أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين سليم حسن - التحرر (الجزء الثاني)














المزيد.....


التحرر (الجزء الثاني)


الحسين سليم حسن
كاتب وشاعر وروائي


الحوار المتمدن-العدد: 8237 - 2025 / 1 / 29 - 22:36
المحور: الادب والفن
    


حين اعتقلت ذلك اليوم في عام ٢٠١١،لم أكن وحيدة ،كنت أسمع أصوات بشر بقربي يتنشقون بصعوبة هواء لا يعيه سوانا ،وسمعت صوت نبضات قلوبهم المميزة ،كلغة تستعصي على الجميع إلا نحن أول من تجرأ على الهتاف بالحرية وإسقاط الأسد.
بالرغم من كوني معصوبة العينين حينها تمكنت من رؤية هالة الضوء المحيطة بنا جميعا" ،الضوء الذي انبثق منا كردة فعل لظلمة العصابة التي عصبت بها أعيننا ،كما ظلمة السنوات التي حكم علينا بعيشها نظام الأسد الفاشي .
حين زجننا في زنزانة ضيقة جميعا" ،وأزيلت العصابات عن أعيننا ،حملقنا جميعا" ببعضنا البعض ،وابتسمنا من كل قلوبنا .
كان عددنا حوالي أحد عشر طالبا" وأستاذا"،و لغرابة المصادفة أنه لم يكن أي منا يعرف الآخر ،و أدركنا أننا هتفنا للحرية معا" دون مخطط مسبق ،لذا ابتسمنا رغم كل القهر الذي كنا نعيشه .
كنا ست شابات و خمسة شبان ،ولم يكن أحد منا ليخمن أن لقاءنا الأول هذا في هذه الزنزانة الصغيرة ،لن يكون سوى مجرد بداية لحكاية طويلة سنلتقي ونتفرق فيها كثيرا" ،وأنها ستقودنا في النهاية إلى الحرية حقا" مهما كانت الخسائر .



حين خرجت من قاعة المحكمة في ذلك اليوم الربيعي من عام ٢٠١١ ،بعد أن أعلن القاضي عن نتاج جلسة طلاقي وزوجي ،بتطليقنا دون أية حقوق عائدة لي ،وانتصار زوجي اللئيم والقذر علي بفضل ما دفعه من رشاوي للقاضي ،وبدعم من شهادات زور حصل عليها بفضل ماله الذي لا ينضب لكونه ضابطا" كبيرا" مقربا" من سلطة الأسد اللصة والفاسدة ،صرت أدخن بنهم ،واكتسحتني رغبة بالبكاء الشديد ،لكنها سرعان ما حالت إلى غضب ورغبة بالصراخ والاحتجاج .
توجهت بعدها إلى عملي في الجامعة ،حيث كنت عضوة في هيئة التدريس في كلية الأدب الإنجليزي ،ورحت أستذكر في طريقي خطئي الفادح بالزواج من ذلك المعتوه .
كان والدي شيوعيا" معارضا" فذا" لسلطة الأسد الإشتراكية المنافقة ولطالما جر إلى معتقلاتهم في فترة الثمانينات وزج إلى جانب أصدقائه من المعارضة بكل أنواعها في زنزانة واحدة ،وفي آخراعتقال له برز زوجي كالمخلص البطل له ،حين ذهبت أنا للبحث عن والدي في المعتقلات والسجون والأفرع الأمنية .
حينها عرض علي الزواج مقابل إخراج والدي ،هكذا بكل وقاحة عرض صفقته .
حين خرج والدي وكنت أنا قد تزوجت من ذلك القذر،مات والدي فور معرفته بذلك بالسكتة القلبية .
وحين ضجر مني ذلك البائس ،راح يلفق أقاصيصا" عن خيانتي له مع حراسه و رجالاته الذين يستعملهم في الأعمال القذرة كتعذيب المعتقلين ،وجلب بائعات الهوى والممثلات السينمائيات الحسناوات له ،والذين شهدوا إلى صفه بعد أن لفق لي مشهدا" مشبوها" مع أحدهم وشهد الباقون بذلك .
حمدت الله وأنا في طريقي إلى الجامعة بأن ذلك الرجل كان عقيما" جراء تعاطيه المفرط للمخدرات والعقاقير المهدئة ،مما حال دون أن أحظى بطفل منه .
لقد خرجت من هذا الزواج أو (الصفقة القذرة) وحيدة لا كمثل ما كنت قبله ،وإنما على نحو أشد وحشة ،دون أب و دون عائلة ،كسيرة دون حتى سمعة جيدة ،لقد خرجت ببساطة مشوهة ،يتملكني القهر والغضب .
حين دخلت الجامعة لم أحتمل نظرات جميع من حولي في مركز عملي فخرجت إلى البهو وأطلقت صرخة غاضبة تطالب بإسقاط نظام الأسد الفاسد ،فإذ بها تصير صرخة جماعية ،تلاها اعتقالنا جميعا" من قبل عناصر أمن الأسد الباطش .



#الحسين_سليم_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحرر (الجزء الأول)
- القمع (كاملة)
- ما الذي لم يقنعني في الأديان؟ (محاضرة)
- أزهار أبدية(الجزءالثاني)
- أزهار أبدية (الجزء الأول)
- القمع (٨)
- القمع (٨)
- القمع (٧)
- القمع (٦)
- القمع (٥)
- القمع (٤)
- القمع (٣)
- القمع (٢) منقحة
- القمع (٢)
- القمع (الجزء الأول)
- قم هات عودا-
- سوق السلام
- اعترافات البومة القاتلة
- أحفاد زورو
- الأنثى التي تكتنفني


المزيد.....




- -كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد ...
- أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون ...
- بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
- بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر ...
- دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
- -الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
- -الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
- فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
- أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
- إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسين سليم حسن - التحرر (الجزء الثاني)