فاطمة الزهراء بونسيف
الحوار المتمدن-العدد: 8239 - 2025 / 1 / 31 - 00:08
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يتم تعريف الوسواس، في علم النفس الإكلينيكي، على أنه اضطراب يتمثل أفكار متكررة و غير مرغوبة تدفع الفرد إلى القيام بسلوكيات متكررة أو أفعال قهرية للتخفيف من القلق الناتج عنها.
إن الوسواس ليس مجرد اضطراب نفسي،بل هو إشكالية فلسفية تتعلق بطبيعة الفكر الإنساني و حدوده؛إذ أنه يعكس صراعا بين الحاجة إلى اليقين و الخوف من الفوضى،وبين الحرية و الإكراه العقلي.
إذا نظرنا إلى الوسواس من منظور فلسفي، يمكن مقارنته بمفهوم الشك الديكارتي. فكما سعى ديكارت إلى الشك في كل شيء بحثًا عن اليقين، كذلك يعاني الشخص الوسواسي من شك دائم يجعله غير قادر على الاطمئنان إلى قراراته أو أفعاله
من جهة أخرى، يمكن فهم الوسواس من منظور مارتن هايدغر الذي تحدث عن "القلق الوجودي"، حيث يرى أن الإنسان يعيش حالة دائمة من القلق أمام الوجود والمجهول. الوسواس قد يكون تعبيرًا عن هذا القلق العميق، حيث يحاول العقل السيطرة على الواقع عبر تكرار الأفكار
السؤال الفلسفي الأساسي الذي يطرحه الوسواس هو: هل الإنسان حر في أفكاره، أم أنه خاضع لضرورة عقلية لا يستطيع الفكاك منها؟ إذا كان الوسواس اضطرابًا نفسيًا، فهو إذن إكراه داخلي يحدّ من حرية الإنسان.
إذا كان الوسواس يعكس أزمة في البحث عن اليقين، فقد يكون علاجه ليس فقط في الأدوية أو العلاج السلوكي، بل أيضًا في إعادة النظر في علاقتنا بالشك واليقين. الفلسفة تعلمنا أن الشك ليس دائمًا سلبياً، بل قد يكون وسيلة لإعادة التفكير في العالم بطريقة جديدة.
#فاطمة_الزهراء_بونسيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟