بلال الاحبابي
الحوار المتمدن-العدد: 8239 - 2025 / 1 / 31 - 21:08
المحور:
المساعدة و المقترحات
الأعتداء على الطواقم الطبية..التأثير والوقاية
لا مَناص من القول ، أن الطواقم الطبية في أي بلد هم الدعائم الأساسية التي ترتكز عليها المؤسسات الصحية فهم أساسها المتين وركنها الركين حيث يلعبون دوراً حاسماً في تقديم الخدمات الصحية للمرضى والمساهمة من خلال التشخيص والعلاج في تحسين جودة حياتهم ، ومع ذلك فقد زادت عن الحد وشبت عن الطوق حالات الأعتداء على هذه الكوادر ولم تعد حوادث عابرة أو معزولة بل ظاهرة تستدعي البحث والتحقيق والتعميق والتدقيق في أسبابها وجذورها ونتائجها ووضع الخطط والإجراءات اللازمة لمواجهتها وللحد منها، لأنها تشكل تهديداً كبيراً على كفاءة النظام الصحي وعلى الأمن الوظيفي وسلامة الأطباء والممرضين والعاملين في القطاع الصحي.
تعددت الأسباب الحقيقية وراء حالات الأعتداء هذه ، ويمكن تلخيصها في عدة نقاط رئيسية
اولاً: الزيادة في الضغوط النفسية والعصبية على المرضى وذويهم نتيجة الظروف الصحية الحرجة أو عدم تحقيق النتائج الإيجابية في العلاج ، إذ يؤدي الإحباط الناتج عن هذه الظروف إلى التصرفات العدوانية إتجاه الكوادر الطبية
ثانياً: الظروف الأقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعاني منها بعض الأسر قد تُسْهِم في زيادة التوتر والقلق والذي ينتهي في بعض الأحيان بأعمال عدوانية
ثالثاً: ومن جهة أخرى ، يجب النظر إلى الظروف المحيطة بالكوادر الطبية ، ففي بعض المستشفيات ، تعمل الفرق الطبية تحت ضغط عالٍ بسبب نقص الموارد أو الكوادر ، مما يؤدي إلى مستوى عالٍ من الارهاق والتعب، هذا الضغط يمكن أن يؤدي إلى عدم القدرة على تقديم أفضل رعاية ممكنة ، مما قد يثير استياء المرضى وعائلاتهم ، كما أن عدم وجود الحماية القانونية الكافية للعاملين في المجال الصحي إضافة إلى نقص الوعي الثقافي حول الدور الحيوي للكادر الطبي يزيد من تفاقم وحدة هذه المشكلة .
إن الأعتداء على الكوادر الطبية ظاهرة سلبية تؤثر على جميع جوانب النظام الصحي ،واستمرار هذه الظاهرة يمكن أن يؤدي إلى هجرة وانسحاب الكوادر الطبية من الخدمة أو تقليل انتاجيتهم ، مما ينعكس سلباً على جودة الرعاية الصحية المقدمة ، أضف إلى ذلك يمكن أن يؤدي تكرار هذه الأعتداءات إلى تدهور الحالة النفسية للطواقم الطبية مما يزيد من حالات الاكتئاب والقلق لديهم وبالتالي لا تقتصر اثار الأعتداء الجسدي واللفظي على الأفراد فحسب ، بل يمتد تاثيره ليشمل المجتمع ككل.
ومن هنا تظهر الحاجة إلى ضرورة مواجهة هذه الظاهرة المؤرقة وتحرك المجتمع ككل من خلال تعزيز الوعي بأهمية الكوادر الطبية ودورها الحيوي ، يجب على المؤسسات التعليمية والمجتمعية العمل على تنظيم حملات توعية تُثقف بحقوق الكوادر الطبية وتُبرز أهمية احترامهم وتُحسن من الصورة العامة لهم ، كما يتوجب على الجهات المختصة تقديم الحماية القانونية اللازمة لهولاء العاملين وتفعيل القوانين التي تردع وتعاقب المعتدين مع الحاجة الماسة لتركيب كاميرات مراقبة في أماكن العمل توفر بيئة آمنية مستدامة لهم ، مع ضرورة توفير خدمات الدعم النفسي لمساعدتهم على التعامل مع الضغوط والتحديات المختلفة بشكل افضل ، بالأضافة الى ذلك تعتبر سياسة الإدارة الرشيدة وتأهيل القوى البشرية جزءًا أساسياً من الحل من خلال تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية لمساعدتهم على تطوير مهارات التواصل وإدارة الأزمات داخل المؤسسات الصحية بشكل فعال في محاولة للحد من من الخلافات التي قد تؤدي إلى الأعتداء وبالتالي تُسْهِم في تأطير قيم الأحترام المتبادل بين الكوادر الطبية والمرضى .
ختاماً، يتطلب الحد من الاعتداءات على الطواقم الطبية والصحية جهوداً منسقة على مختلف الأصعدة بدءاً من تعزيز الثقافة المجتمعية وانتهاءاً بأجراءات قانونية صارمة لحماية العاملين في هذا المجال بهدف خلق جسر تفاعلي فعال وشفاف قائم على الاحترام والأستماع المتبادل بين المواطنين والكوادر الطبية ، فالكوادر الطبية بحاجة إلى فهم احتياجات ومخاوف المرضى وأقاربهم ، بينما يحتاج المرضى إلى التفهم والتقدير للجهود التي تبذلها الكوادر الصحية لتوفير الرعاية اللازمة ، إذ أن الأحترام هو جوهر العلاقات الأنسانية السلمية والتي تُسْهِم في بناء مجتمع صحي مزدهر ومستدام
#بلال_الاحبابي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟