صفاء علي حميد
الحوار المتمدن-العدد: 8239 - 2025 / 1 / 31 - 21:11
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
النص (51)
عن أبي عبدالله قال: حجة الله على العباد النبي، والحجة فيما بين العباد وبين الله العقل.
الكافي / ج 1 / ص 25
تعليق :
نص يحتاج الى قليل من الانتباه والفهم ...
نعم هو محير ...
لو فتحت شروحات الحديث لوجدتها تشرح اظن بدون فهم وتعقل وادراك ...
امامهم كلمات لا يسعون الى فهمها بقدر ما يجهد احدهم في كتابة جمل ويعتبرها شرحاً للحديث وكفى الله المؤمنين القتال ...!
اول شيء يجب معرفتة هو الحجة فهي العلامة والبرهان واليد التي تأخذنا نحو الصواب والحق ...
أذن ...
عندنا دائرتين واحدة كبيرة وثانية صغيرة ...
الكبيرة تمثل ....
من العباد الى الله .... النبوة !
الصغيرة تمثل ...
من الله الى العباد ... العقل !
بتعبير أخر ...
رحلة الايمان بالله تبدأ بالعقل ...
وبعدما تؤمن به رحلة الوصول اليه تبدأ بالنبوة لانها القطار الذي يوصل الناس اليه تبارك وتعالى ...!
هذا ما فهمته من النص والله العالم ...!
وبعد هذا الفهم انقل ما ذكره المازندراني حوله وكيف علق عليه اذ يقول بالحرف الواحد ( هذا الحديث والله أعلم يحتمل وجوها :
الأول ما أشار إليه بعض الأفاضل وهو أن الحجة الموصلة للعباد إلى السعادة والنجاة بعد الاعتقاد بإلهيته تعالى وهو النبي (صلى الله عليه وآله)، والحجة فيما بينه وبين العباد بمعرفته تعالى وحجية النبي بما عداها مما لا يدل عليه دليل ولا يتحصل له منى إذ النبي حجة أيضا في معرفته تعالى وصفاته والعقل حجة فيما عداها أيضا ...
الثاني أن النبي حجة الله الموصلة لعباده إلى الطريق الحق والباطل وطريق الخير والشر كلها يعني يهديهم إليها والعقل هو الحجة بينه تعالى وبين العباد الموصلة لهم إلى تصديق نبيه والاذعان لكل ما أخبر به وفي تغيير الاسلوب إشارة إلى ما بينهما من التفاوت في الظهور والخفاء ...
الثالث أن النبي حجة الله على عباده على سبيل التفضل لقطع أعذارهم كما يشعر به لفظة «على» والعقل هو الحجة الكافية في الحقيقة بينه وبين العباد ولو أبى عن الحق فإنما هو لسوء تدبيرهم وبطلان استعدادهم لأمر عرض له بمجاورة الأبدان لا لنقصان في ذاته ...
الرابع أن حجية النبي مختصة بالله سبحانه ومن صنعه تعالى وليس للعباد مدخل فيها كما يشعر به الإضافة وحجية العقل غير مختصة به تعال بينه وبين عباده ولهم مدخل فيها وذلك لأن الله تعالى خلق العقل قابلا لجميع الكمالات البشرية ومن الظاهر أنه لا يتصف بالحجية حتى يتصف بالكمال في الجملة إذ هو في حيز القوة المحضة ليس حجة واتصافه بالكمال بسعي العباد وطلبهم وحسن تدبيرهم فلهم مدخل في حجيته ...
الخامس بين الاحتياج إلى الحجتين والتغيير في الاسلوب إنما هو لمجرد التفنن والمقصود أن حركة العبد نحو المقصود لا تحصل إلا بدليل خارجي هو النبي ودليل داخلي هو العقل
أما الثاني فلأن الوصول إلى منازل القرب لا يتصور إلا بالاتصاف بالفضايل والتجرد عن الرذايل وذلك لا يمكن إلا بعد معرفة الفرق بينهما ومبدء تلك المعرفة هو العقل
وأما الأول فلأن العقل وإن كان مستقلا في بعض المعارف لكنه غير مستقل في بعضها كأحوال العباد والشرايع الإلهية مع تحقق خطائه فيما يستقل كثيرا فاحتاجوا إلى النبي المؤيد من عند الله تعالى ليهديهم إلى المطالب والمحاسن ويزجر عن الرذايل والقبايح ليكونوا معه أقرب من الخير وأبعد من الشر ) شرح اصول الكافي / ج 1 / ص 304 - 305 ...
انتهى كلام المازندراني وأرى من الفائدة ان انقل ما سأل به الذكاء الصناعي عن الحديث فأجاب بما يلي :
هذه العبارة تعبر عن مفهومين مهمين في الفكر الإسلامي:
- **النبي كحجة الله على العباد**: يعني أن النبي محمد هو الدليل والبرهان من الله على البشر، يوصل إليهم رسالة الله ويبلغهم ما أمرهم به الله من أحكام وشرائع.
- **العقل كحجة بين العباد وبين الله**: هذا يشير إلى دور العقل في فهم وتطبيق التعاليم الدينية. العقل هنا هو الأداة التي يستخدمها الإنسان لتفسير وتطبيق الشريعة، ولتمييز الخير من الشر، وللاستدلال على وجود الله وعدله.
هذا المفهوم يبرز أهمية كل من النبوة والعقل في الدين الإسلامي، حيث يتكاملان لإرشاد الإنسان إلى طريق الحق والصواب.
النص (52)
عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ لَمَّا نَزَلَتِ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.
" البخاري / رقم الحديث: 32 "
تعليق :
هذا ليس نصاً نبوياً بل هو اجتهاد قام به عبد الله الذي هو ابن مسعود نقله عنه التابعي علقمة بن قيس النخعي وهو بدورة حدث من جاء بعده وحتى وصلت الينا نصاً نبوياً مع الاسف الشديد ...!
مع ذلك ...
نرى انهم قد مارسوا الظلم وقد البسوا ايمانهم بظلم فليس فيهم رجلاً ذا ايمان خالص وصافي ...
نعم تقليل الظلم وتحجيم عواقبة حينما تم جعل اقسام وانواع له فالظلم يبقى ظلم ويكون في اشدة عندما يتعلق بقهر الاخرين وسلب حقوقهم وحرمانهم من مستحقاتهم اجارنا الله من ذلك ..!
النص (53)
قال أبو عبدالله: دعامة الانسان العقل، والعقل منه الفطنة والفهم والحفظ والعلم، وبالعقل يكمل، وهو دليله ومبصره ومفتاح أمره، فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالما، حافظا، ذاكرا فطنا، فهما، فعلم بذلك كيف ولم وحيث، وعرف من نصحه ومن غشه، فإذا عرف ذلك عرف مجراه وموصوله ومفصوله، وأخلص الوحدانية لله، والاقرار بالطاعة فاذا فعل ذلك كان مستدركا لما فات، وواردا على ما هو آت، يعرف ما هو فيه، ولاي شئ هو ههنا، ومن أين يأتيه، وإلى ما هو صائر، وذلك كله من تأييد العقل.
الكافي / ج 1 / ص 25
تعليق :
اللهم نسأل طاقة تتحمل العقل الواسع الذي يفعل كل ذلك انك على كل شيء قدير برحمتك يا ارحم الراحمين !
النص (54)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ".
" البخاري / رقم الحديث: 33 "
تعليق :
هناك مقالات كثيرة كتبت عن النفاق وابحاث واسعة أولفت عنه الا انني وجدت مقالاً يجمع فيه بين النفاق السياسي والاجتماعي وهي لصادق الصافي بعنوان ( سياسي موافق ام سياسي منافق ) هذا نصها بالحرف الواحد ...
يقول الدكتور علي الوردي في كتابه- لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث-ج6-ص29- ما ملخصه
اِنه بداية عام 1921 وقع الاختيار على القشلة ببغداد, لتكون مقراً للوزارات في عهد الانتداب البريطاني, واستحوذ السيد طالب النقيب رئيس الوزراء المدعوم من-السير برسي كوكس- على افضل الاجنحة فيها كمقر لوزارته, لكنه اعترض على التخصيصات المالية لراتبه والتي حددت ب7سبعة الاف روبيه, حيث انه رفض ان يكون راتبه قريبا من راتب وزير الماليه, فاجتمع مجلس الوزراء بناءاً على اقتراح من المندوب السامي في العراق للنظر في الاقتراح وكان للسيد طالب النقيب خصوم معارضين.
ويروى في هذا الصدد نقلاً عن كتاب-حكايات سياسية-ص45- للأديب خيري العمري- قصة طريفة جداً- أن الوزراء كانوا قد اتفقوا فيما بينهم قبل انعقاد المجلس على معارضة الاقتراح عند تقديمه اليهم, وأخذ يشجع بعضهم بعضاً على الصمود ضد السيد طالب النقيب, ولكنهم عندما انعقد المجلس تخاذلوا تجاه نظرات السيد طالب المرعبه.؟ وكان أول المتخاذلين- الوزير ساسون حسقيل- حيث سارع الى القول-(موافق) - ثم أخذ الوزراء يقتدون به واحداً بعد الاخر, حتى وصل الدور الى-الوزير عبدالمجيد الشاوي- وكان معروفاً بحسن النكته فهو بدلاً من ان يقول-(موافق)- قال -(منافق)- وكان في ذلك أصدقهم جميعاً
النفاق لايمس قلوب النبلاء فالانسان النبيل المؤمن هو أفضل عطاء للأمة وأجمل كيان كأنسان
كما قال الشاعر -جرير-
نحنُ أجتبينا حياض المجد مترعةً - من حومةٍ لمْ يخالط صفوها كدرُ
عندما تكون الأمة مزدهرة منتصرة تُفتح أمامها نوافذ الخير والصلاح والثقة والتعاون والمحبة والابداع والحريات والحقوق الانسانية كافة, وكذا تغمرها قيم الاخلاق والمجد والايمان والاحساس بالجمال, حتى عبر عنها الشعراء بأروع التعابير
قال الشاعر جهاد جحا
ووجدت اصحابي ككنز دائم - القاه عند تقلب الأزمان
لكن الأمة عندما تكون منهزمة محاطة بالأزمات والعنف والقسوة والدكتاتورية,نراها تتراجع في كل القيم وتنتكس العلوم والآداب والفنون, ومعها تختفي الاشياء الجميله في المجتمع, منها اختفاء العاطفة والمحبة وبروز الشر وظواهر التدني والتلون والنفاق- وهو اظهار عكس حقيقة الاشياء- انه يمثل السقوط والانحدار في عالم بلا اخلاق.؟
واعلم بأن الناس شبه معادن - فاحذر تُغَر بشدة اللمعانِ
فالنفاق الاجتماعي هو التلون في العلاقات وعدم الوضوح في المبادئ والمواقف والاحاديث لغرض الافساد والانتفاع الشخصي.
اِنا نعاني من أمور جلها - من سوء أخاق الكثير من البشر
فالنفاق يبدأ بذرة صغيرة, ثم يتحول تدريجياً الى ظاهرة بارزة في سلوك الشخص, وتكون في مرحلة أخطر عندما تتحول الى طبقة اجتماعية لها سماته وثقلها داخل المجتمع.
انه مرض اجتماعي خطير واكثرها ضرراً في هدم بنى الامة والمجتمع باختلاف الاقوال والافعال, وفي السياسة عبر عنه الأديب عباس العقاد- (النفاق السياسي هنا كالأخلاق- الأعمال بالنيات) فالشعب الذكي يميل الى عزل -النفاق- في استخدام السياسة الخارجية عن السياسة الداخلية, ويسمحون بمقياس الخدعة في السياسة والحرب, فلا عيب من استخدام النفاق كشأن سياسي أيجابي يحسب له المنفعة لشعبه, ويقع السياسيون في النفاق السلبي الخطأ عندما يسعون للمنفعة الشخصية للأضرار بالامة والمجتمع.
وفي أختصار وصف المنافقين
قال الرسول الاعظم محمد-ص- في ذم أساليبهم وأهدافهم المرضية.
(علامة المنافق ثلاث-أذا حَدَثَ كذبْ- وأذا وعدَ أخلفْ- وأذا أؤتمن خان)
الحقيقة المرة أنهم يتخفون بيننا, يحملون سوء النوايا وأخفاء الحقائق, الكيد, الخداع, الكذب, التظاهر بالأيمان, الخوف والقلق الدائم من الفضيحة, عدم الاستقرار والتردد, قسوة القلب, الاستكبار والامر بالمنكر والقسم بالله كذباً وزوراً, صياغة الاعذار والمبررات, الأصرار على الخطأ, والسعي المحموم للكسب الحرام باساليب جبانه, والثرثرة والتملق.؟
النفاق مذموم في كل حالاته, والمنافقين هم الذين أبغضهم الله وسخط عليهم
وينطبق عليهم قول الشاعر الفرزدق عندما هجى خصومه
يُهدي الوعيد ولا يحوط حريمهُ - كالكلب ينبحُ من وراء الدارِ.؟
أو كما قال الشاعر جرير
يستيقظون الى نهاق حمارهم - و تنام أعينهم عن الأوتارِ.؟
النص (55)
عن أبي عبدالله قال: العقل دليل المؤمن.
الكافي / ج 1 / ص 25
تعليق :
المازندراني كتب عن النص كلمات اكثر من رائعة جاء فيها ( بدلالة نوره يخرج المؤمن من المرتبة الهيولانية إلى استكمال القوة النظرية والعملية ومن مرقد الطبيعة البشرية إلى التفطن بالمقاصد اللاهوتية والمواعظ الربانية ومن مهد الغفلة الناسوتية إلى استماع نداء الحق إلى منهج السداد في كل آن ودعاء الرب إلى مسلك الرشاد في كل زمان، فلا يزل بعد هذه الدلالة أقدام بصيرته ولا يضل بعد هذه الهداية أنظار فكرته وهكذا يسير ويسعى نور العقل بين يديه إلى أن يصل إلى أقصى منازل العرفان وأعلى مراتب الايقان فيتخلص عند ذلك من ألم الفراق وينظر إلى جمال الحق نظر الحبيب المشتاق ) شرح اصول الكافي / ج 1 / ص 310 ...
#صفاء_علي_حميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟