|
حين تذبل اللذة وتبقى الحقيقة
إكرام فكري
الحوار المتمدن-العدد: 8242 - 2025 / 2 / 3 - 00:02
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
لم يكن هناك خيار، لم تكن هناك بدايةٌ يمكن الرجوع إليها والقول: "هنا، في هذه اللحظة، بدأ كل شيء بشكل خاطئ." كان هناك طريقٌ طويل، مليء بالوجوه العابرة، بالمغامرات التي بدت يومًا وكأنها حياة. بعضها كان بدافع الحاجة، بعضها كان بدافع الفضول، وبعضها الآخر كان محاولةً للبحث عن الاهتمام، عن النشوة، عن التميّز ربما. مجرد سلسلة من الأخطاء، انعكاسٌ لظروف وتجارب سابقة، لصراعات داخلية لم يُحسَم أمرها أبدًا. لم يكن الأمر بدافع الشر و لا الفساد، ولم يكن عن سوء نية، بل كان محاولةً بائسة لسدّ فراغ داخلي، وهذا شيءٌ إنساني، ربما. في البداية، كان كل شيء يبدو مشوقًا. لحظاتٌ خاطفة من الشعور بالوجود، بالقدرة على لفت الأنظار، بالإحساس بأن هناك من يهتم، ولو للحظات. كانت المغامرات الأولى تحمل نشوة الاكتشاف، نشوة الخروج عن المألوف، نشوة الشعور بأن لا حدود تمنع شيئًا، لا قيود تكبح الرغبات، لا سقف لما يمكن تجربته. لكن شيئًا فشيئًا، بدأت النشوة تفقد بريقها. بدأت المغامرات تتكرر، بنفس السيناريو، بنفس النهاية الباهتة. لم يعد هناك شيء جديد، لم يعد هناك شيء يُشعل ذلك الحماس الأول. كل مرة كانت تبدو نسخة باهتة مما سبقها، حتى تحولت من متعةٍ إلى عبء، ومن إثارةٍ إلى قيد، ومن رغبةٍ إلى شعورٍ ثقيل بالندم. أغرب ما في الأمر أن الإدراك لم يأتِ من الخارج، لم يكن نصيحةً من أحد، ولم تكن صدمةً فجائية، بل كان شعورًا يتسلل ببطء، يتراكم كغبار الأيام فوق الروح، حتى لم يعد من الممكن تجاهله. تلك المغامرات التي بدت يومًا وكأنها ملاذ، تحولت إلى شيء آخر... شيء يشبه الطين العالق، كلما غاصت فيه الأقدام، زادت صعوبة الخروج. ثم جاء يوم، لم يكن مختلفًا عن غيره في ظاهره، لكنه كان مختلفًا في إحساسه. لم تعد هناك نشوة، فقط قرفٌ وتساؤلٌ خانق: "ماذا أفعل بنفسي؟ كيف وصلتُ إلى هنا؟" لم تعد هناك متعة، فقط فراغ ثقيل، وندم يتسلل كخيط بارد تحت الجلد. نظرة إلى المرآة، ولم يكن الوجه كما كان. كان مرهقًا، مستهلكًا، وكأن شيئًا قد سُرق منه في لحظات خاطئة... لم يكن هناك بريق الحرية الذي أقنعت نفسها به، بل إرهاق روحٍ لم تجد طريقها. الشعور بالملل والندم من هذه التجارب لم يكن مجرد حالة مؤقتة، بل كان إشارة قوية على بداية إدراكٍ حقيقي لما كانت عليه، ولما تحوّلت إليه. لم يكن هذا مجرد إحساسٍ عابر، بل علامةٌ على الاستعداد للتغيير، للبحث عن شيءٍ أعمق، شيءٍ له قيمةٌ حقيقية، شيءٌ لا ينتهي بمرارة الفراغ هناك مرحلة يصل إليها الإنسان، لا لأنه تغيّر فجأة، بل لأنه جرّب كل شيء حتى فقد طعمه. لم يعد هناك شيءٌ يُغري، لم يعد هناك شيءٌ يستحق العودة إليه. فقط شعورٌ بأن ما مضى كان درسًا، وأن الأبواب التي تُغلق يجب أن تبقى مغلقة، ليس ندمًا، بل احترامًا للذات التي تستحق ما هو أفضل. في النهاية، لم يكن الأمر عن المغامرات، ولا عن التفاصيل. كان الأمر دائمًا عن الفراغ الذي لم يُملأ أبدًا، وعن البحث في الأماكن الخاطئة، وعن وهم السيطرة الذي كان يخفي تحته استسلامًا خفيًا. والآن؟ لم يعد هناك شيءٌ يستحق القتال من أجله في هذا الطريق. لم تعد بحاجة إلى نظراتٍ عابرة، إلى كلماتٍ جوفاء، إلى لحظاتٍ تنتهي بجرحٍ جديد. لقد شبعت حتى ملّت، تجرّعت التجربة حتى تحوّلت إلى طعمٍ مُرّ في فمها. الآن، كل لم يكن هناك خيار، لم تكن هناك بدايةٌ يمكن الرجوع إليها والقول: "هنا، في هذه اللحظة، بدأ كل شيء بشكل خاطئ."
كان هناك طريقٌ طويل، مليء بالوجوه العابرة، بالمغامرات التي بدت يومًا وكأنها حياة. بعضها كان بدافع الحاجة، بعضها كان بدافع الفضول، وبعضها الآخر كان محاولةً للبحث عن الاهتمام، عن النشوة، عن التميّز ربما.
مجرد سلسلة من الأخطاء، انعكاسٌ لظروف وتجارب سابقة، لصراعات داخلية لم يُحسَم أمرها أبدًا. لم يكن الأمر بدافع الشر، ولم يكن عن سوء نية، بل كان محاولةً بائسة لسدّ فراغ داخلي، وهذا شيءٌ إنساني، ربما.
في البداية، كان كل شيء يبدو مشوقًا. لحظاتٌ خاطفة من الشعور بالوجود، بالقدرة على لفت الأنظار، بالإحساس بأن هناك من يهتم، ولو للحظات. كانت المغامرات الأولى تحمل نشوة الاكتشاف، نشوة الخروج عن المألوف، نشوة الشعور بأن لا حدود تمنع شيئًا، لا قيود تكبح الرغبات، لا سقف لما يمكن تجربته.
لكن شيئًا فشيئًا، بدأت النشوة تفقد بريقها. بدأت المغامرات تتكرر، بنفس السيناريو، بنفس النهاية الباهتة. لم يعد هناك شيء جديد، لم يعد هناك شيء يُشعل ذلك الحماس الأول. كل مرة كانت تبدو نسخة باهتة مما سبقها، حتى تحولت من متعةٍ إلى عبء، ومن إثارةٍ إلى قيد، ومن رغبةٍ إلى شعورٍ ثقيل بالندم.
أغرب ما في الأمر أن الإدراك لم يأتِ من الخارج، لم يكن نصيحةً من أحد، ولم تكن صدمةً فجائية، بل كان شعورًا يتسلل ببطء، يتراكم كغبار الأيام فوق الروح، حتى لم يعد من الممكن تجاهله. تلك المغامرات التي بدت يومًا وكأنها ملاذ، تحولت إلى شيء آخر... شيء يشبه الطين العالق، كلما غاصت فيه الأقدام، زادت صعوبة الخروج.
ثم جاء يوم، لم يكن مختلفًا عن غيره في ظاهره، لكنه كان مختلفًا في إحساسه. لم تعد هناك نشوة، فقط قرفٌ وتساؤلٌ خانق: "ماذا أفعل بنفسي؟ كيف وصلتُ إلى هنا؟" لم تعد هناك متعة، فقط فراغ ثقيل، وندم يتسلل كخيط بارد تحت الجلد. نظرة إلى المرآة، ولم يكن الوجه كما كان. كان مرهقًا، مستهلكًا، وكأن شيئًا قد سُرق منه في لحظات خاطئة... لم يكن هناك بريق الحرية الذي أقنعت نفسها به، بل إرهاق روحٍ لم تجد طريقها.
الشعور بالملل والندم من هذه التجارب لم يكن مجرد حالة مؤقتة، بل كان إشارة قوية على بداية إدراكٍ حقيقي لما كانت عليه، ولما تحوّلت إليه. لم يكن هذا مجرد إحساسٍ عابر، بل علامةٌ على الاستعداد للتغيير، للبحث عن شيءٍ أعمق، شيءٍ له قيمةٌ حقيقية، شيءٌ لا ينتهي بمرارة الفراغ.
كان عليها أن تستثمر هذا الإدراك في بناء علاقات صحية تحترم قيمتها كإنسانة، وليس فقط كوسيلة متعةٍ للآخرين. كان عليها أن تستخدم هذه التجربة كنقطة تحول، لوضع حدود واضحة، للبحث عن السعادة الحقيقية، وليس مجرد لحظاتٍ زائفة تنتهي بشعورٍ أشد قسوة مما سبقها.
هناك مرحلة يصل إليها الإنسان، لا لأنه تغيّر فجأة، بل لأنه جرّب كل شيء حتى فقد طعمه. لم يعد هناك شيءٌ يُغري، لم يعد هناك شيءٌ يستحق العودة إليه. فقط شعورٌ بأن ما مضى كان درسًا، وأن الأبواب التي تُغلق يجب أن تبقى مغلقة، ليس ندمًا، بل احترامًا للذات التي تستحق ما هو أفضل.
في النهاية، لم يكن الأمر عن المغامرات، ولا عن التفاصيل. كان الأمر دائمًا عن الفراغ الذي لم يُملأ أبدًا، وعن البحث في الأماكن الخاطئة، وعن وهم السيطرة الذي كان يخفي تحته استسلامًا خفيًا.
والآن؟ لم يعد هناك شيءٌ يستحق القتال من أجله في هذا الطريق. لم تعد بحاجة إلى نظراتٍ عابرة، إلى كلماتٍ جوفاء، إلى لحظاتٍ تنتهي بجرحٍ جديد. لقد شبعت حتى ملّت، تجرّعت التجربة حتى تحوّلت إلى طعمٍ مُرّ في فمها.
الآن، كل ما تريده هو أن تترك هذا العالم الذي صنعته خلفها، أن تغلق الأبواب التي كان يجب أن تُغلق منذ البداية، أن تمضي وحدها، لكن هذه المرة، ليس لأنها لا تملك خيارًا، بل لأنها أخيرًا... اختارت نفسها.
تريده هو أن تترك هذا العالم الذي صنعته خلفها، أن تغلق الأبواب التي كان يجب أن تُغلق منذ البداية، أن تمضي وحدها، لكن هذه المرة، ليس لأنها لا تملك خيارًا، بل لأنها أخيرًا... اختارت نفسها.
....
#إكرام_فكري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الماضي الذي لا يتركني
-
هواتفي
-
الغرائز الطبيعية: ممارستها بانسانية
-
الإرث الاستعماري: بين مظاهر التحضر والاستغلال الطبقي
-
تحسين النسل بين الماضي والحاضر: من سياسات الاستعمار إلى التع
...
-
عندما يصبح الاختيار رحلة لفهم الذات
-
العرب والدين: بين النزعة الفردية و وحدة الأمة
-
العرب والدين: بين النزعة الفردية و وحدة الأمة
-
القوة الموازية في الفرد و المجتمع
-
المجهول : الرحلة بين الحياة و الموت
-
المجهول: الرحلة ما بين الحياة و الموت
-
العشرينات
-
عالم التسليع
-
الرسم بالكلمات
-
الخوارزمي
-
بين الزنزانة الفردية و خيانة الحقيقة
-
احتراق
-
حقيقة واقعية
-
حالة ضعف
-
تجليات المقدس في القوة النفسية
المزيد.....
-
الولايات المتحدة.. النساء نصف المجتمع -سكانيا فقط-
-
دعوة للكتابة في العدد الثالث والعشرين من مجلة طيبة حول النسا
...
-
” راتب من الدار ” منحة المرأة الماكثة في البيت بالجزائر 2025
...
-
مقررة أممية: اعتداءات إسرائيل على النساء الفلسطينيات جزء من
...
-
بين القابلة والطبيبة النسائية.. قيود اجتماعية تعيق وصول النس
...
-
مقتل سيدة على يد شريكها.. إسبانيا تسجل أول ضحية للعنف ضد الن
...
-
من تعدد الزوجات الى التطاول الجنسي على الأطفال
-
“رابط متاح” التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 بال
...
-
بالصور| وقفة احتجاجية في ساحة الفردوس ضد تعديل قانون الاحوال
...
-
رابط مُفعل للتسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 بالج
...
المزيد.....
-
الجندر والجنسانية - جوديث بتلر
/ حسين القطان
-
بول ريكور: الجنس والمقدّس
/ فتحي المسكيني
-
المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم
/ رشيد جرموني
-
الحب والزواج..
/ ايما جولدمان
-
جدلية الجنس - (الفصل الأوّل)
/ شولاميث فايرستون
-
حول الاجهاض
/ منصور حكمت
-
حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية
/ صفاء طميش
-
ملوك الدعارة
/ إدريس ولد القابلة
-
الجنس الحضاري
/ المنصور جعفر
المزيد.....
|