أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد النور إدريس - مغامرات با حميد في عوالم اللايف، للقاص عبد النور إدريس















المزيد.....


مغامرات با حميد في عوالم اللايف، للقاص عبد النور إدريس


عبد النور إدريس
كاتب

(Abdennour Driss)


الحوار المتمدن-العدد: 8249 - 2025 / 2 / 10 - 07:18
المحور: الادب والفن
    


الحلقة 6
في ليلة هادئة، قرر با حميد أن يخوض مغامرة جديدة في عالم اللايفات على منصة تيك توك. حمل هاتفه، عدّل إضاءة غرفته، ثم فتح اللايف، وابتسم قائلاً:
"مساء الخير، يا عشاق التفاعل والمحتوى الفريد! عندي ليكم سؤال ، أريد الجواب بلا كذب... شنو رأيكم فـ لايفات با حميد؟"

كانت التعليقات تتدفق بسرعة، والجمهور ينتظر ردود الفعل من كيستات التيك توك. جاء دور نوري 19 ، ذلك المحلل الذكي لمحتوى اللايفات ليدلي بدلوه في الموضوع، وبدأ يتحدث بصوته الهادئ قائلاً:
"با حميد، اللايفات ديالك عندها نكهة خاصة، وأحد أسرارها هو أنك تستعمل تقنية Le Hoke باش تجذب المشاهدين. هذا ليس خداعًا، بل هو ذكاء في التفاعل. الناس كتجبدهم الإثارة، وهادا سر النجاح فتيك توك!"
تدخل SMART بتعليق جريء:
"نوري عندو الحق، ولكن صراحة، بعض المرات كتكون الفقاعات ديال التوصية هي السبب فانتشار لايفاتك. يعني، حتى الخوارزميات كتخدم لصالحك!"
أما YM، فابتسم وقال:
"شوف، لايفاتك عندها ستايل مختلف، لكن أهم حاجة أنك تبقى على نفس الطريقة، حيث أي تغيير مفاجئ يقدر ينقص من التفاعل. الجمهور كيتبع با حميد لأنه كيعرف شنو كيعطيهم!"
ابتسم با حميد، ارتشف رشفة من كأس شايه، ثم قال:
"إذاً، السر هو Le Hoke، وفقاعات التوصية كما جاءت على لسان نوري الذي فهمني جيدا، والثبات على الطريقة! ولكن، واش حنا اللي نتحكم فالخوارزميات، أو هي اللي كتحكم فينا؟"

ساد صمت قصير، قبل أن تنفجر التعليقات بمزيد من النقاشات، وتستمر المغامرة...

با حميد... وفلسفة الـ Le Hoke

كان با حميد، في نظر الكثيرين، مجرد صانع محتوى- مؤثر بارع في اجتذاب المشاهدين، لكن نوري 19، المختص في الإنسانيات الرقمية، كان يرى فيه أكثر من ذلك. في تحليله الدقيق، كان با حميد تجسيدًا معاصرًا لعقلية الحكواتي القديم، ذلك الذي كان يجوب الأسواق والساحات، يستقطب المستمعين بدهائه، ويوزع الحكايا كما يوزع التاجر سلعته، كل ذلك في قالب رقمي، حيث التفاعل الفوري هو العملة الوحيدة التي تحدد القيمة.
في تلك الليلة، وبينما كانت التعليقات تتدفق بغزارة، تناول نوري المايكروفون الافتراضي وقال:
"دعوني أخبركم عن با حميد من زاوية مختلفة... إنه لا يعتمد على الصدفة، ولا يتكئ على الحظ. بل يمارس فن التأثير، مستندًا إلى تقنيةٍ رقميةٍ معقدة، وإن كانت تبدو بسيطةً لمن لا يتأملها بعمق. إن Le Hoke ليس مجرد طريقة لجذب المشاهدين، بل هو إعادة تشكيل دائمة للواقع الرقمي، حيث يُعاد ترتيب الإيقاع، والتوتر، والتفاعل، بطريقةٍ تضمن أن يبقى المشاهد عالقًا في اللحظة."
سكت نوري 19 برهة ، تراه يتنحنح ، يرفع حاجبيه كعادته حينما يكون بصدد تفكيك مفهوم معقد، ثم يقول بنبرة تحليلية هادئة:
"اسمعوني جيدًا… Le Hoke ليس مجرد حيلة لجذب المشاهدين، كما يظن البعض، بل هو آلية رقمية معقدة، خليط من الفطنة السيكولوجية والخبرة التكنولوجية."

"تخيلوا أنكم في مسرح، الجمهور حاضر، لكن لا أحد يعرف متى تبدأ المسرحية. فجأة، يدخل الممثل الأول، ثم الثاني، يسود الصمت، يلتفت الجميع مترقبين اللحظة التي سينطق فيها أول حرف... لكن لا أحد يتكلم بعد. تلك الثواني من الصمت؟ تلك هي Le Hoke!"
(يأخذ نفسًا عميقًا ثم يواصل وكأنه يكشف سرًا دفينًا):
"Le Hoke هو فن التحكم في التوقعات، إطالة لحظة الترقب، جعل المشاهد يتساءل: ‘ما الذي سيحدث الآن؟ هل أغادر أم أبقى؟’، وهو في تلك الحالة من التردد يكون قد وقع في الفخ… لأنه يبقى! وتلك الثواني القليلة كافية لتقنع خوارزميات تيك توك أن المحتوى مثير للاهتمام، فتنفجر فقاعة التوصية، ويرتفع البث إلى آفاق جديدة."
ارتشف با حميد رشفة أخرى من شايه، عيناه تلتمعان بدهاء الحكواتي الرقمي، وقال بهدوء:
"إذاً، أنت تقول إنني مثل تاجر المشاعر، أبيع الدهشة، وأرسم التوقعات، وأجعل الناس ينتظرون اللحظة القادمة؟"
هز نوري رأسه موافقًا، وأضاف:
"بالضبط! لكنك لست مجرد تاجر، بل أنت معماريٌ رقميٌّ، تبني الجسور بين المحتوى والجمهور، توظف الفقاعات، توظف التوصيات، تدرك كيف تتحرك الخوارزميات، لكن الأهم... أنك تفهم البشر!"

ابتسم با حميد، وأدار عينيه بين التعليقات المتسارعة. ثم، وبحركةٍ دراميةٍ متعمدة، قال:
"إذا كانت الخوارزميات تتحكم فينا، فمن الذي يتحكم في الخوارزميات؟"
ساد الصمت للحظات، قبل أن تنفجر التعليقات من جديد، كلٌ يعبر عن رأيه، البعض يراها فلسفة، والبعض يراها مجرد خدعة أخرى من خدع با حميد.
فتح نوري مكروفونه مره أخرى وتساءل "لم لا نعتبر السؤال مدخلاً لفهم أعمق لطبيعة المنصات الرقمية؟
وتابع الحديث دون توقف "إذا كانت الخوارزميات تتحكم في الجمهور عبر تحليل سلوكياته، فإن من يتحكم في الخوارزميات هو من يبرمجها ويصمم منطق عملها، أي الشركات والمطورون الذين يضعون القواعد التي تحدد أي محتوى سيظهر وأي محتوى سيُدفن في زوايا النسيان الرقمي.
قاطع ym صديقه نوري وقال:
"لكن القصة لا تنتهي هنا، لأن هذه الشركات نفسها ليست كيانات مستقلة عن تأثيرات أخرى. فهي تخضع لضغوط السوق، لمتطلبات المعلنين، لسياسات الدول، وأحيانًا حتى لتوقعات الجمهور نفسه. وهذا ما يجعل التحكم في الخوارزميات عملية معقدة، متشابكة بين التقنية والاقتصاد والسياسة والسلوك البشري.
وافقه نوري الرأي بهزة من رأسه ثم أردف قائلا:" ربما الجواب الأكثر دقة هوأن الخوارزميات تتحكم في الجمهور، لكن من يتحكم فيها هو مزيج من الشركات، الاقتصاد، الثقافة الرقمية، وحتى الجمهور ذاته، الذي يفرض عليها تعديلات غير مباشرة من خلال تفضيلاته وتفاعلاته وبالضبط! إننا لسنا مجرد مستهلكين للمحتوى فقط، بل نحن مواد خام تُغذّي الخوارزميات وتشكّل مسارها. كل إعجاب، كل تعليق، كل ثانية نقضيها في مشاهدة فيديو معين، في لايف معين، هي إشارة تُترجم إلى بيانات، تُعاد معالجتها، ثم تُستخدم لإعادة توجيه سلوكنا في المستقبل،الأمر يا صديقي يشبه دائرة مغلقة:
نحن نُنتِج الفيدباك → الخوارزميات تتعلم منه → تعيد تشكيل التجربة الرقمية لنا → نستهلك ونتفاعل مجددًا. وكل ذلك في خدمة آلة اقتصادية ضخمة، حيث تتحول مشاعرنا، فضولنا، وحتى مللنا، إلى وقود يُحرّك عجلة الرأسمالية الرقمية.
وهكذا، نجد أنفسنا في سلة بضائع رقمية، ليس كزبائن فقط، بل كـمنتجات تُباع بياناتها للمعلنين، وتُعاد برمجتها لتناسب توقعات السوق. وكلما اعتقدنا أننا نتحكم في تجربتنا الرقمية، أدركنا أننا في الواقع نُعيد إنتاجها وفق خوارزميات لم نكتبها، ولكننا ساهمنا في تغذيتها…
ساد الصمت قليلا أجواء الليف أما باحميد، فقد أطلق ضحكة خفيفة، وأغلق اللايف تاركًا خلفه سؤالًا جديدًا، يطوف في عوالم التيك توك، يبحث عن إجابة…



#عبد_النور_إدريس (هاشتاغ)       Abdennour_Driss#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيفا...سيدة التكتوك، شعرعبد النور إدريس
- اطْحَن ْالدولار! للقاص إدريس عبد النور
- مغامرات باحميد : وجوه في المرآة العمياء للقاص عبد النور إدري ...
- صراخ باحميد وصمت الجبناء للقاص عبد النور إدريس
- مغامرات باحميد وصراخ التكتوك للقاص عبد النور إدريس
- مغامرات BH ومنصة التكتوك للقاص عبد النور إدريس
- قصيدة - الأناني - للشاعر عبد النور إدريس
- قصيدة -زوبعة المشاعر- عبد النور إدريس
- قصيدة: أَخافُ عَلَيْكِ شعر:عبد النور إدريس
- قصيدة -أغار عليكِ- شعر عبد النور إدريس
- قصيدة غناء النجوم شعر عبد النور إدريس
- قصيدة -دهشة المطر- شعرعبد النور إدريس
- قصيدة الرقص عند الفجر شعر عبد النور إدريس
- قصيدة: الشاعر الفينيكس شعر عبد النور إدريس
- قصيدة:هَمس الطين شعر عبد النور إدريس
- قصيدة : أميرة البنفسج شعر عبد النور إدريس
- قصيدة خريطة التاج شعر عبد النور إدريس
- قصيدة:أحرف تهجٍّ للبدء المقدس شعر عبد النور إدريس
- قصيدة تراتيل صوفية ،شعر عبد النور إدريس
- فِلِيسُ... امرأةٌ بنت الطين شعر عبد النور إدريس


المزيد.....




- الفنان المغربي نصر مقري في ضيافة الساعة المغاربية
- فنانة مصرية تتعرض لحادث في تايلاند يبعدها 7 أشهر عن الأضواء ...
- انعقاد الدورة الـ19 لاجتماع المجلس الاستشاري للتنمية الثقافي ...
- جدل الغنائية والدرامية.. في نماذج من الشعر الفلسطيني الحديث ...
- وفاة ابن الفنانة السورية إنجي مراد بعد رحيلها بيوم واحد
- الأدب المنظوم والمنثور في خدمة المقاومة
- وفاة مولود الفنانة السورية إنجي مراد بعد يوم من مأساة رحيلها ...
- مقابر سقارة.. دراسة أثرية حديثة تميط اللثام عن تطور العمارة ...
- مصر.. فنان مصري كبير يدفع ديّة
- بعد يوم على وفاتها.. زوج الممثلة إنجي مراد ينعي مولودهما


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد النور إدريس - مغامرات با حميد في عوالم اللايف، للقاص عبد النور إدريس