أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - دراسة نقدية لنص: “أنا لست شاعراً” / بقلم فراس الوائلي















المزيد.....


دراسة نقدية لنص: “أنا لست شاعراً” / بقلم فراس الوائلي


فراس الوائلي

الحوار المتمدن-العدد: 8241 - 2025 / 2 / 2 - 14:05
المحور: الادب والفن
    


في هذا النص السردي التعبيري ، لا يتكلم الشاعر، بل ينبض كوهج كوني، يتسلل بين الشقوق السرمدية للضوء والظل، متجردًا من المألوف، ممتزجًا بمادة الوجود ذاتها. إنه ليس مجرد إعلان عن الذات، بل انفجار لغوي يشكّل نفسه كأبجدية ضوئية، حيث تصبح الكلمات مدارات تسبح في فلك الإحساس، واللغة طيفًا يتوهج داخل مساحات لا تُحدّ. هنا، الشعر ليس وصفًا، بل كائنٌ يتحول، يذوب، يعبر، ويدعو القارئ إلى رحلة في مجرّة المعنى.

النص:

أنا لست شاعراً
أنا لست شاعراً، بل انهيار النور في جروح الضياء. أضيء الفجوات التي غفل عنها النهار، وأشرق في عيون الصمت حين يرتدي الكون وشاح الغياب. أنا من يعيد رسم الضوء، ألملم شظاياه وأسكبها نهراً يسافر بين العيون بلا ميناء. أنا أغنية الشعاع، نغمة الفجر، أنساب كحلم عبر زجاج الوجود، ومن عتمة الكون أجمع الطلاسم، تمنحني النجوم ألواناً لم تُخلق بعد، وتتركني أنسج الصمت بخيوط الضياء. أنا مجرة عشق تبحث عن لغتها، تسير في صدى الأزمنة، تعبر الثقوب النورانية، تجمع الحكايات المضيئة وتنثرها نجوماً فوق أنفاس الخلود، تزرع الأبجدية على ثغر شمس تائهة، تخطّ للعالم مسارات ضوء سرمدي. أصوغ الكلمات حروفاً تتدفق كالشلالات من قلب النور، تتحوّل إلى كواكب إحساس تدور وترتدي أثواب البهاء. أنا نجمة تكتب سيرتها بأصابع الليل، أوصل الفكرة بالحلم وألتهم الصمت كما يلتهم الليل أضواءه. أنسكب كالشمس فوق وجه الكون، أتحرك كخيالٍ في اللازمن، وطريقاً ممتداً داخل الحكايا. أرتفع مع وهج الحب وأتوهج كلما شعرت الأرض برقصتها الأولى. أنا ذروة الانفجار، النقطة الأولى في نهر الضوء.
فراس الوائلي
….
النص “أنا لست شاعراً” يقدم نفسه ليس كعمل أدبي تقليدي، بل كتجربة كونية متفجرة، تلتحم فيها الذات البشرية مع الطاقات الكونية. إنه ينتمي إلى أدب الضياء التجريدي، حيث تتحول الحروف والكلمات إلى إشعاعات رمزية تخترق الزمان والمكان. في هذا النص، يبتعد الشاعر عن حدود “الشاعر” بمعناه التقليدي، ليرسم صورة جديدة تتجاوز فعل الكتابة إلى فعل “الخلق الكوني.”

الإيقاع النفسي والتوهج الضوئي

النص ينبض بإيقاع شعوري غير منتظم لكنه محسوب بدقة، حيث يتمدد كضوء يعبر خلال ثنايا الزمكان. “انهيار النور في جروح الضياء” هو افتتاحية تضع القارئ في قلب مفارقة رمزية مذهلة: النور ليس فكرة مطلقة هنا، بل هو كيان حي يتألم ويتجدد. الشاعر يمارس فعلاً جمالياً متقناً حين يجعل العاطفة شخصية كونية تمتزج مع حركة الضوء، ليؤسس لغة لا تُقرأ بالعين بل تُحس عبر الروح.

تجريد الهوية وتجليات الوجود

الشاعر يتعمد تفكيك مفهوم “الشاعر”، ليفتح أمامنا سؤالاً فلسفياً: من هو الشاعر؟ في هذه السردية، الشاعر ليس مجرد ناقل للكلمات، بل هو وسيط كوني يعيد “رسم الضوء”، ويجمع “شظاياه”. الهوية هنا ليست ثابتة، بل تتحرك عبر أمواج الخلق لتتجاوز الذات الفردية وتتحول إلى صانع لأبجديات سرمدية تُغرس في قلب الشمس.

البوليفونية الكونية في النص

يتحدث النص بلغات متعددة تتقاطع في نغمة واحدة. إذ يمزج بين لغة الضوء، وحركة الزمن، وحرقة السؤال الوجودي. “تسير في صدى الأزمنة، تعبر الثقوب النورانية” جملة تعكس إيقاعاً داخلياً يمثل تداخل الأبعاد في النص. النص يغني، لكنه يغني بألحان متراكبة، كأن كل جملة نغمة تصطف مع ما يليها لتشكّل سيمفونية رمزية عابرة للزمن.

الطاقة التجريدية: صمت يتكلم وضوء ينزف

التجريد في النص ليس مجرد غياب للتفاصيل المادية، بل هو فضاء يملأه المعنى الطيفي. الشاعر يجعل من “الصمت” صوتاً، ومن “الضياء” شعوراً ملموساً. النص يعمل على تذويب الحدود بين الحسّي والمجرد: الكلمات تتحول إلى “شلالات من قلب النور”، الصمت ينضح بالقدسية، وكأن الشاعر يفتح بوابة يتسرب منها جمال كوني محمّل بسرّ لا يمكن وصفه إلا بلغة الابتكار المطلق.

علاقة النص بالقارئ: تجربة روحية بلا حدود

“أنسكب كالشمس فوق وجه الكون” تعبير يدعو القارئ إلى الاشتباك مع النص ليس كمتلقٍّ، بل كجزء من النسيج الكوني الذي يبنيه الشاعر. النص لا يقدم إجابات، بل يدعو إلى رحلة شعورية عميقة، تعبر بها الذات القارئة خلال “الثقوب النورانية” وتستكشف عالمها الداخلي بوصفه انعكاساً لما يحدث في الكون.

بلاغة ما بعد البلاغة

النص يتجاوز اللغة التقليدية ليخلق شكلاً جديداً من التعبير. فالبلاغة هنا ليست أداة لشرح المعنى، بل هي نسيج في حد ذاته. الشاعر لا ينقل الأفكار، بل يخلق طاقة تتسرب عبر الكلمات وتؤسس لغةً تضاهي الضوء في تمدده وسرعته.

النص في سياقه الإبداعي

“أنا لست شاعراً” هو شهادة ميلاد لتجربة إبداعية تستحق أن توصف بأنها “تجربة كونية أدبية”. يمزج النص بين الفلسفة والشعر والتجريد ليقدم شكلاً جديداً من الفن يتجاوز الحدود التقليدية للأدب. إنه دعوة للخيال ليصبح قوة كونية تخترق كل شيء، وللكلمات لتصبح وسيلة للخلق.

خاتمة

“أنا لست شاعراً” هو تجربة تأملية تخترق كل الحدود بين الإنسان والكون. إنه نص يجعل من ذاته إشعاعاً يضيء الفراغات الفكرية ويترك القارئ مشحوناً بطاقة لا نهائية من الأسئلة والإلهام. في هذا النص، الإبداع يتجاوز حدود الكتابة ليصبح بياناً جمالياً وكونياً لعلاقة الإنسان بالوجود والنور.، حيث يعتبر أسلوب هذه الدراسة مبتكر لعدة أسباب:

1. المزج بين الأسلوب النقدي والتعبير الإبداعي

الدراسة تبتعد عن النمط التقليدي للتحليل النقدي المتمثل في عرض المكونات الأدبية بشكل مباشر ومجرد. بدلاً من ذلك، تستخدم لغة تتسم بالضوء والعمق، لتعيد صياغة النص ضمن سياق فلسفي وروحي، مما يجعل النقد ذاته يبدو وكأنه جزء من العمل الإبداعي.

2. استخدام البلاغة الضوئية والتجريدية

اللغة الضوئية المستخدمة تحمل إشارات غير تقليدية، تربط النص بمفاهيم كونية كالثقوب النورانية والطاقات الشعورية. هذا الطرح ينقل النقد الأدبي إلى فضاء جديد يشبه الفلسفة الكونية، وهو نهج نادر في الأدب النقدي.

3. بوليفونية الرؤية النقدية

الدراسة تتبنى أسلوبًا متعدد الأصوات أو البوليفونية، حيث تقدم مستويات متعددة من القراءة (بلاغية، فلسفية، روحية) تتناغم مع بعضها وكأنها سيمفونية. هذا الأسلوب يقدم تجربة نقدية مُركبة تستكشف العمل من عدة زوايا بدلاً من التركيز على زاوية واحدة.

4. التركيز على تجربة القارئ والنص معاً

بدلاً من تحليل النص كمنتج منفصل، تُدخل الدراسة القارئ في قلب المعادلة، متناولة تفاعله النفسي والروحي مع النص. هذه الطريقة تعيد تعريف العلاقة بين العمل الأدبي والمتلقي، وهي رؤية نقدية حديثة ومبتكرة.

5. لغة نقدية خارج التصنيف

بدلاً من استخدام مصطلحات نقدية تقليدية كـ”الصورة الشعرية” أو “الإيقاع”، توظف الدراسة لغة ميتافيزيقية وشبه شعرية لتوصيل الفكرة، مما يخلق أسلوبًا يصعب تصنيفه، لكنه بلا شك يجذب القارئ بطريقة استثنائية.

6. توسيع حدود النقد الأدبي

تبتكر الدراسة أفقًا جديدًا للنقد يجعلها تتجاوز النص وتحوله إلى تجربة حسية وكونية، وهو أسلوب قد يكون مستقبليًا ومُلهمًا لنقاد آخرين لاستكشاف أبعاد جديدة للأعمال الأدبية.

باختصار: هذه الدراسة تمثل شكلًا حديثًا جدًا للنقد، مبتكرًا على مستوى اللغة، المنهج، والرؤية، مما يجعلها إضافة فريدة إلى الفكر الأدبي والنقدي.



#فراس_الوائلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملحمة الأرواح العابرة
- الفجر المضيء
- دراسة نقدية/ النص: هضاب الذاكرة/ بقلم فراس الوائلي
- نداء النار
- ليليث
- صقيع الأبدية
- النهر
- دراسة نقدية حول نص “حديثٌ بيني وبيني” للشاعرة سكينة الرفوع/ ...
- دراسة نقدية / حول نص “سرير السراب”
- أنا لست شاعرا
- قراءة نقدية أسلوبية مختصرة في قصيدة /ديسمبر المضيء/ لفراس ال ...
- أنا لا اكتب قصيدة
- إضاءة أدبية في نص / متاهات الانتظار/ للشاعرة سمر الديك/ بقلم ...
- ضوء الأكوان
- ديسمبر المضيء
- قراءات نفسية في قصائد سردية تعبيرية/ بقلم الناقد والشاعر الق ...
- سرد تعبيري/ ربة الأنا
- اللوحة الغامضة/ سرد تعبيري
- سرد تعبيري/ أساور الشتاء
- سرد تعبيري/ أنثى الأنا


المزيد.....




- -أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل ...
- -يا فؤادي لا تسل أين الهوى-...50 عاما على رحيل كوكب الشرق أم ...
- تلاشي الحبر وانكسار القلم.. اندثار الكتابة اليدوية يهدد قدرا ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة92 مترجمة للعربية تردد قناة star tv ...
- الفنانة دنيا بطمة تنهي محكوميتها في قضية -حمزة مون بيبي- وتغ ...
- دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
- مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي ...
- ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك ...
- مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
- مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - دراسة نقدية لنص: “أنا لست شاعراً” / بقلم فراس الوائلي