أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسن البشاري - الليبيون والذوق العام















المزيد.....


الليبيون والذوق العام


محمد حسن البشاري
(Mohamed Beshari)


الحوار المتمدن-العدد: 8247 - 2025 / 2 / 8 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"زيوس كبير الآلهة الإغريقية! أي أنه رب الأرباب ، ومثلها Nike نايكي؛ العلامة المسجلة على القمصان الرياضية، والتي هي لمؤلهة النصر الإغريقية، ولذلك ارتبطت بالرياضة في وقتنا الحالي."
هذا ما قرأته لمنشور على صفحة الفيس للسيد/ أسامة وريث الذي نشره بتاريخ 01/02/2025 يستنكر فيه صلاة بعضهم في المسجد وعلى ظهره اسم Zeus باللاتينية فتذكرت كيف كنا في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات فقد كان الليبيون يهتمون بالغُسل في يوم الجمعة على الرغم من أن الكثير من البيوت لا توجد فيها حمامات للغُسل (فقد كانت فيها أماكن لقضاء الحاجة فقط نطلق عليه أسم كنيف أو بيت الراحة) فيتكبدون مشاق تحضير الآنية الكبيرة (الليان) وتسخين المياه إذا أرادوا الغُسل في البيوت أو أنهم يلجئون إلى الحمامات العامة التي كانت منتشرة في مدينة بنغازي في أكثر من مكان أو المساجد التي توفر فيها تلك الحمامات ولكن بدون مياه ساخنة ثم يلبسون أفضل ما يملكون من ثياب قبل دخولهم لأداء صلاة الظهر.

وليس هذا فقط بل أنهم يتأنقون لحضور مباراة لكرة القدم أو للدخول إلى السينمات أو المسارح أو لحضور عقد القران الذي عادة ما يكون بعد صلاة العصر من يوم الجمعة أو وليمة العشاء لحفل الزفاف أو حتى للسفر بالطائرة التي يعتبرونها وسيلة خاصة وراقية ولا تحتمل الركوب فيها بالملابس العادية.

لقد كان الشباب وعلى الرغم من فقرهم لا يخرجون من بيوتهم إلا بعد أن يلبسون أحسن الثياب الغربية و التي كانت في متناول الغالبية لرخصها وكان البعض يضع علبة كاملة من كريمة الشعر ويقف امام المرآة لفترات طويلة ليقوم بتسريحه على آخر موضة ثم طلاء الحذاء جيدا قبل انتعاله.

أما عني شخصيا فقد ترسخت لدي قناعة بعدم الخروج من البيت بالتوتة التي نستعملها للنوم دع عنك البيجامة منذ الطفولة بعد قراءتي لأحد أعداد ميكي والتي ورد فيها أن أحدهم وقد يكون بندق خرج من البيت بالبيجامة فساءل ميكي صديقه الآخر عن ماذا حدث له حتى يخرج إلى الشارع بالبيجامة فأجابه : "لا بد أنه قد جُن"
وفيما بعد لم أكن أستطيع الدخول إلى المسجد ببنطلون الجينز الذي كنت أفضله لأنه عملي وأقوم بقضاء حاجياتي ماشيا على الاقدام إلى نهاية عام 1992 تقريبا حين أقنعني أحد الزملاء في شركة رأس لانوف بأنني أستطيع الدخول إلى مسجد المدينة القديمة بالجينز قائلا لي : "تي وين نلقوه اللي لابسه بس؟" وقد كان من ماركة الليفايز بعد أن كنت قد تعودت الخروج به من شقتي التي تقع في السكنية الجديدة قبل المغرب ماشيا على الأقدام بغرض الرياضة إلى تريلات العزاب في المدينة القديمة لأتسامر مع بعض العزاب و غير المصحوبين إلى أن تحين صلاة العشاء فأعود إلى شقتي سعيدا بما فعلته ولكنني لا أحبذ الذهاب به الى العمل.

والغريب أن الكثير من المصلين حاليا يأتون لصلاة الظهر في يوم الجمعة متأخرين بلباس النوم الرياضي الذي يعتبرونه عاديا مع أطفالهم ويخترقون الصفوف الخلفية أثناء الخطبة للوصول الى الصفوف الأمامية وتأدية صلاة تحية المسجد.

لقد شهدت أكثر من حالة في الفنادق ذات الخمس نجوم في أوروبا وقد نزل الموظفين الكبار من الليبيين المبعوثين في مهام رسمية من غرفهم إلى المطاعم لتناول الإفطار بملابس النوم العربية المتغضنة من أثر النوم بها.
لقد كانت أولى شعارات القذافي في بداية السبعينيات: "خانق روحه بالقرواطة ، ناسي مصدرها بعباطة" والتي تناولتها في مقال سابق بعنوان (العلكة وربطة العنق) نشرته بتاريخ 20/01/2024 في موقع الحوار المتمدن ولمن يريد الاطلاع عليه يمكنه ذلك من خلال الرابط:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=817837
كانت الأسواق الليبية عامرة بمختلف البضائع الاصلية من جميع أنحاء العالم وفيما يخص الملابس فقد كنت شاهدا عليها في بنغازي من خلال شريان الأسواق الذي يمتد لمسافة 1.6 كم بداية من سينما هايتي في سوق بوغولة ثم سوق الجريد وميدان الحدادة وسوق الظلام وميدان البلدية ثم شارع عمر المختار الجميل الذي بني على الطراز الإيطالي مع الحفاظ على العمارة الإسلامية والذي ينتهي بسينما بنغازي ويتركز فيه معظم محلات الملابس الراقية من بوجازية وقريمية وبسيكري والشيباني وغيرها فتجد قمصان فان هاوزن وآرو و مختلف بنطلونات الجينز مثل ليفايز وغيرها أما الأحذية فكانت أرقاها لدى باتا والمفتي وغيرها وكان الشباب الذين يقومون بالسفر إلى مختلف دول العالم لا يشترون شيئا من الخارج بل يعودون بما يفيض عن حاجتهم من الدولار ليودعوه بالجنيه ثم بالدينار في حساباتهم لأن الأسعار في ليبيا كانت من الأرخص تقريبا في العالم.

فماذا حدث؟ تفتقت عبقرية القذافي على تغيير العملة و حظر الاستيراد في عام 1979 ثم إقفال الأسواق بداية من عام 1981 وتحويل التجار إلى موظفين والبعض فضل الاعتزال في بيته دون أي معونة من الدولة بعد مصادرة أموالهم وأرزاقهم وبيوتهم وكل ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة في عمل لم يقدم عليه الاستعمار التركي ولا الإيطالي فأفقرهم وجعلهم يتسولون الخزانة العامة والجمعيات التعاونية فأفقرت الأسواق ولم يجد الشباب غير الملابس العربية وسبابيط الاصبع و المعاطف العسكرية يلبسونها في حلهم وترحالهم وفي بيوتهم ومدارسهم واعمالهم.
وصار الكثير من الشباب يقفز من السرير إلى الشارع مباشرة بعد رش الماء البارد على وجهه لأنه لا يملك الصابون الذي مُنع استيراده.

لقد كنت شاهدا في بداية أبريل 2014 وأثناء وجودي في أحد مكاتب الشحن في قوانزو الصينية على قدوم ثلاثة من رجال الأعمال الليبيين من طرابلس بملابس عربية وسبابيط أصبع يحملون معهم آلاف الدولارات لشراء بضائعهم.

لقد شوه القذافي الذوق العام لليبيين ليس في الملابس فقط ولكن في كل المجالات وخاصة آداب قيادة السيارات التي كان شعارها (القيادة فن وذوق وأخلاق) فصار الشباب يفتخرون بأنهم لا يراعون الذوق والأخلاق في القيادة ولكنهم فنانون فيها؟

وعدم مراعاة الأولوية في الطابور بداية من المطارات التي كانت تحتكرها الخطوط الليبية بعد خروج كل الخطوط العالمية الواحدة بعد الأخرى بداية من الثمانينيات لتبلغ ذروتها بعد حظر الطيران من ليبيا وإليها في أبريل 1992 واستمرت إلى عام 1999 وقد كنت شاهدا على الفوضى أمام منصة إجراءات التذاكر للخطوط الليبية في مطار هيثرو في لندن في أغسطس 2003 بعكس كل الخطوط الأخرى وكذلك في طوابير المصارف والمخابز التي يفتخر مؤيدوه بشأنها بأن عهده كان فيه الخمس فردات بربع ولا يدرون بأنها مسبة لأنها وصف للخرفان وليس للبشر.

08/02/2025



#محمد_حسن_البشاري (هاشتاغ)       Mohamed_Beshari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى دولة الاستقلال
- العقيلة
- في ذكرى يوليو
- قيمة الانسان
- انتصارات العرب الوهمية (2)
- الجماعة الوباء (2)
- كولومبيا وحرمة الجامعات
- العلكة وربطة العنق
- كارثة سيول درنة (3)
- كارثة سيول درنة (2)
- كارثة سيول درنة
- في ذكرى النكبة الليبية - الحلقة الثالثة
- نداء الى حسن الامين
- إنتصارات العرب الوهمية
- مركز دراسات الوحدة العربية في الميزان
- وداعا بي بي سي عربي
- في ذكرى النكبة الليبية - الحلقة الثانية
- في ذكرى النكبة الليبية - الحلقة الأولى
- في ذكرى النكبة الليبية
- مأساة روسيا والعالم


المزيد.....




- -إيمان مع الجد الغالي-.. الأمير الحسين ينشر صورة ابنته مع ال ...
- خطة ترامب لغزة: تهديد وجودي للأردن؟
- السودان: الجيش يعلن استعادة السيطرة على قطاع رئيسي في العاصم ...
- السعودية.. وزارة الداخلية تعلن تنفيذ -حد الحرابة- في مواطن و ...
- مصر لترامب ونتنياهو.. رفض تهجير أهل غزة
- الطوارئ الروسية تنقذ 80 شخصا من وسط حريق في مبنى إداري في مو ...
- ما أبزر ملامح الحكومة اللبنانية الجديدة؟ وما التحديات التي ت ...
- إسرائيل تطلق سراح سجناء فلسطينيين بعد الإفراج عن ثلاث رهائن ...
- حكومة لبنانية جديدة تشق طريقها بين أثقال الماضي وتحديات المس ...
- -إصلاح وإنقاذ-.. حكومة نواف سلام تبصر النور وسط ترحيب


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسن البشاري - الليبيون والذوق العام