطور فيها بحرية لتزويد نفسه وإنتاجها وبيعها بشكل مربح، والمزيد من الشركات ذات القوى غير المتكافئة وموظفيها الذين يمكن الشك فيهم من مسافة بعيدة والآن على المواقع الافتراضية، والمزيد، "العلاقة الاجتماعية الحازمة بين الرجال" فيما بينها تتخذ الشكل الشبحي للعلاقة بين الأشياء.وفي حين يبدو أنه تم احتواء الهوس الرغائبي المتأصل في البضائع والمال لبضعة عقود بمساعدة المؤسسات والسياسات الاجتماعية التي ضغطت رأس المال في إطار وطني، فإن العولمة يقدم رأس المال نفسه كإطار تظهر فيه "العلاقة الاجتماعية بين المنتجين ضمن عملية العمل ككل" مرة أخرى وبقوة متجددة "كعلاقة اجتماعية خارجية بالنسبة لهم، علاقة بين الأشياء". خلال المؤتمر في سياتل، تم تنفيذ الحملة السياسية ضد منظمة التجارة العالمية تحت شعار "العالم ليس سلعة"، وهو ما له ميزة وضع الحركة السياسية لمقاومة العولمة في مواجهة قوى الرأسمالية التي لا تصور العالم - ولا يمكنهم تصور العالم في جانب آخر. إن التحدي الذي ستواجهه الحركة التي ولدت خلال مظاهرات 30 تشرين الثاني/نوفمبر سيكون هو خلق علاقات بين العمال والفلاحين من مختلف البلدان بطريقة تجعل من الممكن الحد من إخفاء الهوية والعوامل الخارجية للتبادل، وزيادة درجة التعبير عن التبادل. العلاقة بين المنتجين المسيطرين على ظروف إنتاجهم. ولكن للقيام بذلك، سيكون من الضروري تأسيس مفهوم مختلف لملكية وسائل العمل، وعلى قدم المساواة، تفكيك المؤسسات الاجتماعية التي تسمح للعالم المالي بتأكيد نفسه كقوة مستقلة.

إن أسس العولمة الحالية سياسية واقتصادية على حد سواء. فقط في النشرة النيوليبرالية تكون الدولة "خارجية" عن "السوق". ومن الضروري رفض التمثيلات التي ترغب في أن تكون العولمة تطورا طبيعيا. إن الانتصار الحالي لـ "السوق" لا يمكن أن يتحقق دون التدخلات السياسية المتكررة من جانب الهيئات السياسية في الدول الرأسمالية الأقوى، الولايات المتحدة، والولايات المتحدة. وكذلك الدول الأعضاء الأخرى في مجموعة السبع. وبفضل التدابير التي تعود نقطة بدايتها إلى "ثورة المحافظين" التي قادتها مارغريت تاتشر ورونالد ريغان في الأعوام 1979-1981()، تمكن رأس المال من تحرير معظم المكابح والحواجز التي ضغطت ووجهت نشاطه في البلدان الصناعية. إن المكانة الحاسمة التي تحتلها العملة في نمط الإنتاج الرأسمالي أعطت التحرير وإلغاء القيود التنظيمية طابعًا استراتيجيًا وعواقب. ومن خلالهما حدث الانتشار الدولي لـ "الثورة المحافظة" عبر أوروبا القارية واليابان، وفي فرنسا وكانت إصلاحات الأسواق المالية والتنظيم المصرفي في الفترة 1984-1986()، في عهد وزارتي بيير بيريجوفوي وإدوارد بالادور، هي التي مهدت الطريق للهيمنة الحالية على الأسواق المالية.

يتبع…. (6 - 7)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 01/11/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة)

#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات