أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - دراسة نقدية/ النص: هضاب الذاكرة/ بقلم فراس الوائلي














المزيد.....

دراسة نقدية/ النص: هضاب الذاكرة/ بقلم فراس الوائلي


فراس الوائلي

الحوار المتمدن-العدد: 8239 - 2025 / 1 / 31 - 21:10
المحور: الادب والفن
    


مقدمة نقدية

في “هضاب الذاكرة”، لا يُكتب النص بل يشتعل، يتوهج، وينفجر كوميض البرق في عتمة الحنين. الحروف ليست مجرد وسيلة للتعبير، بل جمرٌ يتقد تحت جلد اللغة، يبحث عن منفذٍ ليشعل الإدراك. هنا، الدمع ليس استسلامًا، بل إحياءٌ للألم، والشواطئ ليست مرافئ آمنة، بل حدودٌ تحرسها النيران. إنه نص يتجاوز السرد التقليدي، ليتحول إلى لوحة مشتعلة بالمجاز والرؤى، حيث الذكرى لهبٌ والغياب احتراقٌ، والصوت العالق بين الحنين والرفض يتحول إلى جرح لا يندمل.

دراسة نقدية لنص “هضاب الذاكرة”

1. البناء الفني والتكثيف اللغوي

يتخذ النص شكلًا مكثفًا، تجريديًا، متوهجًا بالصور البلاغية، حيث تمتزج المجازات النارية مع إيقاع داخلي متصاعد. لا يسير وفق خط سردي واضح، بل يتدفق ككتلة متوهجة من المشاعر والرموز. الجملة الافتتاحية “لا تجلبوا أمي إلى قبري، فذلك الدمع يعيدني إلى الحياة”، تُشكِّل مدخلًا قويًا إلى عوالم النص، حيث التناقض بين القبر والحياة، بين الفقد والانبعاث، يخلق توترًا دراميًا داخليًا يدفع القارئ للتأمل.

2. الرمزية والتحولات الدلالية

النص يزخر بالرموز التي تتجاوز معانيها المباشرة، حيث القبر ليس مجرد مكان للفناء، بل حالة بين الموت والبعث. الدمع لا يُطفئ الألم، بل يُعيد إحياءه في دائرة أبدية من الاشتعال الداخلي. أما الشواطئ الغاضبة التي تصرخ “لا تقترب، أنا النار!”، فهي ليست مجرد مكان، بل حدود ذاتية، حاجز بين الذات والآخر، بين الماضي والمستقبل.

أما في “انصهار الشمس في خاتمي، ذوبان النور في مدادي”، نجد تحولًا عميقًا حيث تذوب عناصر الكون في الذاكرة، والزمن ينصهر في اللغة، مما يجعل الكتابة نفسها فعلًا كونيًا ممتزجًا بالضوء والاحتراق.

3. الإيقاع الداخلي والموسيقى النصية

رغم كونه نصًا نثريًا، إلا أنه يمتلك إيقاعًا شعريًا داخليًا يتشكل من التكرارات الإيقاعية، التوازن في الجمل، وتوزيع الأفعال بصيغة الأمر مثل: “خذوها”، “لا تقترب”، مما يمنح النص إيقاعًا حادًا وكأن الكلمات تتحدث بقوة مشتعلة، لا بهدوء سردي معتاد.

4. الصراع النفسي والبعد الدرامي

النص ينبض بصراع داخلي بين الرغبة في البقاء والرفض، بين استدعاء الذاكرة والهرب منها. هذه المفارقة تظهر بوضوح في “الشواطئ الغاضبة تصرخ: لا تقترب، أنا النار!”، حيث تتحول الطبيعة إلى كائن واعٍ يرفض التقدم، وكأنها مرآة تعكس مخاوف الذات.

5. الرؤية الفلسفية والبعد الوجودي

لا يقتصر النص على البعد العاطفي، بل يغوص في تأملات عميقة حول الزمن، الذكرى، والوجود. الشمس، النور، الخاتم، المداد، جميعها رموز تتداخل لتشير إلى تحولات الزمن داخل الذات، حيث لا شيء يفنى تمامًا، بل يتحول، ينصهر، ويعاد تشكيله في وهج الذاكرة.

خاتمة نقدية

“هضاب الذاكرة” ليس مجرد نص، بل طقس ناري، احتراق داخلي، وصوتٌ يتردد في الفراغ. إنه نص لا يروي، بل يشتعل، لا يصف، بل يصرخ، لا يُقرأ، بل يُحس كجمرة بين الأصابع. إنه مفارقة بين الألم والخلاص، بين الرفض والحنين، بين الهروب والانجذاب نحو اللهب.
هذا النص لا يُكتب بالحبر، بل بمداد الشمس، بانصهار الزمن، وبالدمع الذي يعيد إحياء ما ظُن أنه مات. إنه نص يترك أثره داخل الذاكرة، كنارٍ لا تنطفئ، كصوتٍ يرفض أن يهدأ، كنصٍّ يظل مشتعلاً في الروح.

النص: “هضاب الذاكرة”
لا تجلبوا أمي إلى قبري، فذلك الدمع يعيدني إلى الحياة. خذوها إلى أفيائي النازفة، إلى ألم النهر، إلى متاهات وجعي المرتطمة بوجوه رمادية الروح، أرضها دنيئة، وحسدها لئيم. نخيل محترق في فم التنين، والشواطئ الغاضبة تصرخ بوجهي: لا تقترب، أنا النار!
انصهار الشمس في خاتمي، ذوبان النور في مدادي، وليل الأسرار فوقي، تتجول نجماته على هضاب الذاكرة.
فراس الوائلي


ديترويت
2025/1/31



#فراس_الوائلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء النار
- ليليث
- صقيع الأبدية
- النهر
- دراسة نقدية حول نص “حديثٌ بيني وبيني” للشاعرة سكينة الرفوع/ ...
- دراسة نقدية / حول نص “سرير السراب”
- أنا لست شاعرا
- قراءة نقدية أسلوبية مختصرة في قصيدة /ديسمبر المضيء/ لفراس ال ...
- أنا لا اكتب قصيدة
- إضاءة أدبية في نص / متاهات الانتظار/ للشاعرة سمر الديك/ بقلم ...
- ضوء الأكوان
- ديسمبر المضيء
- قراءات نفسية في قصائد سردية تعبيرية/ بقلم الناقد والشاعر الق ...
- سرد تعبيري/ ربة الأنا
- اللوحة الغامضة/ سرد تعبيري
- سرد تعبيري/ أساور الشتاء
- سرد تعبيري/ أنثى الأنا
- الرمز الصوفي في الشعر التعبيري السردي عند فراس الوائلي/ بقلم ...
- الرمز الصوفي في الشعر التعبيري السردي
- الإنسان بين عالمين


المزيد.....




- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...
- بعد عبور خط كارمان.. كاتي بيري تصنع التاريخ بأول رحلة فضائية ...
- -أناشيد النصر-.. قصائد غاضبة تستنسخ شخصية البطل في غزة


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس الوائلي - دراسة نقدية/ النص: هضاب الذاكرة/ بقلم فراس الوائلي