|
ما بعد تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق مرحلة جديدة في النضال النسوي التحرري
مؤيد احمد
(Muayad Ahmed)
الحوار المتمدن-العدد: 8242 - 2025 / 2 / 3 - 14:51
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
ما بعد تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق مرحلة جديدة في النضال النسوي التحرري
مؤيد احمد
عقدت الكتل البرجوازية الطائفية والقومية في البرلمان العراقي صفقة فيما بينها لارتكاب عمل عدائي فاضح بالضد من نساء وأطفال العراق والمجتمع عموما، من خلال إمرار مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية 188، وذلك يوم الثلاثاء 21 كانون الثاني 2025. لقد تم امرار هذا التعديل، على نحو نموذجي لبرلمانات الدكتاتوريين والفاشيين، بالتصويت على سلة واحدة من القوانيين. تضمنت هذه السلة بالإضافة الى مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية، قانونين آخرين، هما قانون العفو العام للمسجونين وقانون العقارات. الأول من هذين القانونيين يخدم مصالح سياسية برلمانية لكتلة القوميين العرب والطائفيين السنة، والثاني منهما يخدم مصالح سياسية برلمانية للكتلة القومية الكردية. ان اقدام هاتين الكتلتين على عقد الصفقة مع كتلة تيارات الإسلام السياسي الشيعي، التي اشترطت امرار هذين القانونين بإمرار تعديل قانون الأحوال الشخصية، هو نفسه نمط عمل بعثي وطائفي، وشوفيني قومي، بالضد من نساء وأطفال العراق عموما وبالأخص نساء وأطفال مناطق وسط وجنوب العراق التي تهيمن عليها تقاليد وسطوة الطائفية الشيعية.
ما بعد امرار تعديل القانون؟ مع امرار تعديل قانون الأحوال الشخصية 188 تلقت حقوق وحريات النساء ضربة كبيرة تترك آثار سلبية مدمرة اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية على حياتهن ونشاطهن وظروف وجودهن الاجتماعي ونضالهن، كما وتلقت الأطفال الاناث في العراق هجمة وحشية تسلب منهن حقوقهن وسعادتهن وحقوق وسعادة أجيالهن القادمة. وهذا ما سيؤدي الى إيجاد تغييرات في شكل بعض اهم المسائل السياسية وقضايا النضال النسوي التحرري وعملية النضال الثوري في العراق. في تعليق مختصر لي ، نشرته على صفحتي على الفيسبوك يوم 24 كانون الثاني 2025 اكدت على التالي: "مع تمرير مشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية في العراق، تغّير، باعتقادي، شكل بعض مسائل ومعضلات عملية النضال التحرري النسوي وعملية النضال الثوري بشكل عام في العراق .
اشير هنا الى امرين فقط، اولا، ان هذا الاتفاق البرلماني هو من النمط الداعشي، والفاشي البعثي، والشوفيني القومي، وسيبقى في وجدان البروليتاريا والنساء والتحرريين في العراق بوصفه كذلك وكعمل عدائي فاضح ضدهم. غير انه وفي الوقت ذاته جرد هذا العمل العدائي البرلمانيين من نعمات الاختباء وراء الهالة البرلمانية حيث جروا بأنفسهم البساط من تحت اقدامهم واقدام المدافعين الاصلاحيين المساومين معهم وفضحوا كل هذه الهالة البرلمانية والاوهام بصددها دفعة واحدة. وثانيا ، مع امرار القانون اصبحت قضية تحرر المرأة في العراق وعملية النضال الثوري في هذا الميدان، في مرحلة اعقد واكثر مشقة ولكن اعلى من منظور تاريخي حيث تجاوزت الاطروحات والسياسات والحدود المألوفة للعقدين الاخيرين بشكل ديالكتيكي مع ما ينجم عن ذلك من ضرورة الارتقاء بالتجذر الاجتماعي للنضال النسوي التحرري في عموم العراق." (1) وبالفعل، انه مع امرار هذا التعديل تلقت الهالة التي تحيط بالبرلمانية والأوهام بصددها لدى الجماهير، ضربة كبيرة، كما وان الحركة النسوية التحررية قد خطت، ولو في ظروف اشد صعوبة ومشقة، على عتبة مرحلة أخرى اعلى من نضالها في ميدان التحرر النسوي مليئة بالتناقضات والمصاعب. فقد انهار صرح أوهام تَقيد النضال النسوي حصرا في اطار إصلاحات تدريجية، والاعتماد الأحادي الجانب على عمل مجموعات ضغط على برلمان طائفي وقومي له الاستعداد ان يرتكب جرائم بحق النساء والأطفال من نمط ما اقدم عليه في امرار تعديل القانون الأحوال الشخصية. ما حدث هو انه قد تم، تشريع توطيد وتوسيع رقعة العبودية التي تعيشها النساء والأطفال في العراق حاليا، وتشريع فرض تراجع اجتماعي ومعنوي كبير ومصاعب هائلة عليها، لم يسبق لها مثيل في تاريخ العراق الحديث. ان من يتأثر بالأضرار الكارثية لهذا التعديل هو النساء والأطفال وبالدرجة الأساس النساء والأطفال من المناطق التي يهيمن عليها المذهب الطائفي الشيعي، وفي اوساط الطبقة العاملة والفئات الاجتماعية المفقرة، وهذا ما سيكون له شتى التبعات على مسار النضال الطبقي والسياسي في المجتمع. لقد اشرت ضمن مقال سابق لي، الى الأهمية الاستراتيجية لإمرار تعديل القانون الاحوال الشخصية 188 بالنسبة لتيارات الإسلام السياسي الشيعي الحاكمة في العراق وعلاقته بذعرهم من الثورة البروليتارية القادمة في البلاد. عنوان المقال "تعديل قانون الأحوال الشخصية 188! لماذا؟ الإسلام السياسي والرعب من الثورة البروليتارية"(2). مع دخولنا حقبة ما بعد امرار تعديل القانون، فان الأحزاب ذات المنهج البرجوازي الإصلاحي المساوم، والأحزاب والمنظمات والتقاليد السياسية الراديكالية غير العمالية، والمنعزلة عن جماهير النساء المضطهدات، وكذلك الحركات والتجمعات والنشاط النسوي الدفاعي والاصلاحي، ومنظمات المجتمع المدني المختلفة التي تقدم قسم منها خدمات حيوية لإنقاذ النساء من القتل والتعنيف، أي مجمل النشاط الذي دار خلال العقدين الأخيرين في العراق في ميدان الدفاع عن هذا او ذاك الجانب من حقوق المرأة والنضال ضد التمييز بحقها وتعنيفها، سوف يستمر في هذه الحقبة الجديدة أيضا. غير ان الاستمرار بهذه النشاطات على نفس النمط القديم أي نمط ما قبل تشريع تعديل القانون، لا يجدي كثيرا، وهذا ما سيجعل من هذه المساعي ان تكون ذات تأثير هامشي على الواقع الشاق الجديد للمرأة ونضالاتها، أي على واقع مليء بالتمييز والقمع والتهميش بحقها. كما وان الأسلوب القديم سوف لن يتطابق مع تفاقم التناقضات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تمر بها البلاد في هذه المرحلة، ولا مع ضرورة التصدي للهدف المركزي للإسلاميين لتعديل القانون كسياسة مضادة للثورة تستهدف بشكل أساس نساء البروليتاريات، وشق صفها مع صفوف جماهير الشغيلة في عموم العراق. وهذا يعني وباختصار ان الأسلوب القديم لا يتطابق مع التغيير الذي سيحصل في سمات بعض أوجه النضال السياسي الطبقي والنسوي في المجتمع. هذا وان عدم تبني هذه التغييرات في اجندة واستراتيجية وسياسات الحركة الشيوعية والحركة النسوية التحررية، ستكون له مآلات سلبية كثيرة على هذه الحركات. ان التجذير الاجتماعي للسياسة النسوية التحررية، والسعي المتواصل للارتقاء بالمقاومة والاعتراضات الاجتماعية لدى النساء في المجتمع والنساء البروليتاريات، والعمل المستمر على تسليح جماهير النساء، وبالأخص الشابات من أوساط الطبقة العاملة والمفقرة، برؤية ونظرية سياسية شيوعية ثورية ونسوية تحررية ومساواتية، هو ما يسد الطريق امام ضياع الطاقات الثورية، وهو ما يفتح الأبواب أمام التجذر الاجتماعي للحركة النسوية، وتحويل قضية تحرر المرأة الى امر اجتماعي ملح داخل كل عائلة، ويصلها الى النساء في كل محلة ومدينة وزقاق، في الفترة المقبلة.
تغيير الأولويات مسألة سياسية طبقية قبل ان تكون تغييرا في أسلوب العمل ان تبني هذا التوجه للتجذر الاجتماعي للنضال النسوي، والارتقاء بالنظرية التي تقود النضال النسوي، ليس مسالة عملية ومسالة آليات وأساليب عمل فقط، انما هو وقبل كل شيء مسالة سياسية ومنهجية ونظرية، وبالتالي طبقية. فليس من صفات الأشياء في عالم الصراع الطبقي والنضال السياسي بين الطبقات الاجتماعية ان تتغير بسهولة، وكما هو معروف فان "السياسة عنيدة". ان الجدل بصدد تحويل الحركة النسوية الى حركة اجتماعية تكون قواها المحركة الرئيسية جماهير النساء البروليتارية، مسالة سياسية وفكرية، ومتعلقة بتبني الخط النسوي الماركسي التحرري، وبرسم الخطوط الفاصلة مع توجهات التيارات البرجوازية الليبرالية ونمطها النسوي النخبوي، وتوجهات التيارات البرجوازية الإسلامية والقومية الغارقة في الرجعية، وكذلك مع نمط العمل السياسي الراديكالي غير البروليتاري للأحزاب والمنظمات اليسارية. من المعلوم، ان التيارات الإسلامية تقوم بتجذير استعباد المرأة وتوطيد هيمنة الذكورية الاسلامية والقومية في المجتمع، وتعمل بمختلف الاشكال على توسيع رقعتها، على حساب خنق حقوق وحريات النساء والأطفال، وقمع أي تجذر اجتماعي لنضال النساء التحرري واحتوائه عبر سبل مختلفة، هذا بالإضافة الى تحويلها لقضية المرأة الى ملحق لاستراتيجياتها السياسية، وخنق أي استقلالية سياسية وطبقية بروليتارية لنضال المرأة التحرري. ان حصر النشاط النسوي التحرري في القسم العلوي من المجتمع، أي ضمن دائرة المسار السياسي الذي تسود عليه السياسة البرجوازية من مختلف الاطياف النيو ليبرالية والإسلامية والقومية وغيرها، والذي عادة يتخللها النشاط الإصلاحي الجزئي لمختلف التيارات والاحزاب والمنظمات ومجموعات الضغط، سوف يترك النساء والأطفال في أعماق المجتمع وعلى صعيد اجتماعي واسع فريسة بأيدي الإسلاميين والقوميين وقمعهم وسطوتهم، وأسيرة للمفاهيم والأفكار والتقاليد الرجعية والذكورية. ان الحركة النسوية الاشتراكية والتحررية لا يمكنها ان تترك النساء في المجتمع تعيش تحت بطش المؤسسات الدينية والطائفية والعشائرية والأحزاب الإسلامية والقومية وآفاقهم وتقاليدهم الاستعبادية والتي ستأخذ زخما اكثر دمارا وفتكا بعد امرار تعديل القانون، ولا ان تظل هذه الحركة تكتفي بالدوران في حلقة فرض الإصلاحات الجزئية على البرجوازية وبرلمانها المعادي للجماهير. وبالتالي، من الصعب ان يتطور النضال النسوي الاشتراكي التحرري اذا لم يضع امر تحوله الى حركة متجذرة اجتماعيا، في مركز أولوياته للفترة القادمة، واذا لم يجعل النشاط من اجل الإصلاحات والمطالب الدفاعية اليومية جزءً عضويا مكملا للنضال من اجل هذا الهدف والاستراتيجية. وهذا هو سمات الوضع الجديد والذي سيكون اغفاله مدمرا للتيار الماركسي والحركة النسوية التحررية.
الإصلاحات في الظرف الجديد وعلاقتها بالثورة ؟ انه من المعلوم بالنسبة للماركسيين، ان النضال من اجل فرض الاصلاحات سواء كانت اقتصادية او سياسية او اجتماعية او ثقافية، ولو ابسطها، على السلطات، حتى في ظروف وأوضاع حكم اشد الدكتاتوريات، امر نابع من ضرورات حياتية يومية لرفع مشقات ومظالم من على كاهل الطبقات والفئات الاجتماعية التي تعاني من بأس الاضطهاد والقمع والتميز، فليس من حق أيا كان من ان يسد الطريق على النضال من اجل فرض الإصلاحات وإيجاد التحسن في حياة الجماهير من خلال نضال هذه الطبقات والفئات وكذلك الناشطين والتجمعات والمنظمات الجماهيرية وحتى الأحزاب التي تقوم بذلك. فهناك اختلاف جذري بين المنهج الإصلاحي، بوصفه منهج سياسي طبقي منحاز للبرجوازية والنظام السياسي البرجوازي، ومسالة المطالبة بإيجاد الإصلاحات وتحقيق التحسن في ظروف ومعيشة الطبقات والفئات الاجتماعية المقهورة وكسب الحقوق والحريات. وعليه، انه وبالرغم من هذا التراجع الناجم عن امرار تعديل القانون، فان النضال من اجل الإصلاحات سيستمر ولكن سيتراجع دوره ضمن مجمل عملية النضال الثوري، ومن مجموع النضال النسوي الاشتراكي والتحرري، اذا لم يستجيب لضرورات الواقع الجديد ويربط نفسه بها. ان ترسيخ وتعميق جذور الهيمنة الذكورية في المجتمع واستعباد المرأة وسلب حقوقها وحرياتها، هو من اهم اركان واجندات سلطات الاسلام السياسي، وهذا ما جعل من قضية المرأة في العراق مسالة سياسية واجتماعية وثقافية بامتياز مما لا يمكن مواجهتها بنجاح بدون نهوض اجتماعي وحركة سياسية ثورية جماهيرية واسعة، ليس فقط من قبل نفس القوى التي تعاني القهر يوميا اثر وقع هذه المسالة، أي الملايين من نساء العراق، بل من قبل الطبقة العاملة والجماهير المفقرة والمضطهدة والتحررين ايضا. ان تجذر مفاهيم تحرر المرأة وارجاع اصل اضطهادها الى منظومة اقتصادية واجتماعية وسياسية طبقية بالأساس أي الى الرأسمالية، ونقد الواقع الذي تعيشه المرأة من وجهة نظر مادية ثورية وماركسية نسوية، والدعوة الى توطيد العلاقة العضوية بين النضال النسوي التحرري والنضال البروليتاري الاشتراكي يتسم بأهمية بالغة في تحقيق تحرر المرأة. ان هذه الرؤية لا تضيق آفاق تحرر النساء والنضال من اجل تحقيقه، ولا تخضع هذا التحرر لمتطلبات مشاريع من نموذج رأسمالية الدولة للستالينيين باسم "النظام الاشتراكي"!، وبمعزل عن تحرر الانسان. ان منهج ونظرية ماركس المادية الثورية تنظر الى تحرر الانسان على العموم وتحرر المرأة ايضا بوصفه عملية ثورية متواصلة بالأساس صوب التحرر النهائي، والذي لا يقبل الحدود والصيغ الجاهزة، ولا حتى الأطر الاقتصادية والسياسية الضيقة تحت أي مسمى كان، دع جانبا تأطيرها في قوالب إصلاحية جامدة. هذا وان النضال من اجل تحرر المرأة عملية نضالية متصاعدة تاريخيا ولا يعرف حدود مصطنعة ذهنيا، وذلك لكون جذور اضطهاد المرأة والذكورية مدغمة في تركيبة النظام الطبقي الرأسمالي ويتم إعادة انتاجها على الدوام، وان الثقافة والتقاليد المناهضة للمرأة والمتوارثة عبر آلاف السنين والمصالح المادية لاضطهاد المرأة تجعلها متحجرة ومقاومة للتغير. لذا نرى انه كلما تقدمت الحركة النسوية والشيوعية في استيلاء على قلعة من قلاع الذكورية كلما تظهر امامها قلاع أخرى كانت محجوبة عن الأنظار، وهكذا يستمر النضال. فرغم أي تراجع قد يواجهه النضال التحرري النسوي في مراحل مختلفة من هذه المسيرة التاريخية الصاعدة، فان تاريخ النضال النسوي شهد القفزات في مسار تطوره مثل ما حدث في ثورة أكتوبر في روسيا. هذا، وانه من المعلوم ان الطبقات الاجتماعية المختلفة وتياراتها واستراتيجياتها المتضادة اثرت بأشكال وسبل مختلفة على هذا التاريخ الصاعد للتحرر، من "النسوية الليبرالية" البرجوازية بمختلف تلاوينها الى النسوية الماركسية والى النسوية من الموجات الثالثة والرابعة والخامسة وغيرها.
ما بعد امرار التعديل، والارتقاء بتطلعات ومطالب الحركة النسوية مع إقرار تعديل قانون الأحوال الشخصية لم يعد ممكنا ان تعود الحركة النسوية والتحررية الى الحقبة القديمة، أي فترة ما قبل إقرار التعديل، في مجال القوانيين التي تنظم الأحوال الشخصية، ولا يمكنها بالتالي ان تقيد نفسها في هذا الميدان بالعودة الى مطلب الدفاع عن قانون الأحوال الشخصية 188 لعام 1959، بل من الضروري تجاوزه والارتقاء بالنضال من هذه الناحية الى مرحلة اعلى تستجيب لواقع المرحلة التي تعيشها بالفعل. لا شك ان هذا لا يعني عدم ادامة النضال خلال هذه الفترة الانتقالية من اجل اسقاط مشروع التعديل. وهذا التطور يعني ان يرتقى النضال الى مستوى طرح قانون مبني على مبدأ تحرر المرأة ومساواتها الكاملة، وتأمين حقوقها كمواطنة في مجتمع عالمي، بحيث يتطابق مع آخر ما حققتها الحركة النسوية والبروليتاريا الاشتراكية العالمية من الحقوق والحريات. آخذين ذلك بنظر الاعتبار، فانه من الواضح ان أي شكل قد تتخذه المطالب القادمة في هذا المضمار مرهون بتغيير توازن القوى الطبقية داخل المجتمع لصالح البروليتاريا والنساء. ان تبني رؤية ومنهج مادي ديالكتيكي ثوري تجاه الحركة النسوية وقضية المرأة وعملية تحررها ذو صلة وطيدة بمجمل نظرتنا المادية الثورية للعالم وللظواهر وجوهرها، أي الرؤية التي ترى ان التغييرات لا تحدث فقط كأمر تدريجي ووفق تطور طبيعي، والنظرية التطورية، بل وفق مبدأ حدوث القفزات والثورات والتغييرات النوعية. غير ان تبني هذا المنهج الثوري لإحداث التغيير وتطبيقه في كل عهد تاريخي مشروط ومربوط تاريخيا وبشكل وثيق بالطبقة الاجتماعية وفئاتها التي لها مصلحة في إيجاد التغيير الثوري، أي ذو صلة بالطبقة الثورية تاريخيا. ففي عهد السيادة الرأسمالية على كوكب الأرض وتنامي الطبقة العاملة بوصفها الطبقة والقوة الاجتماعية الثورية العالمية بكل معنى الكلمة، ان تبني المنهج الثوري توطده وتطرحه ظروف حياتها اليومية وبأس القيود والاستعباد والتمييز والقمع الذي تعيشه هذه الطبقة في ظل النظام الرأسمالي. فان الثورات أصبحت في هذا العهد في اجندة التاريخ وتشكل جزء من آليات التقدم الاجتماعي، لكنس كل ما هو قديم وبائد من تراث القمع والاضطهاد والتمييز امام تقدم البشرية نحو طور اعلى. ففي الوضع الجديد وظروف ما بعد فرض هذا التراجع على النساء وحقوقها وحرياتها وفرض البؤس على الأطفال الانثى في العراق من خلال تعديل القانون، فان المنهج الثوري لإيجاد التغيير تستلزمه وتطرحه ضرورات نضال النساء البروليتاريات على أرض الواقع، ويقوم على أساس الارتباط العضوي بين هذا النضال ونضال عموم البروليتاريا ضد النظام الرأسمالي وكل اشكال الاضطهاد والتمييز والقمع. خلال العقدين الماضيين وبالرغم من ان تيارات الإسلام السياسي والقوميين استطاعت ان توطد سلطتهما واركان حكمهما، فان الاعتراض الاجتماعي ونضال الطبقات والفئات الاجتماعية المقهورة لم تتوقف للحظة، وان الانتفاض الثوري الذي شهده العراق في أكتوبر 2019 والأشهر التي تلته كان جزءً من المسار السياسي في العراق واحتمالات بروزه المجدد في محطات لاحقة، وبنسخة جديدة ومختلفة نوعيا، من الأمور المحتملة. لذا ومن هذا المنظور فان امرار قانون الأحوال الشخصية استراتيجية سياسية رجعية لهذه التيارات الحاكمة للإبقاء على حكمهما المهزوز، ليس الا. 26 كانون الثاني 2025
(1) كتبت التعليق بالأصل على هامش مقال للرفيقة ينار محمد، حول امرار هذا التعديل، منشور في نفس التاريخ على صفحتها الشخصية على الفيسبوك. (2) https://www.albadeel-alsheoi.org/ar/?p=7477
#مؤيد_احمد (هاشتاغ)
Muayad_Ahmed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
احداث سوريا ومنطقة الشرق الأوسط ما بعد سقوط نظام الأسد
-
الخطوة الأولى هي فضح الطابع البرجوازي للنظام وانتخاباته في
...
-
الماركسيون والموقف من الحرب الحالية في الشرق الأوسط
-
تعديل قانون الأحوال الشخصية! لماذا؟ الإسلام السياسي والرعب م
...
-
في الذكرى السنوية الخامسة لانتفاضة أكتوبر 2019، شعار (كل الس
...
-
التيار الماركسي ومسارات الأوضاع السياسية الراهنة في العراق
-
التعديل الرجعي لقانون الاحوال الشخصية؛ هدية الامبريالية الام
...
-
في الذكرى السنوية السادسة لتأسيس منظمة البديل الشيوعي في الع
...
-
الرأسمالية النيوليبرالية وبيع “مكان الصلاة” في إقليم كردستان
-
الاوهام حول قرار المحكمة الاتحادية بصرف الرواتب، والانجرار و
...
-
رسالة تهنئة الى المؤتمر الرابع لاتحاد المجالس والنقابات العم
...
-
الاحتكار الرأسمالي لثمار التكنولوجيا والبحث العلمي العائق ام
...
-
ما يحسم صرف الرواتب في الاقليم هو إيجاد توازن قوى طبقي جديد
-
حوار حول حرب الابادة في قطاع غزة
-
دروس الأدب والفن في انتفاضة أكتوبر في العراق*
-
تحديات ومهام، في الذكرى السنوية الخامسة لتأسيس منظمة البديل
...
-
المسار السياسي في إقليم كوردستان في ارتباطه بالصراع الطبقي
-
في ذكرى اغتيال الرفاق الأعزاء، السبب وذروة الدراما
-
بعد عام من الحرب على أوكرانيا، زيارة وخطاب
-
الفساد، والفئة البرجوازية الكبيرة وعلاقتها براس المال الاجتم
...
المزيد.....
-
الصدر بشأن الإعراض عن الزواج: قد يكون ابتعادا عن الشرع وأحكا
...
-
في العراق.. العنف الأسري يهدد الطفولة
-
أحلام التميمي: أول امرأة حملت السلاح بوجه العدو تواجه خطر ال
...
-
حسناء وملكة جمال.. من -وسيطة- ترامب في الشرق الأوسط؟
-
مصادر سورية:مقتل 14 امرأة ورجل واصابة 15 امرأة بانفجار سيارة
...
-
جميعهم من النساء.. قتلى وجرحى بتفجير سيارة في منبج شرقي حلب
...
-
الولايات المتحدة.. النساء نصف المجتمع -سكانيا فقط-
-
دعوة للكتابة في العدد الثالث والعشرين من مجلة طيبة حول النسا
...
-
” راتب من الدار ” منحة المرأة الماكثة في البيت بالجزائر 2025
...
-
مقررة أممية: اعتداءات إسرائيل على النساء الفلسطينيات جزء من
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|