أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - الانقلاب الثقافي والتنمر الديسمبري














المزيد.....


الانقلاب الثقافي والتنمر الديسمبري


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8244 - 2025 / 2 / 5 - 02:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا خير في ود امرىء متلون إذا الريح مالت مال حيث تميل!*
الإمام الشافعي
تصاعدت نبرة الحديث عن تغييرات قادمة في المشهد السياسي السوري، في عشية تقدم "هيئة تحرير الشام" نحو حلب، ولاسيما في مرحلة ما بعد سقوط المدينة. إذ انتشرت الأخبار عن اتفاقات تُحاك خلف الكواليس، وأن تسليم السلطة سيتم على مرحلتين:
الأولى من الطاغية بشار الأسد، والثانية من أبي محمد الجولاني، الذي سيعود إلى إدلب، لتُترك مؤسسات الدولة بانتظار من يمثل مشروع "سوريا للسوريين".
-إنها بشرى كبرى
هكذا ردد الآلاف من النخب السورية ومن حولهم على امتداد البلاد!
فقد ارتفعت في هذه الفترة، أصوات متعددة، مُتباينة في توجهاتها ومواقفها، لتفرض رؤاها حول النظام، والمكونات السورية، ومستقبل البلاد. ومن الملفت أن بعض من كانوا ينادون بخطاب قومي أو يساري أو إسلامي، تحولوا فجأة إلى أبواق تدعو إلى إقصاء الآخر. ولم يعد هناك مكان للحوار، بل باتت القاعدة: "إما أن تفكر مثلي، أو أنت معادٍ وخائن..!؟

تبدل الولاءات
من التبعية للنظام إلى استغلال المرحلة الجديدة
ظاهرة تبدل الولاءات ليست جديدة في سوريا، بل إنها متجذرة في ثقافة الانتهازية السياسية، نتيجة الثقافة التي أنشأ عليها نظام البعث، أجيالاً عدة، لاسيما في زمني الأسدين الكبير والصغير. فبالأمس، كان بعض هؤلاء يناصرون النظام، يُؤلبون ضد أصحاب الرأي، ويُخوّنون كل من يعارضهم. فقد كانوا علمانيين وقوميين، واليوم أصبحوا "إسلاقومجيين"، يستقوون بالقوى الجديدة التي يعتقدون أنها ستسيطر على البلاد، ومنهم من يغازلها علناً، أو من يكاتبها، أو من ينافح عنها، ويخون كل مارق خارج عن الطاعة، بل ثمة من هم الأشد خطورة ألا وهم هؤلاء الذين يهددون، ويتوعدون، ويسوفون باسمها، لاسيما ضد الكرد والدروز، بعد أن ظنوا أن ما تم بحق العلويين يشفي غليل هؤلاء من متعطشي الدم، حتى من بين أوساط الكتبة، من دون أن تتم الدعوة لتقديم كل متورط إلى المحاكم، ولعل بعضهم يرى المتورطين من لم يلتحق بركب- الثورة السورية- ناسين أنهم نهلوا من حليب هذا النظام الذي كانوا هم أو ذووهم مجرد مصفقين له، وهذه بحد ذاتها من صنوف التورط غير المنظور له!
لو أن القوى القومية السورية، أو الماسونيين، أو حتى الإسرائيليين، أو الأتراك، أو الأمريكيين، أو الروس، تسلموا الحكم، لرأينا تسعين بالمئة من هؤلاء يصطفون معهم، ويسوغون سياساتهم كما فعلوا من قبل. لقد راينا في الماضي، كيف كان هناك من يهدد خصومه من أوروبا عبر استغلال علاقاته بالنظام. واليوم، بعض هؤلاء أنفسهم يهددون باسم المرحلة الجديدة، ويمارسون التنمر السياسي تحت رايات أخرى، بحق غيرالمنتمين لجلدتهم، باسم القومية أو المذهبية بما يتماشى مع رؤى السلطة الجديدة المتربعة على سدة الحكم.

التلاعب بالمبادئ من أجل المصالح

لقد كانت تروى في بيوتاتنا الكردية، وفي مضافات القرى، حكايات عن هؤلاء المتحولين، الذين غيروا مبادئهم كما يُغيّرون ثيابهم، وفقاً لما يخدم مصالحهم. رأينا من تبنى المذهب الشيعي لأجل المال والمناصب، ومن التحق بالجمعية المسماة ب " الإمام المرتضى" ليرتقي في سلم السلطة، ومن تربع في إدارات الدولة بأفضل الوظائف، ثم انقلب على الأسد الصغير، ظناً منه أن التغيير قادم لا محالة، على غرار ما جرى في تونس ومصر وليبيا واليمن والعراق.
والآن، نجد هؤلاء أنفسهم يتصدرون المشهد الجديد، بعضهم يصفق للسلطة الجديدة بتملق مقزز، وبعضهم يُهدد المختلفين باسمها، وكأنهم يملكون الحقيقة المطلقة. حيث بات كثيرون يرفعون رؤوسهم، متوهمين الشموخ، بعد أن انحنوا لسنوات للنظام، بينما يسخرون من أي مشروع وطني جامع، ويرفضون الاعتراف بخصوصيات الآخرين، إلا في إطار الفتات الذي يوزعونه على الهوامش.

نحو استقرار حقيقي لسوريا
رغم هذه التحولات، لا يزال الأمل في بناء سوريا الجديدة قائماً، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق دون مواجهة هؤلاء المتنمرين السياسيين، الذين لا يترددون في استخدام أي أداة لتحقيق مكاسبهم. إن نجاح أي مشروع سياسي في سوريا، لا بد أن يستند إلى العدالة والشراكة الحقيقية بين مكوناتها، بعيداً عن استغلال القوى والمراحل المتغيرة.
إنني، رغم موقفي من الطريقة التي وصل بها السيد أحمد الشرع إلى السلطة، ورغم التسويغات التي استخدمها لتقديم نفسه رئيساً مؤقتاً،- ولم أكن أتوقعها البتة-إلا أنني أرجو النجاح في المهمة التي كلف نفسه بها بطريقة غير شرعية، من أجل مستقبل سوريا. فهو يمتلك لغة سياسية معقولة وثقافة جيدة، لكن التحدي الأكبر أمامه هو التخلص من هذه الطفيليات السياسية، التي ستقفز إلى سفينة أي سلطة جديدة.
وإذا ما تغير الشرع، وجيء- لا سمح الله – بنسخة أخرى من البعث اليميني، أو البعث السوري، أو برئيس من السويداء أو الساحل، لرأينا الوجوه تُسوّغ لهذا القادم، بالقدر ذاته من الحماسة والانتهازية والنفاق!!.
إن التحولات السياسية السريعة التي شهدتها سوريا، كشفت عن ظاهرة "التنمر الديسمبري"، حيث يتحول بعض المتسلقين من تبعية إلى أخرى، دون خجل أو تردد. هؤلاء يشكلون خطراً على أي مشروع وطني حقيقي، لأنهم مستعدون لبيع مواقفهم في أي لحظة، وفقاً للرياح السياسية السائدة. ومن هنا، فإن سوريا بحاجة إلى استقرار حقيقي، مبني على قوى وطنية تؤمن بالديمقراطية والشراكة، لا على انتهازيين يُبدلون أقنعتهم مع كل مرحلة جديدة، كما نبدل أحذيتنا أو جواربنا...!
*هامش:
بين الشافعي أعلاه سمعته من أبي منذ طفولتي الأولى
-هكذا رضعنا ثقافة قول"لا"
وكملحق للملاحظة: حقاً لقد كنت أخال عروض صدر البيت إحدى مفردتي" متقلب"" متبدل" تناوباً، وليس لهذا التحسب أي بعد خارج تقسيم البيت الشعري.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة السورية و تشريح التشريح بين المسار والانحراف
- شارع مشعل التمو تخليد لرمز الحرية!
- خريطة مقابر السوريين: مأساة أمة مشرّدة بين المنافي والبحار
- الشيوعيون السوريون وقرار الحل: بين الامتحان والمراجعة
- الحربائيون:بين ألوان الولاء وسموم التحريض
- من يقنع سيادته أن يغادر القصر؟
- لغة البقر: خطاب التحريض وإعدام الآخر1
- الكرد بين نيران الاحتلال التركي ونداءات الوحدة
- الكرد السوريون وخطاب المهادنة: مراجعة تاريخية وواقع معاصر
- سوريا عبر التاريخ و تبدلات الأسماء والهوية الوطنية من المملك ...
- سوء استخدام ثنائية الأقلية والأكثرية: نقد قانوني وإنساني في ...
- تاريخ الأعلام السورية: من الاستقلال إلى الوحدة وما بعدها نحو ...
- بين فرحة الكرد وأصدقائهم: الرئيس مسعود بارزاني وتدشين مرحلة ...
- أخوة الكرد والعرب في سوريا: تاريخ مشترك ومسؤولية مصيرية
- حزب الملايين: كيف اختفى خلال ساعات؟ الأسدان الكبير والصغير أ ...
- اختلال المعايير: استتفاه الكبائر واستعظام الصغائر
- ما بعد سقوط الأسد: إعادة قراءة المشهد السوري
- بشار الأسد من بيت الأب إلى كرسي السلطة ومزارع المنفى
- في توصيف القيادة المطلوبة: رؤية في ضوء التاريخ والواقع
- التكاتف ضرورة في مواجهة التناقضات: دعوة إلى الكتابة بمسؤولية ...


المزيد.....




- إجلاء طفلة مصابة بمرض خطير من غزة.. إليك قصة حبيبة والمعاناة ...
- روبيو: الولايات المتحدة مستعدة لقيادة غزة وجعلها جميلة مرة أ ...
- -وول ستريت جورنال-: وكالة الاستخبارات المركزية CIA تعرض على ...
- جزار في خدمة الولايات المتحدة!
- الولايات المتحدة تعلق استقبال الطرود الدولية من الصين
- احتجاجات تطالب بإبعاد ماسك عن الحكومة الأمريكية (صور)
- دار أوبرا دمشق تحتضن أول أمسية سيمفونية منذ سقوط الأسد
- مباشر: السعودية تستبعد تطبيع علاقاتها مع إسرائيل دون إقامة د ...
- أصوات من غزة.. العائدون لبيت حانون في مواجهة رصاص الاحتلال
- الاحتلال يقصف طوباس ويعتزم بناء حي استيطاني في القدس


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - الانقلاب الثقافي والتنمر الديسمبري