خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8244 - 2025 / 2 / 5 - 06:57
المحور:
كتابات ساخرة
في قصرٍ مطليٍّ بالوهم، حيث تُنقشُ القرارات بمدادِ النفط وتُختَمُ بختم الدولار، اجتمع الأسياد حول رقعةِ الشطرنج. كان الملكُ يرتدي تاجًا من جماجم الأبرياء، والوزراء يُبدّلون مواقعهم بين الرقعة والطاولة، يتحدثون بلغة العقوبات والحصار، ويضحكون ضحكةً تُشبه قصفًا جويًا على عرسٍ في الشرق.
"كيف حال البيادق اليوم؟" سأل الوزير، وهو يمسح نظارته المصنوعة من زجاج نوافذ مدمّرة في غزة.
"تتقدّم كما نريد، وتتساقط كما نحب!" أجابه الملك وهو يحرّك قطعة صغيرة على الرقعة، فتنفجر مدينةٌ في أقصى الجنوب.
في الطرف الآخر من الطاولة، جلس الفيلُ الصهيوني، يتأمل الرقعة بعيونٍ جائعة، يحرك بيادقه كيفما شاء، لأن القانون لا يُطبَّق على الملوك وأفيالهم. أما الجنود، فهم مجرد إحصائيات في نشرات الأخبار، وأرقامٌ تُكتبُ في بيانات الإدانة ثم تُحذفُ في مداولات الغرف المغلقة.
لكن سيدي،" البيادق بدأت تتململ!" همس أحد المستشارين بحذر.
ضحك الملك وهو يُشعل سيجاره بلهبٍ مشتعلٍ من قريةٍ محروقة، ثم قال:
"دعهم يحلمون... سنُرسل لهم مبعوثًا للسلام، ومعه قافلة من قنابل الغاز المسيل للأحلام!"
في زاوية الرقعة، كان هناك بيدقٌ يحاول التقدّم، لكن الأسياد يعرفون القاعدة: البيدقُ الذي يصلُ للنهاية يُصبح ملكًا... ولذلك، لن يصل.
أما الرقعة، فهي ذاتها دائمًا: مربعاتٌ بيضاء لوعود السلام، وسوداء لمواكب الجنازات... واللعبة مستمرة!
لكن فجأة، اهتزت الطاولة، لم تكن زلزالًا، بل كانت صفعةً من التاريخ. بيادق الأمس، التي اعتادت أن تسقط بصمت، بدأت تتحرك بوعيٍ جديد. أحدهم قلب الرقعة، وآخر التقط حصاةً من ركام مدينته وقذفها نحو الملك. الوزير اختبأ خلف بيان استنكار، أما الفيل، فقد بدأ يدرك أن الرقعة لم تعد أرضًا آمنة.
من بعيد، سُمع صوتُ طفلٍ يقول: "هذه ليست لعبة... هذه بلادنا!"
وعندها فقط، أدرك الأسياد أن البيادق لم تعد بيادق… بل باتت جيوشًا تنهض من بين السطور، تحمل في يدٍ حجارةً، وفي الأخرى قدرًا لا يعرف الهزيمة!
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟