أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - الدعاية الإسرائيلية ضد حماس في معركة طوفان الأقصى: قراءة تحليلية















المزيد.....


الدعاية الإسرائيلية ضد حماس في معركة طوفان الأقصى: قراءة تحليلية


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8238 - 2025 / 1 / 30 - 08:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د.حمدي سيد محمد محمود

في خضمّ صراع تاريخي متجذر وممتد عبر العقود، بين احتلال استيطاني يسعى لفرض هيمنته، وشعب يناضل من أجل استعادة حقوقه المسلوبة، برزت معركة "طوفان الأقصى" كمحطة فارقة في تاريخ المقاومة الفلسطينية، حيث جسدت تحولًا نوعيًا في معادلة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي. لم تكن هذه المعركة مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت ساحة متكاملة لحرب إعلامية ودعائية حاولت فيها إسرائيل، بكل ما تمتلكه من أدوات إعلامية متطورة وشبكات دولية واسعة، أن تشوه حقيقة الصراع وتغيّر سردياته أمام العالم.

اعتمدت إسرائيل، كما في كل مواجهة، على ترسانة من الأكاذيب والدعاية المضللة لتقديم نفسها كضحية، مع تجاهل جرائمها المستمرة ضد الشعب الفلسطيني من قتل وتدمير وتهجير. ومن خلال خطابها الدعائي المكثف، حاولت قلب الحقائق وطمس الصورة الحقيقية للمقاومة الفلسطينية، عبر اتهام حركة حماس بالإرهاب، وبتعريض حياة المدنيين للخطر. كانت هذه الدعاية الإسرائيلية تهدف إلى تجريد المقاومة من شرعيتها الدولية وإحداث انقسامات في الداخل الفلسطيني والعربي، وصولًا إلى كسب تأييد عالمي لتبرير عدوانها الوحشي.

لكن، كما هو الحال دائمًا، لم تقف حركة المقاومة مكتوفة الأيدي أمام هذا المدّ الدعائي المضلل. بل خاضت حماس معركة إعلامية لا تقل أهمية عن المواجهة العسكرية، حيث ركزت على كشف زيف الرواية الإسرائيلية وتوثيق جرائم الاحتلال بالصوت والصورة. كما تمكنت من تقديم خطاب مؤثر يخاطب وجدان الشعوب العربية والإسلامية، ويعيد تصويب بوصلة الرأي العام العالمي نحو جوهر القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية عدالة وحرية لشعب يعيش تحت الاحتلال.

إن دراسة الحرب الدعائية التي رافقت معركة "طوفان الأقصى" تكشف عمق التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية على المستوى الإعلامي والدولي، كما تسلط الضوء على الأساليب المتنوعة التي استخدمها الطرفان في إدارة هذه الحرب. وبين سردية الاحتلال القائمة على الكذب والتضليل، وسردية المقاومة المرتكزة على الحقائق والمظلومية التاريخية، تبرز أسئلة جوهرية حول مستقبل هذه المعركة الدعائية ودورها في حسم الصراع لصالح الحق الفلسطيني.

في هذه المقالة، سنتناول أبعاد الدعاية الإسرائيلية ضد حماس خلال معركة طوفان الأقصى، وكيف استخدمت إسرائيل وسائلها الإعلامية لتشويه الحقائق، ونبحث في المقابل عن استراتيجيات المقاومة الفلسطينية في مواجهة هذا المدّ الدعائي المضلل، لتقديم رؤية شاملة وموضوعية لهذه المعركة الفكرية والإعلامية التي لم تقل أهمية عن المعركة الميدانية.

شهدت معركة "طوفان الأقصى"، التي أطلقتها حماس في أكتوبر 2023، تصعيدًا غير مسبوق على كافة الأصعدة، بما في ذلك الحرب الإعلامية والدعائية. لعبت إسرائيل دورًا بارزًا في توظيف كافة وسائلها الإعلامية والدبلوماسية والسياسية لتشويه صورة حماس أمام العالم. يمكن تحليل هذا الجانب بشكل شامل من خلال تناول طبيعة الدعاية الإسرائيلية، أساليبها وأهدافها، وكذلك طرق حماس لمواجهتها.
أولًا: طبيعة وأهداف الدعاية الإسرائيلية

التشويه والتضليل الإعلامي:
ركزت الدعاية الإسرائيلية على تقديم حماس كمنظمة "إرهابية" تستهدف المدنيين الإسرائيليين، متجاهلة الأبعاد السياسية والتاريخية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. كانت الصور والمقاطع المرئية التي تُظهر الدمار أو الضحايا المدنيين تُستخدم بشكل مكثف لدعم هذا السرد.

حشد التأييد الدولي:
سعت إسرائيل لتأليب الرأي العام الدولي ضد حماس، باستخدام منصات مثل الأمم المتحدة ووسائل الإعلام الغربية الكبرى، لربط المقاومة الفلسطينية بالإرهاب العالمي.

إحداث انقسامات داخلية فلسطينية وعربية:
اعتمدت إسرائيل على إثارة الفتنة داخل المجتمع الفلسطيني من خلال الادعاء بأن سياسات حماس تُضر بالقضية الفلسطينية، وأنها مسؤولة عن التصعيد العسكري الذي يؤدي إلى معاناة المدنيين.

الاستهداف النفسي والجماهيري:
استهدفت الدعاية الإسرائيلية كسر الروح المعنوية للفلسطينيين، من خلال بث أخبار كاذبة عن خسائر ضخمة لحماس أو ادعاءات باستسلام عناصرها.

ثانيًا: أساليب الدعاية الإسرائيلية

الأخبار المزيفة (Fake News):
أطلقت إسرائيل معلومات مغلوطة حول أعداد القتلى والجرحى، وحول قدرة حماس العسكرية، لتشتيت الانتباه وإرباك القيادة الفلسطينية والجماهير.

استغلال وسائل التواصل الاجتماعي:
نشرت إسرائيل روايات دعائية عبر حسابات مدعومة أو شخصيات وهمية لتوجيه الرأي العام العالمي ضد المقاومة، مستخدمة مقاطع الفيديو الممنتجة والصور المفبركة.

توظيف رموز عالمية:
جلبت إسرائيل دعمًا من مشاهير وشخصيات عالمية لتبرير هجماتها ووصم حماس بالإرهاب.

الاعتماد على الترجمة الانتقائية:
ترجمت تصريحات قادة حماس بشكل مشوه لتتناسب مع السردية الإسرائيلية، مما ساهم في تضليل المتابعين الدوليين.

ثالثًا: مواجهة حماس للدعاية الإسرائيلية

التواصل الإعلامي المستمر:
لجأت حماس إلى إصدار بيانات يومية عبر منصاتها الإعلامية، مثل قناة الأقصى، للتأكيد على أهداف المقاومة وحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه.

إبراز التناقضات الإسرائيلية:
سلطت حماس الضوء على ازدواجية المعايير في تعامل المجتمع الدولي مع الجرائم الإسرائيلية، مستشهدة بالمجازر التي ارتكبتها إسرائيل ضد المدنيين.

توظيف وسائل التواصل الاجتماعي:
اعتمدت حماس على خطاب إعلامي موجه عبر المنصات الرقمية لكسب تعاطف الشعوب، خاصة في العالمين العربي والإسلامي، مشددة على الطابع التحرري للمقاومة.

كشف الأكاذيب الإسرائيلية:
أظهرت حماس، من خلال مقاطع الفيديو الموثقة وشهادات المدنيين، كيف تروج إسرائيل للأكاذيب لتبرير هجماتها الوحشية.

تحريك البعد الديني والإنساني:
استخدمت حماس خطابًا يربط المعركة بالدفاع عن المسجد الأقصى والهوية الإسلامية، مما أكسبها تعاطفًا كبيرًا في الشارع العربي والإسلامي.

رابعًا: نتائج الحرب الدعائية بين الطرفين

إسرائيل:
بالرغم من قوتها الإعلامية، فشلت إسرائيل في إخفاء الحقائق على الأرض، حيث فضحت صور الدمار وحجم الضحايا المدنيين جرائمها أمام العالم، ما أدى إلى تراجع مصداقيتها في العديد من الأوساط الدولية.

حماس:
نجحت المقاومة في استثمار خطابها الإعلامي لتعزيز دعم الشعوب، خاصة من خلال تأطير الصراع كمعركة تحرير وعدالة في مواجهة الاحتلال والاضطهاد.

خامسًا: دروس مستفادة واستراتيجيات مستقبلية

تعزيز العمل الإعلامي الفلسطيني:
ضرورة إنشاء منصات إعلامية دولية قوية تُعبر عن الرواية الفلسطينية بلغات مختلفة.

تطوير استراتيجية إعلامية موحدة:
يجب أن تعمل الفصائل الفلسطينية على تنسيق خطابها الإعلامي لإبراز وحدة الصف الفلسطيني.

مخاطبة الجمهور العالمي بمفرداته:
التركيز على القيم الإنسانية والعدالة لإيصال الرسالة بشكل يتجاوز السرديات التقليدية.

استثمار التكنولوجيا:
تعزيز الحضور الرقمي الفلسطيني، ومواكبة التطورات التكنولوجية في الحرب الإعلامية.

في خضم معركة "طوفان الأقصى"، لم تكن المواجهة بين حماس والاحتلال الإسرائيلي مجرد صراع عسكري تقليدي، بل اتسعت لتشمل ساحة أخرى لا تقل أهمية: ساحة الحرب الدعائية والإعلامية. لقد حاولت إسرائيل، بكل ما تمتلكه من أدوات دعاية متطورة ودعم دولي واسع، فرض سرديتها المضللة على العالم، مستخدمة الأكاذيب والتلاعب بالحقائق لتقديم نفسها كضحية، بينما هي في الواقع الجلاد الذي يواصل اعتداءاته على الأرض والإنسان الفلسطيني.

إلا أن هذه المحاولات لم تكن قادرة على حجب الحقيقة أو طمس جوهر القضية الفلسطينية، فقد واجهت حماس هذه الدعاية بأساليب ذكية ومؤثرة، معتمدة على سردية صادقة تستند إلى عدالة القضية وواقع الاحتلال الوحشي. استثمرت المقاومة أدواتها الإعلامية بشكل فعّال، وخاطبت وجدان الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم، لتكشف زيف الدعاية الإسرائيلية وتعري جرائم الاحتلال التي حاول إخفاءها خلف ستار من التضليل.

تثبت هذه المعركة الإعلامية والدعائية أن الصراع بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي ليس مجرد معركة حدود، بل هو معركة رواية ووجود وهوية. وبينما تسعى إسرائيل إلى طمس الحقيقة وفرض روايتها الأحادية، تبرز أهمية العمل الفلسطيني الموحد لإيصال صوت المقاومة وعدالة القضية إلى كل زاوية في العالم.

ومع انتهاء هذه المعركة، تظل دروسها حاضرة بقوة؛ إذ يجب على الفلسطينيين والعرب تطوير أدواتهم الإعلامية وتعزيز خطابهم الموجه للعالم، بما يواكب التحديات المتجددة. فالإعلام بات اليوم سلاحًا قادرًا على تغيير معادلات الصراع، وتوجيه بوصلة الرأي العام العالمي، وكسب التأييد الدولي في معركة الحقوق والعدالة.

إن معركة "طوفان الأقصى" أكدت أن الاحتلال، رغم تفوقه العسكري والإعلامي، يواجه أزمة أخلاقية أمام صمود الفلسطينيين وعدالة قضيتهم. لقد كانت هذه المعركة شاهدًا حيًا على أن الحقيقة، مهما حاول الاحتلال طمسها، ستظل واضحة وضوح الشمس، وأن مقاومة الشعب الفلسطيني لن تُخمدها دعاية مضللة، لأنها تنبض من إرادة أمة حرة تسعى إلى استعادة حقوقها المشروعة.



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبعاد الخلافات السياسية بين المغرب والجزائر: التحديات والحلو ...
- بين إرادة الحياة ومعاناة الوجود قراءة في فلسفة شوبنهاور
- البراغماتية: فلسفة العمل والتجربة في مواجهة تحديات العصر
- الرأي العام الحراري: القوة الخفية التي تعيد تشكيل سياسات الح ...
- العصر النووي الثالث: بين سباق التسلح والدمار المحتمل
- العلمانية والإلحاد في العالم العربي: تحليل للمسارات الفكرية ...
- أزمة المعرفة في الفكر الأوروبي: الجذور الفلسفية والانعكاسات ...
- جدلية السلطة والحرية: قراءة فلسفية في حدود الديكتاتورية بين ...
- فلسفة فيتغنشتاين: تفكيك المعنى وإعادة بناء الفكر
- الإسلام في الغرب: قراءة استشرافية في فكر جيفري لانج
- إعادة تشكيل العلاقة بين الدين والسياسة: قراءة في أفكار مارسي ...
- الحرية والمعاناة: قراءة في جوهر الفلسفة الوجودية
- الهرمينوطيقا في الفلسفة الأوروبية: من تأويل النصوص إلى فهم ا ...
- الهوية السياسية للمجتمع الإسرائيلي: من الأساطير الدينية إلى ...
- اليهودية والصهيونية: أبعاد الصراع في سياق التحولات العالمية
- البيولوجيا الاجتماعية في عصر التقنية: القضايا الأخلاقية والت ...
- الفلسفة التحليلية: قراءة عميقة لتأثيراتها على الفلسفة الأورو ...
- السياسة الأمريكية في حرب غزة: كيف ساعد بلينكن في تغطية مجازر ...
- تفكيك التاريخ المزيف: قراءة في أعمال المؤرخ الإسرائيلي إسرائ ...
- كارل ماي: أسطورة الأدب الألماني ورحلة في عوالم الخيال والإنس ...


المزيد.....




- مرتديا الكوفية الفلسطينية.. الأمير تركي الفيصل يهاجم مقترح ت ...
- ما هي البلدان المقترحة لاستقبال سكان غزة بعد الإعلان عن خطة ...
- نغم عيسى.. غموض حول مقتل إمرأة حامل في حمص بعد طلب فدية
- 45 ألف سنة سجن للمحتال التركي الصغير
- اعتداء عناصر في الأمن السوري على عابر جنسياً يثير مخاوف وانت ...
- خبراء يحذرون: تقديرات بانهيار 100 ألف مبنى في حال وقوع زلزال ...
- في خطوة انتقامية متبادلة.. بريطانيا تعتزم طرد دبلوماسيٍ روسي ...
- يميني وأنثوي ومزيف: الذكاء الاصطناعي يتدخل في انتخابات ألمان ...
- القضاء الألماني يحاكم أربعة أشخاص بتهمة الانتماء إلى حركة حم ...
- -لحد ما ترجعوا ودائع السوريين-.. وسائل إعلام لبنانية تكشف تف ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - الدعاية الإسرائيلية ضد حماس في معركة طوفان الأقصى: قراءة تحليلية