عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 8247 - 2025 / 2 / 8 - 16:11
المحور:
الادب والفن
الليلُ الأوّلُ: ليلُ الجيش (تموز 1958)
في فجرِ تموز ذاك
على أعتاب "الأوّل الابتدائي"
وقبل أن يبصقَ أحدهم "البيان رقم واحد" عبر الراديو
كان أهل بغداد ينامونَ فوق سطوحِ المنازلِ
وكان الأذى /إلى ذلك الحين/ ما زال غضاً.
....
لم يكنْ لشيءٍ اسمهُ "الطفلُ" معنى.
ففي الأولِّ الابتدائيّ
كانت عيونُ الصغار من تلاميذِ المدارسِ
لا تفهمُ لماذا..
تستعيرُ "الأمـّـةُ العراقيـّةُ"
مُلوكَها من الغيرِ
ثـم ّ تـَقــتـُلـُهم
ولماذا..
يُلوِّحُ جنودُ مهتاجونَ
بذراع ٍ مقطوعةٍ لـ "الوَصِيّ"
ملفوفةً في جريدة ..
ولماذا..
ينبشُ رجالٌ نصفُ ملثّمينَ
/يشبهون المُعلّمينَ/
وجهَ رجلٍ أسمهُ "نوري السعيد"
كان يشبهُ كثيراً
الوجهَ الصارمَ لمديرِ المدرسة .
....
بعدها بقليل..
كان تلاميذُ الخامسِ الابتدائيّ
يشاهدونَ "اللواءَ-الزعيمَ"
مُضرَّجا ً بدمه
وثمّةَ جنديٍّ يمسكُ شَعرَ رأسه
ويشدّهُ يميناً.. ويساراً
ويبصقُ في وجهه.
***
في بدايةِ الليلِ الأوّلِ..
ضاعَ قصرُ "المَلِك "
وفي نهايتهِ..
ضاعَ قبرُ "الزعيم".
***
الليلُ الثاني: ليلُ النفط (تموز 1968)
في الطريق إلى أوّلِ الصِبا
كانت بغدادُ على موعدٍ مع "الريف"
وكان تموزُ /كعادتهِ/
يجعلُ الخياناتَ رخيصةً جداً
كالتمرِ "الزَهْديّ".
....
كان الراحلونَ جنوداً
والقادمونَ جنوداً
بعضهم جاءوا من الطينِ
وبعضهم جاءوا من الرملِ
وكلهم غادروا "دشاديشهم"
على عتبة "القصر الجمهوريّ"
ودخلوا /حاملين سروجَ العقائدِ/
إلى بيوتٍ كان حُرّاسها
يغطـّونَ في النومِ
وامتطوا على عَجَلٍ
صهوةَ "الدولةِ الساذجة".
***
الليلُ الثالثُ: ليلُ الأودّيسة (نيسان 2003)
في الطريقِ إلى آخرِ العُمرِ
كان الليلُ الثالثُ
قد حلَّ على الروح
وكانت بغدادُ على موعدٍ
مع القادمينَ إليها..
منها..
وحاملو سروجَ "المذاهبِ" المزركشةِ
يمتطونَ على عَجـَلٍ
صهوةَ "الدولةِ الغائبة".
...
كـلُّ الدودِ الفائرِ ذاك..
في كـلِّ الجثثِ تلك..
كان َ ينتمي إلـيـنا.
و "دونالد رامسفيلد" كانَ يقول..
"إن هذهِ الأشياءَ.. تحدُث".
....
ولأنّ هذهِ الأشياءَ تحدثُ..
بدأنا نتقافزُ كالشمبانزي..
من الفردِ "الضـالِّ".. إلى القبيلةِ "العاقلة".
من أُمـّةِ الماءِ والعـُشبِ والنفطِ والشعوبِ "الرُحـّلِ"
إلى حـيٍّ بائسٍ
يـُمـْطـِرُ الحـيَّ البائسَ المُقابلَ لـَـه
بقذائفِ "الهاوَن".
...
ثمّةَ شيءٍ فينا
يجعلُ عيشنا مُمكِناً
مع "الحَجـّاجِ بن يوسـف".
ثمّةَ شيءٍ فينا
يجعلُ " اسطنبولَ" أبهى من بغدادَ
و"الكارونَ" أعذبَ من " فـُراتٍ" قديم.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟