DeepSeek تهز وول ستريت: بداية تحول الصراع في الهيمنة التكنولوجية؟/ أبوذر الجبوري مع الغزالي الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري

أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8238 - 2025 / 1 / 30 - 00:10
المحور: الادب والفن
    

أدى ظهور شركة DeepSeek، وهي شركة صينية ناشئة طورت نموذج ذكاء اصطناعي أرخص وأكثر سهولة في الوصول إليه، إلى إحداث زلزال في الأسواق المالية العالمية. شهدت أسهم التكنولوجيا في وول ستريت انخفاضات كبيرة يوم الاثنين، حيث قادت إنفيديا الانخفاض بخسارة 17٪. وبحسب المحللين، فإن هذا التهديد الجديد قد يشكل نقطة تحول في المنافسة العالمية على هيمنة الذكاء الاصطناعي.

نجح نموذج DeepSeek-R1، الذي تم إطلاقه في 20 يناير، في وضع نفسه باعتباره التطبيق المجاني الأكثر تنزيلًا في متجر تطبيقات Apple، متجاوزًا تطبيق ChatGPT. والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن هذا النموذج مفتوح المصدر تم تدريبه بميزانية قدرها 5.57 مليون دولار، وهو ما يمثل عُشر تكلفة تدريب نموذج GPT-4 الخاص بشركة OpenAI. لقد كان لكفاءتها وإمكانية الوصول إليها تأثير ملحوظ على مجتمع المطورين وأثارت تساؤلات حول القيادة التكنولوجية الأمريكية.

ولم تقتصر التداعيات على الولايات المتحدة فحسب. وشهدت شركات التكنولوجيا العالمية مثل ASML وSoftbank وTaiwan Semiconductor انخفاضات كبيرة في أسهمها. في هذه الأثناء، انخفض مؤشر ناسداك للتكنولوجيا بنسبة 2.7%، في حين خسر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 1.6%. تعكس هذه الأرقام حالة عدم اليقين التي يعيشها المستثمرون بشأن قدرة DeepSeek على تعطيل سلاسل توريد الذكاء الاصطناعي والمعايير الصناعية الدولية.

وكان التأثير على شركة إنفيديا شديدا بشكل خاص حيث تعتمد الشركة على ريادتها في إنتاج الرقائق المتقدمة، والتي أصبحت الآن موضع تساؤل بسبب الاستخدام الفعال للشركة الصينية الناشئة للإصدارات المعدلة من منتجاتها. وقال دان إيفز، المحلل في شركة ويدبوش للأوراق المالية، إن قدرة شركة ديب سيك على العمل باستخدام شرائح H800 المصممة للسوق الصينية تشكل تحديًا للقيود الأمريكية وهيمنة شركات وادي السيليكون.

ومن وجهة نظر جيوسياسية، يأتي إطلاق DeepSeek في لحظة استراتيجية. وبحسب الباحث لي باي يانغ، الذي نقلت عنه صحيفة جلوبال تايمز، فإن هذا النموذج لا يوضح قدرة الصين على الابتكار فحسب، بل يتحدى أيضا القيود التي تفرضها الولايات المتحدة. وردًا على ذلك، أعلن الرئيس دونالد ترامب عن مشروع "ستارغيت"، وهو استثمار بقيمة 500 مليار دولار لتعزيز البنية التحتية للذكاء الاصطناعي على مدى السنوات الأربع المقبلة.

وفي الوقت نفسه، يواجه السوق عملية إعادة تعديل. وفي مسعى للحصول على ملاذ آمن، قام المستثمرون بشراء سندات الخزانة، مما دفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى الانخفاض من 4.62% إلى 4.54%. وتعتبر هذه الخطوة دليلاً على التوتر المحيط بقطاع شهد نمواً غير مسبوق في السنوات الأخيرة، مدفوعاً بالتفاؤل المحيط بالذكاء الاصطناعي.

وتثير المنافسة بين شركة DeepSeek وشركات التكنولوجيا الغربية العملاقة أسئلة رئيسية حول مستقبل الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الاقتصاد العالمي. بفضل نموذجها المفتوح المصدر والقابل للوصول، لا تتحدى DeepSeek القيود الجيوسياسية فحسب، بل تقدم أيضًا نموذجًا جديدًا في تطوير التقنيات المتقدمة.

لم يؤدي ظهور DeepSeek إلى إحداث ثورة في سوق التكنولوجيا فحسب، بل أدى أيضًا إلى تكثيف التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين على الهيمنة على الذكاء الاصطناعي. إن هذا الصراع، الذي يتجاوز مجال الأعمال، هو جزء من معركة أوسع نطاقاً للسيطرة على البنية التحتية التكنولوجية للمستقبل. واشنطن، التي تشعر بالقلق إزاء النفوذ التكنولوجي المتزايد لبكين، شددت القيود على تصدير أشباه الموصلات المتقدمة وشجعت التنمية المحلية من خلال برامج مثل قانون CHIPS. ومع ذلك، فإن المبادرات مثل DeepSeek-R1 تظهر قدرة الصين على التغلب على هذه الحواجز ووضع نفسها كمنافس جاد.

أخيرا. أن أبحاث DeepSeek تميزت بنوعية المنتج. ثبات نزاع. لكفاءتها وإمكانية الوصول إليها عبر تأثير كبير على مجتمع المطورين وأثارت تساؤلات حول الريادة التكنولوجية الأمريكية. وبالتوازي مع ذلك، جعلت الصين من الذكاء الاصطناعي أداة مركزية لاستراتيجيتها التنموية الوطنية، حيث تدعم الشركات الناشئة بإعانات ضخمة وتوفر لها إمكانية الوصول إلى البنية الأساسية المتقدمة. ويتناقض هذا مع الجهود المجزأة في الولايات المتحدة، حيث تقود الشركات الكبرى الابتكار ولكنها تواجه مشهدًا تنظيميًا غير مؤكد. بمعنى. إن التنافس التكنولوجي ليس اقتصاديا فحسب، بل سياسيا أيضا: فالدول التي تهيمن على الذكاء الاصطناعي ستتمتع بميزة استراتيجية في مجالات رئيسية مثل الدفاع والأمن السيبراني والدبلوماسية الرقمية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيو ـ 01/30/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).

#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات