شكري شيخاني
الحوار المتمدن-العدد: 8247 - 2025 / 2 / 8 - 11:29
المحور:
كتابات ساخرة
مَرَّ المجرم من أمام باب المنزل الذي كان مفتوحًا بشكل بسيط، فقرر أن يفتح الباب ويدخل.
وعندما أصبح وسط المنزل وجد أبًا وابنته فأراد الإمساك بالفتاة بالقوة.
حاول الأب أن يحمي ابنته، ولكن المجرم لم يمهله كثيرًا وضربه على رأسه بحديدة كانت معه، فأرداه قتيلاً، فدخل الشرطي وشاهد المجررم ممسكًا بالفتاة لكي يمنعها من الصراخ، فأطلق النار عليه فتوفي على الفور.
هذه رواية "الشرطي"
بمجرد أن قلت لك أنه "مجرم"، بدأت تكرهه وأفعاله زادت من كرهك له حتى أنك فرحت لأن الشرطي قد قتله،
ولكن انتظر قليلًا لنسمع نفس الأحداث على لسان الفتاة:
"هذا ليس أبي بل زوج أمي، وكان كلما خرجت أمي يعتدي عليّ ويضربني، وكان يهددني إن لم أستجب له أنه سيضربني بالحديدة التي يحملها بيده، فصرخت بصوت عال، رغم أنني في المرات الماضية كنت أصرخ ولا أحصل على المساعدة، ولكن دخل على المنزل ذلك الرجل الطيب الذي سمعني والحمد لله كان الباب مفتوحًا، وعندما حاول زوج أمي مقاومته استطاع أن يأخذ منه الحديدة ويضربه على رأسه، ليسقط ميتًا على الأرض، ومع ذلك بقيت أصرخ من الخوف.
فجاء هذا الرجل الطيب واحتضنني ليهدئني، وفي تلك اللحظة دخل الشرطي وظن أنه يحاول أن يعتدي علي خصوصًا عندما رأى زوج أمي قتيلاً على الأرض فأطلق النار عليه فمات الرجل الطيب على الفور.
الآن حزنت على الرجل الطيب الذي هو نفسه المجرم قبل دقيقة أو دقيقتين وفرحت لمقتله.
فأنا بروايتين مختلفتين لنفس الحدث نقلتك من جهة إلى جهة أخرى، تلاعبت بك وبمشاعرك خلال دقيقتين أو ثلاثة.
ولكن هل تصدق أني لو رويت لك الأحداث على لسان "الأب أو زوج الأم"؛ سأجعلك تكره الفتاة ؟!
(فالذي تلاعب بك في الموقفين السابقين قادر على أن يتلاعب بك دائماً).
إن كان الحاضر الذي نعيشه يتم تزويره، فكيف نثق في الكلام المنقول لنا ؟!
عليك أن تكون حذرًا متيقظاً حتى لا تكون ألعوبة بيد
"المنافقين، الحاقدين، والحاسدين".
فكم من علاقة شخصية دمرت وأنتهت نتيجة النقل حسب الأهواء، فانتبه جيدًا قبل أن تحكم على أحد.
هذه الجريمة تحدث يوميًا في الإعلام وهي لعبة الإعلام ولعبة وسائل التواصل الاجتماعي ودردشات المقاهي والأركان وتوجد بكل مقام لا يعتليه قوله تعالى:
{فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين}.
الحذر وخصوصًا في علاقاتكم الاجتماعية وتعاملاتكم مع مختلف أطراف ذلك النسيج الرئيسي في المجتمع.
#شكري_شيخاني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟