|
المغرب: المرأة بين سندان القوانين المُجحفة ، و مطرقة طُغيان الرجل المجرم
علي لهروشي
كاتب
(Ali Lahrouchi)
الحوار المتمدن-العدد: 8242 - 2025 / 2 / 3 - 20:19
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
لمُؤازرة المظلوم من قبل المحامي أمام هيئة المحكمة ، و العمل على فرض الحق ، و ربح القضية برفع الظلم ـ واستعادة الحقوق المُغتصبة للمظلوم ، و تأديب الظالم ، فإن ذلك لا يتطلب فقط استعمال النصوص ، والفصول القانونية التي شرعها المُشرع ، لأن هذا المُشرع مهما حاول إيجاد أجوبة قانونية لمختلف القضايا ، و المشاكل المطروحة ، والمُتداولة بين البشر ، إلا أنه لن يتمكن من إحاطَة، و تغطية كل شيء بدقة ، و عدل ، و انصاف ، لأن المشاكل عديدة و مُختلفة ، و القضايا كثيرة و مُتشعبة ، و المرجعيات المؤثرة ، و المتحكمة في المُنطلقات ، و القناعات الفكريه ، و الايديولوجية ، و العقائدية للمشرع نفسه قد تُعطي أحيانا الحق للظالم ، وتزيد من ظلم المظلوم ، خاصة في القضايا المتعلقة بالأسرة ، و ما فيها من قضايا الإرث ، وأنواع الطلاق ، وما يفرضه ذلك من ثقل على عاتق الزوجة ، و عدم إنصافها ، و فرض كل أنواع الطاعة ، و الخنوع ، و الخضوع لجعلها تنبطح أمام نفس زوجها الظالم ، الجشع و الطاغي ، وهنا يزداد ظلم الرجل محميا بقوة القانون الرجعي المجحف اتجاه المرأة الضحية. على كل الفاعلين في مجال التشريع و القانون ، و تنفيذ الأحكام تغليب الإنسانية عن أحكام تلك الفصول و النصوص القانونية السلفية الرجعية ، باستحضارهم لمعاناة بعض الإناث من ضحايا طُغيان بعض الذكور ، خاصة و أن كل إنسان و لد ، و رضع ، و تربى ، و ترعرع من قبل الأنثى ، فلن تكتمل إنسانيته إذن إلا بتقديره ، واحترامه للأنثى ، التي هي الأم ، و الجدة ، و الأخت ، و الزوجة ، و المربية ، و المُسعفة ، و المُحامية ، و القاضية ، و ما إلى ذلك. و لتحقيق ذلك يكون من المفيد أن يتعرف المحامي عن نبدة من حياة ، وهموم ، ومأسي موكلته ، حيث وجوب تضمين الحكم ما يُطمئن المطلع عليه ، و إحاطة المحكمة بواقع الدعوى ، وأدلتها وصوالً لوجه الحق فيها ، و تمحيص كل دفاع يثيره أحد الخصوم ، و الرد عليه بالدُفوعاة المادية المنطقية ، و العقلانية ، لافراغ تلك النصوص القانونية المُجحفة في حق المرأة من مضمونها السلفي الرجعي، وعدم تركها لتُؤثر بسلبياتها عبر الأحكام الصادرة في بعض القضايا المطروحة بين الرجل و المرأة . خرجت هذه الأنثى من رحم أمها ككل الإناث ، لم تختر جنسها ، ولا جنسيتها ، لا دينها ، و لا مُعتقدها ، لا مُحيطها الإجتماعي ، و لا البقعة الجعرافية التي و لدت بها ، أكيد أنها لم تختر أسلوب حياتها ، ولا من سيكون زوجها ، أو أباها ، أو أمها ، أو أخاها ، أو أختها ، و لا حتى من يُجاورها ، و يُعايشها ، ويُرافقها في هذه الحياة ، لم تختر أي شيء ، فمن اختار لها كل ما هي فيه و عليه الأن ياترى ؟ قد تظن هي أن الله هو الذي يختار لعبده كل ما يُصادفه بهذه الحياة ، و ما يتأتى له من أحزان ، و مسرات ، من رخاء و شقاء ، من راحة و تعب ، من فقر و غنى ، كما أنه هو من يحدد يوم الولادة ، ويوم الفناء ، يوم البداية ، و يوم النهاية ، أكيد أنها تؤمن ككل إنسان مؤمن و مسلم بكونها مُسيرة ، و ليست مُخيرة ، لكونها قد ولدت ، و ترعرعت في بلد يتحكم فيه الغيب ، و الميتافيزيقا على كل فصول حياة ، و تفكير ، ومُخيلة ، و اعتقاد سكانه ، أكثر مما تتحكم فيه العقلانية و المنطق و الإنسانية ، يُهيمن هذا الغيب على ليلهم ، ونهارهم ، ونومهم ، و يقظتهم ، و أحلامهم ، و إرادتهم ، و تصرفاتهم ، و أطماعهم / زطموحاتهم ، و هو الحاكم في السراء و الضراء ، لأنه هو القادر على كل شيء ، بإسمه يُظلم المظلوم ، يُفقر الفقير ، ويُغتني الغني ، ويقام الحد عن المرتد و الكافر ، وتفرض طاعة الزوجة لزوجها ، و طاعة المغتصبة لمُغتصبها ، إنها جرائم الأحكام ، و الفصول ، و النصوص الشرعية ، فماذا لو و لدت هذه الأنثى خارج محيط المجتمعات الإسلامية الرجعية؟. ولدت بقرية بالجنوب الشرقي لمملكة الطُغيان ، و هي قرية مُتواجدة خلف أخر عمُود هاتفي ، وكهربائي ، قرية من قرى مغرب السيبة في الماضي ، و المغرب الغير النافع في الحاضر، قرية لا تتوفر على أذنى شرط من شروط الحياة ، لم يعرف أهلها ، و لا حتى ماشيتها ، ودوابها ، ودواجنها في يوم من الأيام معنى الفرح و السعادة ، قرية مُحاصرة بين جبال عالية قاحلة ، جافة ، و كأنها أسوار السجن ، الداخل إليها مفقود ، والخارج منها مولود ، أكيد أن سكانها الأولون قد يكونوا فروا إليها من خطر ، و بطش جُنود و حُشود السلطان ، أو من قابضي الجزية المرسولة لخليفة المسلمين ، فلا شيء يمكن للإنسان أن ينتظره هناك سوى الموت الذي يأتي حسب بُطىء عجلات الزمان. شاءت الأقدار أن تموت أمها في سن مُبكر من جراء الحمل ، و هي لم تبلغ سن التاسعة و الثلاثون عاما من عمرها بعد ، فغياب الإسعاف ، و انعدام وسائل النقل ، حيث التهميش ، و الإقصاء قد عجلوا برحيل تلك الأم رفقة جنين داخل رحمها الذي استعصى ، و رفض الخروج لتلك الحياة التعيسة ، و كأنه يعلم و هو في رحم أمه أنه لا فائدة للحياة بتلك القرية ، و بالتالي أصر أن يأخذ معه أمه من تلك الحياة إلى دار الأخرة. لا معنى لتسميتها ، فإن كانت " عائشة" فهي لم تعرف معنى للعيش الرغيد طوال حياتها ، إن كانت " سعيدة " فإنها لم تتذوق طعم السعادة بعد ، وإن كانت " حُورية " فلا حرية لها في بلد يحكمه شرع الأئمة الجهلاء ، عاشت يتيمة الأم منذ السنوات الأولى من عمرها ، إذ لم تكن قد بلغت عقدها الأول بعد ، حتى اضطر أبوها المياوم ، الفلاح الصغير ، و الفقير الأمازيغي ، الأمي الذي لا يستطيع أن يتقن حتى النطق " بالدارجة المغربية " أن يمنحها و هي صبية لأسرة أحد معارفه التي تسكن بعيدا عن تلك القرية بحوالي سبعون كلومترا ، لأنه لا يعرف ، و لا يستطيع أن يتكفل بأنثى صبية ، وما تتطلبه من عناية . إلا أن تلك العائلة لم تقم بما يفرضه الواجب الإنساني ، و الأخلاقي ، وما يمليه الضمير الحي لإدخالها للمدرسة للدراسة ، و التعلم ، بل استعملتها كخادمة بالبيت منذ صباها، و بما أنها كانت تبكي كثيرا كلما زارها أبوها ، تبين له أنها لا تريد البقاء هناك لما تتعرض له من ضرب ، و عنف ، و هو ما جعله يُنقلها إلى عائلة أخرى عساها تجد راحتها ، و ما ينقصها من عطف و حنان ، للأسف كانت نفس النتيجة ، هكذا عاشت حياتها مُتنقلة ، و مُنتقلة من بيت لبيت ، ومن أسرة لأسرة ، تفترش الأرض ، وتغطى بغطاء بالي رث ، تأكل ما تبقى من مائدة الأسرة التي تعيش معها كخادمة ، عانت كثيرا من كل أشكال الميز، و التمييز لسنوات طويلة لذى أسر مختلفة ، حتى توفي والدها و هي في سن الثالثة عشر من عمرها ، عرفت خلال تلك المدة كخادمة بالمنازل كل أنواع الشقاء ، و العنف ، و العذاب ، و الحرمان ، و العوز ، و الاستغلال البشع ، وسوء المعاملة . و لتضع حدا لتلك المعانات بحثت عن شغل كمنظفة بأحد الفنادق بإحدى مدن الأطلس المتوسط ، إلتقت حينها شابا يدعى " عبد السلام " الذي كان يشتغل بدوره بنفس الفندق ، بعدما فشل في استكمال دراسته الجامعية ، اعتقدت أنها قد تضع حدا لمعاناتها ، و لوحدانيتها ، ولعزلتها بهذا العالم الذكوري الرهيب ، الذي لا يفهم و لا يتفهم معاناة الأنثى بشكل خاص والإنسان بشكل عام ، لكن فاقد الشيء لا يعطيه ، قررت أن تضع يدها في يد هذا الشاب الذي كان يحوم حولها ، فكرت في غذ أفضل ، و اعتقدت أنه الزوج الذي قد يُنقذها من مُعاناتها ، و تشردها من بيت لبيت ، تزوجت منه ، و توقفا معا عن العمل بالفندق ، فأسكنها مع عائلته المتكونة من أكثر من ستة أفراد بقرية من قرى مدينة " إفران " داخل بناية نصفها حيطان ، و نصفها كوخ حجري على شكل حُفرة في عمق الجبل ، و مع ذلك كانت تشعر بدفيء إنتمائها العائلي لتلك الأسرة ، الدفء العاطفي الذي حُرمت منه منذ طفولتها ، لآحظت أن باقي سكان القرية يُنادون أم زوجها بإسم " باطة " ربما لأنها تشبه البطة في مشيتها ، و سُمنتها ، كما ينادون أبوه بإسم " خيي " . إنها قرية أمازيغية على سفح الجبل حيث يَسْفَحُ فيه الماءُ عبر عين مائية ، و نهر يخترق تلك القرية التي لا يتجاوز عدد بنايتها عشرون بيتا مشيدة على أرض الأحباس ، و تسمى أيضا بالارض المُعقبة ، فهي الأرض التي حبسها النظام الحاكم بإسم أملاك الدولة ، كأن يحبس شخص ملكا من أملاكه على أولاده ، إذ لا يحق لهم التصرف فيه ، هكذا تعيش تلك العائلات و الأسر وسط ممتلكات ، و اراضي الأحباس ، و الحبوس مثل الذباب على جسم الدابة ، فكلما غضبت الدابة ، أو حركت ذيلها إلا و تفرقت كل تلك الذباب نحو اتجاهات مختلفة. كانت تلك الأسر أمازيغية الأصل و النسب ، لكن البعض منها يعتقد بانتمائه لما يُسمى بسلالة الشرفاء بُغية تقربهم للحاكم الطاغي ، الذي يُنسب نفسه إلى سلالة الشرفاء بادعائه الانتساب ، و النسب إلى شجرة الرسول العائلية ، حتى اسم تلك القرية نسبوه إلى نسب الشرفاء " سيدي عبد السلام " دون أن يدركوا أن الأشخاص ممن كانوا ينعتون بالشرفاء داخل الارض ، و الوطن ، و المجتمع الأمازيغي ليسوا في واقع الأمر سوى مجرد مجرمين ، و لصوص، و قتلة ، وكذابين و مفترئين ، و سحرة ، و مشعوذين ، إذ أن كل إسم يبدأ بتسمية " سيدي " أو " لاللا " أو " مولاي " فهو ليس وليا صالحا ، أو شريفا ، و أشرف من الأمازيغ كما تم ، و يتم التروج لذلك ، بل هو مجرد قابض ، وجامع للجزية و للزكاة التي فرضت على الأمازيغ من قبل المحتل العربي المسلم. كان زوجها " عبد السلام " يعنفها أحيانا ليُظهر فُحُولته و ذُكورته ، ورُجولته أمام أسرته ، خاصة أمام أخيه " حميد " الأكبر منه سنا ، الذي ُيزاول مهنة استاذ للتعليم الإعدادي ، و الذي لا يستطيع بنفسه الرد ، و مواجهة عُنف زوجته الأستاذة التي تحبس أنفاسه كلما حاول رفع صوته ، أو إظهار رجولته عليها، وهو ما يجعله يُفرغ مكبوتاته ، و غضبه ، و شره في توجيه أخيه " عبد السلام " لتعنيف زوجته ، بالرغم من أن الرجولة لا تكمن في تعنيف المرأة ، بل تكمن في احترامها ، و توفير متطلباتها ، و هذا ما لم يستطيع " عبد السلام " توفيره ، لم يستطيع حتى توفير سكن مستقل لزوجته و أبنائه بعيدا عن عائلته ، وهنا تكمن الرجولة الحقة ، وليس كما يعتقد هو و أخوه ، وعائلته . كانت تُستغل كثيرا ، حيث أنها هي من يقوم بكل ما تتطلبه تلك الأسرة ليس فقط من طبخ ، وتنظيف ، و جمع للحطب بالجبل ، و جلب للماء من الواد المجاور ، و غسل للأواني و الملابس ، بل حتى البحث عن أموال لتسديد المصاريف اليومية لكل أفراد تلك العائلة ، عبر ما تربحه من مزاولتها لمهنة الخياطة المنزلية ، و الطرز ، و نسج الملابس الصوفية خاصة الشتوية ، لما تعرفه المنطقة من برد قارس. فكان زوجها الجشع ، الأناني ، و العاطل عن العمل لسنوات عديدة ، يأخذ منها ما ربحته من تلك الأموال لقضاء حاجياته الذاتية كالذهاب للتسكع بالمدينة ، و احتساء القهوة ، وتدخين السجائر ، قبل أن يشتغل حارسا بجامعة الأخوين لفترة معينة. و كانت زوجته تمتلك أضعاف صبر أيوب بقبولها ، وتقبلها للاستمرار في تلك العلاقة الزوجية الفاشلة من بذايتها ، لأنها لا تملك خيارا أخر عملا بالفقر أمامكم ، و التشرد و رائكم و لا يبق لكم سوى الصبر أو الموت ، بهذا الإحساس ، و الشعور ، و المنطق المليء باليأس و الجروح تمكنت من تحملها لكل تلك المعاناة ، بالامها ، وشقائها ، انجبت منه ثلاثة أطفال ، و كم من مرة هاجرها زوجها ، و أفراد أسرته ، تاركين إياها مُلقاة لوحدها على سرير الولادة بالمستشفى تنتظر الانجاب ، كما شغلوها في شقاء المنزل مباشرة عند عودتها إليه من المستشفى ، رغم أن جُرحها لم يندمل بعد من جراء التشريح الذي تفرضه الولادة القيصرية. كان من حظها أن وافق زوجها هذا على ارسالها في إلى اسبانيا لتجلب له المزيد من الأموال مع فوج النساء اللواتي يذهبن كعاملات موسميات ، للاشتغال في جنيهن لتوت الأرض المزروع عادةً باسم الفراولة البرية ، بالرغم من كونها إنسانة أمية لا تعرف القراءة ، و لا الكتابة ، و لا تتقن أي لغة من اللغات الأجنبية ، ولا تعرف حتى التعامل مع عُملة الأورو ، كما أن تلك الفرصة الذهبية لتهجرالمغرب ، ولحصولها على التأشيرة لن تتكرر أبدا ، سافرت رفقة النساء المغربيات ضحايا خُدعة تشغيلهن موسميا بالضيعات الإسبانية ، و بالرغم من أن ذلك بمثابة جريمة ضد المرأة المغربية خاصة و ضد الإنسانية عامة ، ففي حالتها العائلية و الاجتماعية قد تنطبق عليها مقولة " رُب ضارة نافعة " حيث أنه بالرغم من اغتصاب انسانيتهن و حقوقهن من قبل سماسرة الوكالة المغربية لانعاش التشغيل و الكفاءات، ومن قبل الجهلاء من الفلاحين الإسبان ، الذين ارتكبوا جُرما في حقهن ، ، فإنها تمكنت من مُغادرة قريتها البئيسة ، وبلدها المغرب الميؤس منه ، و ابتعدت عن تصرفات زوجها الطاغي ، وعائلته المستبدة. تسلمت تأشيرات المرور نحو أسبانيا ، و تم تقسيم تلك النساء إلى مجموعات لإرسالهن عبر دفعات متفرقة في الزمان والمكان ، قصد تشغيلهن بالضيعات الفلاحية لجني توت الأرض ، بمنطقة (موغير) عمالة ( هولفا) بالجنوب الاسباني ، وقد اعتمد اِختيارهن على شروط توحي إلى صلب العبودية ، و الرق في القرون الوسطى ، حيث تم التركيز في اِختيارهن على ضرورة كون المرشحات للهجرة أنْ يكونوا غير بدينات الجسد ، حتى يتسنى لهنُّ الدوام في ممارستهن الشغل لساعات طويلة منحنيات الظهور وعلى ركبهن ، ثم يجب أن تكون كل العاملات من الأميات لا يعرفن القراءة ولا الكتابة ، على أساس ألا يتمكن من الهرب ، عند وصولهن الضيعة ، ثم حجز جوازات سفرهن ، وعقد شغلهن ، إذ لا يعرفن شيئا عن كل وثائقهن الشخصية المحجوزة ، سوى نقلهن كالخراف من المغرب إلى أسبانيا ، وتوزيعهن بالضيعات الفلاحية ، و في ظل حراسة مشددة من قبل سماسرة الوكالة المغربية لإنعاش التشُغيل و الكفاءات ، حيث السب والشتم ، والإهانة والتوبيخ ، والعقوبات التي تصل حبسهن بالاصطبل السكني بدون أكل ، ولا شراب ، ولا شغل ، ولا أجرة ، كلما احتجت إحداهن سواء عن تصرف و استفزازات المُشغـِّل الإسباني ، أو أحد من أقربائه ، أو عن ظروف العمل المزرية ، بل يتم تهديدهن ، وتخويفهن بعدم لجوئهن للشرطة ، لأن ذلك قد لا يكون في صالحهن ، وهو ما جعلهن خائفات مترددات ، منكمشات ، حائرات ، بعدما تم توقيعهن على عقود للعمل لا تعرفن منه شـيئا سـوى تشغيلهن لمدة متراوحة ما بين ثلاثة أشهر وستة أشهر ، وقد تم جمعهن في أفرشة متراصفات ، وفوق أسرة بالية ، واحدة فوق الأخرى كأنهن بأكواخ الدجاج ، يعشن في ظروف جد قاسية ، لم يعش فيها حتى إنسان ما قبل بداية التاريخ الميلادي ، إذ أنهن محرومات من الاستحمام ، والمراحض ، وكل الشروط الصحية ، حيث يدفئن الماء بتحضير الحطب كالإنسان القديم ، من أجل غسل أوساخهن ، والتخلص من العرق الذي تنفثه أجسادهن من جراء الشقاء ، والتعب ، بسبب تشغيلهن منذ الساعة السادسة صباحا حتى حدود الرابعة مساء ، خلال كل أيام الأسبوع ، بما في ذلك يومي السبت والأحد ، باستثناء يوم الاثنين ، و بأجرة يومية هزيلة جدا ، ومما يزيد الطين بلـّه كون المشغـِّل الاسباني يطالبهن بدفعهن ثمن إيجار السكن ، رغم أنهن لا يقطن سوى في إسطبل الضيعة رفقة الحيوانات و الدواجن ، إذ لا فرق بينهن وبين باقي الحيوانات من الأبقار والماشية ، كما يقتتن بما جلبنَّ من المغرب ، حيث تم إرشادهن قبل سفرهن بجلب المواد الضرورية للعيش كالعدس ، وما شابهه من حبوب البُقول ، وذلك بهدف حبسهن بالضيعة ، وتشغيلهن في ظروف قاسية جداً ، لا يمكن القول عنها سوى كونها عبودية القرن الواحد والعشرين ، في قارة اِسمها أوروبا الحضارية . فلو لم يكن هناك عبيد بالمغرب خاصة ، وبإفريقيا عامة ، لوجد الأوروبيون طريقة لشرائهم ، واستيرادهم بثمن بخس ، وتظل الفضيحة الكبرى كون هؤلاء النساء لا يعرفن حتى كيف يتصرفن مع الأورو في شراء أغراضهن ، مع أنهن لا يتوفـرن على الهاتف النقال للاتصـال بذويهن ، وحتى إنْ وجد هذا الهاتف بالصدفة عند إحداهن ، فهن لا يحسنَّ استعماله ، كما أن الهاتف لا يلتقط الاتصال ، ناهيك على أنهن مجبرات لقطع مسافة تسعة كيلومترات مشيا على الأقدام للوصول لمنطقة (موغير) حيث يتواجد محل للاتصال الهاتفي ، وعندها يتوسلن صاحب الدكان لكونه مغربي من أجل الضغط على الأرقام المطلوبة ، والتي هنَّ في حاجة للاتصال بها ، فيتعرضن للاِبتزاز والسرقة المالية بسبب عدم معرفتهن بتسعيرة الهاتف كما أنَّ مشغلهن استعبدهن حين فرض عليهن أن يشتغلن عاريات الأكتاف ، وبلباس رقيق شفاف ، ثم أمرهن بالجري من خلفه بسبب كبر الضيعة ، وملاحقته وهو يسـوق سـيارته حتى يتسنى له وضع كل امرأة ببداية الخط الذي يتوجب عليها أن تنطلق منه في قطف التوت الأرضي ، والسبب في فرضه لهذا النظام النازي الفاشي الهتلري المحض ، إدعائه عدم توفره على الوقت الكافي كي يتسنى له أن ينتظر إلى أن تصل كل امرأة إلى إحدى النقاط التي يتوجب عليها أن تنطلق منها في خدمتها ، لأن الوقت حسب إدعائه يحصى بالذهب ، كما أنه يمنحهم قطع من الورق المقوى يحمل رقم العاملة ، حتى يتمكن في المساء من خلال إحصائه لتلك الصناديق المملوءة ، من معرفة كم من صندوق تم ملأه من قبل كل عاملة على حدى ، حيث أن الطرد هو مآل كل واحدة ممن لم تستطيع ملأ أربعين صندوقا كحدٍ أدنى في كل يوم عمل كان المشغل الأسباني لا يُوقع للعاملات سوى على مدة زمنية لا تتجاوز خمسة عشر يوما حتى وإنْ اشتغلن أكثر من شهر في حالة فصلهن عن العمل ، حيث أنه عقد مع الجهات المغربية عقداً يسمح له بموجبه طرد أي عاملة لم تعجبه طريقة شغلها داخل مدة زمنية لا تتجاوز خمسة عشر يوما ، وهو ما جعله لا يُدلي أبدا بأن المطرودة قد تجاوزت تلك المدة التي يعتبرها مدة تجريبية ، لأنه في حالة تصريحه بالحقيقة يكون مجبراً بتسديد المدة المتفق عليها كلها في العقد في حالة طرده لأية عاملة تجاوزت مدة خمسة عشر يوماً في العمل ، ولهذا السبب اِعتمد على تزوير الحقائق مستغلاً أمية هؤلاء النساء ، حيث يطردهن متى شاء صاحب العمل مجموعة تلوى الأخرى ، دون أن يبالي بمقتضيات العقد ، ولهذا طرد عدداً كبيراً منهن ممن اِشتغلنَّ ستة أيام فقط ، أو ممن تجاوزن شهراً ، ضاربا عرض الحائط بكل شروط العقد . إذ منهن مَنْ عدنَّ للمغرب عبر الحافلة التي يهيئها لهن هذا الأخير، مقتطعا ثمن تذكرة السفر من أجرهن لإرسالهن من حيث جئن ، دون احترامه القانون المنصوص عليه في العقد المبرم بينه كمشغل وبين النساء اللواتي يتعرضن لأبشع ضغط نفسي من جراء الخوف ، والرعب الذي يحدثه لصوص المنطقة من معترضي الطريق ، من عديمي الضمير ، ممن يتجرؤون لنهبهن أو تهديدهن بالاغتصاب ، بالرغم من كونهن مجرد نساء بريئات ، دفع بهن الفقر والعوز، والحرمان ، والتهميش وفـرِض الزمن عليهنَّ ترك اسرهن رغبة في كسب لقمة العيش بعرق أجبنتهم ، وقوة أكتافهن . ثم يتعرضن لضغط مادي حيث أنهن لا يستطعن حتى تسديد الديون التي هي في ذمتهن قبل سفرهن إلى أسبانيا ، اعتقاداً منهن أن تلك الرحلة باب من أبواب الرزق المفتوحة أمامهن ، وقد ظلت بعض النساء تائهات بالمنطقة لا يعرفن عوناً ، ولا رحيماً ، بعدما تم طردهن في زمن قصير ، قد لا يستطعن إرجاع ما في ذمتهن من ديون. وفي هذا الصدد تم تقديم دعوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لفتح تحقيق في تلك الجريمة اللانسانية ، قرر الكاتب العام للاتحاد الأوروبي قبوله لهذه الدعوى ، متعهداً أنْ يعمل على ترجمتها لكل لغات الدول المكونة لجسم الاِتحاد الأوروبي ، وعرضها عليهم مطالباً منهم رأيهم في النازلة ، حتى يقع إجماع في التعامل مع هذه الدعوى ، بل قد يتم استدعاء نساء ضحايا تلك العبودية ، والاستعباد للإدلاء بشهادتهن أمام باقي أعضاء الإتحاد الأوروبي إذا لزم الأمر ذلك. و بعد مرور سنة أصدر الاتحاد الاوروبي قرارا يشرح فيه موقف الاتحاد في النازلة ، مذكرا اسبانيا على انه من حق أولئك النساء ضحايا الاستعباد الحصول على أوراق الإقامة لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد ، كما أنه في اطار السياسة الموحدة للهجرة ، فإن الاتحاد الأوروبي سيصدر قانونا يجبر أعضاء الاتحاد الأوروبي من الراغبين في استيراد اليد العاملة الموسمية من مجتمعات العالم الثالث كالمغرب ، إلا يرتكبوا مثل تلك التجاوزات ، إذ أن الإتحاد الأوروبي أخذ بعين الاعتبار الكثير من المخالفات اللانسانية الواردة في هذه النازلة ، حيث ُيلزم بها كل أعضاء الاتحاد كضروروة الالتزام بمدة زمانية محددة ، ومعروفة ، وبأجر محدد ، و بتوفير التأمين ، و الضمان الاجتماعي ، وتوفير السكن اللائق وعدم المبالغة في ثمنه ، كما ينصح اسبانية منح أوراق الإقامة للنساء ضحايا هذه الخروقات ، و تمتيعهن بكل الحقوق المضمونة قانونيا. أخيرا تمكنت من الحصول على أوراق إقامتها ببلجيكا ، وتم تطليقها من زوجها " عبد السلام" بعد موافقته القانونية بمنحها الحق الكامل في حضانتها لأطفالهما الثلاثة ، و المجيء بهم كأطفال قاصرين نحو بلجيكا ، ومع ذلك كان زوجها السابق ، و أب لابنائها الثلاثة يمنح الشيكات بدون رصيد للحصول على قروض مالية لقضاء حاجياته كعادته ، و نزواته ، وكلما أتى الدرك الملكي للقرية من أجل البحث عنه لاعتقاله بسبب شيك من تلك الشيكات بدون رصيد ، كانت اسرته تتوسل ، وتضغط على طليقته متلاعبين بعاطفتها و بعاطفة الأطفال الثلاثة اتجاه أبوهم المعرض للاعتقال ، مما يجعلها تسدد ديونه لانقاذه من دخوله السجن. و هو الأمر الذي حصل لمرات عديدة ، وهو ما جعلها تفكر في طريقة لوضع حدا لهذا الابتزاز ، و ذلك بالعمل على جلبه إلى بلجيكا ، و جمع الشمل العائلي بالالتحاق بأبنائه ، حيث تمكن من الحصول على تأشيرة للسفر نحو فرنسا سنة 2010، عبر ضمانة من أحد أفراد عائلته المقيم بفرنسا ، لأن طليقته لا تتوفرأنذاك على الشروط القانونية المطلوبة لتوفر له تلك الضمانة قدم نحو بلجيكا ، وهنا بدأت معانات أخرى ، إذ أنه لا يحق له أن يُزاول أي شُغل ، لأنه مجرد مُهاجر سري في وضعية غير قانونية ، لا يتوفر على أوراق الإقامة ، بعدما انتهت المدة الزمنية المحددة له في تاشيرته نحو فرنسا ، كما أن طليقته ليس بمقدورها قانونيا أن تُسوي وضعيته القانونية في إطار التجمع العائلي ، لكونها لم تستوفي كل الشروط القانونية المتطلبة في ذلك بعد . فبقي " عبد السلام " يتسكع من هنا وهناك مهاجرا سريا ، بعدما رفض متكبرا أن يشتغل في النظافة بالمقاهي ، والمطاعم ، و المنازل ، و هو المجال الوحيد الذي يُساعد في إيجاد شغل أسود ، أي شغل غير مصرح به للمهاجرين السريين في وضعية غير قانونية من أمثاله . بدأ يستغل أمية طليقته ، يسرق بطاقتها البنكية ، و يسحب ما يحتاجه من نقوذ ، كانت تشتغل ثماني ساعات يوميا ، خمسة أيام في الأسبوع ، أي حسب ما يفرضه القانون البلجيكي ، لكنها في واقع الأمر تشتغل أحيانا حوالي ثامني ساعات إضافية أخرى ، و كل يومي عطل الأسبوع ، و حتى أيام الأعياد ، و العطل بطريقة غير قانونية " بالأسود كما يقال " في تنظيف المنازل ، و البيوت ، و في المطاعم و المخابز، لا لشييء إلا لتوفر المبلغ المالي الذي يعود عليها و على أبائها الثلاثة مستقبلا بالنفع. استمرت معاناتها معه بالخارج ، إذ لا يستطيع حتى إعداد وجبة الطعام لنفسه ، ينفق الكثير من الأموال في المقاهي ، و المطاعم ، والملاهي مما تربحه ، و قد انكشف أمره على أنه مُدمن على لعب القمار ، وشاءت الأقدار أن يتم اعتقاله من قبل الشرطة البلجيكية داخل مقهى من المقاهي التي يتم فيها لعب القمار و ترويج المخدرات ، و مع ذلك قامت طليقته بتنصيب ، و توكيل محامي بلجيكي لمؤازرته ، و الدفاع عنه ، عسى أن يتم انقاذه من ترحيله ، و اطلاق سراحه للعودة لأبنائه بسلام ، وقد كلفها ذلك مبلغا ماليه باهضا . لكن المحاولة باءت بالفشل ، وتم ترحيله إلى المغرب يوم 24 دجنبر 2014 ، دون أن يبوح لأحد إلى حد الساعة بالتهمة الموجهة إليه من قبل القضاء البلجيكي ، و ما هي الجريمة التي ارتكبها ، خاصة و أن الشرطة بأوروبا تدرك ، وتعلم ، و ترى ، بل و تُوقف أحيانا عن طريق الصدفة مهاجرين غير شرعيين ، و لا تقوم بترحيلهم ، إلا إذا ارتكبوا مُخالفة ترقى إلى جريمة . رغم إبعاده من بلجيكا ، و الرمي به بالمغرب ، فإن ضغطه ، وابتزازه ، و احتياله ، وأكاذيبه لم تتوقف بالبات و المطلق ، كما أن طليقته لم تأخذ درسا يوقظها من سباتها من خلال معاناتها لعقود من الزمن ، حيث تمكن من استدراجها في عطلة من عطلها إلى المغرب ، و أقنعها على أن تُنشيء له مشروعا مُربحا ، على أساس أن يلتزم بوضع مبلغ شهري بحسابها البنكي ، حتى يتم تسديد كل المبلغ الذي يتطلبه ذاك المشروع ، وهو عبارة على شراء سيارة أجرة " طاكسي " بمبلغ أربعة و عشرون مليون سنتيما ، سيارة أجرة تنطلق من مدينة " أزرو " نحو مختلف المدن المغربية ، عند البدء بالقيام بالإجراءات القانونية بذلك ، انكشفت خدعته ، وخيانته قبل أن ينطلق المشروع ، إذ أن الثمن الحقيقي المطلوب من قبل بائعة تلك السيارة هو ثلاثة و عشرون مليون سنتيما ، و ليس هو المبلغ الذي صرح به ، و هو ما اعتبرته طليقته سرقة موصوفة قبل انطلاق هذا المشروع الذي يوحي بالفاشل قبل انطلاقه ، ما جعلها ترفض إتمام إجراءات صفقة الشراء ، حينها سلمها شيكا بمبلغ أربعة وعشرون مليون سنتيما ، و وقع لها على عقد يشهد من خلاله على ما بذمته من أموال ، يلتزم فيه بضرورة تسديده ، و ارجاعه لذلك المبلغ لفائدة طليقته. لكنه لم يف بوعده ، ولم يسدد أي مبلغ من ذلك المبلغ ، ولم يدع أي درهم بحسابها البنكي.، بل أدى به جشعه و أنانيته ، وتقنياته في استغلال ـ و تجيش عاطفة أطفاله الصغار إلى ممارسة كل أشكال الضغط ، والابتزاز ، و التحايل ، و المراوغة ، و الخداع ، و تمكن من خلال ذلك من إقناع طليقته بضرورة شراء منزل من ثلاث طوابق ، و لأنها لم تتوفر على المبلغ المالي الكافي لتسديد ثمنه ، فقد إلتجأت في حينه إلى عائلتين تبحثان عن سكن بطريقة " الرهن " وهو ما ساعدها على شراء ذلك المنزل بمبلغ مالي تسلمته من تلك العائلتين ، مقابل سكنهما بالمجان لفترة محددة في اتفاقية قانونية فيما بينها و بين تلك العائلتين ، و فق ما حددته الطريقة ، و الأسلوب المتبع في عملية " الرهن " ، إضافة إلى مبلغ مالي استطاعت أن توفره عبر شُغلها الشقي و المتعب بالمهجر . بعد مضي حوالي تسع سنوات عن طلاقهما ، أقنعها بغرض في نفس يعقوب للزواج منه مرة ثانية ، والعودة إليه حتى يتمكن من المزيد من استغلالها ماديا ، فكانت نيتها حسنة في ذلك ، مُعتقدة أنه قد سئم العيش ، و الحياة ، و البقاء بالمغرب ، و ما يجلبه له ذلك من مشاكل مالية ، وديون لا يستطيع تسديدها ، قد ينتهي به الأمر في يوم من الأيام للزج به بين أسوار السجن ، فقبلت العرض بنية العمل على إعادته إلى المهجر بطريقة شرعية ، و قانونية في إطار التجمع العائلي ، نظرا للضغوطات المادية ، و النفسية التي تتعرض له من كل النواحي ، وخاصة من أطفالها الراغبين حينها في جلب ، و تهجير أبيهم للعيش بجانبهم . انتهت الفترة المحددة بين زوجته و تلك العائلتين اللتان أتخدتا منزلها كسكن عبر طريقة الرهن ، غادرتا ، و أفرغتا المنزل ، بعدما سددت ، و أعادت لهما المبلغ المالي الذي كان بذمتها ، و قررت أن تكتري طابقين من منزلها ، و تحتفظ بطبق أخر لقضاء عطلتها الصيفية مع أبنائها ، على أساس أن يتكلف " عبد السلام " بوضع ثمن الكراء بحسابها البنكي ، وأن يتكفل بسيارة الأجرة الطاكسي ، و بكل ما هو إداري ، من تسديد الضرائب ، و فواتير الماء و الكهرباء ، وما إلى ذلك ، لكن تبين أنه لم يف بوعده في ذلك ، حيث كان يسرف تلك المبالغ لصالحه الخاص ، فمن سلوكياته السلبية هو الإسراف والتبذير ، والخيانة ، و الكذب ، و مما زاد الطين بلة أنه جاء بإمرأة ثانية ، و أسكنها بطابق من طوابق ذلك المنزل مُستغلا غياب زوجته الشرعية ، و أبنائه ، وبُعد أسرته القاطنة بقرية من القرى المجاورة للمدينة إلا أن حسن النية غالبا ما تتفوق عن كل الخدع ، و الحيل ، كما يردد المثال الشعبي المغربي ، إذ كان من حظ زوجته الشرعية أن تم إبلاغها من قبل مجهول عبر رسالة صوتية مسجلة ، و رسائل عبر الهاتف بتلك الخيانة الزوجية ، التي يرتكبها زوجها في غيابها ، الشيء الذي جعلها تقرر السفر إلى المغرب خلسة رفقة بنتها ، و قد باغتته و هو متلبس بمنزل عشيقته ، إذ نشب على إثر ذلك شجار استدعى إبلاغ الشرطة بتلك الخيانة الزوجية ، لكن الشرطة رفضت التدخل مخافة أن يكون الجاني " عبد السلام " متزوجا من عشيقته ، وهذا أمر لا يستدعى التدخل ، لكن الجيران من المتفرجين كانوا شهودا عن الواقعة . أغلقت الطابق الذي تقضي فيها عطلتها ، و الذي كان يستغله زوجها سرا في غيابها في قضاء لياليه في السهر و المرح و الزنى و الخيانة ، لكونه لا يستطيع القيام بذلك بسكنهما الأصلي المتواجد بقرية مجاورة لمدينة إيفران ، إذ يخشى أن ينكشف أمره من قبل باقي أفراد اسرته و أمه التي تسكن هناك بجواره. كم كلفتها تلك السفريات من وقت و أموال ، من أجل ماذا ؟ من أجل مطاردة ، و إثبات خيانة زوجها ، فمن سيعوضها كل تلك الخسائر؟ فالقانون المغربي المعقد و فق المشرع يحتاج تحرِّيًا حذرًا ، لاُثبات تلك الخيانة ، و إثباتها دون معاينة السلطة يعد من المستحيل ، ورغم كل ما إقترفه هذا الزوج من جرائم في حق زوجته فإنه لازال يبتزها بمطالبته للقضاء عبر محاميه استصدار حكم قضائي يقضي على المدعى عليها بالرجوع إلى بيت الزوجية المتواجدة بالقرية المعروفة " بزاوية سيدي عبد السلام تزكيت " المجاورة لمدينة إيفران ، كما يتهمها بتغييرها لأقفال بيت الزوجية مع العلم أنها لم تغير سوى أقفال منزلها الخاص بمدينة أزرو ، و ليس أقفال بيت الزوجية الذي يقر به كبيت الزوجية المتواجد بالقرية المذكورة و ليس بمدينة أزرو، و هنا يتضح ضعف القانون اتجاه ردع الظالم. على هذا الأساس فإن كل أنواع التطليق و الطلاق تنطبق على هذه الحالة من تطليق الشقاق ، و التطليق بسبب الإخلال بشروط عقد الزواج ، و التطليق للضرر ، و التطليق لعدم الإنفاق ، و التطليق للغيبة ، و التطليق للعيب ، و التطليق للإيلاء و الهجر ، حتى التطليق بسبب السرقة ، والغذر ، و الخيانة ، والاستغلال الذي يطالها. عوض تطليقها ، و معاقبة زوجها عن كل أشكال خيانته ، إلا أن جشعه ، و طمعه جعله يهددها بكون القانون المغربي يفرض على الزوجين تقسيم الممتلكات عند الطلاق ، أي طمعه في حصوله على نصف المنزل الذي اشترته هي لوحدها من مالها الخاص ، و من تعبها ، و شقائها خلال الفترة التي كانت فيها مطلقة منه ، اشترت ذلك المنزل المسجل بإسمها ، كما أنه ليس هناك أي بُند في عقد زواجهما يثبت اتفاقهما كزوجين على اقتسام الممتلكات بعد الطلاق ، إذن تبقى الممتلكات المكتسبة قبل الزواج خارج عملية التقسيم. فمتى يتم إجبار المشرع المغربي أن يلتفت إلى مثل هذه الفجوات ، و النقائص القانونية ، ليعيد كافة الحقوق للأنثى ضحية بعض القوانين الرجعية ، السلفية الذكورية المُجحفة في حقها ، كالقيام بالمستحيل لإثباث الخيانة الزوجية أو جريمة الإغتصاب. ويظل السؤال الذي يخشاه المسلمون عامة ، و الاسلام خاصة هو : لماذا يمنح القانون الأوروبي الحق للمرأة و يُنصفها ، ويُعاملها مُتساوية مع الرجل ، فيما أن القانون بالمغرب ، و بكافة الدول العربية ، و الاسلامية مُجحف في حقها حيث يفلح المجرم الكذاب ، ويخفق النزيه الصادق؟
#علي_لهروشي (هاشتاغ)
Ali_Lahrouchi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إخفاق التنظيمات اليسارية الثورية ، و انتصار التنظيمات السلفي
...
-
المغرب : هل سلم الملك محمد السادس استقالته للرئيس الفرنسي ،
...
-
الاستقالات المتتوالية قد يُعجل بإسقاط الحكومة الهولندية
-
الاستقالات المُتتالية قد تُعجل بإسقاط الحكومة الهولندية
-
هولندا : أحداث أمستردام و مُخططات اللوبي الصهيوني إلى أين ؟
-
حسن نصر الله ليس شيعيا إسلاميا فقط ، بل مناهضا للصهيونية و ا
...
-
التنسيق الفرنسي ، الإسرائيلي ، المغربي ، الإماراتي ضد الجزائ
...
-
المغرب : إغتيال طبيب عسكري جريمة أخرى تنضاف إلى جرائم الديكت
...
-
أين أنتم يا حكام العرب والمسلمين ممّا يجري بفلسطين؟
-
تنبيه هام : الظاهر و الخفي وراء منح الجنسية الهولندية لإسرائ
...
-
المحرقة الإسرائلية ضد فلسطين و صمت العالم إلى أين ؟
-
المغرب و الصهيونية : إلهاء الشعب بتنظيم كأس العالم 2030 لكرة
...
-
إعتبار وزير الخارجية المغربي المقاومة الفليسطينية إرهابا ، ي
...
-
قرار برلمان الاتحاد الأوروبي ضد المغرب يُعري عن عملاء الديكت
...
-
نجاح القمة العربية بالجزائر ، وفشل خطة المغرب و الصهاينة
-
مخططات المغرب لإفشال قمة الجامعة العربية المزمع عقدها بالجزا
...
-
رسالة إلى فلادمير بوتين : للأسف أتيت متأخرا لتحارب الصهيونية
...
-
أمين عام حزب الله -حسن نصر الله - مر من هنا!
-
المغرب :حكم الملكية الديكتاتورية المطلق والنضال لإحياء جمهور
...
-
المغرب من المقاومة إلى الماسونية.
المزيد.....
-
الصدر بشأن الإعراض عن الزواج: قد يكون ابتعادا عن الشرع وأحكا
...
-
في العراق.. العنف الأسري يهدد الطفولة
-
أحلام التميمي: أول امرأة حملت السلاح بوجه العدو تواجه خطر ال
...
-
حسناء وملكة جمال.. من -وسيطة- ترامب في الشرق الأوسط؟
-
مصادر سورية:مقتل 14 امرأة ورجل واصابة 15 امرأة بانفجار سيارة
...
-
جميعهم من النساء.. قتلى وجرحى بتفجير سيارة في منبج شرقي حلب
...
-
الولايات المتحدة.. النساء نصف المجتمع -سكانيا فقط-
-
دعوة للكتابة في العدد الثالث والعشرين من مجلة طيبة حول النسا
...
-
” راتب من الدار ” منحة المرأة الماكثة في البيت بالجزائر 2025
...
-
مقررة أممية: اعتداءات إسرائيل على النساء الفلسطينيات جزء من
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|