أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - حسن بشير محمد نور - الحرب في السودان: بعض تحديات الاستقرار والتعافي الاقتصادي واعادة الاعمار















المزيد.....


الحرب في السودان: بعض تحديات الاستقرار والتعافي الاقتصادي واعادة الاعمار


حسن بشير محمد نور

الحوار المتمدن-العدد: 8237 - 2025 / 1 / 29 - 22:35
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


بروفيسور حسن بشير محمد نور
بعد تقدم الجيش السوداني وحلفائه في جبهات الحرب وقرب احكام السيطرة علي المركز في العاصمة القومية وولاية الجزيرة، يراود كثير من المواطنين السودانيين العودة الي منازلهم التي هجروا منها قسرا، علي امل معاودة الحياة بشكل طبيعي. لكن واقع الحال والدمار الكبير للبنية التحتية المتواضعة اصلا يضع كثير من التحديات، من حيث توفر الخدمات الاساسية ومقومات الحياة في حدها المقبول. لذلك هناك متطلبات وتحديات عديدة تواجه تحقيق تلك الامال المرتبطة بشكل اساسي بتوفر الاستقرار السياسي والامني الضروري للتعافي الاقتصادي واعادة الاعمار، التي تعتبر شروطا اولية نحو تحقيق مقومات العيش الانساني الطبيعي من سكن ومأكل ومشرب، علاج وتعليم، مواصلات سالكة وتوفر الماء والكهرباء، باعتبار ان هذه احتياجات اولية لا غناء عنها.
اول المتطلبات هي تحقيق السلام المستدام كخطوة حاسمة نحو التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار. من منظور اقتصادي، يتطلب هذا السلام معالجة جذرية للأسباب الهيكلية التي أدت إلى الحروب والنزاعات، مع التركيز على الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في حزم سياسية متكاملة ومتسلسلة.
من اهم تلك الأصلاحات او بالاصح المتطلبات، تحقيق العدالة وضمان عدم الإفلات من العقاب، اذ ان تاريخ السودان مليء بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والجرائم المنظمة، خاصة خلال فترة حكم نظام الإنقاذ بقيادة عمر البشير وما اضافته الحرب الحالية من تعميق لتلك الانتهاكات وتصعيدها لمستويات بالغة الخطورة علي الامن والاستقرار الاجتماعي. استمرار الإفلات من العقاب يقوض أسس الدولة ويؤدي إلى استمرار دوامة الأزمات السياسية والاقتصادية. لذا، فإن تعزيز سيادة القانون وتحقيق العدالة والعدالة الانتقالية يُعَدَّان من الأولويات الاساسية لضمان مستقبل مستقر.
جانب اخر في غاية الاهمية هو معالجة الأزمة الهيكلية للدولة، فمن المعروف ان الدولة السودانية نشأت في ظل سلطة استعمارية وديكتاتوريات متسلطة، تعمقت أزماتها خلال فترات الحكم الوطني بسبب سوء السياسات والرشد الاداري أو غيابها. هذا أدى إلى ضعف قدرة الدولة على أنجاز التنمية وتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية بشكل متراكم. لذا، فإن إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية وتعزيز سيادة القانون عبر اصلاح مؤسسي شامل يعتبر من الخطوات الضرورية لتحقيق الاستقرار الضروري للتعافي واعادة الاعمار.
كذلك الامر فيما يتعلق بالتحديات الاقتصادية، اذ تسببت الحرب في أضرار كبيرة ودمار واسع النطاق للبنية التحتية والمرافق الحيوية يقدر بمئات مليارات الدولارات، مما أثر سلبًا على الاقتصاد السوداني. بالإضافة إلى ذلك، أدت السياسات الاقتصادية غير الفعالة إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. لذا، فإن ايجاد حكم مقبول وحكومة تتبني وقادرة علي تنفيذ سياسات اقتصادية تعزز التنمية المستدامة وتوفر فرصًا اقتصادية للمواطنين، يُعَدُّ أمرًا حيويًا للتعافي الاقتصادي. هذا يحتاج لمقومات القبول الداخلي والخارجي للحكم الذي يفتح الطريق نحو وصول الاعانات الخارجية وجذب الاستثمار الاجنبي والوصول الي مؤسسات التمويل، وتيسير التجارة اقليميا ودوليا وامكانية الوصول دون عوائق للاسواق العالمية تصديرا واستيرادا.
من المهم اداراك ان مصير الاستقرار السياسي والأمني ومعالجة المشاكل الاجتماعية، اللازمة لتحقيق استقرار سياسي وأمني يعالج المشاكل الاجتماعية والتناقضات العميقة بين المكونات المجتمعية في السودان، يتطلب اتباع نهج شامل يتضمن:
- تعزيز العدالة والعدالة الانتقالية: اذ يجب تحقيق العدالة بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات السابقة، لضمان عدم تكرارها وبناء ثقة المجتمع في النظام العدلي والقضائي. قد يعتبر البعض ان هذا امرا صعب التحقيق، وهو كذلك، لكن رغم صعوبته فهو شرط لا مناص من تحقيقه كشرط للتعافي الاجتماعي والاستقرار.
- الإصلاح المؤسسي الضروري لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية، تضمن المشاركة الشعبية والشفافية والمساءلة واجتثاث الفساد الهيكلي المتوطن في مفاصل الدولة السودانية بجميع مؤسساتها.
- تبني سياسات اقتصادية موجهة نحو التنمية وتعزيز النمو المستدام وتوفر فرص عمل، مع التركيز على تنمية المناطق المهمشة والمتضررة من النزاعات.
- إدارة التنوع: الاعتراف بالتنوع الثقافي والعرقي والديني في السودان واعتماده كعامل قوة، من خلال سياسات تضمن التمثيل العادل والمساواة بين جميع المكونات الاجتماعية ووضع هذا الهدف ضمن المناهج التعليمية والتربية الوطنية.
- ضرورة تبني سياسات قطاعية مؤسسة باستراتيجات شاملة تستخرج منها خطط وبرامج ومشاريع تنموية مخططة بشكل واقعي ومنظم، يتفق مع المنهجيات المتبعة لاهداف التنمية المستدامة المعتمدة عالميا، ويشمل ذلك بالطبع السياسات التجارية والوفاء بشروط عضوية منظمة التجارة العالمية (WTO) للاندماج في النظام التجاري العالمي وامكانية الوصول لعضوية المنظمات الاقليمية والدولية بشكل فعال مفيد وليس عضوية شكلية.
- اطلاق الحريات العامة وسيادة حكم القانون واتباع سياسة اعلامية حرة ومنفتحة علي التطورات الكونية للاعلام المهني المتخصص، كعامل اساسي لتحقيق جميع ما تم ذكره.
- تبقي بعد ذلك اهمية الاصلاح العسكري والامني واتفاقيات السلام التي يجب مناقشتها ضمن حزم متكاملة للسلام المستدام وتحقيق الاستقرار المنشود واستدامته ولضمان عدم تكرار الحروب والنزاعات عبر عقائد مستحدثة.
في الختام، ما احدثته الحرب من دمار وتصدعات شاملة في الدولة السودانية يعتبر مهمة بالغة التعقيد، ويعتبر انجازها شرطا للاستقرار والتعافي الاقتصادي واعادة الاعمار، وهي مهمة لا يمكن ان يقوم بها طرف واحد او حتى عدة اطراف، دون توافق بثقل كبير ومشروع وطني يستوعب الغالبية المطلقة للمكونات السودانية. بذلك يتطلب تحقيق السلام المستدام في السودان، الذي يعتبر شرطا اوليا للاستقرار والتعافي، يتطلب نهجًا شاملاً يعالج الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مع التركيز على بناء دولة ديمقراطية تعزز سيادة حكم القانون، وتوفر فرصًا متساوية لجميع مواطنيها. بدون تحقيق تلك المطالب والجوانب المكملة لها، لن تمضي الامور الي الامام، ولا يتوهم البعض ان انحسار الصراع او تراجع مستويات القتال او احكام السيطرة علي مواقع استراتيجية، يمكن ان تؤدي وحدها بسلاسة لتوفير مقومات الحياة الطبيعية، ولا حديث الان بالطبع عن الازدهار والرفاهية علي شاكلة شعوب الامم المستقرة المتطورة.



#حسن_بشير_محمد_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب في السودان: كيف تؤثر ازمة الحكم علي الانتقال السلمي ال ...
- الحرب في السودان: سياسات توطين الجوع وتوريث الفقر
- الحرب في السودان: مسار السلام في السودان التعقيدات والتحديات
- الحرب في السودان: تداعيات الافلات من العقاب من منظور سياسي/ا ...
- الحرب في السودان: وفرة الموارد واحتمالات التفكك والتشظيالحرب ...
- الحرب في السودان: تقلص مصادر الإيرادات والعبء الإضافي على ال ...
- الحرب في السودان: كيف لشعب (مهمل) ان يعبش في دولة فاشلة؟
- الحرب في السودان: تعزيز فرص الحل السياسي في ظل فشل المجتمع ا ...
- الحرب في السودان: الشروط الاقتصادية والمالية للاصلاح النقدي
- الحرب في السودان: كيف يمكن مواجهة ازمة البطالة؟
- الحرب في السودان: كيف يمكن للمجتمع المدني سد فجوة غياب الدول ...
- الحرب في السودان: اثر الانكماش الاقتصادي علي القطاع المالي و ...
- التكاليف الاقتصادية والاجتماعية للحرب في السودان والاثر علي ...
- الحرب في السودان: الأثر علي القطاع الزراعي وشروط التعافي.
- تحليل مكونات الصراع في السودان: قراءة من منظور العلوم الاجتم ...
- دور الذهب في الاقتصاد السوداني: تمويل الحرب وشبهات الفساد
- الاثار البيئية للحرب في السودان
- الحرب في السودان: العنف ضد النوع واستغلال الاطفال
- اثر الحرب علي الاقتصاد السوداني:تحديات التنمية المستدامة
- الفئات الأكثر تضررا من الحرب في السودان


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في غزة.. نصر فلسطيني جزئي بعد خسائر لا يمكن ...
- خواطر واعتراض واحدة من “أطفال يناير” على ميراث الهزيمة
- الانتخابات الألمانية القادمة والنضال ضد الفاشية
- م.م.ن.ص// رقم إضافي لقائمة حرب الاستغلال البشع للطبقة العامل ...
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تدعو إلى التعبئة قصد التنزيل ...
- غضب صارخ عند النواب اليساريين بعد تصريحات بايرو عن -إغراق- ف ...
- النهج الديمقراطي العمالي يحيي انتصار المقاومة أمام مشروع الإ ...
- أدلة جديدة على قصد شرطة ميلان قتل المواطن المصري رامي الجمل ...
- احتفالات بتونس بذكرى فك حصار لينينغراد
- فرنسا: رئيس الوزراء يغازل اليمين المتطرف بعد تصريحات عن -إغر ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - حسن بشير محمد نور - الحرب في السودان: بعض تحديات الاستقرار والتعافي الاقتصادي واعادة الاعمار