|
لا خيار سوى الرفض والمقاومة.
عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 8241 - 2025 / 2 / 2 - 14:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يُعرف عن ساكن البيت الأبيض الحالي أنه يقرأ، أو أن صلة ما تربطه بالفعل الثقافي في أيٍّ من تمثُّلاته وتجلياته. هذا الرجل يقدِّس المال وبارع في مضمار صفقات البزنس، فضلًا عن أن منطق القوة مرجعيته والمحدد الرئيس لقراراته. قد يكون ترامب أكثر رؤساء أميركا تمثيلًا لعقلية راعي البقر الأميركي، التي تؤمن بحق القوة فعل ما تريد، بما في ذلك التوسع على حساب الأضعف وإبادته إذا لزم الأمر، كما فعل مؤسسو أميركا الأوائل مع الهنود الحمر. الشرعية الوحيدة بمنظور عقلية كهذه هي القوة، تمجدها من جهة، ولا تحسب حسابًا إلا للأقوياء، في الجهة المقابلة. أما الضعفاء، وخاصة إذا كانوا من الدائرين في فلك العم سام، فهم مجرد أرقام في بورصة مصالحه، يؤمرون فيطيعون. من هنا نفهم رد ترامب على الصحفيين قبل أيام بثقة:"مصر والأردن سيقبلان ترحيل فلسطينيين"! لا بد أن هناك من وضع على مكتب الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة الأميركية وثائق "خاصة"، ذات مصدر بريطاني صهيوني على وجه التحديد، بأن الأردن جزءٌ من وعد بلفور. فالوعد بريطاني المصدر، ولا تني الدراسات والوثائق البريطانية تُدرجه في مضامينها حتى اليوم، رُغم مضي 108 سنوات على يوم إعلانه المشؤوم. ويحرص معدو الدراسات البريطانية بالذات أن يكون ذِكر الوعد مصحوبًا بالإدعاء الباطل، كما الوعد نفسه، بأن الأردن جزءٌ منه. آخر الأدلة، دراسة حديثة أعدها مركز الأبحاث السياسية والوثائق التاريخية البريطاني العام الفارط. في الكيان اللقيط، يتشبثون بالوعد المشؤوم ولا يترددون في التذكير به في أدبياتهم وإعلامهم بين حين وآخر، لتبرير الغطرسة والعدوان واستمرار الإحتلال. ولا نستبعد أن يكون ترامب قد انطلق من الوعد ذاته، بالإضافة إلى شحنه ببعض أساطير التوراة، في تصريحه خلال حملته الإنتخابية بخصوص "اسرائيل الصغيرة" الجديرة بالتوسع. بمنظورنا نحن المستهدفين المعتدى علينا، وبمعايير الحق والحقيقة والعدل، فإن وعد بلفور وثيقة شيطانية استعمارية عنصرية فضلًا عن أنه وعد من لا يملك لمن لا يستحق. والكيان الصهيوني مشروع استعماري أنجلوساكسوني، وجوده غير شرعي في منطقتنا، ولا يوجد دليل تاريخي واحد يثبت أن لمحتلي فلسطين حقًّا بسنتمتر واحد فيها. أما النصوص الدينية المستخدمة لشرعنة إغتصاب أرض ليست لهم، فلا يُعتد بها لسببين رئيسين، الأول، أنها لا تُعتمد كأدلة علمية. والأهم من ذلك، ثانيًا، ومفاده أن علمي التاريخ والأرخيولوجيا لا يعترفان بها ولا يُقرانها. ويعترف كل باحث اسرائيلي يتوفر على حدٍّ معقول من الموضوعية بأنهم لم يعثروا على أي أثر في فلسطين وجوارها، يثبت خرافة "أرض الميعاد" وأكذوبة "أرض السمن والعسل". ومن هؤلاء الباحثين الأرخيولوجي المعروف اسرائيل فنكلشتاين، ويمكن العودة إلى رؤاه في هذا الشأن بواسطة محرك البحث جوجل. لكن المهم بغض النظر عن أكاذيبهم وأساطير التوراة وخرافاتها، ماذا نحن فاعلون في مواجهة تحدٍّ حقيقي يهدد الأردن، قائم على غطرسة القوة ليس غير؟! سؤال الأسئلة، في سياق ما نحن بصدده: هل يستطيع الأردن الرسمي أن يقول "لا" ويتحمل الكُلَف المترتبة على ذلك؟! على أرضية هذا السؤال تتناسل أسئلة كثيرة، معظمها يدعو إلى القلق وعدم الإطمئنان. وبالقدر ذاته، ينهض كل منها دليلًا على قصر نظر السياسات والإخفاق في استشراف المستقبل والتحوط لاحتمالات الامتحان العسير. وقد حانت لحظته، إذ لا مفر من خوضه على ما يبدو، أما نتائجه فمصيرية. الدولة الأردنية منذ نشأتها سنة 1921، رتبت أوضاعها وسَيَّرَت أمورها على أساس "التحالف" مع الغرب، الأنجلوساكسون خاصة. وهو ذاته المسؤول عن زراعة الكيان اللقيط في فلسطين، ومتعهده بالدعم اللامحدود والإنحياز الأعمى. فهل بمقدور الأردن الرسمي أن يعمل استدارة في اتجاه مختلف يفرضها خطر وجودي داهم؟! وهل بمستطاعه إشهار "لائه" في وجه قوة غاشمة، مثل أميركا يتلقى منها مساعدات مالية سنوية ولها 14 قاعدة عسكرية في بلادنا؟! وماذا عن اتفاقية وادي عربة، واتفاقيات الغاز والماء مع الكيان العدو؟! وليس يفوتنا التذكير بالإخفاق على مدى 104 سنوات في بناء اقتصاد انتاجي، من شأنه أن يحقق حدًّا من الاعتماد على النفس معقولًا، عندما تحين لحظة الإمتحان العسير! أما الوضع العربي فيتحدث عن نفسه بنفسه، وما تعرضت له غزة يقدم الدليل والبرهان. القطرية، والحسابات الخاصة بكل دولة على حدا، هي المحددات الرئيسة للسياسات والمواقف. وعندما يجد الجد، سرعان ما يفرنقع القوم شعار كل منهم "انجُ سعد فقد هلك سعيد". والأغرب من كل ما ذكرنا أن الحكومة تبدو كما لو أنها غير مكترثة، وكأنها ترى في تصريحات ساكن البيت الأبيض نوعًا من المداعبة أو مناغشة الأُم لطفلها المدلل. ولربما تفكر الحكومة بطريقة مختلفة بحاجة لقدرات عقلية فائقة لفك شيفرتها، فبدأت باكورة استعداداتها بزرع الإنتماء في النفوس اولًا بإضافة سارية للعلم في كل بيت جديد يبُنى ! نرجح أن تصريحات ترامب لها ما بعدها بخصوص الأردن تحديدًا. فمن الواضح أن الأنجلوساكسون باتوا على قناعة، بأن "اسرائيلهم" غير قادرة على البقاء بوجود صاحب الأرض فيها. لكن وعلى الرغم من ذلك، لا خيار سوى المقاومة ورفض ما يُخطط للأردن. أميركا قوة عاتية غاشمة، لكنها ليست قدرًا، ولها خصوم كُثُر في المنطقة والعالم.
#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بطلٌ في زمن العنجهية الأميركي
-
قلق مبرر ومخيف!
-
من يجرؤ على الهمس في إذن ترامب؟!
-
الكيان اللقيط يخسر معركة الصورة
-
نكشة مخ (24)
-
معايير الإعلام الفاشل الفاقد الرؤية.
-
مفاجآت غير سارة للكيان اللقيط
-
هل العقلية العربية خرافية؟!
-
من الذي فرض وقف إطلاق النار في غزة؟
-
الكيان اللقيط لم ينتصر
-
سلبطة أميركية
-
تلاعب السياسة والمصالح بالدين !
-
الإسلام دين وليس دولة
-
الأردن في دائرة الاستهداف الصهيوني
-
كلام في اشكالية السلطة السياسية !
-
من أسباب ضعفنا !
-
وماذا نحن في الأردن فاعلون؟
-
من أساليب انحياز الإعلام الأميركي للباطل !
-
مسؤولية الإنسان ولا ذنب للزمان
-
هل باعت روسيا نظام الأسد؟!
المزيد.....
-
مصر تحظر الهواتف غير المطابقة للمواصفات.. ومسؤول: -مُقلدة وت
...
-
غارات أمريكية في الصومال.. ترامب يعلن استهداف أحد كبار تنظيم
...
-
كيف تجيب عن أسئلة طفلك -المحرجة- عن الجنس؟
-
الشرع: الرياض ستدعم سوريا لبناء مستقبلها
-
الاتحاد الأوروبي والرد على واشنطن
-
واشنطن تجمد ملياري دولار من أموال روسيا المخصصة لمحطة -أكويو
...
-
- الجدعان الرجالة-.. مشهد بطولي لشباب ينقذون أطفالا بشجاعة م
...
-
مفاجأة غير سارة تنتظر أوكرانيا من أحد حلفائها
-
زيلينسكي لا يعرف أين ذهبت الـ200 مليار دولار التي خصصتها أمر
...
-
إعلان حالة التأهب الجوي في ثماني مقاطعات أوكرانية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|