أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - آلان وودز - ما هي الحقيقة؟















المزيد.....


ما هي الحقيقة؟


آلان وودز
(Alan Woods)


الحوار المتمدن-العدد: 8243 - 2025 / 2 / 4 - 00:24
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


افتتاحية آلان وودز للعدد الجديد لمجلة “الدفاع عن الماركسية”

“ما هي الحقيقة؟” قال بيلاطس مازحا؛ ولم ينتظر ليسمع الإجابة.

هكذا تبدأ مقالة فرانسيس بيكون، عن الحقيقة. وكان بيكون يحيل إلى إنجيل القديس يوحنا، حيث قال يسوع، عندما سأله الحاكم الروماني: “قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق”.

وردا على ذلك، نطق بيلاطس، بجرعة ثقيلة من السخرية، بالكلمات التالية: “ما هي الحقيقة؟”. بهذه العبارات القليلة أظهر بيلاطس أنه لم يكن كلبيا بالمعنى الحديث للكلمة (رغم أنه كان كذلك على الأرجح)، بل أظهر أنه كان رجلا متعلما، ومؤمنا بوجهة نظر كانت رائجة بين الطبقات العليا الرومانية المثقفة والمتعبة من العالم في ذلك الوقت.

لم ينتظر بيلاطس الإجابة لسبب بسيط، وهو أنه لم يكن يعتقد أن هناك إجابة ممكنة. فقد أكدت إحدى الفلسفات الرائجة آنذاك -والتي كانت نتاج مجتمع يحتضر- أنه من المستحيل التوصل إلى أي مفهوم موضوعي للحقيقة.

إن هذا النوع من الذاتية المتطرفة (المثالية الذاتية) ليس جديدا. فهو يظهر بشكل دوري في الفلسفة كنوع من التشنج العصبي، أو بالأحرى، نوبة يأس من الوصول إلى أي شيء قد يشبه الحقيقة الموضوعية.

وقد وجد تعبيره الأكثر اكتمالا واتساقا في كتابات السفسطائي اليوناني الشهير، جورجياس الليونتيني، الذي أكد أنه: (1) لا شيء موجود؛ (2) حتى لو كان موجودا، فلا يمكن فهم طبيعته؛ و(3) حتى لو كان من الممكن فهمها، فإنه لا يمكن نقلها إلى شخص آخر.

إن السفسطائيين مثل جورجياس هم أسلاف وجهة النظر الفلسفية المعروفة باسم الشكوكية (Scepticism). وعلى العموم، لم يذهب هيوم وكانط إلى أبعد من ذلك بكثير. إنها كلها تنويعات عن نفس الموضوع. وقد تم نقلها إلى أقصى حدودها على يد الأسقف بيركلي، الذي أجاب عنه لينين بالتفصيل في أحد أهم أعماله النظرية: “المادية والنقد التجريبي”.

لكن ربما كان الممثل الأكثر تأثيرا لهذا النوع من الشكوكية هو الفيلسوف الألماني العظيم، في القرن الثامن عشر، إيمانويل كانط.

كانط

لتحميل العدد: اضغط هنا
كان كانط واحدا من أكثر المفكرين أصالة وأهمية في عصره. فقد توصل إلى عدد من الاكتشافات الرائعة، وخاصة في مجال علم الكونيات (Cosmology). لكنه لم ينجح قط في الإفلات من فخ الثنائية الفلسفية، التي تؤكد أن عالم الفكر والعالم المادي موجودان بشكل مستقل عن بعضهما البعض.

وعندما اكتشف وجود تناقضات لا يمكن حلها في الطريقة التي نفهم بها العالم المادي، استنتج أنه لابد وأن يكون هناك حد مطلق لقدراتنا على الفهم.

كان يعتقد أن هناك هوة لا يمكن ردمها بين الذات المفكرة وبين موضوع الإدراك. ووفقا للنظرية الكانطية، فإننا نعزل أنفسنا عن الواقع من خلال الأدوات ذاتها التي نستخدمها عبثا لفهمه.

ولذلك فقد زعم أنه لا يمكننا أن نمتلك إلا معرفة الظواهر، أي الأشياء كما تبدو للمراقب. وهكذا اقتصرت المعرفة البشرية على المعرفة المباشرة للإدراك الحسي، والتي يكمن وراءها “الشيء في ذاته” الغامض (das Ding an sich)، والذي أعلن أنه غير قابل للمعرفة.

الشكوكية اليوم
ومنذ كانط، عادت الشكوكية إلى الظهور مرارا وتكرارا في أشكال مختلفة. قد يكون كل شكل مختلفا عن الآخر، لكن المحتوى الأساسي يظل كما هو: المعرفة البشرية محدودة وهناك أشياء معينة لا يمكن معرفتها أبدا.

ويفترض بعض الفلاسفة (الذين للمفارقة يتخذون التجريبية كنقطة انطلاق لهم) أن العالم غير موجود على الإطلاق. في حين يحاول آخرون التهرب من القضية تماما، مدعين أن الصراع بين المثالية والمادية “ليس قضية”، وأنه مجرد نتاج لإساءة استخدام اللغة أو لسوء الفهم.

نفس ذلك الموقف المتشكك يمكن أن نراه اليوم في عالم الأوساط الأكاديمية، حيث تم مؤخرا استخراج نفس الأفكار القديمة العفنة والمشوهة من سلة مهملات التاريخ وإحياؤها تحت ستار ما يسمى بما بعد الحداثة.

هنا، وراء قناع رقيق من الموضوعية الزائفة، تقف النرجسية المتأصلة للمثقف البرجوازي الصغير مكشوفة بكل مجدها المزيف. وباتباعها لهذا المسار المبتذل، انتهت الفلسفة البرجوازية الحديثة إلى طريق مسدود.

فعوضا عن الحقيقة، كل ما لدي هو حقيقتي فقط، ورأيي الشخصي فقط، لأن هذا هو كل ما يمكنني أن أطمح إلى معرفته. هنا ينتهي البحث عن الحقيقة الموضوعية الحقيقية إلى الفشل، لأن حقيقتي لا تقل جودة عن حقيقتك. بل في الواقع، وفقا لهذه النظرية، فإن حقيقتي متفوقة بلا حدود، لأنني وحدي موجود.

تيار غير عقلاني
دعونا نكن واضحين بشأن هذا: إذا قبل المرء بوجهة النظر هذه، فسوف يعني ذلك ليس نهاية كل الفلسفة فقط، بل ونهاية الفكر العقلاني بشكل عام. وسوف يختزل كل الفكر إلى مجرد ذاتية ونسبية مطلقة، حيث تكون حقيقتي بنفس جودة “حقيقتك”، لأن كل حقيقة هي مجرد رأي ذاتي.


إننا نعني بالحقيقة: المعرفة البشرية التي تعكس بشكل صحيح العالم الموضوعي وقوانينه وخصائصه./ الصورة: لوحة “المسيح أمام بيلاطس”. ماتياس ستوم (حوالي: 1640)
وبدلا من المعرفة، لن يكون لدينا سوى الرأي. وبدلا من العلم سيكون لدينا الإيمان.

نحن الماركسيون باعتبارنا ماديين منسجمين، نرفض وجهة النظر هذه. تؤكد المادية الفلسفية على أولوية المادة على الفكر وتشرح أن الفكر، والأفكار وما إلى ذلك، ليس سوى خصائص للمادة المنظمة بطريقة معينة.

لذا فلنأخذ على عاتقنا عناء الإجابة على السؤال الذي طرحه بيلاطس البنطي. إننا نعني بالحقيقة: المعرفة البشرية التي تعكس بشكل صحيح العالم الموضوعي وقوانينه وخصائصه.

إن العلم بأكمله يقوم على حقيقة مفادها أن:

أ) العالم موجود خارج ذواتنا، و

ب) من حيث المبدأ، يمكننا أن نفهمه.

والدليل على هذه التأكيدات، إذا كانت تحتاج إلى دليل، يتلخص في أكثر من 2000 عام من تقدم العلم، أي من الانتصار المطرد للمعرفة على الجهل.

من الواضح أنه في كل فترة زمنية معينة، ستكون هناك بطبيعة الحال العديد من الأشياء التي لا نعرفها. ولأن الطبيعة تكره الفراغ، فإن تلك الفجوات في معرفتنا يمكن أن يتم ملؤها بسهولة بجميع أنواع الهراء الديني والصوفي. إن ما يسمى بـ“مبدأ عدم التحديد” الذي يتناوله بن كيري في مقاله عن المثالية في الفيزياء الكمومية، هو مثال رئيسي على هذا التصوف في عالم العلم. إنه يعادل تلك الخرائط القديمة للعالم، حيث كان يتم وضع علامة على المناطق غير المستكشفة بكلمات: “هنا توجد وحوش”.

لكن هناك فرق كبير بين قول: “لا نعرف”، وقول: “لا نستطيع أن نعرف”. هناك دائما أشياء كثيرة لا نعرفها. ولكن ما لا نعرفه اليوم، سنعرفه بالتأكيد غدا. سيرورة معرفة العالم تتقدم بالضبط من خلال اختراق أسرار الطبيعة، وتقدم وتعميق معرفتنا بالعالم المادي بشكل مطرد.

من الجهل إلى المعرفة
إن البحث عن الحقيقة هو سيرورة لا تنتهي من التعمق أكثر فأكثر في فهم الطبيعة. تقدم العلم هو سيرورة مستمرة من التأكيد والنفي، حيث تقوم فكرة بنفي أخرى، ليتم نفيها هي بدورها، كما يوضح آدم بوث في مقاله عن أزمة العلم اليوم. هذه السيرورة ليس لها حدود. إنها لا تعرف حواجزا لا يمكن عبورها، وكلما صادفت حاجزا، تقوم في النهاية بتجاوزه ونفيه.

وبالتالي فإن التناقض بين “الذات” الواعية وبين “الموضوع” الخارجي يتم التغلب عليه من خلال سيرورة المعرفة، والتغلغل بشكل أعمق في العالم الموضوعي، ليس فقط عن طريق الفكر، بل وقبل كل شيء من خلال تطبيق قوة العمل البشرية، التي حولت بها البشرية العالم، وفي تلك السيرورة، حولت نفسها أيضا.

إن تاريخ العلم بأكمله ليس سوى صراع دائم للوصول إلى الحقيقة، والانتقال من الجهل إلى المعرفة. ويتميز هذا البحث الذي لا ينتهي عن الحقيقة بصعود وهبوط نظريات مختلفة، كل منها تتناقض مع التي سبقتها، لكنها في نفس الوقت تحتفظ بمحتواها الأساسي.

في كتابه الرائع بعنوان “بنية الثورات العلمية” (والذي نُشر لأول مرة عام 1962)، يعرِّف توماس كون النموذج (Paradigm) العلمي على أنه: “الإنجازات العلمية المعترف بها عالميا والتي توفر، لفترة من الوقت، مشاكلا وحلولا نموذجية لمجتمع من الممارسين”.

لفترة من الوقت، يُنظر إلى النموذج القائم على أنه صالح وصحيح تماما. تمثل تلك الفترات الطويلة من الاستمرارية والتقدم التراكمي فترات من “العلم الطبيعي”. حيث يكون النموذج القائم مقبول عالميا، وهذا هو ما يسمح للعلم بالتقدم بشكل منظم، ضمن إطار نظري مقبول عموما.

ومع ذلك فإنه يجب اختبار جميع النظريات باستمرار من خلال الملاحظة والتجربة. وعلى مدار فترة من الزمن، ستظهر بعض الحالات الشاذة، لكن يبدو أن تلك الحلات لا تشكل تحديا جديا للنماذج القائمة. لكن وعند لحظة معينة، يتحول الكم إلى كيف. تتراكم التناقضات، وتؤدي في النهاية إلى انهيار النموذج القديم، الذي يجب استبداله بنموذج جديد ومتفوق. تحدث آنذاك فجأة قطيعة في الوضع القائم بفعل فترات من “العلم الثوري”.

والمثال الصارخ على الأزمة الكونية [نسبة إلى توماس كون] والثورة العلمية يحدث حاليا أمام أعيننا -أو بالأحرى خلف الأبواب المغلقة- في مجال علم الكونيات. فعلى مدى عقود من الزمان، كان الفهم العلمي ودراسة الكون يستندان إلى ما يسمى بـ“النموذج القياسي” (‘Standard Model’). والذي يتضمن التأكيد على أن كلا من المادة والزمن والمكان قد نشأوا نتيجة لـ“انفجار عظيم” متفرد، يُقدَّر أنه حدث منذ نحو 14 مليار سنة.

ومع ذلك، فإن الملاحظات الأخيرة للمجرات البعيدة التي قدمها تلسكوب جيمس ويب الفضائي، بدأت تلقي بظلال من الشك الجدي على هذه النظرية التي كانت مقبولة عموما. ففي حدود نموذج الانفجار العظيم، ليس من المعقول أن تكون تلك المجرات البعيدة كبيرة ومتطورة كما هي فعلا. أو بعبارة أخرى، فإن الأدلة الحديثة تشكل شذوذا كبيرا، يتناقض مع النموذج الحالي.

وكما تنبأ كون بالضبط، فقد أثار ذلك أزمة داخل المجتمع العلمي. قسم من هؤلاء يدفن رأسه في الرمال، ويحاول تقديم المزيد من التبريرات لجعل الحقائق تتناسب مع نظريته المحطمة، بينما قسم آخر يشعر بالاستياء، ويبدأ في التشكيك في النموذج بأكمله، والذي تقوم عليه المسارات المهنية للعديد منهم وسمعة الكثيرين منهم.

في الوقت الحالي، تجري هذه المناقشات إلى حد كبير بعيدا عن الأنظار، بين أسوار المؤسسة العلمية وبعيدا عن أعين المتطفلين. ولكن في نهاية المطاف سوف تنفجر الأزمة داخل علم الكونيات في العلن، مما سيمهد الطريق لتحول نموذجي -ثورة- في ساحة الفيزياء الأساسية.

نسبية أم مطلقة؟
نستمر، لفترة طويلة من الزمن، في تقبل النموذج القائم باعتباره حقيقة مطلقة. لكن وفي نهاية المطاف، عندما تكشف الحقيقة المطلقة عن طبيعتها غير المكتملة والمتناقضة، تصير طبيعتها النسبية العابرة واضحة. لكن هل يحق لنا أن نستخلص من هذه الحقيقة استنتاجا مفاده أن الحقيقة غير موجودة، وبالتالي فإنه، كما افترض بيلاطس البنطي، من غير المجدي حتى محاولة تعريفها؟

كلا! ليس من حقنا أن نستنتج أي شيء من هذا القبيل. إن الحقيقة ليست شيئا مطلقا، ثابتا ومعطى إلى الأبد. إنها سيرورة تتحرك عبر دورة لا تنتهي من التناقضات والتأكيدات والنفي المستمرة. لقد أدى تاريخ العلوم والتكنولوجيا ومسار التطور الاجتماعي البشري بأكمله إلى تحديد المعرفة وتعميقها والتحقق منها.


إن سعي البشرية إلى المعرفة سوف يصطدم دائما بحواجز تبدو للوهلة الأولى غير قابلة للتجاوز./ الصورة: لوحة “المرآة الكاذبة”، رينيه ماغريت
بهذا المعنى (وبهذا المعنى وحده) يمكن القول إن الحقيقة نسبية. إنها سيرورة التطور المتقدم باستمرار، والتي لا تتوقف أبدا، بل تسعى باستمرار إلى التعمق في أسرار الكون. وهذا هو الموضوع الذي تناوله غوته في تحفته الملحمية “فاوست”، والتي يحللها جوش هولرويد في هذا العدد.

هذا هو ما لا يسمح للحقيقة بأن تتحول إلى عقيدة جامدة (Dogma)، وذلك لأننا لن نصل أبدا إلى مطلق ثابت، لأن الكون ذاته لانهائي، ويتغير باستمرار، وبلا بداية ولا نهاية.

إن الحقيقة لا يمكن العثور عليها في نتيجة نهائية خيالية تقدم الحل لكل الشكوك والصعوبات التي تواجهنا، بل في سيرورة الاكتشاف التي لا نهاية لها والتي هي وحدها ما يسمح لنا بالكشف تدريجيا، خطوة بخطوة، عن أسرار الكون المادي الرائع والمعقد والجميل إلى ما لا نهاية.

كتب هيغل في علم المنطق أن من طبيعة المحدود أن يتجاوز حدوده، وينفي نفيه، ويصبح لا محدودا.

هذه حقيقة عميقة للغاية. فسعي البشرية إلى المعرفة سوف يصطدم دائما بحواجز تبدو للوهلة الأولى غير قابلة للتجاوز. لكن تلك الحواجز يتم التغلب عليها في النهاية، فقط لإنتاج حواجز وتحديات جديدة، والتي بدورها يتعين التغلب عليها.

إذا كنا نبحث عن حقيقة مطلقة تسمح لنا في النهاية بالقول: “لقد فهمنا الآن كل شيء، ولم يعد هناك ما نكتشفه”، فلن يأتي ذلك اليوم أبدا.

إن الكون لا نهائي، لكن قدرة المعرفة البشرية لا نهائية مثل الكون نفسه. والمطلق الوحيد هو التغيير.

وفي آخر المطاف هذه السيرورة التي لا نهاية لها من تعميق المعرفة بالكون، هي وحدها التي تشكل الحقيقة.

ماذا يعني هذا بالنسبة للماركسية؟
وما هي الخلاصات التي يمكن أن نستخلصها فيما يتعلق بالماركسية نفسها؟ وهل نستطيع أن نقول إن أفكار ماركس وإنجلز ستبقى صالحة إلى الأبد؟ يبدو أن هذا يتعارض مع الجوهر الديالكتيكي للماركسية نفسه.

من العقيم أن نحاول توقع كل التغيرات المعقدة والعديدة التي سيعرفها الفكر البشري حتما في المستقبل. ولا أرغب في الانخراط في مثل تلك التكهنات الفارغة. لكننا نستطيع أن نجزم بأن أفكارا جديدة سوف تظهر في وقت ما في المستقبل، وسوف تحل محل الأفكار القديمة، ولو أنها، كما شرح هيغل، غالبا ما تكون سيرورة للتخلص من الأفكار الخاطئة، مع الحفاظ على كل ما كان قيما ومفيدا وضروريا من الماضي.

ولابد أن تنطبق هذه الملاحظة على الماركسية، كما تنطبق على كل شيء آخر. لكن في هذه المرحلة من الزمن، قد اكتسبت أفكار الماركسية بلا أدنى شك الحق في أن تؤخذ على محمل الجد باعتبارها دليلا ضروريا للعمل. وهو ما لا يمكن أن نقوله عن الأفكار البائسة التي تتبناها البرجوازية، والتي ثبت زيفها في مختلف المجالات، الواحد منها تلو الآخر.

يكفي أن نشير هنا إلى حقيقة مفادها أن عددا متزايدا من خبراء الاقتصاد البرجوازيين قد صاروا يدرسون الآن صفحات كتاب رأس المال في محاولة لفهم الأزمة الحالية التي تعيشها الرأسمالية، والتي لم يتمكن أي منهم من التنبؤ بها أو تفسيرها.

لقد جعلت طوال حياتي من دراسة الماركسية شغلي الشاغل. كما أني تكبدت عناء قراءة أعمال منتقدي الماركسية ودرست عددا من النظريات البديلة. لكنه لا يمكن مقارنة أي من تلك النظريات ببراعة وعمق تلك المجموعة الهائلة من الأعمال التي أنتجها ماركس وإنجلز ولينين وتروتسكي.

وحدها هذه الأفكار هي التي صمدت أمام اختبار الزمن. وبالتالي يمكننا أن نترك للمستقبل أن يزودنا بشيء أفضل. لكن وإلى أن يأتي ذلك اليوم السعيد، سوف أستمر في الاعتماد على الأسس المتينة للاشتراكية العلمية، والتي سأستمر، إلى أن يتمكن أحد من إقناعي بالعكس، في اعتبارها حقائق مطلقة، على الأقل في الوقت الحاضر. وهذا يكفي تماما.



#آلان_وودز (هاشتاغ)       Alan_Woods#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
- هل الفن ضروري؟
- عجوز غاضب، أوكراني مختل، وحرب عالمية ثالثة
- فوز ترامب: ركلة في وجه الإدارة الأمريكية
- هل نواجه حربا عالمية ثالثة؟
- أزمة الشرق الأوسط: السير الحثيث نحو الهاوية
- مغامرة السيد فولوديمير زيلينسكي المذهلة في كورسك
- مذكرة الاعتقال الدولية: هل سيمثل نتنياهو أمام المحكمة الجنائ ...
- هجمات إيران: مقامرة نتنياهو الخطيرة
- لماذا نحتاج إلى أممية شيوعية؟
- معركة لينين الأخيرة
- الشرق الأوسط على حافة الهاوية: الإمبرياليون يسكبون الزيت على ...
- عالم بلا مشاكل: رسالة آلان وودز للعام الجديد 2024
- الاغتراب والمجتمع
- ثورة ماركس في الفلسفة – تأملات في أطروحات فيورباخ
- من قتل بريغوجين؟
- مقدمة للطبعة المكسيكية لكتاب لينين “الامبريالية أعلى مراحل ا ...
- وفاة سييفا فولكوف، حفيد تروتسكي: نعي مناضل عظيم
- دون كيشوت، وإسبانيا في عصر سرفانتس
- روسيا: من الثورة إلى الثورة المضادة – الحزب والطبقة


المزيد.....




- حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرارات الاضراب العام الوحد ...
- ألمانيا: آلاف المتظاهرين في برلين احتجاجا على -التقارب- بين ...
- الجامعة الوطنية للتعليم FNE تدعو للمشاركة في الإضراب العام ...
- قبل 3 أسابيع من التشريعيات.. مظاهرة حاشدة في ألمانيا ضد التق ...
- ما قصة أشهر نصب تذكاري بدمشق؟ وما علاقته بجمال عبد الناصر؟
- الاشتراكيون بين خيارين: اسقاط الحكومة أم اسقاط الجبهة الشعبي ...
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تعمل من أجل إنجاح الإضراب الع ...
- تعليم: نقابات تحذر الحكومة ووزارة التربية من أي محاولة للتم ...
- تيار البديل الجذري المغربي// موقفنا..اضراب يريدونه مسرحية ون ...
- استمرار احتجاجات ألمانيا ضد سابقة تعاون المحافظين مع اليمين ...


المزيد.....

- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ... / بندر نوري
- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - آلان وودز - ما هي الحقيقة؟