النقد والانطباع, اختلافه وتأثير المزاج في تقييم الأعمال الفنية.

عماد السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8238 - 2025 / 1 / 30 - 19:48
المحور: الادب والفن
    

متعة المعرفة تزداد كلما أزداد فضول الإنسان لإكتشاف معاني المفردات التي تحيط به وكثيراً منها تلك التي يحيط بها ذلك الغموض الذي يستفز المتلقي، ليبدأ رحلة البحث التي تنتهي بوضع الإجابات التحليلية لتلك المفردات.
النقد الفني والانطباعية هما مجالان مترابطان ولكنهما يختلفان من حيث النهج والمبادئ إذ يشكل النقد الفني أداة منهجية لتحليل وتقييم الأعمال الفنية بناءً على معايير موضوعية، في حين يُعَّبِر ْ الانطباع عن تجربة شخصية وحالة ذاتية تثيرها الأعمال الفنية لدى المتلقي. حيث يظهر الاختلاف بينهما بوضوح عندما يتعلق الأمر بتأثير المزاج على تقييم العمل الفني.

النقد الفني, منهجية وتحليل

النقد الفني يعتمد على معايير راسخة ومحددة لتحليل العمل الفني وتقييمه. يشمل ذلك النظر في عناصر مثل التكوين، الألوان، الموضوع، التقنية، والسياق التاريخي والثقافي. والنقد يركز على الموضوعية ويحاول تجنب التأثر بالحالة المزاجية أو العواطف اللحظية للنقاد. الهدف من النقد هو تقديم تقييم عميق وموضوعي لأي عمل فني، يساعد على فهم قيمته وتأثيره على المشهد الفني بشكل عام، على سبيل المثال، عند نقد لوحة فنية علينا قراءة الكيفية التي استخدم فيها الفنان الضوء لتوجيه الانتباه إلى موضوع محدد، أو كيف أثرت التيارات الفنية في عصره على أسلوبه. النقد هنا يتطلب معرفة وخبرة وابتعادًا عن التأثير الشخصي أو المزاجي.

الانطباعية,هي الحالة الذاتية والتجربة الشخصية

والانطباع من ناحية أخرى، هو تعبير عن رد فعل شخصي تجاه العمل الفني، وهو غالبًا ما يكون عاطفيًا وفوريًا. يرتبط الانطباع بتجربة المتلقي الفردية، بما في ذلك حالته النفسية، تاريخه الشخصي، وذوقه الفني. لذلك، يمكن أن يختلف الانطباع عن العمل نفسه بين شخص وآخر، بل وحتى عند الشخص نفسه من وقت لآخر، فعلى سبيل المثال، قد يُشاهد شخص لوحة فنية وهو في حالة من الفرح، فيجدها مليئة بالحياة والطاقة، بينما قد يراها في يوم آخر وهو يشعر بالحزن فتبدو له مليئة بالكآبة. المزاج هنا يلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الانطباع وتقييم العمل الفني.
هل للمزاج تأثيراً على التقييم الفني؟
المزاج يعد عاملًا حاسمًا في الانطباعية، ولكنه قد يؤثر أيضًا على النقد في حالات معينة. فحتى أكثر النقاد حيادية يمكن أن يتأثروا بحالاتهم النفسية أو الظروف المحيطة أثناء تقييم العمل. ومع ذلك، يسعى النقاد المحترفون إلى تحييد تأثير المزاج عبر الاعتماد على أسس نقدية موضوعية.
وفي المقابل نجد ان المتلقي العادي غالبًا ما يعتمد على انطباعاته الشخصية التي تتأثر بشدة بالمزاج. قد يعجب بلوحة أو عمل فني في لحظة معينة لأنه ينسجم مع حالته النفسية، بينما يرفضه في وقت آخر لنفس السبب.

التوازن بين النقد والانطباع

الفصل بين النقد والانطباع قد يبدو صعبًا في بعض الأحيان، لأن أي نقد موضوعي يبدأ بانطباع أولي. ولكن، هناك حاجة لإيجاد توازن بين الاثنين. الانطباع يسمح بتقدير الجوانب العاطفية والشخصية للعمل الفني، بينما النقد يوفر إطارًا لفهم العمل بشكل أعمق وأشمل.

ختامًا..
فإن الاختلاف بين النقد والانطباع يعكس التباين بين الموضوعية والذاتية في تقييم الأعمال الفنية. في حين يسعى النقد إلى تقديم رؤية تحليلية تعتمد على قواعد ومنهجيات، يتيح الانطباع للمتلقي فرصة للتفاعل الشخصي والعاطفي مع الفن. وبينما قد يتأثر الانطباع بالمزاج بشكل كبير، فإن النقد يهدف إلى تقليل هذا التأثير ليكون تقييم العمل أكثر دقة وإنصافًا. في النهاية، الفن بحد ذاته يجمع بين الاثنين، فهو تجربة شخصية ذاتية ولكنه أيضًا يستدعي التحليل والنقد لفهم أبعاده ومعانيه.
31/1/2025

#عماد_السامرائي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات