|
لو ولو ......يا عرب
درويش محمى
الحوار المتمدن-العدد: 1792 - 2007 / 1 / 11 - 07:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد ايام من اعدام الرفيق القائد صدام ، وانا احلق في فضاء الشبكة العنكبوتية ، وجدت نفسي يدفعني الفضول ، لاسأل احد الاعراب ، عن رأيه بما جرى صبيحة يوم العيد من اعدام لصدام حسين المجيد ، فكتب لي معبراً عن فرحته وسعادته ، فقلت في نفسي "الحمد لله "هناك بين العرب ، من يناصر الحق ويقف الى جانب الشعب العراقي المظلوم ، ويتفهم ويدافع عن الملايين من ضحايا بطش الدكتاتور السابق ومقصلته الرهيبة ، اخبرته بدوري عن موقفي ومشاعري تجاه الحدث الكبير ، قائلاً: "بالرغم من بغضي لصدام وما اقترفه من كبائر وأثام ، لم افرح ولم احزن لاعدامه ، كوني من رافضي انزال عقوبة الاعدام ومن طالبي الغاء تلك العقوبة الوحشية القاسية ، وابدالها بالمؤبد مع الاشغال الشاقة "، ولم تمر سوى لحظات قليلة ، رد علي الاعرابي بالسباب والشتم ، وانا اقرأ ما كتب مشدوهاً لا اعرف السبب ، كتب لي الاعرابي مجدداً ليخلصني من حيرتي وينقذني من دهشتي ، ويقول " ان مصدر سعادتي وسبب فرحتي هو استشهاد الرمز الرئيس البطل القومي صدام على ايدي امثالك من الاقزام و............ " . غريب امر العرب ، وهم يقفون الى جانب الظالم لا المظلوم ، والجاني لا المجني عليه ، والحاكم لا المحكوم ، وعجيب امر العرب ، وهم يسكتون ويصمتون صمت القبور ، على ما اقترفه شهيدهم "صدام " ايام حكمه وطغيانه من مظالم يقشعر لها البدن ، وما ارتكبه رمزهم من مجازر فردية وجماعية بكل انواع الاسلحة العادية والكيمياوية ، وما اقدم عليه بطلهم القومي من اعدامات يومية سرية وعلنية . لو فعلها العرب وكانوا منصفين ، وخرجوا الى الشوارع منددين بعمليات الاعدام ، كما فعلوا يوم اعدام صدام ، تلك العمليات التي طالت مئات الالاف من العراقيين ايام العهد البائد ، لسكنوا الشوارع من كثرة التظاهر ، ولو اقام العرب مجالس العزاء للضحايا العراقيين الذين قتلوا بأوامر من صدام ، لقضوا حياتهم وهم يرددون "عظم الله اجركم "، ولو فعل العرب واعلنوا الحداد على ضحايا الاعدام في عهد صدام ، لكانوا امة تتوشح بالسواد وتلطم رأسها من شدة الحزن ، ولو بكى العرب ضحايا الاهوار والانفال كما بكوا صدام ، لما توقفت دموعهم للحظة ولا جفت ، ولو اقام العرب التماثيل لضحايا قصر النهاية وابوغريب واقبية المخابرات لاصبح سعر الحجر بسعر الذهب ، ولو ولو .......ياعرب . العرب كانوا دائماً متميزين عن غيرهم من الملل والاقوام ، فقد خصهم الله بالاسلام فجعلوا منه ارهاباً ، وخصهم بالذهب الاسود "فبذرو فيه تبذيرا" ، واليوم يصر العرب على خصوصيتهم على نقيض كل الامم التي تبرئت من طغاتها وجلاديها ، الالمان تبرئوا من هتلر والرومان من شاوشيسكو والطليان من موسوليني والروس تنصلوا من ستالين ، لكن العرب وعلى عكس الجميع ، يصرون على تميزهم وتفردهم ، ويخلطون بين الطغاة والاحرار ، وبين الجبناء والابرار ، والجلاد والضحية ، ويطلقون على الجلاد اسم شهيد ، وحتى يثبت البعض من العرب انهم متميزين جداً ، يلقبون صدام بشهيد الشهداء وشيخ الشهداء والرئيس الشهيد ، وذهب بعضهم الى الابعد من ذلك ، ليثبت انه فريد من نوعه ويختلف حتى عن غيره من بني قومه ، فشبه الطاغية صدام بالشهداء والاولياء امثال عمر المختار وصلاح الدين الايوبي ، وجعلهم وصدام في نفس المكانة والمقام . وقفة العرب الاخيرة من قضية اعدام الديكتاتور السابق ، يظهر وبشكل واضح مدى تفشي ثقافة الزعاماتية والتمجيد والطاعة العمياء ، وهي ظاهرة ملازمة للمجتمعات المتخلفة الجاهلة والبدائية ، والا كيف يمكن تفسير وتبرير رد الفعل العربي الرسمي والشعبي ، وتباكيه على طاغية مشهود له بجبروته وبطشه ، واعتبار عملية الاعدام تصفية شيعية لرئيس سني ، وصدام لم يكن لا هذا ولا ذاك ، ولم يكن سوى قومي بعثي حكم بالحديد والنار ، واستباح كل الحرمات وقاد بلاده الى الهاوية ، وشعبه الى المهلكة ، موقف الاعراب من اعدام صدام هو استخفاف بالعقل والحقيقة الثابتة والتي لاتقبل الجدل ، كون الرئيس السابق صدام حسين هو احد اكبر المجرمين الذين سيدخلون التاريخ . ليس بغريب على امة العرب التي عرفت بحسها المرهف والقريحة الشعرية القوية لابنائها ، ان تتغلب عندهم العاطفة على العقل ، والغريزة على المنطق ، فمن خرج من العرب غاضباً على اعدام صدام ، ينتمي الى القوم الذي يشعر ثم يفكر ، ويفكر لكي يبرر ما يشعر به ، ولا يفكر ثم يتحمس لفكره ، وهذه هي مصيبة العربان من ال قحطان ، ونقطة ضعفهم وسبب تخلفهم عن باقي الملل والنحل ، وتحمسهم للطغاة . بغض النظر عن صحة وقانونية وعدالة محاكمة صدام حسين من عدمها ، وبالرغم ان عقوبة الاعدام هي من الاحكام البشعة واللاانسانية وقد تم بالفعل الغاءها في معظم تشريعات الدول المتحضرة ودساتيرها ، ومهما كانت ظروف وحيثيات تنفيذ الحكم ، وسواء جرى تنفيده في يوم العيد او غير يوم العيد ، يعتبر تنفيذ حكم الاعدام بصدام ، في نفس القاعة وبنفس الحبل والطريقة ، صورة من صور العدالة الالهية في الارض ، ودليل قاطع ان الله حق وهو يمهل ولا يهمل ، واذا كان هناك رجل في هذا الكون يحق عليه حكم الاعدام فهو صدام ، وقد نال الرجل حقه ، وانتهى امره .
#درويش_محمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيكر - هاملتون .. خطة فرار أميركية
-
من قال ان دراكولا روماني الاصل
-
الخطير في خطاب نصر الله الاخير
-
الاسد والمعركة المصيرية
-
حروب نصرالله وأحلام الجنرال العجوز
-
القانون السوري لا يحمي المغفلين ولا المبدعين
-
صدام وحكم الاعدام
-
النقاش العقيم حول جدوى الديمقراطية
-
الكرة في ملعبكم يا اخوان
-
موشيه كاتساف والحسد
-
جائزة النوبل لضحايا الارمن
-
النموذج العربي لفاشية الملالي الفارسية
-
معتدل او متطرف -تصنيف يفتقرللدقة والعدل
-
الجولان برسم البيع
-
جهل مطبق ام تربية عفلق
-
حروب السيد حسن نصر الله
-
مبروك للسيد البيانوني وعقبال الرئاسة
-
الجنرال وقصر بعبدا
-
قطر الجزيرة ام الجزيرة القطرية
-
كردستان ترفض رفع علم البعث
المزيد.....
-
شاهد.. -غابة راقصة- تدعوك لإطلاق العنان لمخيلتك في دبي
-
بعد مكاسب الجيش في الخرطوم.. هل تحسم معركة الفاشر مآل الحرب؟
...
-
هواية رونالدو وشركاه .. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
أكثر من 20 مرتزقا أمريكيا في عداد المفقودين بأوكرانيا
-
باكستان قلقة من الأسلحة الأمريكية المتروكة في أفغانستان وتحذ
...
-
وزير الدفاع السوري يتفقد ثكنات الجيش بصحبة وفد عسكري تركي (ص
...
-
تركيا.. شاورما تنقذ حياة -مسافر الانتحار- (صور)
-
من أمام منزل السنوار.. تحضيرات إطلاق سراح 3 رهائن إسرائيليين
...
-
سوريا.. من هم القادة العسكريون الذين شاركوا الشرع -خطاب النص
...
-
وارسو.. اجتماع وزاري أوروبي لبحث الهجرة والأمن الداخلي وترحي
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|