أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض رمزي - صنع في النجف رقم 3














المزيد.....


صنع في النجف رقم 3


رياض رمزي

الحوار المتمدن-العدد: 8238 - 2025 / 1 / 30 - 19:49
المحور: الادب والفن
    


صنع في النجف رقم 3
"فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد"" سورة ق الآية 22
يجتمع أبليس وأعوانه ليمنعو عن المتوفى آ خر بقايا الروح من الاعتراف بأخطائه كي يغطوا على قول قاله النبي الذي ينبئمحذرا من يقترب من مهاجع الموت" أربعة لن يسمح بها ألله: من أغضب أمه، حاكم جائر،آكل مال اليتيم ظلما وعدوانا، شاهد زور" كلهم سيعلقون بحبل من مسد بضخامة الرسغ . أما من أغضب امه فسيعلّق من غداة يوم قدومه، حتى تنتأ عيناه وهو ينظر نحو جذع شجرة أمامه تظهر عليها الأم بصورة مستعادة فيها بطء، صورة لا توجد رغبة لدى العارض باستبدالها بمشهد آخر. الأم تصرخ على عارض المشهد وهي جاثية على ركبتيها و تغوص بعذابٍ شتائي وبوجه جمّده الصقيع وبهلع مجيلة النظر فيما حولها، مهزومة بطقوس العذاب المسلّطة على وليدها، عساها تجد عارض المشهد لتقول له "أخشى أن يكون هذا كافيا". الملاك الحارس يقول" يا للغرابة، الملائكة يودون أن تنسين ولا تنسين". وهي تجيب" الفرس تحب حتى الشكيمة التي تدمي الفكين". ثم تقول لملاك الموت" لا تصرخ وتوقظه ألا تعرف أن صغيري غارقٌ في سباته؟". دُهش الملاك، دُهش حتى الخالق، وحده النبي لم تعتره الدهشة. يقول النبي تطمينا لها وهو يرى خوفا صريحا على وجهها" الموت ليس عدما بل سكناً قربي".
كتبتُ هذه الملاحظات وقت زيارتي لقبر أمي في النجف . كنت أشاهد موتى يزورون ضريح علي بن أبي طالب ولا يظهر على ملامحهم وجلٌ أو خوف فهم يعهدون لإمامهم بالسهر على أحبابهم، ما أن يُعلمونه بدخول قريب حتى يرونه بحدس غامض ناهضا بكامل قوامه وهو يردّد" ستنعمون بهناءةٍ قربي". لا يكل وهو يستقبل أفواجا من موتى بل ينقل ثقله من رجلٍ إلى أخرى ولا يتصبّب عرقا ودون أن يتخلى عن استقامة دأب عليها في حياته.
حين وقف الولد أمام قبر امه وجدها وهي تحت السجف الحجرية تبدي نفس النوع من الرزانة، وتنظر إليه بتلك العينين الحجريتين المتوقدتين برغم مرور الزمن، لا تشي نظراتها بجهل كامل عما حدث للولد كأنها تراه عاريا وهي تشرّحه كما على طاولة العمليات الجراحية، كي ترى أثر الزمان عليه، تمد يدها في موضع القلب تدلكه، تتفحصه دون أن تذرف دمعة واحدة. عندما جاء الملاك ليعلن لها انتهاء موعد المقابلة التي سمح لها بها الإله قالت تودع الجسد" إن تركتكَ فلن أترك الروح". حين تفارقا دخل الابن في مملكة ما يحفظ من شعر. تذكّر ساعتها شعرا لا يتذكر أين قرأه. تربّى عليه مثل مشهد مسرحي راح يقوله وهو يقابل بردَ الصحراء المفتوح على اتساعات غربة، مازالت تهب على قبر المسماة فاطمة ميرولي التي سمعها بعين خياله تختنق بصوت سعالها أيام كانت تسهر قرب فراشه برغم هجمات المرض المغالية على ابنها تدعو له وهي ترى بقعة رمادية تتقدم نحوه عساها لا تجلب له حدثا مفاجئا. جلست ورأسها على فراشه وهي تستنشق كل ما يأتيه من هواء آتي كي تعب منه لتتخطّف بأنفها ما يحمل من منايا قبل أن تلوحه. كان أباها رجل الدين قد أخبرها أن النبي حضر اللحظات الأخير لموت شاب . علّمه دعاءً من يستعيده ثلاث مرات لن يقرب منه عذاب الموت. ما أن تصل كلمات الدعاء حتى تختفي مثل ماء في جزيرة من رمال. شاهد النبي في وجه الشاب منظرا يشبه غابة أتى عليها حريق، جعلت لسانه يرتخي فلم يحتفط بكلام، فكان عقله مثل غربال لا يحتفظ حتى بقطرة ماء . ساور النبي الشك في تلك الحالة وهو يشم رائحة شمع يحترق يأتي من جهة امرأة جالسة قرب من كان ينازع السكرات الأخيرة. لم يخمن النبي من هي المرأة . التفت لها قائلا" يا أمة الله أانت ساخطة عليه؟". قالت " نعم يا سيد الأنام لم أكلمه منذ سنين". أمرها النبي "إرضي عنه". نويت حتى قبل أن تعلن عن ذلك، جرى على لسان الابن كلام يسير مثل قطرات ماء حرّكت الخضرة داخل الأرض. جاء الكلام على لسان الابن مثل نبع ماء سلسبيل. من تينك الحالتين جاء الابن، الذي كنته أنا، الواقف قريبا من امه شعرٌ كأنه حضر لقاء النبي بالام، تمكن من إثبات أن شاعره هو أبو فراس الحمداني:
" أما لجميلٍ عندكن ثواب/ ولا لمسيئ عندكن متاب
فليتكِ تحلي[ن] والحياة مريرةٌ/ وليتكِ ترض[ين] والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينكِ عامرٌ/ وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منكِ الود فالكل هينٌ/ وكل الذي فوق التراب تراب



#رياض_رمزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صنع في بغداد رقم 2
- صنع في بغداد
- عن الخوف
- تقترب الأشياء رغم ابتعادها
- دمشق جبهة المجد
- الاشراقي الأعظم السيد حفيد السادة
- رسائل شهيرة لقادة مسلمين
- مغضلة تسطيح العلاقة بين العرب وإيرا
- مع المحمدين
- مع المحمدين
- دعنا نغني وراء شعبان عبد الرحيم
- إلى وائل الدحدوح
- لم يهتم بأمرهم أحد الجزء السابع
- لم يهتم بأمرهم أحد الجزء السادس
- لم يهتم بأمرهم أحد الجزء الخامس
- لم يهتم بأمرهما أحد الجزء الرابع
- لم يهتم بأمرهما أحد الدزء الثالث
- لم يهتم بأمرها أحد الجزء الثاني
- لم يهتم بأمرهما أحد
- يوم أُصبت بالحمى


المزيد.....




- -طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري ...
- القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
- فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف ...
- خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
- *محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا ...
- -كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد ...
- أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون ...
- بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
- بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر ...
- دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض رمزي - صنع في النجف رقم 3