أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد كشكولي - انقلاب 8 شباط وكلام مختلف














المزيد.....


انقلاب 8 شباط وكلام مختلف


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 8248 - 2025 / 2 / 9 - 02:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كل عام، وفي ذكرى انقلاب 8 شباط 1963، يحيي الشيوعيون العراقيون واليسار العراقي ومناصرو الزعيم عبد الكريم قاسم و"ثورة" 14 تموز هذه الذكرى بأسلوب فريد، يتمثل بلعن الانقلاب والتنديد به وبقادته وجرائمهم التي تركت بصمة مؤلمة في تاريخ العراق.
لقد كُتب الكثير في إدانة جرائم البعث، إلا أني لم أجد نقاشًا معمقًا حول احتمال تجنب الشيوعيين لتلك المجزرة الفظيعة. وقد تناولت كتب متعددة هذا الجانب، منها كتاب "المنحرفون"*. ولا حاجة هنا للمبالغة في وصف الجرائم، فبشاعتها وحدها تغني عن أي تضخيم. ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن هناك من الأحزاب الأخرى من كانوا لا يقلون إجرامًا عن البعثيين، لكن غياب الإمكانيات لديهم جعلهم أقل إثارة للرعب مقارنة بآلة البعث الوحشية.
لا يزال معظم القوميين العرب، بمن فيهم أولئك الذين يتسترون بواجهة اليسار أو الشيوعية، من بين الكتاب والشعراء والمفكرين، يواصلون تمجيد الانقلاب الدموي الذي أطاح بالنظام "الشعوبي" وأعاد العراق إلى "مسار العروبة". قسم منهم يُظهر هذا التمجيد بحماس واضح، بينما البعض الآخر يمارسه بتحفظ وخجل نظرًا إلى حجم البشاعات والجرائم التي ارتكبها الانقلابيون في سياق الأحداث. ومن القصص التي تُروى أن الكاتبة غادة السمان والأديب غسان كنفاني أظهرا فرحًا كبيرًا عند سماعهما بنجاح هذا الانقلاب، حيث يُقال إنهما احتفلا بالرقص والتصفيق والتلويح بالأيدي تعبيرًا عن تأييدهما. أما على الصعيد الأدبي، فإن قصيدة بدر شاكر السياب، التي تعتبر مثالًا واضحًا على التحامل على عبد الكريم قاسم وتمجيد عبد السلام عارف، تبقى محفورة في الأذهان كدليل على موقفه السياسي في تلك الفترة. كل ذلك جرى بينما كان السياب يتلقى
العلاج في المستشفى، بعد أن تمكّن قاسم نفسه من مساعدته عبر تدبير رحلة علاجه إلى لندن في وقت سابق.
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=124173
عبد الكريم قاسم، على الرغم من كونه رمز انقلاب 14 تموز الذي أطاح بالنظام الملكي، كان على خلاف واضح مع الشيوعية والحزب الشيوعي العراقي. فقد حاصرهم بالسجون ورفض منحهم تصريحًا للعمل السياسي العلني بين الجماهير. هذا القمع كان يكفي لكي ينتقل الحزب الشيوعي إلى صف المعارضة ضده. وبذلك، لم يكن لزامًا عليهم مواجهة الانقلابيين الذين حظوا بدعم خارجي لوجستيكي من دول مثل مصر وإيران عبر السفارة المصرية ، بالإضافة إلى مباركة بريطانيا والولايات المتحدة، إذ كانت الحالة محسومة لصالحهم.
لو أن الحزب الشيوعي العراقي اتخذ مسارًا أقل صدامية ولم يواجه الانقلابيين عسكريًا، لكان من الممكن أن يجنب أنفسهم وأنصارهم تلك المجزرة الدامية والجرائم المروعة التي أعقبتها.
تدهورت علاقة عبد الكريم قاسم تدريجيًا مع عدد من زملائه في تنظيم "الضباط الوطنيين" أو "الأحرار"، كما تعكرت علاقته مع التيارات الوحدوية والقومية التي ساهمت بشكل كبير في دعم حركة عام 1958. في المقابل، سعت التيارات المتصارعة داخل الحزب الشيوعي العراقي إلى إقامة تحالف مع قاسم، نظرًا لعلاقة قديمة كانت تربطهما، إلا أن قاسم بدأ يشعر بأن بعض حلفائه من الشيوعيين باتوا قريبين جدًا من السيطرة على الحكم. هذا الشعور تعزز مع تنامي نفوذ الحزب الشيوعي، خاصة بعد انتشار شعار في إحدى المسيرات يقول: "عاش زعيمي عبد الكريم، حزب الشيوعي بالحكم مطلب عظيمي". أدى هذا إلى اتخاذ قاسم قرارًا بتحجيم التيار الشيوعي وتقييد نفوذه؛ فقام بنزع السلاح من ميليشيا الحزب المعروفة بـ"المقاومة الشعبية" واعتقال معظم قياداته.

على أرض الواقع، كانت القاعدة الشعبية وكوادر الحزب الشيوعي العراقي تجهل حقيقة أن هذا الحزب لم يكن يسعى لحكم البلاد أو الإطاحة بعبد الكريم قاسم أو أي حكومة عراقية. إذ تمثلت أهدافه في تعزيز الاستقلال الوطني ودعم الأنظمة الوطنية والبرجوازية الوطنية، وفقًا لتوجيهات الكومنتيرن. ولهذا، لم يكن الخوف من تولّي الحزب الشيوعي الحكم هو السبب وراء صدام الطبقة البرجوازية معه، بل كان القلق من تأثير الحزب في الشارع وانحيازه لصالح منافسين سياسيين لهذه الطبقة.
كان على الحزب الشيوعي أن يتبنى موقف الحياد في الصراع بين عبد الكريم قاسم والقوى القومية لتجنب التعرض لبطش انقلابيي 8 شباط. لكن هذه التجربة لم تُستفد منها لاحقًا، إذ كرر الحزب أخطاءه خلال الكفاح المسلح في كردستان ضد النظام البعثي، عندما انحاز بشكل كامل إلى "البارتي" على حساب منافسه التاريخي "يكيتي". وقد أفضى هذا الانحياز إلى مآسٍ كبيرة، حيث تعرض الحزب الشيوعي للقتل والسجن والدمار في أحداث بشتآشان عام 1983.
عبد الكريم قاسم وانقلاب 14 لم يكونا يستحقان كل تلك التضحيات، فقد كان الانقلاب بمثابة ثورة مضادة. في ذلك الوقت، كان العراق يعيش حالة غليان شعبي متصاعد ضد النظام الملكي، وبدأت قوى المعارضة التقدمية تأخذ شكلًا واضحًا مع تبلور عناصر النجاح. كما بدأت التنظيمات العمالية والمهنية والفلاحية بالنضوج وتحديد أهدافها بوضوح، إلا أن هذا الانقلاب جاء ليشتت المسار أمام القوى الساعية إلى التغيير لصالح تقدم المجتمع العراقي.



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتحاد الجسد والروح في شعر فروغ فرخزاد
- قارب المغيب
- الأكاذيب التي أطلقها ترامب في بداية ولايته
- المسرح المتهالك
- سيمفونية الفوضى
- أثرياء مسالمون لا يؤمنون سوى بالحرب الطبقية
- رداً على هجوم شبح يتسكع في الحوار المتمدن
- الموت من أجل كلية: هل يستطيع أحد أن يمنع السوق السوداء المزد ...
- ومضات عدنان الصائغ
- معجزة رأسمالية الدولة والصراع الطبقي في الصين
- يلدا انتصار النور على الظلام وبداية دورة جديدة
- استغلال الدين لترسيخ العرش سلاح ذو حدين
- قراءة في رؤية أدونيس حول التغيير في سوريا
- رجلنا في دمشق: دور سوريا في توظيف غرف التعذيب لصالح وكالة ال ...
- أبارك لأبناء سوريا الجميلة الخلاص من كابوس الطغيان
- تعبيرات جسد المرأة في ايران سياسياً وثقافياً
- حزب الحرب الديمقراطي وفقدانه للشرعية
- المعادلة المعقدة بين الشيوعي والشيعي
- إمكانية إيقاف انزلاق أمريكا نحو الفاشية
- شخص واحد، صوت واحد، دعابة واحدة... عن الديمقراطية


المزيد.....




- رهاب الطيران.. كيف تتغلب على الخوف من الرحلات الجوية؟
- الجيش الإسرائيلي يوجه رسالة لسكان غزة بشأن العودة إلى الشمال ...
- ريتشارد هاس لـCNN: استراتيجية ترامب تجاه غزة -قد تكون لصالح ...
- بحيرة كالاتوهاي في شين يانغ.. حينما ينسج الجليد لوحة ساحرة م ...
- إندونيسيا تطلق برنامج المعاينة الصحية المجانية بقيمة 183 ملي ...
- استطلاع ـ تقدم بفارق ضئيل لشولتس بعد أول مناظرة أمام منافسه ...
- الاتحاد الأوروبي يدعو إلى زيادة تمويل الابتكارات في مجال الأ ...
- ما أهمية استخراج -الهيليوم 3- من القمر؟
- رئيس ليتوانيا يعلن قطع الصلة مع شبكة الكهرباء الروسية البيلا ...
- -السعادة- بين الإمارات ودول أخرى!


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد كشكولي - انقلاب 8 شباط وكلام مختلف