أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - بطلٌ في زمن العنجهية الأميركي














المزيد.....


بطلٌ في زمن العنجهية الأميركي


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8239 - 2025 / 1 / 31 - 16:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أميركا دولة بلا تاريخ، حيث يؤرخ لوجودها بدءًا من العام 1776. هذا يعني أن عمرها 249 سنة حافلة بما يشين، وعلى وجه التحديد إبادة ملايين الهنود الحمر أهل البلاد الأصليين وشن الحروب التوسعية العدوانية. من هنا نفهم عدم استساغة أذن المسؤول الأميركي لمصطلح التاريخ، بكل ما يعنيه ويرمز إليه. ومن هذه الزاوية، نعاين سلوك عسكر أميركا بتدمير المتحف الوطني في العراق، كأول فعل بربري همجي لنظراء هولاكو في التوحش، بعد دخولهم بغداد سنة 2003. المتحف بحد ذاته يستفز العقلية الأميركية المتغطرسة، ويُشعرها بضحالتها الحضارية رغم ما تتوفر عليه من قوة مادية، خاصة وأنه يحتوي قطعًا أثرية نادرة يذرف عمر بعضها على سبعة آلاف عام. العقلية التي تنفر من التاريخ ولا تطيقه حتى كمصطلح، لا يُستغرب منها أن تعمد إلى تتفيه القيم الإنسانية النبيلة التي توافقت عليها الإنسانية عبر العصور بالكفاح والتضحيات. أليس هذا ما تفعله أميركا مستخدمة إمكاناتها الإعلامية والمادية الهائلة، لتعميم التفاهة ومسخ الإنسان وتشويهه. ألم تصل محاولات التتفيه والمسخ بأميركا حد نشر المثلية الجنسية والترويج لها، بل والتفكير بفرضها من خلال الإبتزاز بالمساعدات الأميركية في عهد إدارة بايدن؟!
أما الشخصية الأميركية فتمجد القوة، وتنزع إلى العنجهية والاستعلائية في التعامل مع الآخرين، وبالذات مع الضعفاء. في ردود الفعل على الغطرسة الأميركية، هناك من اختار طريق الخنوع لأميركا، وهو مكلف جدًّا بالمناسبة، وقد يكون أكثر كلفة من عداوتها وتحديها. في المقابل، هناك شعوب وقادة تأبت عليهم كرامتهم الوطنية واعتزازهم بأنفسهم الإمتثال لمطالب أميركا والإنصياع لإملاءاتها والتبعية لسياساتها. في الآونة الأخيرة، برز على هذا الصعيد رئيس كولومبيا غوستافو بيترو. هذا الرجل، هو أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا، بلد المثقف الكبير والروائي الشهير الحاصل على جائزة نوبل في الأدب، غابرييل غارسيا ماركيز. في حزيران عام2022، انتخب الكولومبيون غوستافو بيترو رئيسًا بنسبة 50،5% من أصوات الناخبين. وقد أشهر في خطاب الفوز الخطوط الرئيسة لعهده، انطلاقًا من مبادئ اليساريين وثوابتهم القائمة على رفض الظلم والعمل بدأب لتحقيق العدل.
قبل أيام، تابع العالم كله تفاصيل الأزمة بين بيترو والرئيس الأميركي "الخالع" ترامب. وقد قدحت شرارتها ظروف عمليات الترحيل القسري للمهاجرين غير النظاميين من أميركا، نحو بلدان أميركا اللاتينية صاحبة العدد الأكبر من هؤلاء. بدأ الترحيل بطائرتين عسكريتين أميركيتين حطَّتا في البرازيل، في مشهد مهين، حيث كان المرحَّلون مقيدين بالأصفاد كما لو أنهم مجرمون خطرون. وفُهِمَ هذا المشهد على أنه رسالة مقصودة لدول أميركا اللاتينية، العصية على الخنوع للبيت الأبيض والإنصياع لطلباته.
الرئيس الكولومبي أمر بمنع هبوط طائرتين عسكريتين أميركيتين تحملان مهاجرين من بلاده في مطاراتها، وأوعز بإتخاذ الإجراءات اللازمة لمغادرتهما الفضاء الكولومبي. فما كان من "خالع" البيت الأبيض، مدفوعًا بالعنجهية الأميركية، إلا التهديد بحزمة من العقوبات منها رفع الرسوم الجمركية على الواردات الكولومبية وحرمان الرئيس وأعضاء حكومته والمتعاطفين معهم من التأشيرة الأميركية.
لم يتوانَ الرئيس غوستافو بيترو في رد الصاع صاعين، كما نقول في دارجتنا، فتعامل مع "الخالع" بالقدر ذاته من القوة والحسم، وبأسلوب الند للند. وتجاوزت ردود فعله بفرض رسوم جمركية على الواردات الأميركية بنسبة 50% إلى تلقين "الخالع" دروسًا في أدبيات التعامل وأصول الكرامة الإنسانية، وذلك في رسالة مطولة تناقلتها وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي. كما أرسل الرئيس غوستافو بيترو طائرته الرئاسية إلى أميركا، لإعادة مهاجري بلاده إلى وطنهم. وأخيرًا، تدخلت إدارتا البلدين لتدارك الموقف والتراجع عن إجراءات تبادل رفع الرسوم الجمركية على الواردات.
من أين استمد رئيس كولومبيا، اليساري غوستافو بيترو، هذه الجرأة ليرد على رئيس دولة عدوانية شرِّيرة، مثل أميركا بهده القوة؟! وما مصدر قوته ليتعامل بندِّيَّة مع "خالع" متعجرف مثل ترامب؟! هل فوجئ الرئيس بيترو بعد فوزه في انتخابات الرئاسة أن بلاده تضاهي أميركا بالقوة المادية مثلًا، وتحوز عددًا من الرؤوس النووية لا يقل كثيرًا عما في بلاد العم سام؟! وهل استقوى الرئيس غوستافو بيترو ب"فزعة" الأشقاء في أميركا اللاتينية؟! وهل استنجد بقوى دولية تخشاها أميركا، وتتجنب ردود فعلها؟!
لا أبدًا، ليس في هذه كلها تكمن أسباب شجاعة الرئيس الكولومبي، بل مصدر قوته شعبه أولًا وأخيرًا.
مقول القول، رئيس كولومبيا لم يضطر للخنوع أمام "الخالع" لأنه اغتصب السلطة بالإنقلاب أو التوريث. فقد أوصلته إلى كرسي الحكم انتخابات حرة ونزيهة، وبالتالي فإن شعبه مُلتفٌ حوله بالفعل وسيحميه عن وعي وقناعة، وليس بالثرثرة الساذجة والرغي على أسطوانة "الإنتماء الرعوي" القائم على الخوف من سوط السلطان وعلى "سخونة الجيب". الرئيس الكولومبي ليس معنيًّا باسترضاء أميركا، وليس ضالعًا في التواطؤ مع أذرعها ضد مصالح شعبه ومواقفه، ليضمن حماية كرسي حكمه وتوريثه بعد عمر طويل. إنه بطل في زمن التعالي والعنجهية الأميركي، يستمد قوته من شعبه، الذي اختاره رئيسًا في انتخابات حرة نزيهة. هنا بالذات، نجد أهم شروط البطولة والقوة بمعايير القرن الحادي والعشرين.



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلق مبرر ومخيف!
- من يجرؤ على الهمس في إذن ترامب؟!
- الكيان اللقيط يخسر معركة الصورة
- نكشة مخ (24)
- معايير الإعلام الفاشل الفاقد الرؤية.
- مفاجآت غير سارة للكيان اللقيط
- هل العقلية العربية خرافية؟!
- من الذي فرض وقف إطلاق النار في غزة؟
- الكيان اللقيط لم ينتصر
- سلبطة أميركية
- تلاعب السياسة والمصالح بالدين !
- الإسلام دين وليس دولة
- الأردن في دائرة الاستهداف الصهيوني
- كلام في اشكالية السلطة السياسية !
- من أسباب ضعفنا !
- وماذا نحن في الأردن فاعلون؟
- من أساليب انحياز الإعلام الأميركي للباطل !
- مسؤولية الإنسان ولا ذنب للزمان
- هل باعت روسيا نظام الأسد؟!
- من وحي الزلزال السوري ودروسه.


المزيد.....




- ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية.. كيف يؤثر ذلك على المستهلك؟
- تيم حسن بمسلسل -تحت سابع أرض- في رمضان
- السيسي يهنئ أحمد الشرع على توليه رئاسة سوريا.. ماذا قال؟
- -الثوب والغترة أو الشماغ-.. إلزام طلاب المدارس الثانوية السع ...
- تظاهرات شعبية قبالة معبر رفح المصري
- اختراق خطير تكشفه -واتساب-: برنامج قرصنة إسرائيلي استهدف هوا ...
- البرلمان الألماني يرفض قانون الهجرة وسط جدلٍ سياسيٍ حاد
- ‌‏الرئيس المصري: نهنئ أحمد الشرع لتوليه رئاسة سوريا خلال الم ...
- إسرائيل.. تخلي حماس عن السلاح أو الحرب
- زكريا الزبيدي يتحدث لـRT عن ظروف اعتقاله


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - بطلٌ في زمن العنجهية الأميركي