صبري رسول
(Sabri Rasoul)
الحوار المتمدن-العدد: 8241 - 2025 / 2 / 2 - 00:33
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
في الحروب تفقدُ العدالةُ معناها، وتبقى القوانينُ خرقاً بالية، يستخدمها القويّ لصالحه عند الحاجة، ويلقيها في مرمى الحرب بعدها.
في الحروب يسيطر القويّ على الضعيف مطبقاً عليه قوانينه، وتسقط الحضارة الفكرية والثقافية والمادية أمام حوافر المدرّعة، وتبقى حياة البشر أسيرة فوهّة المدفع، يسيطر القويّ، فيسطّر التّاريخ كيفما يشاء.
قطع الاتصالات كأداة تواصل بين النّاس قطعٌ للشريان الاجتماعي، حصارٌ وحشٌ لعزل الأفراد والجماعات عن بعضها، وحجبٌ للحقيقة وما يجري على الأرض. فأيّ خبرٍ يُنشَر لا أحد يعرفُ حقيقته إلا من يستحكم برقاب النّاس، ويبثّ التّفاصيل كيفما يشاء، ولا تعرفُ الصّدق من الكذب حتى لو كنتَ على بعد مئة متر.
هذا يدفعني إلى الاعتقاد أنَّ كلّ التاريخ الذي قرأته في حياتي كذبٌ. وصفحاتُ التّاريخ عبارةٌ عن تصوّرٍ للمنتصر، لفَّقَه بما يتناسب ومصالحه، وأمْلَاه على كتَبة التّاريخ (المؤرّخ) ليبثَّ بين سطوره أمجاده، وبطولاته.
فالتَّاريخُ سجلٌ ضخمٌ من الأكاذيب، حافلٌ بالأخبار الملفَّقة المصاغة على مقاس السّلطان، والسّيفُ هو من صاغ الكتابة كما صاغ تلك الأكاذيب.
أمّا الحكماءُ، والقادة الحقيقيون، وصنّاع الثّقافة والحضارة، يلجمُ لسانَهم سيفُ الصّمت، والصّامتُ لا يصنعُ التّاريخ كما يُقَال. فيسقطون من سجلاته، فتذهبُ أخبارهم إلى الهامشِ الضّائع، ويسودُ ظلُّ «هولاكو» على تاريخ البشر، حتى يأتي هولاكو آخر.
المنتصرون جعلوا من وقائع التَّاريخ سجلاتٍ لسِيَرِهم الذاتية ولبطولاتهم وأمجادهم.
لماذا لا يتجرأ النّاس في نقد التّاريخ؟
#صبري_رسول (هاشتاغ)
Sabri_Rasoul#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟