نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث
(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)
الحوار المتمدن-العدد: 8245 - 2025 / 2 / 6 - 20:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الكثير من الثورات أو الانقلابات التي تحدث في المجتمعات الفقيرة أنتجت عنفاً في السلوك العام، خاصة في بداياتها، أنتجت فوضى مَسّت كل مفردات المجتمع، صنعت الطغاة، مارسوا كل أنواع الاضطهاد، هكذا بوعي أو بغير وعي، بجعل الجلادين أبطالاً يسحقون حقوق الإنسان حتى البسيط، هناك العقول المدبرة للثورات أو الانقلابات، الذين كثيراً ما يخطئون في تقرير المصائر، رغم كل الجهود التي يبذلونها في صناعة تاريخٍ جديد.
أكثر الثورات والانقلابات التي تحدث في أجواء الفقر والحرمان تنتج عنفاً غير منظم في مراحل الانتقال والتغيير، حيث ردود الأفعال العاطفية، بعيداً عن الوعي والمنطق.
في حالة الانقلابات كثيراً ما يكون هناك نقصاً في الوعي، وعدم إدراك المعنى الحقيقي للانتقام، والسياسة وتعقيداتها وصراع الأفكار تلعب دوراً في مجرى الأحداث.
إنها التجارب والصراعات تعيد نفسها، دون أخذ العبرة من التاريخ. لو سألنا أنفسنا؛ لماذا قتل الملك فيصل الأول والوصي عبد الإله والعائلة المالكة؟ لماذا سحلوه في شوارع بغداد؟ لماذا قتل الزعيم قاسم؟ لماذا كل انهار الدم في شباط 1963؟ لماذا كل ذلك العنف والكراهية؟ ماذا يحدث لو كانوا احياءً؟ لكانوا لهم الدور في وجود علاقات كبيرة في خدمة الوطن، لكانوا اليد الوطنية التي تبني الوطن، لكن شعور الانتقام كان اقوى.
لكل انقلاب حدث بتدخل يد من الخارج، الانقلابيون وضعوه أمام الكاميرا، وعلى الهواء مباشرة، وشخصيتان مأزومتان تبصق على الوجه وتضرب بالنعال، علماً أنه كان رجلاً متسامحاً، فلماذا عاملوه بهذه القسوة والإهانة؟ إنها السياسة الرعناء!
كان يحلم بوطن أكثر استقرار وزهواً، لكن الناس لم يخرجوا للدفاع عنه وعن الوطن، بل ظلوا متفرجين إلا أفراداً دافعوا عن الزعيم والوطن، ظلت اصوات المتفرجين مخنوقة ساكتة ساكنة، وصاروا يرونه في القمر يجلس على كرسيه، ينظر إلى ما وصل إليه الوطن، نسجوا صوراً وخرافات حول وجوده، فالخرافة دواء لجميع العلل، هذا ما رغب الطغاة به، حتى تركوا أنواعاً مختلفةً من عذابات الفقراء والمحرمين، تركوا بكل اشكالهم وتسمياتهم أنواع السياسة المبتذلة، لقنوا الشعوب الخوف والإذلال والفقر، تركوا الإنسان محطم الأفكار والأرواح مثل خرق بالية، تركوا الأمهات بحسراتهن منهزمات.
اليوم عندما ترغب بالتوثيق عن تلك الحقبة الزمنية تصل إلى حقيقة أن من يعمل فهو الشخص الغير مرغوب به، وهذه حقيقة مرة، لكن علينا أن نتجاهل الأنا من أجل هدفٍ واحد هو كتابة التاريخ دون الميول والاتجاهات والعواطف، الإيمان بالآخر وما يقدمه، التضحية دون مقابل. لكن ما كتبه البعض عن التاريخ وانجازاته وجدت فيه فقط التبجح، وهكذا حققوا الهدف.
#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)
Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟