خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8242 - 2025 / 2 / 3 - 20:13
المحور:
الادب والفن
كان اللقاء بينهما في شقٍّ زمنيٍّ لم يُفتح بعد… عند الحافة التي لا تطؤها الأقدام، حيثُ ينعكس الضوء على أسرارٍ لم تُفصح، وتسقط الظلالُ في بئر المعنى العميق.
قالت له، وعيناها تمطران أسئلةً لم تنضج بعد:
"إلى أين يأخذنا القلب إذا مشينا خلفه بلا قيود؟"
فأجابها، وصوته كان كزفير الأبدية:
"إلى حيث تبدأ الأشياء حين تنتهي، وحيثُ نلتقي دون أن نصل."
كانت تعلم أنه لم يكن رجلاً تقليديًّا… كان شبيهًا بمن يطرق بابًا في العدم منتظرًا أن يُفتح. رجلٌ يعرف أن الكلمات ليست سوى انعكاسٍ باهتٍ لما لم يُقل، وأن الحُبَّ ليس وعدًا بالبقاء، بل اختبارٌ للخلود.
"أتظن أن الأرواح تضلُّ طريقها؟" سألته، وهي تراقب سربًا من الطيور ينحرفُ فجأة عن مساره.
"بل أظن أن الطريق نفسه ليس ثابتًا، نحن نعيد خلقه في كل خطوة."
عندها أدركت أنها لم تحبّه حبًّا بشريًّا، بل أحبّته كما تحبُّ زهرةُ اللوتس ماءَ المستنقع… ليس لأنه جميلٌ، بل لأنه الحاضن الوحيد لأصلها.
قالت: "وماذا لو افترقنا؟"
فابتسم كمن رأى النهايات كلها وقال:
"الذين يفترقون هم أولئك الذين التقوا يومًا… أما نحن، فما زلنا نبحث عن لحظة البداية."
كانت تعلم أنه كان يخبرها شيئًا أعمق من الفراق… شيئًا يشبه الحقيقة التي لا تُقال، ولكنها تُحسُّ كتيارٍ خفيٍّ تحت سطح الماء.
وحين غاب، لم تفتقده كجسد… بل كفكرة لم تكتمل، كقصيدةٍ توقفت عند شطرها الأخير، كنجمٍ سقط في مجرةٍ أخرى ولم يخبرها أين.
ولكنها كانت تعرف، أن الأرواح العظيمة لا تودّع، بل تترك أثرًا يشبه الوعد… وعدًا بأن الفصول التي لم تُكتب بعد، ستجد يومًا من يقرأها حتى النهاية.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟