أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ثامر عباس - سبل تطور الوعي التاريخي بين مفهومي (الاستمرارية) و(السيرورة)














المزيد.....


سبل تطور الوعي التاريخي بين مفهومي (الاستمرارية) و(السيرورة)


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8243 - 2025 / 2 / 4 - 13:53
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لعله من قبيل تكرار القول ؛ ان المجتمعات ذات الخزين التراثي المتقادم والانجاز الحضاري المتراكم ، غالبا"ما تميل الى ترجيح كفة (الاستمرارية) التاريخية على كفة (السيرورة) في مضمار نشر (الوعي) بأحقاب تبلور تاريخها ومراحل تمظهر حضارتها ليس فقط على صعيد نخبها الفكرية والسياسية والإيديولوجية الحاكمة فحسب ، بل وكذلك على صعيد مكوناتها السوسيولوجية وجماعاتها الانثروبولوجية المحكومة ، وذلك بصرف النظر عن تجانس الرؤى وتوافق المصالح بين تلك النخب من جهة ، وبين تلك المكونات والجماعات من جهة أخرى . إذ ان معيار النجاح ومقياس النجاعة في هذا المضمار يقوم على (قدرة) الطرف الأول في تسويغ مواقفه وتبرير ممارساته (تحقيق الهيمنة) من جانب ، ومن جانب ثان ، (استعداد) نفسي و(قبول) ذهني من لدن الطرف الثاني ، حيث التماهي الإيديولوجي والخضوع السياسي مع السرديات التاريخية الرسمية التي تروجها السلطة .
ولغرض تبرير الاحتكام لهذه الضرورة وتسويغ الاستجابة لمتطلباتها ، حري بنا ، قبل ذلك ، الإشارة الى الفرق / الاختلاف ما بين دلالات كل من مفهوم (الاستمرارية) من جهة ، وبين نظيره مفهوم (السيرورة) من جهة أخرى . حيث ان الكثير من الكتاب والباحثين لا يراعون هذه الفروق والاختلافات بينهما ، إن لم يميلوا الى المماثلة بين كلا المفهومين كما دلت الكثير من الوقائع والمعطيات . ففيما يتعلق بالمفهوم الأول ؛ فهو يتضمن معنى ان مسار التاريخ هو مسار (خطي) غير قابل للارتداد أو الانحراف أو الانقطاع . أي أنه مسار (تصاعدي) يبدأ من الجزء الى الكل ومن البسيط الى المركب ، وإذا ما حصل خلل ما في هذه (الاستمرارية) لسبب ما ، فان ذلك لا يخرج عن كونه تعبير عن ظرف طارئ أو عارض مؤقت ، حيث لا تلبث تلك الاستمرارية أن تستأنف حراكها باتجاه آفاق التقدم والتطور . هذا في حين يشي المفهوم الثاني بمعنى ؛ ان مسار التاريخ هو مسار مشحون بالتناقضات والمفارقات والصراعات التي من شانها تغيير طبيعة (الحدث) أو ماهية (الواقعة) أو نمط (الظاهرة) من حالة / وضعية الى أخرى ، وفقا"لاشتراطات الظروف الاقتصادية والأوضاع الاجتماعية والأنساق الثقافية والديناميات النفسية والسياقات التاريخية . بحيث يصعب التكهن أو التنبؤ بما ستؤول إليه النتائج والحصائل الناجمة عنها .
ولسنا هنا في وارد تقديم الدلائل وسوق البراهين التي تثبت ان الغالبية العظمى ممن ولجوا حقول التاريخ وتعاطوا مع مواضيعه ومباحثه ، كان خيارهم يرتكز على مفهوم (الاستمرارية) بشكل تلقائي ، رغم كونهم محاطين بهذا الكم الهائل من النكسات والانكسارات والانهيارات ، التي لا تفتأ تقضّ مضاجعهم وتقلق سكينتهم وتثير حيرتهم . ذلك لأن تركيبة (الوعي التاريخي) التي تمثلوا منطقها واستلهموا منهجيتها واستمرأوا قيمها ، حالت دون تمكينهم من الوصول الى مكامن الأسباب الفعلية والدوافع الحقيقية المسؤولة عن صيرورة تلك الأحداث والوقائع والظواهر على هذا النحو المليء بالفواجع والمكتنز بالكوارث . ذلك لأن الإصرار على التمسك بمفهوم (الاستمرارية) التطورية يتعارض جذريا"مع منطق (السيرورة) الجدلية ، حيث ينبغي توقع حدوث (الارتداد) أو (الانقطاع) أو (الانحراف) في كل لحظة وعند كل منعطف .
ولعل ما يفرض علينا مراعاة هذه الضرورة والاحتكام الى منطقها ، هو ان التاريخ لا يعدو أن يكون سجلا"شاملا"يحتوي متنه على كل ما اجترحته – وستجترحه - البشرية عبر مسارها الطويل ؛ من أفعال وأقوال ، من علاقات وتصورات ، من حروب وصراعات ، من ثقافات وحضارات . بمعنى أنه صنيعة إنسانية بامتياز ساهم في تكوينه عاملين أساسين هما ؛ الأول وهو (الإرادة) الذاتية ، والثاني وهو (الوعي) الاجتماعي . وحيث ان الإرادة تسيرها الأهواء المتقلبة والنوازع المتصارعة التي يحركها بندول المنافع والمصالح ، مثلما ان الوعي مرهون بمستوى النضج المعرفي والإدراكي للمجتمع الذي تتحكم فيه الخلفيات والمرجعيات والأصوليات . بات من الحكمة التخلي عن تصور ان حركة التاريخ تعتمد خلال مسارها على مفهوم (الاستمرارية) التصاعدية ، الذي غالبا"ما يفضي لارتكاب الأخطاء في تقييم الأحداث ويقود للفشل في تحليل الوقائع من جهة ، والاحتكام الى مفهوم (السيرورة) الجدلية الذي من شأنه ليس فقط منحنا القدرة على فهم واستيعاب ما يجري في الواقع المعاش من تناقضات اجتماعية وتقاطعات سياسية وصراعات إيديولوجية فحسب ، بل وكذلك يمهد أمامنا منحى الآفاق المستقبلية التي يمكن توقعها والاستعداد لها ، بأقل الكلف المادية والبشرية والمعنوية التي يمكن استثمار رصيدها لاحقا"، كمرتكزات لتسريع عمليات التقدم العلمي والتطور الاجتماعي والرقيّ الحضاري .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات حول مقال (لجان مناقشة الرسائل الجامعية ليست لجان إغا ...
- (البرودويلية) ومنهجية البحث في تاريخ العراق
- ماركس ومجتمعات ما قبل الكونوليالية - قراءة في كتاب (ماركس وم ...
- مثقفو الطوائف وفتوحات عصر الذكاء الاصطناعي !
- الخلفيات التاريخية ودورها في المسارات الاجتماعية
- مصائر الرأسمال الرمزي في عصر الرقمنة !
- الاصول الماركسية للتاريخ من أسفل
- اتهام موروثنا الأسطوري ومساءلة وعينا التاريخي : العبرة والاع ...
- انثروبولوجيا المكان بين الأصول الريفية والميول الحضرية : روا ...
- التاريخ والمؤرخ والوثيقة التاريخية : تفاعل لا تفاضل
- أخلاق الثقافة وثقافة الأخلاق
- الخطاب الثقافي والأجيال البينية : قراءة في اجتهادات أستاذ ال ...
- حدود البنية (اللوجستية) في صيرورة الهوية الوطنية
- مرض عضال الثقافة العراقية : ظاهرة التكاره بين المثقفين !
- المؤرخ وتبعات انبهاره بالتاريخ
- (المثقف) حين يمتهن التجارة !
- بمناسبة الذكرى (150) لميلاد الصحافة العراقية - نقابة الصحفيي ...
- العشائر والشعائر : الفزعة القبلية والنزعة الاستعلائية !
- الانثروبولوجيا الماركسية وتمرحل أنماط الانتاج
- دعائم الليبرالية وتمائم البطريركية (مقاربة للحالة العراقية)


المزيد.....




- أصالة تعلق على حفلي محمد عبده في الرياض: -المطرب الأول والأه ...
- فستان عاري يخطف الأنظار في حفل جوائز الغرامي.. هل انتهكت بيا ...
- 200 زلزال خلال 4 أيام.. الزلازل تضرب -جزيرة إنستغرام- في الي ...
- الكويت.. مرسوم أميري بتعيين الشيخ عبدالله السالم وزيرا للدفا ...
- -هجوم ترامب على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية اعتداء على ...
- مصادر سورية: الجيش الإسرائيلي يتوغل داخل بلدة المعلقة بريف ا ...
- ما هي الثمار التي سيقطفها نتنياهو من زيارته إلى واشنطن؟
- ردا على واشنطن.. الصين تعلن فرض رسوم جديدة على المنتجات الأم ...
- فريق طبي سعودي يصل إلى دمشق لدعم القطاع الصحي وإجراء العمليا ...
- سوريا..الجيش الإسرائيلي يتحدى وجود الوفد الأممي ويفتش منازل ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ثامر عباس - سبل تطور الوعي التاريخي بين مفهومي (الاستمرارية) و(السيرورة)