أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محفوظ بجاوي - ملحمة ساقية سيدي يوسف : عندما امتزج الدم الجزائري والتونسي في سبيل الحرية














المزيد.....


ملحمة ساقية سيدي يوسف : عندما امتزج الدم الجزائري والتونسي في سبيل الحرية


محفوظ بجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8248 - 2025 / 2 / 9 - 08:59
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


تحيي الجزائر وتونس اليوم ذكرى ملحمة ساقية سيدي يوسف، إحدى المحطات الخالدة في تاريخ الكفاح المشترك ضد الاستعمار الفرنسي، حيث امتزجت دماء الشهداء من البلدين في سبيل الحرية والاستقلال. ففي 8 فبراير 1958، شنت فرنسا الاستعمارية هجومًا وحشيًا في الساعة 11:00 صباحًا على بلدة الساقية التونسية، مستهدفة سكانها العزل دون تمييز بين مدنيين ومقاومين، جزائريين كانوا أم تونسيين. وأسفر هذا العدوان الغاشم عن استشهاد 79 شخصًا، بينهم 20 طفلًا و11 امرأة، إضافة إلى مئات الجرحى، في مجزرة بشعة كشفت الوجه الحقيقي للاستعمار وأكدت وحدة المصير بين الشعبين الشقيقين.

الساقية.. رمز التضحية والتلاحم

لم يكن اختيار فرنسا لقصف ساقية سيدي يوسف عشوائيًا، فقد كانت هذه البلدة الصغيرة قاعدة دعمٍ حيويةٍ لثورة التحرير الجزائرية، حيث احتضنتها تونس كملجأ للمجاهدين الجزائريين، ووفّرت لهم السلاح والغذاء والرعاية. غير أن الاستعمار الفرنسي، في محاولته لكسر شوكة الثورة وإضعاف التضامن بين الجزائر وتونس، قرر ضرب البلدة بكل وحشية، غير مدركٍ أن هذا القصف الجبان لن يؤدي إلا إلى تعزيز اللحمة بين الشعبين الشقيقين. فقد أثبتت المجزرة أن التاريخ لا يُكتب إلا بالدم، وأن الحرية لا تُوهب، بل تُنتزع بالتضحيات.

تونس.. الشقيقة التي لم تخذل الجزائر

لم يكن دعم تونس للجزائر في ساقية سيدي يوسف مجرد موقف عابر، بل كان تجسيدًا لمبدأ ثابتٍ من الأخوة والتضامن. فمنذ اندلاع ثورة التحرير الجزائرية (1954-1962)، وقفت تونس إلى جانب الجزائر بكل إمكانياتها، فاحتضنت المجاهدين، ووفّرت لهم الإمدادات، ودفعت ثمن ذلك دمًا ودمارًا على يد الاحتلال الفرنسي. لكن الموقف التونسي لم يقتصر على تلك المرحلة، فقد تجدد بعد عقودٍ، خلال العشرية السوداء (1990-2000)، عندما كانت تونس البلد الوحيد الذي فتح حدوده للجزائريين الهاربين من جحيم الإرهاب، في وقت أغلقت فيه بقية الدول العربية والمتوسطية أبوابها ووصمت الجزائريين بالإرهاب.

حين سقطت الأقنعة وبقي الوفاء التونسي

في الوقت الذي تنكرت فيه بعض الدول للجزائر، بل وتآمرت عليها في أحلك فتراتها، أثبتت تونس أنها الشقيقة الحقيقية، رافضةً أن تدير ظهرها لأشقائها رغم كل الضغوط. فتحت تونس قلبها وبيوتها، ولم يكن التونسيون مجرد مضيفين، بل تقاسموا مع الجزائريين الخبز والمأوى، والمدارس والمستشفيات، وحتى فرص العمل، في موقف نبيل يعكس عمق الأخوة الحقيقية. وفي المقابل، سجل التاريخ كيف أن دولًا أخرى أغلقت حدودها، وتخلت عن الجزائر في محنتها، بل وساهمت في تأجيج الأزمة، متناسية أن الجزائر كانت أول من دعم قضاياها في الماضي.

التاريخ لا ينسى.. والوفاء واجب

إن ذكرى ساقية سيدي يوسف ليست مجرد حدث تاريخي، بل درس خالد في التضامن الأخوي الحقيقي. فتونس لم تدعم الجزائر بالكلمات، بل قدّمت التضحيات ودفعت الثمن دمًا ودمارًا، بينما أثبتت دول أخرى أن علاقاتها تقوم على المصالح لا المبادئ. واليوم، إذ نستحضر هذه الذكرى العظيمة، فإننا نؤكد للأجيال القادمة أن الأشقاء يُعرفون في الأزمات، وأن الشعوب وحدها من تصنع التاريخ، لا الأنظمة ولا الحسابات السياسية الضيقة.

تحية إجلال وإكبار لشهداء ساقية سيدي يوسف، وللشعب التونسي الأصيل، الذي أثبت أن الأخوة الحقيقية لا تُشترى، بل تُصنع بالتضحيات والمواقف الصادقة.



#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر السلفي والوهابي : عانق أمام التقدم الفكري والتحرر في ا ...
- مامعنى أن تكون يساريًا ؟
- حين يصبح الجهل مقدسًا...لابد من التمرد ، لأن الحقيقة لا تخشى ...
- رسالة اعتذار وحب لعائلتي
- نور العقل في مواجهة ظلام الجهل والتطرف
- إضراب التلاميذ في الجزائر: صرخة من أجل حقوق مستقبلية وأزمة ا ...
- التعليم في الجزائر : أزمة التطهير وتهديدات المستقبل
- حب الجد لأحفاده الأعزاء :عاطفة صادقة تعيدني إلى شبابي
- تربية الأطفال بين الخوف من الموت وفهم الحياة: أثر الترهيب وا ...
- الهوية بين الصدق والزيف: أثر الأكاذيب على الأجيال القادمة
- التخطيط السليم للإنجاب: مسؤولية ووعي لمستقبل مشرق
- في شيخوخة الوالدين : قلوب كبيرة تحتاج إلى لمسات حب بسيطة.
- التدين المظهري في الجزائر : كيف أضاع المجتمع بوصلة التقدم؟
- الصراع الداخلي بين الحب والقيود : تأثير الخوف من التعبير عن ...
- الصحة النفسية في ظل التحديات الحديثة
- بحث الإنسان عن غايته: بين الحرية الفردية والوجود الكوني
- الهوية الأمازيغية : جسر الوحدة الوطنية وحصن الانتماء
- الإحتفال بالسنة الأمازيغية 2975 : جذور متأصلة في الأرض والزر ...
- الجزائر وتونس : أخوة تتجاوز الحدود والمصالح
- الفلاسفة العظام: معلمو الحياة ومرشدونا نحو الأخلاق والمعنى


المزيد.....




- هاوپشتي خ?باتي مام?ستايان و س?رج?م موچ?خ?رانين  و ب?توندي س? ...
- فرنسا تتهم إيلون ماسك بالتلاعب في خوارزمية منصة إكس لصالح ال ...
- ??ژنام?ي ??وت مار? 34
- على طريق الشعب: في ذكرى 8 شباط الأسود.. ليكن من الثوابت تحري ...
- مظاهرات حاشدة ضد اليمين المتطرف في ألمانيا
- حكومة ترامب الجديدة..، حكومة أغنى أغنياء أمريكا
- -إعصار ترامب-.. مدريد تحتضن زعماء اليمين المتطرف في أوروبا
- زعماء اليمين المتطرف الأوروبي يجتمعون في مدريد
- تجمع زعماء اليمين المتطرف في أوروبا.. إشادة -بإعصار ترامب-
- تظاهرات حاشدة في ألمانيا ضد صعود اليمين المتطرف


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محفوظ بجاوي - ملحمة ساقية سيدي يوسف : عندما امتزج الدم الجزائري والتونسي في سبيل الحرية