|
نافذة في غزة
هيثم بن محمد شطورو
الحوار المتمدن-العدد: 8240 - 2025 / 2 / 1 - 14:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من وراء النافذة المعتمة بفعل الغبار الكثيف الذي يغطي البلور، نافذة لبيت مهدم تطل من وراء شبه غرفة كانت تضطرم نارا تبعث الدفء من خلال ساكنيها واحاديثهم هناك وأهازيجهم وأحلامهم المروية، حتى أجبروا على ترك الدار لتعصف بها ليلا مثل بقية الدور في الحي قنبلة أمريكية الصنع جدا شديدة الذكاء تحاكي ذكاء أهلها وصانعيها كانت قد قـذفت بها طائرة نفاثة من علو شاهق جدا عن الأرض وليلا كي لا تصيبهـا رصاصة بندقية أحد المؤمنين بأن الله يرمي وراء اطلاقه للرصاص وما يجب عليه إلا أن يتبع خطوات الممكن لديه الذي هو المقدر من العلي القدير إن شاء وهو إن شاء فعل.. لقد كان من شأن رصاصة طائـشة أطلقها فلاح عراقي في اتجاه طائرة نفاثة أمريكية أن أسقطتها في حرب الامبريالية الغربية على إرادة القوة والنهوض العربية في الحرب على العراق العظيم حينها، والتي كانت غزة آخر مسرح لها إلى حد اليوم .. كانت نافذة البيت المهدم المعتمة تـفـتح على ضياء مبهر ورائها. ساحة نظيفة تـنـتـشر فيها قوات نظامية واقـفة بثبات مصطفة وكأنها في مسجد تستعد لقيامة الصلاة، ثابتون لا يتحركون يمنة أو يسرى، متلفحين بأردية عسكرية حديثة خضراء اللون جميلة جديدة.. هؤلاء كانوا لعام وثلاثة أشهر تحت الأرض، ومن الأنفاق التي حفروها والمدن التي ابتـنوها تحت الأرض انطلقوا في عمليات عسكرية قـتلوا فيها ما قـتلوا حتى استسلم الامبريالي الأمريكي وأرغم حكومة إسرائيل على توقيع اتـفاق وقف إطلاق النار. النار التي ما كانت لتـتوقف حتى تـذهب برياح الكيان الصهيوني المصطنع.. وهكذا ومن وراء النافذة المعتمة للبيت المهدم مثل غزة المهدمة ينبعث ذاك الضياء المبهج المشرق.. كيف بإمكانك أن تحارب أشباحا أيها الجيش الذي قهر الجيوش العربية في القرن العشرين؟ كيف لك أن تـنـتصر على مقاتـلين من طراز المسلمين الأولين المجاهدين الفاتحين الذين يقاتلون لأجل إرضاء الله ورسوله والفوز بجنة النعيم الأبدية ما وراء هذه الدنيا الزائـفة؟ التهديم للبيوت مؤلم والموت للأقارب مؤلم، والعودة اليوم بعد وقف اطلاق النار إلى ركام من الأحجار للذي كان بيتك ومستـقرك وسكينـتك ودفؤك وحياة اسرتك وعائلتك ومأوى ألفـتك مؤلم جدا جدا.. انها الحرب المتوحشة التي أرادت إبادة شعب. انها حرب طوفان الأقصى التي دفعت دفعا ولأول مرة محكمة الجنايات الدولية ومخـتلف المؤسسات الدولية من حكومات ومنظمات إلى اتهام إسرائيل بكونها تشن حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة. ولكنها منذ 1948 دأبت على القيام بحرب إبادة لاجتـثاث الشعب الفلسطيني من أرضه حتى تـتحقـق المقولة الصهيونية الزائفة " أرض بلا شعب لشعب بلا أرض". ويا له من غباء أوربي عقلاني جدا وموضوعي جدا أن يصدق أن تكون بلاد واقعة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط وممطرة وغنية بالمياه والأرض الخصبة وغنية بالمقدس حيث مدينة القدس، فارغة من السكان وخالية.. كيف يتم تصديق تلك الفرية الكبرى الهائلة؟؟ واليوم في مشهدية تسليم الاسرى الإسرائيليين، نكون أمام مشهدية الانتصار العظيم للمقاومة الفلسطينية مصحوبا باستعراض عسكري يُري المناعة والثبات والثـقة اللامتـناهية في النفس. إنهم يعرضون مشهدا مناقضا تماما لأغلب الحالة العربية من شعوب وأنظمة مهترئة في سديم اللامعنى تجر ثـقافة الخوف والكبت والضعف والهوان. يتشدقون متسائلين بملئ فاههم كيف أن تهجم على قوة عسكرية تـفوقـك بآلاف آلاف المرات، وقصدهم هجوم العزة في 07 أكتوبر 2023؟ واليوم ومن الناحية العسكرية تم الجلاء بوضوح من هو الأقوى؟ وتـتلون سرديات وتبنى سرديات ومن بينها مدينة غزة المدمرة وآلاف الشهداء والجرحى ليحكموا بالهزيمة. انهم لا يحكمون بالهزيمة في حقيقة الأمر فالانتصار واضح ويقض المضاجع العربية المتخاذلة، ولكن يحكمون بإرادة تـشريع خوفهم وجبنهم وعدم ايمانهم بحقيقة الإسلام الذين يتـشدقون به صبحا مساء حتى ان البعض يعطي لليهود الحق في فلسطين باعتبار إسحاق ابن إبراهيم النبي مبجلين في القرآن.. يصلون ليقولوا أنا مسلمون ولكنهم جبناء ترعبهم الموت وبالتالي فحقيقة صدورهم الشك في وجود العالم الآخر وبعضهم يدأب على الصلاة في المساجد.. أما الأنظمة السلطوية العربية فسردياتها متـنوعة ومخاتلة الى درجة المنطقية في بعض الأحيان. المقاومة الإسلامية التي تـقوي النفوذ الإيراني في المنطقة. الخطر الإسلامي. الخطر الشيعي. الروافض والصفوية لعنهم الله..و و و.. يقولون شبئا واحدا في النهاية. الذل والجبن والمحافظة على وجودهم في السلطة من جهة، والقضية الفلسطينية بكونها أكبر منغص لهم في الحكم والعمل كيف يتم التخلص منها .. طبعا فهم غير قادرين على العبور إلى الضفة الأخرى. التخلص من فلسطين بكونها قضية بالعمل على تحريرها.
#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عودة الفلسطيني
-
بين لوس انجلس وغزة
-
معضلة الحكم
-
أفق تجاوز الصراع الحضاري
-
سقوط الأسد
-
النشوة الحارقة للذاتية المتعالية
-
بين الغربين
-
طوفان الأقصى
-
خرافية - اسحاق نيوتن-
-
المُثقف المقيت
-
جمالية القوة السياسية
-
لماذا خُـلق الإنـسـان في القرآن؟
-
الإنسان المتحول صرصارا
-
في الثورة الإيرانية
-
مشروع دسترة الثورة التونسية
-
في تهنئة رئيس الجمهورية - قيس سعيد- بعيد الفطر
-
في تأصيل فكرة الإشتراكية
-
أي اشتراكية نريد؟
-
الشمس
-
البوط
المزيد.....
-
مسؤول مصري لـCNN: وفد حماس بالقاهرة الأسبوع المقبل لبحث المر
...
-
العراق.. تراجع عن مطلب خروج الأمريكيين
-
ضربة جديدة لحكومة ميلوني: إعادة 43 مهاجرا من ألبانيا إلى إيط
...
-
متظاهرون يتصدون لمحاولة طرد أحد المستأجرين من حيّ تاريخي في
...
-
51 مليون يورو .. بيع سيارة مرسيدس للسباقات تعود إلى الخمسينا
...
-
رئيس جمهورية بريدنيستروفيه: احتياطيات الفحم لتوليد الكهرباء
...
-
لافتات في غزة دعما لموقف السيسي ورفضا للتهجير على أنقاض الحر
...
-
الخارجية الروسية تؤكد أهمية عرض الممارسات الدموية للقوات الأ
...
-
-أمريكيون موتى-.. خبير يذكر ماسك بـ-الأهوال- التي رأتها القو
...
-
أسير محرر يعود إلى غزة ليكتشف مصرع زوجته وطفلته خلال الحرب (
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|