|
ملطشة !
عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8244 - 2025 / 2 / 5 - 13:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قال الزبيدي في مُستدرك تاج العروس: اللطش، هو الضرب بجُمْع اليد. مَلْطَشَة باللهجة المصرية، وبنظيرتها الفلسطينية مَلَطَّة. والمعنى في الحالتين واحد، أي الشخص الذي يضربه كل من هبَّ ودب. وفي الأردن، يُستخدم تعبير ملطشة مقرونًا بالجُبن والحيط الواطي. وكلها تفيد السكوت على الإهانة والشتم وحتى الضرب. تداعيات استحضرها بمناسبة السلوك العنجهي المتعجرف للرئيس الأميركي "الخَالِع"، في التعامل مع العالم دولًا ورؤساء وحكَّامًا، وتهديداته الصريحة بفرض رسوم جمركية على كل دولة لا تعقد صفقات مع أميركا. ردود الفعل جاءت متفاوتة، فهناك من انتفض لكرامته وسيادة بلده، فَرَدَّ على ترامب بِندِّيَّة. في المقابل، سكت "البعض" على تعامل ترامب معه باستهانة واستخفاف، فقبِل لنفسه وبلده دور الملطشة، على طريقة من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرحٍ بميتٍ إيلام. على صعيد الذين ردُّوا لترامب الصاع صاعين، كما نقول في دارجتنا، يبرز في المقدمة التنين الصيني، وهو أهل للرد كقوة عظمى اقتصادية وعسكرية، تتهيأ لإشغال المرتبة الأولى في الاقتصاد العالمي. وقد جاء ردها موازيًا لقرارات الرئيس الأميركي "الخالع"، حيث رفعت الرسوم الجمركية على وارداتها من أميركا. وجدير بالإحترام والتقدير بشكل خاص، موقف كل من رئيسة المكسيك السيدة كلاوديا شينباوم ورئيسة وزراء الدنمارك مته فريدريكسن. الأولى قالت في تصريحات علنية تداولتها وسائل الإعلام العالمية إن اتهامات ترامب لبلادها "افتراء". وكأنها تقول إن رئيس أميركا كذاب أشر، وهو فعلًا كذلك. وكان الكذاب قد اتهم المكسيك بالتراخي في تهريب المخدرات إلى أميركا، وفي الهجرة غير الشرعية إلى جارتها الشمالية. وفي الرد على قراره برفع الرسوم الجمركية على واردات أميركا من المكسيك بنسبة 25%، قالت الرئيسة شينباوم بنبرة الواثق غير المرتجف:"ليس من خلال فرض الرسوم الجمركية نجد حلولًا للمشكلات، بل من خلال الحديث والحوار، كما فعلنا في الأسابيع الأخيرة مع وزارة خارجيته". هكذا قالت بالحرف: "...مع وزارة خارجيته"، وكأنها تتحدث عن نكرة وهي تقصد الرئيس "الخالع". وقالت بنبرة تحدٍّ:"رفع الرسوم الجمركية قد يضر بالقدرة التنافسية لأميركا، لجهة رفع الأسعار على المستهلكين خاصة، ويهدد ملايين الوظائف". وهدَّدت الرئيسة شينباوم، وهي بالمناسبة قومية يسارية، بتدابير جمركية وغير جمركية للدفاع عن مصالح بلادها. لم يجد "الخالع" بُدًّا من الرضوخ، آخذًا بنظر الإعتبار أن أميركا تستورد السيارات وأجهزة الكمبيوتر والمنتجات الزراعية من المكسيك. جرت اتصالات بين الجانبين، فقررت المكسيك إرسال عشرة آلاف عسكري من الحرس الوطني إلى حدودها مع أميركا لتجنب تهريب المخدرات. في المقابل، أعلن البيت الأبيض تعليق قرار رفع الرسوم الجمركية على الواردات من المكسيك. أما رئيسة وزراء الدنمارك السيدة مته فريدريكسن، فقد أعلنت في تصريحات لم ينتظرها العالم كثيرًا "أن جزيرة جرينلاند المتمتعة بالحكم الذاتي في مملكة الدنمارك، ليست للبيع". وقد جاءت تصريحاتها هذه ردًّا على هذيان رئيس أميركا "الخالع" ونيَّتِه جعل الجزيرة جزءًا من الولايات المتحدة، غير مُستَبعِدٍ استخدام القوة العسكرية والإبتزاز الاقتصادي لارغام الدنمارك على الرضوخ. عدا عن تصريحها المومأ اليه قبل قليل، حشدت رئيسة الوزراء فريدريكسن الدول الأوروبية في مواجهة غطرسة "الخالع" وعنجهيته، مؤكدة أن جرينلاند سيدة مستقبلها. وقبلها كان حاكم الجزيرة، ميوت ايجيدي، قد قال بصريح العبارة "لا نريد أن نكون أميركيين". بالطبع السؤال الأهم في سياق ما نحن بصدده، كيف واتت الجرأة هاتين السيدتين لتتحديا عنجهيًّا متغطرسًا مثل ترامب، يجلس على كرسي حكم دولة قوية وعدوانية شرٍّيرة، هي أميركا؟ الإجابة من دون مقدمات، مصدر قوة هاتين السيدتين المحترمتين هو ذاته سبب ضعف أولئك الحكام الذين يسوطهم ترامب بلسانه بين حين وآخر، ويتعامل معهم كتابعين يؤمرون فيطيعون. ولا يجرؤ أيٌّ منهم على الرد، فيبتلعون الإهانات ومعها ألسنتهم ! باختصار، السيدتان كلاوديا شينباوم ومته فريدريكسن منتخبتان من شعبيهما في انتخابات حرة نزيهة ضمن ديمقراطية حقيقية وليست ديكورية مزيَّفة ومُدَّعاة. هنا، هنا بالذات، مصدر قوة كل منهما يُضاف إليه التقدم العلمي والتكنولوجي. هذا المصدر تخشاه أميركا مهما بلغت قوتها وغطرسة "الخالع" خاصتها. أما العرب، فلم يعرفوا أسلوبًا لنقل السلطة منذ 1500 سنة على الأقل وحتى يوم الناس هذا، سوى الإنقلاب أو التوريث. لذا، يتعامل معهم متغطرس خالع، مثل ترامب، بهذا الحجم من الاستخفاف والاستهانة محكومين وحُكَّامًا. مقصود القول أخيرًا وليس آخرًا، سنظل ملطشة، ما دام أسيادنا في الجاهلية، هم ذاتهم أسيادنا في الإسلام. الاستبداد وحكم الفرد المطلق، لا يُنتجان سوى الضعف والهشاشة والخراب.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نكشة مخ (25)
-
لا خيار سوى الرفض والمقاومة.
-
بطلٌ في زمن العنجهية الأميركي
-
قلق مبرر ومخيف!
-
من يجرؤ على الهمس في إذن ترامب؟!
-
الكيان اللقيط يخسر معركة الصورة
-
نكشة مخ (24)
-
معايير الإعلام الفاشل الفاقد الرؤية.
-
مفاجآت غير سارة للكيان اللقيط
-
هل العقلية العربية خرافية؟!
-
من الذي فرض وقف إطلاق النار في غزة؟
-
الكيان اللقيط لم ينتصر
-
سلبطة أميركية
-
تلاعب السياسة والمصالح بالدين !
-
الإسلام دين وليس دولة
-
الأردن في دائرة الاستهداف الصهيوني
-
كلام في اشكالية السلطة السياسية !
-
من أسباب ضعفنا !
-
وماذا نحن في الأردن فاعلون؟
-
من أساليب انحياز الإعلام الأميركي للباطل !
المزيد.....
-
5 صيحات للأزياء يتوقعها خبراء الموضة في عام 2025.. ما هي؟
-
حسن البلام وداود حسين في أبوظبي.. ومعاً بمسلسل -السيرك- في ر
...
-
ثمّن مواقف السعودية ومصر والأردن.. أبو مازن يُعلق على تصريحا
...
-
مشاهد لحشود الجيش المصري تثير الذعر في إسرائيل (صور + فيديو)
...
-
بريطانيا عن خطط ترامب لتهجير أهالي غزة: الفلسطينيون يجب أن ي
...
-
الطفلة حبيبة ورحلة علاجها من غزة إلى الأردن
-
ماذا نعرف عن غزة على مر العصور؟ ولماذا وصفت بـ-بنت الأجيال-؟
...
-
خطة ترامب بشأن غزة -تتعارض مع القانون الدولي-
-
وزير خارجية إيران ردا على ترامب: سياسة -الضغط الأقصى- فشلت س
...
-
رونالدو يحتفل بعيد ميلاده الـ40.. مسيرة حافلة للاعب أسطوري
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|