بديعة النعيمي
الحوار المتمدن-العدد: 8248 - 2025 / 2 / 9 - 14:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"نحن أحق بالسلاح المخزن من المزابل، إن التاريخ سيتهمكم بإضاعة فلسطين، وإنني سأموت في القسطل قبل أن أرى تقصيركم وتواطؤكم"..
هذه الصرخة أطلقها الشهيد عبد القادر الحسيني حينما رفضت القيادة العسكرية للجامعة العربية مدّه بالسلاح اللازم لإنهاء الوجود اليهودي في فلسطين عندما استنجد بها.
القسطل، قرية تقع على القمة الغربية الأخيرة قبل الصعود النهائي إلى القدس.
وتبعد حوالى العشر كيلومترات عنها.
تشرف القسطل على طريق القدس-يافا، وتعد البوابة الغربية للقدس، حيث كان موقعها الاستراتيجي قد شكل إغراء دفع العصابات الصهيونية للاستيلاء عليها.
وكانت هذه العصابات تظن بأنها تستطيع أن تحتلها خلال أيام قليلة وتطرد سكانها من بيوتهم وحقولهم التي عاشوا هم وأجدادهم على أرضها وزرعوها منذ قرون.
وقد تولت كتيبة "بن آري" مسؤولية تطهير القسطل ضمن عملية أطلق عليها اسم "نحشون". لكنهم تفاجأوا بشراسة المقاومة الفلسطينية فيها بقيادة عبد القادر الحسيني، الأمر الذي أدى إلى تأخير تقدم تلك العملية في البداية وفقا للخطة.
وقد هاجمت كتيبة "البلماح" القسطل بتاريخ ٣/ابريل/١٩٤٨ فتصدى لها مجاهدو القرية ودافعوا عنها ببسالة، ولم ينسحبوا إلا عند نفاذ ذخيرتهم.
وهنا أقدمت العصابات الصهيونية على تسييج مواقعهم بالأسلاك الشائكة في ٥/ابريل، وبعد يومين استخدمت طائرات التدريب لقصف المقاومة الفلسطينية المحيطة بالقسطل بالقنابل.
وفي ٨/ابريل استطاعت المقاومة الفلسطينية بقيادة عبد القادر الحسيني استعادة القسطل وظل يدافع عنها حتى آخر رصاصة معه. واستشهد رحمه الله بعد أن انتصرت أسلحة العدو الجبان بعد تطويق القسطل واقتحامها.
وما أن استولت العصابات الصهيونية عليها حتى راحت تنسف البيوت حتى سوتها بالأرض، كما أنها لم تتورع عندما نسفت مسجدها الذي كان يضم مقاما وسوته هو الآخر بالأرض.
وحين طردوا أهلها كانت عصابات "إرغون" و"شتيرن" ترتكب الفظائع في قرية دير ياسين.
واليوم لا زال ركام المنازل وأنقاض المصاطب الحجرية يغطي المنحدرات الجنوبية والشمالية والشرقية لقرية القسطل، تحاول أعشاب برية نبتت في المكان ستر عورة الركام والأنقاض وحجبها عن الأنظار، غير أن أشجار الخروب والتين والزيتون تشمخ هناك على الطرف الشمالي والغربي وصبارات تقف دون ملل على الطرف الجنوبي وتقول أنا الشاهد والدليل أمام محكمة العالم أن هذه القرية اسمها القسطل وأن مستعمرة "معوز تسيون" التي أنشئت عام ١٩٥١ على أنقاضها هي محض وهم، وشتان ما بين الوهم والحقيقة.
القسطل كانت هنا وستنتفض من جديد.
#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟