|
السوريون، نحو لملمة الجراح في ظل الحكم الإسلامي
عبدالله صالح
(Abdullah Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 8241 - 2025 / 2 / 2 - 04:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وسط جمع من اتباعه وتحت عنوان " مؤتمر الثورة السورية " أعلن يوم الأربعاء المصادف ٢٩ / ١ / ٢٠٢٥عن تولي (محمد الجولاني – أحمد الشرع )رئاسة الجمهورية في سوريا وتم تفويضه لتأسيس مجلس تشريعي بالإضافة الى عدة قرارات أخرى ومنها حل البرلمان السابق وحل الجيش و ...... وفي كلمة بعد تنصيبه في هذا التجمع، مرتديا بدلته الزيتونية، أكد الشرع على ضرورة بسط السيطرة الأمنية على كافة الأراضي السورية تحت يافطة " المحافظة على السلم الأهلي". منذ أن أطيح بحكم حزب البعث في سوريا في الثامن من ديسمبر العام الماضي والوفود الإقليمية والدولية تسارع الخطي للوصول الى دمشق وتهنئة " المنتصر" أحمد الشرع واضفاء الشرعية على حُكم من كان عدوا بالأمس وأصبح صديق اليوم. فبالإضافة الى تركيا، الراعي الرسمي لحكم هيئة تحرير الشام والساعي لإعادة أمجاد الدولة العثمانية تلك التي تتوافق مع ما يصبوا اليه الشرع من تأسيس امارة اخوانية بعد أن يؤمن السيطرة على مجمل أرجاء سوريا المجزأة حاليا، يأتي دور قطر حليفة تركيا والممول المالي لهذا المشروع الاخواني. في تصريح لصحيفة ( يني شفق ) التركية أكد الشرع بأن سوريا ستطور علاقة استراتيجية مع أنقرة وأضاف بضرورة بناء تلك العلاقة مع تركيا حيث ان للأخيرة أولويات في إعادة بناء الدولة السورية الجديدة. أما اللاعب الإقليمي الرئيسي الآخر المتورط من الخارج في سوريا بعد تركيا، هي اسرائيل، التي ترى نفسها في توافق مع تركيا بشأن اسقاط الأسد، ولكن في خلاف حول جملة من مسائل أخرى. بعد هذا التهافت على الحضور لمباركة الشرع من قبل معظم الدول العربية وفي مقدمتها الدول الخليجية، جاء دور أمريكا التي ألغت الفدية المالية لاعتقال الشرع ثم تبعتها في الحضور أوروبا، وخلال هذه المدة القصيرة من عمر هذه السلطة انعقدت عدة مؤتمرات لدعم الحكم الجديد في سوريا. هذا التحول في المواقف يذكرنا بما فعله الغرب ابان سقوط شاه ايران شباط عام ١٩٧٩ حين نُقل الخميني من مساجد النجف الى منتجع (نوفيل لوشاتو) الفرنسية وتهافتت عليه كبرى القنوات الإعلامية آنذاك كـالـ ( سي ان ان ، والبي بي سي) لتسليط الضوء عليه ولإبرازه كبديل لحكم الشاه ومن أجل أن يلعب دوره في احتواء الثورة الإيرانية التي اندلعت هناك وباعتباره فصيل ضمن فصائل قوى الثورة المضادة يَحولَ دون أي تحوّل ثوري في ايران بعدان أصبح الشاه حليفا غير مرغوب فيه لدي أمريكا والغرب. لَعب الخميني هذا الدور المرسوم له بكل جدارة وبنى دولة إسلامية في ايران، تلك الدولة التي تحولت فيما بعد الى بؤرة إسلامية امتدت خيوطها لتشمل منطقة الشرق الأوسط مما جعلها لا تنصاع لأوامر من أتوا بها الى السلطة فتتحول الى كتلة لهبٍ تحرق الصديق قبل العدو. ان الحركات الإسلامية، سواء الإخوانية منها أو السلفية أو على شاكلة الجمهورية الإسلامية في ايران هي حركات إرهابية ومعادية لمصالح الجماهير. واليوم حين يتم تقديم الجولاني بأنه " حمامة سلام" وإظهاره بكونه إسلامي " معتدل" يمكن التعايش معه كونه يختلف عن الإسلامي " الأصولي " وتقديمه للناس بهذه الصورة ليس سوى من أجل فرش السجادة الحمراء له ليبسط سيطرته على مجمل أرجاء سوريا من جهة ويساهم في تغيير موازين القوى في المنطقة على حساب الجمهورية الإسلامية في ايران وحليفتها روسيا. المتابع للشأن السوري يدرك بأن السلطة الحالية في سوريا انصب اهتمامها الكلي على ترتيب أوضاعها الإقليمية والدولية قبل كل شيء، ما يدور في أروقة الحكم الحالي الآن يتمحور فقط حول زيادة الاستثمارات الأجنبية والخصخصة وتطبيق النيوليبرالية في الاقتصاد سعيا وراء دمج الرأسمالية في سوريا مع ركب الرأسمالية في المنطقة وبالتالي مع الرأسمالية العالمية. أما الاوضاع الداخلية التي تتجاهلها الأجهزة الإعلامية، السورية منها أو التابعة لدول المنطقة، والتي تعطينا صورة وردية عن تلك الأوضاع هي بدرجة من الانهيار بحيث تنبأ الى السير نحو تقسيم طائفي كما هو الحال في العراق ولبنان، فـمواطنو الساحل السوري المحسوبين على النظام السابق، ومنذ تولي هذه المجاميع السلطة، يتعرضون الى انتهاكات فضيعة خطيرة كالإعدامات الميدانية والاعتقال العشوائي والاختطاف والاذلال حيث تفيد الانباء الى اعدام أكثر من خمسمائة مواطن على يد مليشيا هيئة تحرير الشام والمليشيات الأخرى المنضوية تحت لوائها– حسب المرصد السوري لحقوق الانسان - . أما الدروز الذين هبوا ضد حكم الأسد قبل المجاميع الإسلامية، فلازالوا يمنعون ميليشيات السلطة من دخول مناطقهم ، وهناك قوات سوريا الدمقراطية في الشمال الشرقي التي تبسط سيطرتها على أجزاء واسعة هناك، ثم المسيحيون الذين تعرضوا لأبشع أنواع الظلم والاضطهاد على يد داعش وأخواتها وهم أيضا ليسوا بأفضل حال من بقية السوريين، أضف الى كل ذلك مواطنو مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل. أما أوضاع المرأة وحقوقها فلاداعي لشرحها كون أجندة الإسلام السياسي بهذا الصدد واضحة لا تحتاج الى تفسير، وفي مسرحية مفضوحه وخلال استقبال الشرع لوفد نسائي سوري جاء من أمريكا، نادى الشرع على زوجته لتحضر الاجتماع وبعد مجيئها قال الشرع مازحا: " والله هي واحدة وما في غيرها وما تسمعوه في السوشيال ميديا هو مجرد اشاعات".
هذه الأوضاع، بمجملها، تهدف من جملة ما تهدف، الى عدم منح الجماهير في سوريا أية مساحة لتنظيم نفسها بعد انهيار الحكم الدكتاتوري وعدم إعطائها أية فرصة تجعلها مقتدرة تتحكم في مصيرها وتؤمن لنفسها حياة حرة كريمة آمنة بعد كل هذه الويلات وتحول دون تغيير دكتاتور بآخر وتغيير راع إيراني بآخر تركي. لقد غيّر سقوط بشار الأسد مشهد النضال السياسي في سوريا وفتح صفحة جديدة على طريق تحقيق الحرية والخلاص، فوسط كل هؤلاء المفترسين، يوجد فراغ يمكن فيه للجماهير السورية المتعطشة الى الحرية أن تلعب دورها فيه وأن تفرض ذاتها. جدير بالذكر بأن وصول هذه القوى الى سدة الحكم لم يقضي على الصراعات الموجودة بينها وان تناقضاتها لا تزال موجودة يكتنفها الغموض. ٣٠ / ١ / ٢٠٢٥
#عبدالله_صالح (هاشتاغ)
Abdullah_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين البغدادي والجولاني ، خطابين مختلفين شكلا و متطابقين مضمو
...
-
في اليوم العالمي للفقر، حقائق وأرقام!
-
من يستطيع تحديد مصير الشرق الأوسط؟
-
برلمان يشرعنْ اللاشرعية ويفرض الهيمنة لأحزاب السلطة، على أبو
...
-
نتنياهو يدخل التأريخ، ولكن كمجرم حرب!
-
حياة الأطفال، مسرح للمأساة التي خلقتها الرأسمالية وليبراليته
...
-
الحرب المباشرة بين إيران وإسرائيل، مسرحية إجرامية عُرضتْ فوق
...
-
الحكومة في العراق، تَقود أم تُقاد؟ حول إنهاء وجود التحالف ال
...
-
دلالات عزل الحلبوسي
-
التعليم في العراق، واقع مأساوي! بمناسبة بدء العام الدراسي ال
...
-
رأي حول الحرب الحالية بين حماس وإسرائيل
-
المخدرات في العراق آفة تنهش جسد المجتمع
-
حول -حرب الجنرالات- في السودان
-
اذا كان هناك - مستوى هابط - أصلا، فأنتم آخر من يحق له الحديث
...
-
كي لا تتحول (خليجي 25) الى عملية تدجين للوعي !
-
من خلع الحجاب الى خلع النظام، غضب عارم يعبرعن 43 عاماً من ال
...
-
(اذا كانت هناك معركة بين اليمين واليمين، سأختار معركتي – لين
...
-
حول محاولة اغتيال الكاتب سلمان رشدي
-
وقفة مع الحرب في أوكرانيا
-
الفقر والحرمان والمآسي للناس ،والثروة والمال للقطاع الخاص
المزيد.....
-
العثور على قيء يعود إلى 60 مليون عام على شاطئ في الدنمارك
-
قلق من اشتعال حرب تجارية -قذرة-.. كندا ترد على أمريكا بفرض ر
...
-
وزير الدفاع الأمريكي يعقّب على نتائج الضربة في الشرق الأوسط
...
-
خبير أوروبي يحذر ترامب من -صراع لا مفر منه- في أوكرانيا
-
نجاة أمريكي بأعجوبة من شظية كادت أن تودي بحياته جراء تحطم طا
...
-
شاهد.. الشرطة الأمريكية تستعين بكلب شرس لإخراج رجل ملاحق من
...
-
الجيش الإسرائيلي يصدر بيانا عاجلا إلى سكان جنوب لبنان
-
واشنطن: سنواصل العمل مع إسرائيل لتحرير كافة الرهائن في غزة
-
نتنياهو: قراراتنا خلال الحرب غيرت ملامح الشرق الأوسط بشكل جذ
...
-
ترامب يقرر فرض رسوم جمركية على كندا والصين والمكسيك والبلدان
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|