أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حيدر داخل الخزاعي - المكانة الاجتماعية بين القيم الاخلاقية واستعراض المظاهر














المزيد.....


المكانة الاجتماعية بين القيم الاخلاقية واستعراض المظاهر


حيدر داخل الخزاعي

الحوار المتمدن-العدد: 8243 - 2025 / 2 / 4 - 00:19
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تختلف المجتمعات في معاييرها لتقييم افرادها، فبعضها يركز على القيم الأخلاقية، والعمل، والنزاهة، بينما يتبنى البعض الآخر مقاييس سطحية تعتمد على المظاهر الخارجية والمكانة المادية، هذه المعايير تلعب دوراً جوهرياً في تحديد مكانة الإنسان داخل المجتمع ومستوى احترامه وتقديره، مما يثير تساؤلات حول أثرها على بنية المجتمع، ولا سيما في العراق ،هل تُكتسب القيمة الاجتماعية وفق أسس صحيحة؟ وما انعكاسات ذلك على الواقع الاجتماعي؟

في المجتمع العراقي، يسعى الأفراد للحصول على التقدير والمكانة، وهذا أمر طبيعي، إلا أن الوسائل المتبعة لتحقيق هذه المكانة شهدت تحولاً ملحوظاً نحو الاهتمام بالمظاهر الخارجية، كاقتناء السيارات الفارهة، والعلامات التجارية الفاخرة، وأسلوب الحياة المترف، رغم افتقارها للأسس القيمية العميقة، الا ان الكثيرين يلجؤون إلى هذه المظاهر هروباً من الأزمات النفسية والاجتماعية ،والفراغ الداخلي، باعتبارها وسيلة لتحقيق الهيبة والقبول الاجتماعي، ومع مرور الوقت، تحولت هذه المظاهر معياراً أساسياً لتحديد القيمة الاجتماعية للأفراد، ما أدى إلى تراجع القيم الأصيلة وتعقيد الحياة الاجتماعية.

إن فهم هذه الظاهرة، يستلزم الرجوع إلى السياقات الاجتماعية والاقتصادية التي مر بها العراق، فقد أسهمت الحروب، والحصار الاقتصادي، والتغيرات السياسية، خاصة بعد عام 2003، في تفكك البنية القيمية للمجتمع، وساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز ثقافة الاستعراض المادي على حساب القيم الأخلاقية، ونتيجة لذلك، لم يعد التقدير الاجتماعي يُمنح بناءً على النزاهة والكفاءة، بل بات الاستهلاك والمظاهر السطحية هما العاملان الحاسمان في تحديد المكانة الاجتماعية للفرد.

هذا التحول الاجتماعي فرض ضغوطاً نفسية ومادية هائلة على الأفراد والأسر، حيث أصبح الكثيرون يسعون إلى تبني أنماط حياة مكلفة ، لا لقناعتهم بها ،بل فقط لإرضاء الاخرين، حتى وإن كان ذلك على حساب راحتهم المادية والنفسية، وهذا ما أدى إلى تفشي القلق الاجتماعي، وتراكم الديون على البعض، وظهور سلوكيات استهلاكية غير مبررة، كإقامة حفلات فخمة واقتناء ممتلكات باهظة بغية لفت أنظار الاخرين والحصول على اهتمامهم، كما أن خوف البعض من المقارنة الاجتماعية بالأخرين دفعهم للجوء إلى وسائل غير مشروعة للحصول على هذه المظاهر، مما فاقم المشكلات الأخلاقية في المجتمع.

نتيجة لهذا التوجه، اختلت المنظومة القيمية، حيث أضحى المال والمظاهر الخارجية المعيار الأبرز في تقييم الأفراد، بدلاً من الأخلاق والكفاءة، كما تعمقت الفجوة الطبقية، مما عزز مشاعر التهميش لدى الطبقات الفقيرة التي لا تستطيع مجاراة هذا النمط الاستهلاكي، وقد انعكس هذا على سلوكيات المجتمع، حيث بدأت تظهر تصرفات غير مألوفة ، وغير منضبطة ، نتيجة الضغوط الاجتماعية والنفسية الناجمة عن هذه الظاهرة.

إن التهافت على القيمة الاجتماعية المستندة إلى المظاهر ليس سوى انعكاس لأزمة أعمق تتعلق بالهوية والانتماء، ما يجعل التصدي لها تحدياً يتطلب مراجعة شاملة لمنظومة القيم الاجتماعية، فبناء احترام اجتماعي حقيقي يجب أن يستند إلى الأخلاق، النزاهة، والعطاء، لا إلى المظهر والوجاهة الزائفة، وهذا يستلزم منا العودة إلى الجذور الثقافية والدينية التي تعزز الاحترام المتبادل، وتأسيس معايير تستند لتلك القيم في احترام وتقييم الإنسان، فالمظهر بلا جوهر يبقى سطحياً زائفاً، والمكانة بلا أخلاق لا قيمة لها.



#حيدر_داخل_الخزاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية الترقيعية تتجسد في مشروع قانون الحوافز الانتخابي ...
- بناء الانسان والمجتمع يبدأ بالقراءة
- القلق المجتمعي في العراق بين الانهيار وإعادة البناء
- الحداثة والمجتمعات السائلة
- اثر السلوكيات الثقافة في تشكيل بنية المجتمع
- بلدان المنطقة ومشكلة المنحدر الحرج
- رأس السنة بين مسارين
- استخدام التقنية كوسيلة للهيمنة على الدول
- العبودية الاختيارية للإنسان المعاصر
- البطالة تسونامي يهدد بلداننا
- الانتخابات مفهوم اسيء استعماله
- ضرورة إعادة النظر في القوانين


المزيد.....




- -المعادن النادرة مقابل المساعدات العسكرية-.. ترامب يكشف ملام ...
- الاتحاد الأوروبي يستعد للمواجهة بعد تأكيد ترامب فرض رسوم جمر ...
- ترامب يطالب أوروبا بزيادة المساعدة لأوكرانيا
- -بوليتيكو-: قلق كبير يعيشه نظام كييف إزاء تقارب المواقف الرو ...
- السعودية واليابان توقعان مذكرتي تفاهم حول إنشاء مجلس الشراكة ...
- -رويترز-: الولايات المتحدة تستأنف ضخ الأسلحة إلى أوكرانيا
- -Senego-: فرنسا تبدأ في سحب قواتها من السنغال
- الرئيس الجزائري يندّد بـ-مناخ ضار- في العلاقات مع باريس
- عشية زيارته إلى تركيا... الشرع يؤكد أن تنظيم انتخابات في سور ...
- النائب الجمهوري في مجلس النواب الأمريكي جو ويلسون يدعو إلى ق ...


المزيد.....

- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حيدر داخل الخزاعي - المكانة الاجتماعية بين القيم الاخلاقية واستعراض المظاهر