أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - همام طه - رسالة إلى ابن الأكرمين السيد محمد جعفر الصدر: العفو عند المقدرة من قيم رجال الدولة وأهل الحكم الرشيد















المزيد.....


رسالة إلى ابن الأكرمين السيد محمد جعفر الصدر: العفو عند المقدرة من قيم رجال الدولة وأهل الحكم الرشيد


همام طه

الحوار المتمدن-العدد: 8241 - 2025 / 2 / 2 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إلى سعادة سفير جمهورية العراق في لندن/ المملكة المتحدة
الأستاذ الفاضل محمد جعفر محمد باقر الصدر المحترم
الموضوع/ العفو عند المقدرة من سجايا الكرام وأهل الإحسان
تحية طيبة وتقدير ..
أكتب إليكم اليوم كمواطن عراقي يراقب الشأن السياسي ويتوسّم في شخصكم الكريم الخير والنُبل والأخلاق والفضل والمروءة والإنسانية والرشد وسعة الأفق والرؤية العقلانية والوعي السياسي الثاقب ..
وأقترح على حضرتك أن تبادروا بصفتكم ممثل الأسرة الكريمة ذوي المجني عليه والدكم الشهيد المظلوم آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر (رحمه الله تعالى) بالتنازل عن الشكوى والحق الخاص ضد قتلة السيد الشهيد المغدور من مجرمي نظام صدام البائد الذين ألقت القوات الأمنية القبض عليهما مؤخراً ..
يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم".
وعفوكم يا سيدي الفاضل عن قاتلي والدكم السيد الشهيد ينسجم مع التراث الأخلاقي العظيم لأهل البيت (عليهم السلام)، وقد أوصى الإمام علي بن أبي طالب ولده الحسن (عليهما السلام) بالإحسان إلى قاتل الإمام فقال: "ارفق يا ولدي بأسيرك (القاتل)، وارحمه، وأحسن إليه، وأشفق عليه، بحقي عليك أطعمه يا بني مما تأكله، واسقه مما تشرب، ولا تقيد له قدماً، ولا تغل له يداً".
وأنا أؤمن بأن هذا التنازل عن الشكوى الذي أدعوكم إليه باسم العراق هو موقف رجولي شريف .. وقرار تاريخي حصيف .. وخطوة أخلاقية جريئة .. ورسالة عفو وصفح وتسامح وتصالُح ووئام للمجتمع العراقي كله .. ومبادرة إنسانية نبيلة .. وسلوك حضاري رفيع .. ولمسة أمل ومواساة لمجتمعنا المنهك بذاكرة الظلم والألم والقسوة والبشاعة .. وشجاعة سياسية أخّاذة ومُلهمة لا يتحلى بها ولا يُقدم عليها إلا رجال الدولة الحقيقيين من أمثالكم سيدي الكريم ولا يضطلع بها إلا بناة الأمم وقادة الحضارات وصنّاع المستقبل وصانعي نهضة المجتمعات بعد الجروح والحروب والآلام والنكبات والكبوات .. وهي انتصار لقيم العقلانية والسلام ورفضٌ للغة العنف والدم والتصفية الجسدية والإعدام والتعذيب والتنكيل والقسوة والفظاعة والوحشية التي كرّسها نظام صدام الزائل بما انتهجه طوال تاريخه من سياسات الموت والخراب ..
فالمجتمعات، سيدنا الفاضل، لا يُحفظ تماسكها وكرامتها ولا تُعاد ولادتها وانبعاثها من جديد بعد انعتاقها من الديكتاتورية إلا حين تضطلع نُخبها السياسية والدينية والثقافية بالدور الأخلاقي المقدام والجسور في اقتحام آفاق أخلاقية رحبة تتيح للمجتمع أن يرى أبناؤه وبناته الضوء في نهاية نفق الاحتقان الداخلي وذاكرة الأسى والمرارة، بحيث تكون هذه النُخب قادرة على تقديم المَثَل الأعلى والنموذج الأخلاقي الذي يُحتذى به في إشاعة ثقافة التسامح وضبط النفس وكظم الجراح وتغليب روح الرحمة والرأفة لمحو ذاكرة القسوة والظلم وترسيخ منطق العفو عند المقدرة وانتصار المظلوم بالصفح عن الظالم لا بالثأر منه ..
والدول لا تُبنى إلا حين يتمكّن قادتها من أمثالكم من طيّ صفحة الماضي وإغلاق الملفات العالقة وتضميد الجراح المفتوحة وطمأنة الأرواح الخائفة (التي هي أرواح كل العراقيين والعراقيات القلقين والمتألمين على العراق بعد أن سادت فيه ثقافة الموت والثأر والانتقام لعقود طويلة) .. للخروج من مأزق اللحظة التاريخية المستعصية وتكريس ثقافة التطلّع نحو المستقبل ..
لا أقول هنا إن القتلة يمثلون مكوناً معيناً وإن العفو عنهما سيعزّز المصالحة الوطنية بين المكونات .. ليس هذا ما أقصده من هذه الرسالة سيدي الكريم ..
ولكن أقول إن الفعل الأخلاقي، كل فعل أخلاقي (والعفو والصفح على رأس الأفعال الأخلاقية النبيلة) هو عظيم في ذاته ومطلوب لذاته ومؤثر بذاته، وهو فعل سياسي ذو جدوى استراتيجية مستدامة محلياً وإقليمياً ودولياً.
التسامح عظيم لأنه رسالة أمل لكل إنسان في كل مكان من العالم. إنه رسالة عابرة للدول والمجتمعات والثقافات، والشرق الأوسط اليوم أحوج ما يكون إلى أن يصغي إلى صوت العراق وهو يقول كلمته ويعطي درسه في كيفية بناء الدولة والنهوض بالمجتمع عبر منطق وأخلاق وقيم رجال الدولة الحقيقيين المتعالين على جراحهم وجراح أهلهم الكرام والذين أتوسّم في حضرتك أن تكون منهم وأن تكون لكم الريادة في تعبيد طريق جديد للطبقة السياسية العراقية .. إنه طريق الرجولة السياسية والشهامة والأخلاق المترفعة عن الانتقام والكراهية والرؤية الحكيمة المتطلعة للمستقبل والحريصة على أن يتعلّم الجيل الجديد دروساً في أن يكون أكثر نكراناً للذات وأكثر انحيازاً للمصلحة العامة للعراقيين والعراقيات، كل العراقيين، وكل العراقيات ..
سيدي الكريم ..
كل من سيسمع بموقفك الأخلاقي المنشود بالعفو عن قتلة والدكم السيد الشهيد سينظر للعراق، كل العراق، نظرة مختلفة .. سيقول إن في العراق نخبة أخرى متسامية أخلاقياً ورشيدة ومتعقّلة ومتحررة من روح الانتقام وتنتمي لروح العدالة ومنطق التسامح ومترفعة عن الخوض في مستنقع الدم الأبدي الذي يراد للعراق أن يظل يرزح فيه.
سيقول قائل: ما جدوى العفو عن القتلة اليوم؟ ومَن يمثّل هؤلاء القتلة في المجتمع العراقي ليكون للعفو عنهم معنى أخلاقياً ووطنياً وصدى سياسياً واجتماعياً مؤثراً؟!
أقول: إنها رسالة أخلاقية للأجيال الحالية والقادمة .. يقول لهم جعفر الصدر فيها إن الحياة ليست دوامة من القتل والقتل المضاد، والاضطهاد والانتقام، والعنف والعنف المقابل. وإن علينا أن نمتلك القدرة للحدّ من جريان نهر الدم عندما نبدأ بأنفسنا ونعطي الدرس ونضرب المَثَل ونكرّس النموذج في التسامح ونبذ الانتقام والعفو عند المقدرة .. فالعفو عند المقدرة لغة العظماء ومنطق رجال الدولة وفلسفة أهل الحكم الرشيد ..
فالشباب الذي وُلدوا عام 2003 في لحظة سقوط نظام صدام سيتخرجون من الجامعات هذا العام، ولم يشاهدوا أو يسمعوا في حياتهم غير اللغة التي كرّسها نظام صدام نفسها وهي لغة العنف والموت ولم يتعرّفوا على العراق إلا بوصفه أرض صخب وصراع بين ماضٍ لا يريد أن يموت ومستقبل لا يستطيع أن يُولد ..
ولو أقدمتم سيدي الفاضل على العفو عن قتلة والدكم السيد الشهيد فستكون خطوتكم هذه ذات رمزية سياسية عميقة ودلالة أخلاقية مكثفة تبشّر بولادة مستقبل جديد في العراق.
لا أدافع هنا عن جرائم نظام سياسي ولا عن القتلة كأفراد ..
ولكن أدافع عن حق المجتمع العراقي في أن يرى مواقف مختلفة وأن يسمع لغة مختلفة وأن يلمس سلوكاً مختلفاً من الطبقة السياسية العراقية .. مواقف ولغة وسلوك تتجاوز منطق الثأر والاستئصال ..
وأدافع أيضاً عن حق المكون الشيعي العراقي في أن تكون صورته التي يقدّمها للعالم هي غير صورة اليد "السلبية" التي تنادي بالمظلومية وتطالب بالاعتراف والإنصاف والتعويض والقصاص والثأر .. وأن تكون صورة هذا المكون الجديدة على يديكم إن شاء الله هي صورة اليد الإيجابية العليا التي تعفو وتصفح وتسامح وتبني وتصنع الأمل وتكسر طوق الظلم والمظلومية وتمحو ظلام الماضي وتكتب تاريخاً جديداً للعراق وذاكرة جديدة غير ذاكرة الدم والألم ..
أكتب هذه الكلمات وأضعها أمام حضرتك والعراقيين والعراقيات بكل محبة وإخلاص وحرص، ولست ناصحاً ولا متعالياً ولا مزايداً؛ ولكني وجدت في حادثة إلقاء القبض على قتلة والدكم السيد الشهيد المغدور فرصة حقيقية يمكن فيها استثمار القيم التي يتحلى بها شخصكم الكريم في خدمة العراق وشعبه.
لقد آن للعراق سيدي الكريم أن يغادر نفق الظلام والظلم والمظلومية الذي يعيش فيه منذ عقود ..
آن لليل أن ينجلي ..
وآن للقيد أن ينكسر ..
وآن للعراقيين والعراقيات أن يروا ضوء الشمس ..
شكراً لسعة صدركم أيها الأستاذ النبيل ..
ورحمة الله تعالى على والدكم الكريم الشهيد المظلوم السيد محمد باقر الصدر وشقيقته الفاضلة عمّتكم الشهيدة المظلومة العلوية بنت الهدى ..
حفظكم الله وسدّد خطاكم ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
المواطن العراقي: همام طه



#همام_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون عيد الغدير .. الفرصة التي لم يتم استثمارها
- الخطاب السياسي وتعزيز رأس المال الاجتماعي
- سياسات مقترحة لمعالجة تأنيث الفقر في العراق
- نحو استراتيجية وطنية للتدريب المهني في العراق .. لا تُعطني س ...
- الحكومة الاتحادية ومجالس المحافظات .. فكّر وطنياً ونفّذ محلي ...
- مشاريع الإسكان والانتقال من الدولة الريعية إلى الدولة التنمو ...
- معالجة التسرّب المدرسي في العراق .. مدخل للتنمية والإصلاح ال ...
- تطوير الفلسفة العقابية في العراق .. من سلب الحرية إلى العقوب ...
- مواجهة أكتوبر وإعادة هيكلة الوعي والمواقف .. القضية الفلسطين ...
- الثورة المعرفية ركيزة النهضة الشاملة .. نحو استراتيجية وطنية ...
- الاستثمار في رأس المال البشري .. تطوير موظفي القطاع العام ال ...
- هل يمكن أن يتحوّل العراق إلى دولة لاعنفية؟
- المشروع الوطني لتعليم اللغة الإنجليزية في العراق .. رافعة اس ...
- التكامل المؤسسي .. مفتاح نجاح الحكومة
- أزمة التنوّع الثقافي في المجتمعات العربية: حروب الهويات تطيح ...
- محو الأمية في العراق .. الخطوة الأولى على طريق التنمية
- هوية السينما العربية في عصر العولمة الثقافية .. وقائع ندوة ح ...
- الدراسات الكردية .. قراءة الذات في عيون الآخر
- توطين الإسلام في الغرب .. من التقابل إلى التداخل
- رئيسة وزراء نيوزيلندا .. قيادة تغييرية تدافع عن التنوع الثقا ...


المزيد.....




- بعد تصريحاته عن -التهجير-.. الملك عبدالله سيلتقي ترامب بواشن ...
- جورجيا: احتجاجات في تبليسي بعد تشديد العقوبات على عرقلة الطر ...
- بدل نقل الأسماك.. تحقيق يفضح تهريب بقايا النمور المهددة بالا ...
- الكبد الدهني.. خضار وفاكهة تساعد في العلاج والوقاية من الإصا ...
- تحديد هوية المسؤول عن جريمة سودجا
- غزة.. إسرائيل تخلف معدات عسكرية مدمرة
- بيان من الرئيس السوري أحمد الشرع بعد لقائه ولي العهد السعود ...
- أسير إسرائيلي أمريكي محرر يوجه رسالة شكر إلى مقاتلين في -الق ...
- النيابة الإسرائيلية تفتح تحقيقا جنائيا ضد سارة نتنياهو في أع ...
- خامنئي: الشعب الإيراني لديه الشجاعة ليقول -الموت لأمريكا-


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - همام طه - رسالة إلى ابن الأكرمين السيد محمد جعفر الصدر: العفو عند المقدرة من قيم رجال الدولة وأهل الحكم الرشيد